نوفمبر 21, 2024
89

اسم الكاتب : رياض سعد

توصلت بعض التخمينات والدراسات الميدانية  الى  ان اكثر من 50 %  من المتسولين في العراق ؛ هم من الأجانب والغرباء و من جنسيات مختلفة يتخفون بملابس مواطنين عراقيين ، ولا تتجاوز نسبة العراقيين بينهم  ال 50 % .

ففي الوقت الذي يعاني فيه العراقيين من مختلف المشاكل والازمات والتحديات الاقتصادية والمعيشية ؛ يبتلي العراق بالعمالة والجاليات الاجنبية والغريبة والتي تزيد الطين بلة ( و چـمّل الغركان غطّـة )  ؛ اذ تعد  ظاهرة التسول إحدى كبرى المشكلات التي تعانيها الدول سواء الدول المتقدمة أو الدول النامية، وتختلف من بلد لآخر، والحكومة العراقية الان ؛ لا ادري اتعالج مشكلة التسول لدى العراقيين ام الاجانب والغرباء المتسولين ؟!

إن ظاهرة التسول في العراق انتشرت في الآونة الأخيرة بصورة أكبر وتغيَّر نمطها، بحيث أصبحت تجوب المناطق باختلاف نسبها، كما تحولت من سلوك فردي مقتصر على أشخاص كانت الظروف أقوى منهم، إلى ظاهرة تديرها عصابات كبيرة لها فروع في مناطق عدة ، خصوصا و أن العراق  يعد سوقا مثمرة للمتسولين – وفق اراء المختصين – ؛ فالكثير من الغرباء والدخلاء والاجانب يأتون الى العراق طمعا في ثروات العراق وخيرات العراقيين لاسيما الاغلبية العراقية  منهم ؛ لأنها معروفة بالكرم والطيبة والبساطة ؛ فضلا عن تمسك ابناءها الاصلاء بمعاني الرحمة والصدقة والانسانية ؛ حتى اطلق البعض عليهم ( جماعة الخطيه )  … .

واكثر هؤلاء المتسولين  الاجانب والغرباء من النساء ؛ نظرا لما يحظين به من رحمة في قلوب المحسنين والمواطنين العراقيين ؛ اذ تخرج النساء الاجنبيات والغريبات الى الشوارع وهن يلبسن زي النساء الجنوبيات والفراتيات من بنات الاغلبية العراقية الاصيلة ؛ و  يقفن  تحت حرارة الشمس وقت الذروة في الشوارع , وذلك لاستعطاف الناس ؛ وخداع العراقيين بأنهن من العراق ولسن اجنبيات وغريبات ؛ وفي هذا التصرف المشين  تشويه لسمعة المواطنات واساءة للنساء العراقيات … ؛  و النساء “المتسولات” يستخدمن أساليب وطرقا معينة للحصول على الأموال من مختلف الناس في المواقع التي يكنَّ موجودات فيها، مع سرد الكثير من الشكاوى والهموم وذرف والدموع … ؛ وصرنا نشاهد مجاميع النساء الاجنبيات والغريبات والمتسولات البنغلاديشيات و السوريات والافريقيات والباكستانيات والافغانيات وغيرهن في الشوارع ؛ ولاسيما المتسولات الباكستانيات اللاتي يكثرن في شوارع بغداد والمدن الدينية في العراق  هذه الايام , وقد شاهدت مجموعة من المتسولات الباكستانيات في شارع فلسطين / في بغداد , وهن يلبسن ملابس النساء الجنوبيات , ويلاحقن المواطنين ويطلبن المال منهم وبإلحاح شديد … ؛  إلا أن الأمر قد يأخذ منحى آخر، حيث  امتدت يد العصابات الى النساء المتسولات من السوريات واللبنانيات والباكستانيات وغيرهن ؛ الأمر الذي جعلهن عرضة للوقوع ضحية لشبكات خطيرة  تمارس أنشطة ممنوعة ومحرمة ،  كالدعارة والسرقة والمتاجرة بالأعضاء البشرية والمخدرات .

وتناهى الى سمعنا العديد من القصص العجيبة في بلاد العجائب والغرائب والفوضى , وانعدام الرؤية المنطقية و الوطنية  و النفعية , وسيادة الرؤى المنكوسة والطوباوية والسوداوية والعميلة ؛ فقد التقى احد العراقيين بإحدى السوريات المقيمات في العراق ؛ واخبرته انها حصلت على اموال في العراق من خلال التسول لمدة سنة كاملة  ؛ لم تكن لتحصل عليها لو انها اشتغلت في سوريا لمدة عشرة سنين متواصلة …!!

بينما اشترت المتسولات الباكستانيات بيوت واملاك في دولة الباكستان من خلال تحويل اموال العراقيين الى ذويهن في الباكستان ؛ ونشر العديد من النشطاء العراقيين فيديوهات لمتسولات باكستانيات وهن يقمن بتحويل الدينار العراقي الى دولار في مكاتب الصيرفة وبمبالغ كبيرة وبصورة شبه يومية  .

ويحكى عن احد الاكراد الايرانيين الساكنين في محافظة كرمنشاه الايرانية ؛ والذي يدخل العراق بين الحين والاخر ؛ عن طريق التهريب من محافظة السليمانية , ويمارس التسول في العراق … ؛ انه قد شيد قصرا كبيرا في مدينته من التسول والضحك على ذقون العراقيين ؛ وطالما لجأ المحتالون والمتسولون  إلى اتباع  أساليب الاحتيال والخداع من أجل الكسب غير المشروع مستغلين عاطفة الناس وتوجههم الديني …!!

ولولا استشراء الفساد في الاجهزة الامنية ودوائر الدولة المعنية بهذا الملف ؛ لما انتشرت هذه الظاهرة الخطيرة وغيرها من الظواهر والجرائم التي تهدد سلامة المجتمع وامنه , فالذي يساعد جيوش العمالة الاجنبية والجاليات الغريبة والمتسولين الاجانب والدخلاء على التخفي والهروب من قبضة العدالة ؛ هم الفاسدون والمخربون من منتسبي الاجهزة الامنية والدوائر الحكومية .

وبدلا من تكاتف الجهود بين وزارة العمل والداخلية والدفاع والامن الوطني  ؛ وباقي اجهزة و وزارات الدولة ؛ للقضاء على هذه الظاهرة ؛ نلاحظ انعدام التنسيق وتضارب الرؤى والخطط والآراء والتصريحات الحكومية , و الاهمال  المقصود والتخبط والفوضى التي تسود المشهد العام لتلك الاجهزة والدوائر ؛ والذي ينعكس سلبا على الواقع العراقي وينتج لنا بين الفينة والاخرى ؛ مجموعة من السلبيات والازمات والظواهر الخطيرة ؛ بينما نشاهد تكاتف الجهود بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني في باقي الدول ؛ حتى المجاورة منها للحد من انتشار هذه الظاهرة ؛ اذ تستنفر كافة الاجهزة الامنية ودوائر الدولة جهودها وبمساعدة الاهالي والمواطنين ؛ وبوسائل عدة لمحاصرة الظاهرة والقضاء عليها ؛ ومن تلك الطرق والوسائل : الايعاز لكل رجال القانون والامن والمرور وغيرهم بمتابعة المتسولين من خلال دوريات نهارية ومسائية وبصورة دائمة ومتواصلة , وتفعيل دور الكاميرات الحرارية والحديثة في رصد هذه الظاهرة وغيرها , ونشر اللوحات التحذيرية وبمختلف العبارات والاساليب الفنية والبلاغية المؤثرة ؛ من قبيل : (( المتسولون .. قليلون صادقون وكثيرون مخادعون ؛ لا تتصدق على الشخص المجهول , ابن البلد والمدينة والقرية اولى بمساعدتك من الغريب والاجنبي , لا صدقة وذو رحم محتاج , لا يتسول الا الدنيء ولا يمد يده وبصورة دائمة الا الشخص غير المحترم ؛ والعمل شرف , ومن يتسول لا شرف له , وان الله يحب اليد العاملة ويبغض المتسول ؛ وخيركم من يأكل من كد يديه , وملعون من كان عالة على الناس  … الخ )) و توزيعها في الاماكن العامة والتي يكثر تواجد المتسولون فيها … ؛ لان العنصر الأهم في تلك المسألة، هو وعي المواطنين ، بعدم التعاطف مع المتسولين والتوجه نحو العمل الخيري المؤسسي، الذي يضمن وصول الصدقات والتبرعات والزكاة إلى مستحقيها الحقيقيين من العراقيين لاسيما في وسط وجنوب العراق … ؛ فلا وجود للتسول دون متسولين ومتعاطفين يدفعون لهم ليستمروا… ؛ وقد اعترفت احدى المتسولات الغريبات عن سبب تسولها في العراق ؛ اذ قالت : أن “ما جاء بنا إلى العراق هو تسامح العراقيين وتعاطفهم معنا، كما أنهم كرماء وأسخياء، وفي شهر رمضان كما اعتدت منذ سنوات يزداد التعاطف، وهناك الكثير ممن يخصصون زكاة فطرة رمضان لنا”…!!

ومن المؤكد ان حملة القضاء على هذه الظاهرة لا تتوقف على الجانب التوعوي والارشادي فقط ؛ اذ لابد من متابعتهم وملاحقتهم ؛ من خلال تكليف لجان خاصة بتنفيذ هذا الامر ,  والاسراع بترحيل هؤلاء الى بلادهم , و يرتبط التسول في العراق  بمخالفي أنظمة الإقامة من مستغلي تأشيرات  الزيارات والسياحة الدينية ؛ للبقاء في البلاد بعد انتهاء تأشيراتهم أو ممارسة التسول خلال فترة صلاحية التأشيرة ؛ فضلا عن الداخلين الى العراق بواسطة شبكات وعصابات التهريب ومكاتب العمالة الاجنبية  ؛ وبدئت بعض الجاليات الاجنبية في السكن في بعض مناطق التجاوزات ؛ وقد ذكر بعض الشهود العيان ومن احدى الفضائيات ان هنالك (فروع بكاملها ) للباكستانيين في منطقة سبع قصور / الزراعي …!!

والذي شجع ضعاف النفوس والمرضى والجهلة على التسول من ابناء الوطن والغرباء والاجانب والدخلاء ؛ ضعف وهشاشة العقوبات والقوانين فضلا عن الفساد المستشري في الاجهزة الامنية المناط بها مهمة متابعة هذه الظاهرة وغيرها من الجرائم والمخالفات ؛  فأقسى عقوبة يمكن نيلها هي التوقيف لمدة أربعة أيام مع مصادرة أموال التسول ثم إطلاق سراح المتسول  دون أي تعهد قانوني في بعض الاحيان  … ؛ وبدوره فصل الخبير القانوني عدنان الشريفي ، خلال حديث لـ” لاحدى وسائل الاعلام ” :  أن “المادة 390 من قانون العقوبات العراقي تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على ثلاثة أشهر كل شخص أتم الثامنة عشر من عمره وكان له مورد مشروع يعيش منه أو كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد، يعمل متسولا في الطريق العام أو في المحلات العامة أو دخل دون إذن منزلا أو محلا ملحقا به لغرض التسول، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة إذا تصنع المتسول الإصابة بجروح أو عاهة أو استعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الخداع لكسب إحسان الجمهور أو كشف عن جرح أو عاهة أو الح في الاستجداء”… ؛ ويشدد على أنه “يحق للسلطات المختصة تسفير هؤلاء المتسولين إذا كانوا غير عراقيين لمخالفتهم أحكام قانون إقامة الأجانب رقم 76 لسنة 2017، وهؤلاء الوافدات اللاتي يمارسن التسول يمكن وببساطة استغلالهن من قبل عصابات الإتجار بالبشر سواء للتسول أو الدعارة أو تجارة الممنوعات أو غير ذلك”.

و أكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق – في وقت سابق – ، فاضل الغراوي :  ان التسول الأجنبي في العراق تقف خلفه عصابات الجريمة المنظمة ويمثل أخطر صورة من صور الاتجار بالبشر وهو يعد تجارة اقتصادية لهم  … ؛ وقال الغراوي في بيان، ان “عصابات الجريمة المنظمة تدخل المتسولين الاجانب للعراق تحت عدة عناوين منها العمالة و الزيارات السياحية والدينية و التستر بصفة اللاجئ”… ؛ وبين ان “اغلب جنسيات المتسولين الاجانب والعرب الذين يمتهنون مهنة التسول في العراق هم من الدول الاسيوية وفي مقدمتها بنغلادش في حين تحتل سوريا المرتبة الاولى في المتسولين العرب “… ؛ واوضح ان “وزارة الداخلية ابعدت اكثر من 10 الاف متسول اجنبي في عامي 2023 و2024 واعادتهم الى بلدانهم في حين ما زال الالاف منهم مستمرين بهذه المهنة “… ؛ واكد ان “عدد المتسولين في العراق من الاجانب والعراقيين يصل الى اكثر من 500 الف متسول اغلبهم من الاحداث والنساء”…!!

وطالب الغراوي “رئيس مجلس الوزراء بإطلاق حملة لإبعاد جميع المتسولين الاجانب من العراق وملاحقة عصابات الجريمة واعتبار عام 2025 عام خالي من التسول في العراق والتأكيد على البرلمان والحكومة بتعديل قانون العقوبات وتشديدها ضد مرتكبي تجارة التسول”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *