اسم الكاتب : منار العبيدي
تناقلت خلال الايام السابقة معظم وكالات الانباء المحلية خبر عن ان العراق احتل المركز الرابع عالميا كافضل وجهة للاستثمار سنة 2024 ضمن مجموعة الدول النامية وبحسب منظمة FDI intelligent وهي مؤسسة تعنى بالاستثمارات الخارجية
وهذا النوع من الاخبار على الرغم من اهميته لما يحمل من فائدة كبيرة على العراق خصوصا ان اغلب المستثمرين يعتمدون على هذه المواقع لاتخاذ قرارات الاستثمار ولكن يجب تالوقوف على الاسباب التي ادت الى احتلال العراق المركز الرابع وهل هذا سيعني فعلا هذا زيادة الاستثمارات الاجنبية في العراق خلال 2024
تعتمد الدراسة التي تقيمها المؤسسة على اربعة مؤشرات اساسية لقياس مؤشرات الاستثمار الخارجي وهي
1- نسبة النمو في الناتج المحلي
2- نسبة التضخم السنوي المتوقعة
3- نسبة النمو في قيمة الاستثمارات الاجنبية المباشرة منذ 2021 لغاية 2023
4- نسبة النمو في اعداد مشاريع الاستثمارات الاجنبية المباشرة منذ 2021 لغاية 2023
ولتحليل المؤشرات اعلاه فأن التقرير اشار الى :-
1- ان نسبة النمو في الناتج المحلي العراقي المتوقعة هي 2.9% وهذا النمو ناتج من ارتفاع اسعار النفط او القطاع النفطي ولا يشمل نسبة النمو في القطاعات غير النفطية وهذه النسبة قد تعتبر “غير شفافة” لانها تعتمد على تحديدا على النمو في القطاع النفطي الذي يمثل بحدود 60% من الناتج المحلي ولا يعتمد على نمو حقيقي في قطاعات اخرى غير النفط مثل الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات. متى ما كان النمو في الناتج المحلي غير النفطي مرتفعا نعم يمكن اعتبار هذه المؤشر عامل مهم في زيادة الرغبة في الاستثمار
2- نسبة التضخم بالرغم من اشارة الدراسة الى ان متوقع نسبة التضخم لسنة 2024 هو 3.6% الا ان التوقع هذا لم يأخذ بنظر الاعتبار الاجراءات التي ستقوم بها الحكومة لتقليل الدعم ومنها رفع الدعم عن الوقود الذي من شأنه ان يساهم في زيادة التضخم وايضا ارتفاع التضخم العالمي وخصوصا ان العراق يعاني ما يعرف “بالتضخم الاستيرادي” وهو عرضه لعوامل خارجية قد تزيد من نسب التضخم لاكثر من 5-6% في 2024
3- في ما يخص نسب النمو باعداد المشاريع وقيم الاستثمارات بالتأكيد العراق لم يكن يملك اي مشاريع استثمارات اجنبية مسبقة وعليه هذه النسبة ستكون مرتفعة وللتوضيج اذا كان عدد مشاريع الاستثمار الاجنبية في 2021 مشروع واحد وفي 2023 كان هنالك 5 مشاريع استثمارية فأن نسبة النمو هي 400% المفروض حساب قيمة وعدد المشاريع الاستثمارية من مجمل الناتج المحلي ومن مجمل المشاريع الموجودة على الارض
بالتأكيد هذه الدراسة مهمة وصادرة من مؤسسة مهمة في مجال الاستثمار الخارجي لكن يجب ان لا نكون متطرفين بالتفائل فهنالك عوامل اخرى اساسية في كسب ثقة المستثمر الاجنبي وتشجيعه على الدخول الى السوق العراقية حتى لو صحت المؤشرات الاربعة المذكوره وهذه الثقة تبنى عىل اساس ثلاث اعمدة رئيسية وهي:
1- المتطلبات الاساسية للاستثمار والمتمثلة في
أ- استقرار الاقتصاد الكلي
ب- الهيكلية الادارية والمالية للدولة
ج- الحوكمة
د- بيئة الاعمال
2- العوامل الاساسية للاستثمار والمتمثلة في
أ- امكانيات السوق وسهولة الوصول الى الاسواق
ب- توفر الموارد البشرية والعناصر الطبيعية
ج- كلف الانتاج
د- الفعالية اللوجستية وسهولة الاعمال اللوجستية ( الخزن والنقل )
هـ- الاتصالات والبنى التحتية
3- العوامل الخارجية المؤثرة على الاستثمار الاجنبي
هذه الاعمدة الاساسية الواجب توفرها لسهولة دخول رأس المال الاجنبي المستثمر لاي بلد ومن ضمنها العراق وبدون هذه العوامل لن نشهد اي استثمارات اجنبية حتى لو تم الاعلان عن قيمة الاستثمارات الاجنبية وتوقيع مذكرات التفاهم بخصوص رغبة طرف معين في الاستثمار والتي ستنصدم دائما بالمعرقلات والعقبات التي تتعارض مع الاعمدة الثلاث المؤثرة على الاستثمار الاجنبي في العراق
نعم العراق لديه الامكانيات ليكون بلدا جاذبا للاستثمار ولكن الاعمدة الثلاث لكسب ثقة المستثمر الاجنبي في الاستثمار في العراق معدومة وبالتالي لن تكون نتائج الاستثمار كما هو منتظرا الا اذا قامت الحكومة والمؤسسات المعنية بالاستثمار وهي (هيئة الاستثمار الوطنية, صندوق التنمية العراقي, مديرية التنمية الصناعية) بتذليل العقبات وبناء الاعمدة بشكل صحيح وهو امر غير متوقع حدوثه على الاقل في 2024