نوفمبر 22, 2024
434008024_1435626217161015_9002902591108184467_n

اسم الكاتب : رياض سعد

غزت الدعوات القومية البلاد الاسلامية ومنها العربية ؛ بعد ظهورها في الغرب ؛ اذ قلد هؤلاء أولئك , واتبعوهم بجهل وتعصب , وعمل بعض مواطني الدولة العثمانية والبلدان العربية على نشر الدعوة القومية في بعض الدول العربية , ومنها العراق , والغريب في الامر ان اغلب المنظرين والدعاة للقومية العربية هم من بقايا العثمنة والعجم , بل ان بعضهم من جذور اوربية واجنبية – فمثلا الهجين المنكوس ميشيل عفلق , قيل عنه : (( ميشيل يوسف مزراحي , من يهود الدونمة , من منطقة الافلاق التابعة لمنطقة سولانيك اليونانية , هاجر ابوه الى دمشق عام 1900 ونسبه نفسه الى موطنه الاصلي عفلق او افلاق , ليغدو اسمه يوسف عفلق بدلا من يوسف مزراحي  , وعائلته اخفت ديانتهم والناس لم تعرف لهم ديانة   حتى اعلنوا بعيد الاحتلال الفرنسي انتسابهم للديانة المسيحية الأرثوذكسية ثم ارسل في بعثة الى فرنسا وهناك ارتبط بالماسونية وبدأت رحلته السياسية )) –  ولا يمتون للعرب والعروبة بأية صلة ؛ فضلا عن ارتباطهم المشبوه بالدوائر الخارجية والمخابرات الدولية والقوى الاستعمارية .

وكان قصد ميشيل عفلق ومن لف لفه في بداية الامر من القومجية ؛ من تأسيس حزب البعث وباقي الاحزاب والحركات القومية , محاربة الاسلام باسم القومية , واقصاء كافة الاقليات غير العربية وتهميشها , بالإضافة الى سحق الاغلبية العربية العراقية فيما بعد  واقصائها عن سدة الحكم  ؛ بسبب انتمائها الديني والمذهبي , والاستعانة عليها من خلال شراذم المد القومي العربي وشذاذ الدول العربية  , فمن الطبيعي وقتذاك اعطاء الجنسية العراقية لكل من هب ودب من مواطني الدول العربية ؛  وتفضيلهم على العراقيين الاصلاء , بل وتم تعيينهم في كافة  دوائر الدولة بما فيها الاجهزة القمعية التي تستهدف الشيعة , وفي الوقت نفسه قاموا بإسقاط الجنسية العراقية عن مئات الالاف من الشيعة بحجة التبعية ؛ واهلكوا الملايين منهم في حروب الوكالة الخاسرة وفي اقبية السجون و زنزانات المعتقلات الرهيبة والمقابر الجماعية ؛ من اجل احداث التغييرات الديموغرافية والطائفية في العراق , وتغيير موازين القوى لصالح الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة والتي جل ابناءها او بعضهم ينتمون لأصول غير عربية او جذور غير عراقية .

عندما يتكلم البعثيون المنكوسون والقوميون العروبيون عن التجزئة السياسية والتفرقة بين البلدان العربية ؛ يخيل للقارئ والمستمع ان الدول العربية مترامية الاطراف كانت عبارة عن دولة واحدة لا تفصلها عن بعضها البعض اية تضاريس طبيعية او عوائق سياسية , وان شعبها شعب واحد يتصف بنفس السمات والصفات , وان التمييز بين افراده معدوم , والتباين بين مواطنيه مفقود .

بينما تشير الدراسات والابحاث التاريخية والأنثروبولوجية والسياسية الى خلاف ما يدعون , ويكذب الواقع ما يسطرون , اذ لكل دولة من الدول العربية ولكل مجتمع من مجتمعاتها خصوصيات تاريخية , واقعية , ثقافية , اقتصادية , اجتماعية , سياسية , دينية ؛ وان لكل شعب من شعوبها ما يميزه عن غيره ,  وذلك الاختلاف يعود للأبعاد الخفية التي يفكّرون بها، والظروف البيئية التي يعيشون فيها، كذلك إلى جانب العادات والتقاليد السائدة هناك، وبعض ما جُبلت طبيعتهم عليه … الخ .

وتبعا لتلك العوامل والتراكمات الحضارية والمعرفية والتجارب والوقائع والاحداث التاريخية وغيرها ؛ قد ترتفع وتيرة الاختلافات بين شعوب البلدان العربية وقد تنخفض ؛ فقد تنخفض الفوارق بين سكان العراق والكويت وتزداد بينهما الاواصر والمشتركات ؛ بينما قد ترتفع وتيرة الاختلاف بين سكان نجد وموريتانيا الى حد التقاطع والتدابر … الخ ؛ وهكذا .

ويخطئ من يزعم بان مجتمعات الدول العربية عبارة عن  مجتمع واحد وعنصر فارد , بل عدة مجتمعات مختلفة ؛ نمت وتطورت وتشكلت بوتائر متناقضة حضاريا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا ومذهبيا ؛ وذلك للأسباب انفة الذكر وللعوامل السيسيولوجية ؛ لذا باءت كل الدعوات القومية بالفشل الذريع ؛ بل على العكس ساهمت بتشرذم الدول العربية , وغذت النزعات الطائفية والقومية والعنصرية في العراق .

 ومن خبر أحوال القوميين والبعثيين ، وتدبر مقالاتهم وأخلاقهم وأعمالهم ، عرف أن غرض الكثيرين منهم من الدعوة إلى القومية، أمور أخرى يعرفها من له أدنى بصيرة بالواقع وأحوال المجتمع ، ومن تلك الأمور، فصل الدين عن الدولة ، والقضاء على الاقليات والطوائف الاخرى , وتهميش الاغلبية العربية العراقية واستبعادها عن مراكز صنع القرار والقيادة والتأثير والاعلام , وتشويه سمعتها والطعن في اصول ابناءها وتسفيه عاداتها وتقاليدها , والعمل على استئصالها ؛ والمجيء بالدخلاء والغرباء والاجانب ليحلوا محلها ويسكنوا ديارها ؛ وكل هذه الاجراءات المنكوسة تصب في صالح الاعداء ؛ فمما لا ريب فيه ان هذه الاجراءات الشيطانية يرقص لها الاستعمار طربا , ويساعد على وجودها ورفع مستواها  ؛ وان تظاهر الانكليز والغرب بخلاف ذلك .

وكل ما تسمعه من  سكان الدول العربية كالمصريين والفلسطينيين والاردنيين من الحث على نشر الدعوة القومية في العراق ؛ وتشجيع العراقيين على الالتزام بمخرجاتها الضبابية ومبادئها الهلامية ؛ الغرض الاكيد منها  : تهميش الاغلبية العربية العراقية الاصيلة واستبعادها , ودعم الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة للاستيلاء على الحكم والتفرد به , ونهب الثروات الوطنية والخيرات العراقية ؛ بحجة الاخوة العربية واللحمة القومية , وتحويل دولة العراق الى بقرة حلوب ينهبها كل من هب ودب من شذاذ البلدان العربية وشراذمها المتسولين والمرتزقة المأجورين .

وكل الشعارات القومية والبكاء على العروبة ودموع التماسيح التي يذرفوها على المجرم العميل صدام وحزبه الهجين ؛ مجرد مسرحيات واكاذيب ودعوات فارغة وخالية من كل محتوى اخلاقي او جوهري او حقيقي يصب في مصلحة العراق والاغلبية والامة العراقية ؛ وليت شعري ما علاقة المواطن العراقي بالمواطن الجيبوتي , وما الذي يربط العراقيين بالأفارقة الموريتانيين ؟!  

وبالرغم من تلك المناداة الجوفاء التي أطلقها دعاة الفكرة القومية من أن الناس سيعيشون في منتهى السعادة حينما يطبقون تعاليم القومية بحذافيرها وأن كل قطر يلتزم بها سيصبح محترما فكانت النتيجة أن حل بهم الشقاء والذل سواء أكانوا من العرب أو من غيرهم بل لقد شقى بها من كان مهد نشأتها من الدول الأوروبية كالألمان .

وها هم الكرد الانفصاليين في شمال العراق يحذون حذو القومجية والبعثية ؛ ومما لا شك فيه ان مصيرهم سيكون اسودا ؛  كمصير غيرهم من القومجية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *