نوفمبر 22, 2024
234

اسم الكاتب : رياض سعد

وضع المعايير الوطنية في الحياة ,  والتبشير بها والعمل على ضوئها ؛ أمر في غاية الاهمية , اذ يعد وضع المعايير جانباً أساسياً لنجاح أي دولة او حكومة او  منظمة أو  شخصية … الخ ؛  فالمعايير الوطنية والاسس العلمية والمنطقية ؛ هي التي تحدد ما هو مقبول ونافع  وما هو  مرفوض وضار … ؛ و بناءً على ما تقدم , نحن مع العمالة الاجنبية ان كانت تصب في صالح الوطن والمواطن ؛ وضدها ان كانت تستنزف ثروات الوطن وتلحق الضرر بالمواطن ؛ وهكذا القول في باقي الملفات الحيوية والمجالات الحياتية ؛ فالمعيار الوطني الاول والاخير في المفاضلة بين الامور والقضايا والاشياء ؛ تقديم مصالح العراق العليا ومصالح العراقي ؛ مع مراعاة الامكانيات الذاتية والمقدرات الوطنية والتحديات والضغوط والمعادلات الدولية .

لا نستطيع الجزم بان اسباب التظاهرات المستمرة في البصرة ؛ هي خارجية او سياسية بحتة ؛ فقد عانت البصرة طويلا من تردي الاوضاع العامة وانعدام الخدمات وتوالي المشاكل والازمات , وسئم البصريون من الفقر والعوز والبطالة  والبؤس ؛  و اقدامهم المتعبة تطأ الثروات الكثيرة والخيرات الكبيرة يوميا  في البصرة ؛ فأينما يولي البصري وجهه يجد امامه بئرا نفطيا او حقلا غازيا او منفذا بحريا  ..!!

وطالما انطلقت التظاهرات ومن مختلف مناطق البصرة؛ للمطالبة ببعض المطالب الخدمية والمعيشية الحقة , ومنها : المطالبة بطرد العمالة الاجنبية التي تستنزف ثروات المحافظة و تنافس العمالة الوطنية وتحرمها من فرص العمل مما يؤدي الى ازدياد معدلات البطالة والفقر في البصرة والعراق , وتشغيل اليد العاملة الوطنية في الشركات العراقية او الاجنبية العاملة في البصرة والعراق ,  وقد انطلقت تظاهرات – في وقت سابق –  في شارع الجبيلة ضد العمالة الاجنبية في الشركات العراقية والمطالبة بتعيين الشباب العاطلين عن العمل… ؛ وكذلك انطلقت تظاهرات  – في وقت سابق – امام مبنى  ديوان محافظة البصرة  منددة بتواجد العمالة الاجنبية والغريبة في البصرة ؛وقد  رفض المتظاهرون في البصرة استمرار منح الحكومة تسهيلات ومنح تراخيص للعمال الأجانب في وقت ترتفع البطالة في صفوف الشباب في البلاد… ؛ وأكد المحتجون  أن الحكومة لا تزال تتجاهل مطالبهم بالتوظيف بينما تواصل استقدام العمال الأجانب والذي بحد وصفهم بات يؤثر على فرص الشباب العراقي في العمل لاسيما و أن غالبية الموظفين المستقدمين من جنسيات معينة  ويتقاضون أضعاف أجور العمالة المحلية … ؛ وقد عبر خريجون في محافظة البصرة / في فلكة البحرية ، وبتاريخ 28 / 4 / 2024، عن استياءهم من تفضيل العمالة الأجنبية في الشركة النفطية على أبناء المدينة، فيما طالبو الحكومة المحلية خلال وقفة احتجاجية في فلكة القيادة البحرية وسط المحافظة، بتوفير فرص عمل للشباب، والحد من العمال الأجنبية … ؛ وقد صرح المواطن مسلم البصري – منسق التظاهرة – بما يلي : خرجنا للمطالبة بحقوقنا المشروعة وهي توفير فرص عمل لنا نحن الخريجون من أبناء البصرة… ؛ لقد وعدتنا الحكومة المحلية مسبقاً بتحقيق مطالبنا، لكنهم سوفوا ذلك، لذلك ستكون لنا خطوات تصعيدية في الأيام القادمة ، ونلوح بالاعتصام المفتوح أمام مجلس محافظة البصرة… ؛ وقالت المواطنة  البصرية منى  احمد : مضى على تظاهراتنا أكثر من 8 أشهر، ولم يتم سماع مطالبنا… ؛ نطالب بالتعيينات في الحقول النفطية التي لم ننل منها سوى السموم والأمراض السرطانية… ؛ هنالك العديد من المشاريع في محافظة البصرة مثل مشروع FCC، ووحدة الأزمرة، التي يجب أن يتم تشغيلنا فيها بدلاً عن العمالة الأجنبية.

وقد سجلت المحافظة في الفترات السابقة والسنوات الماضية  احتجاجات وتظاهرات عدة، نظمها شباب عاطلون احتجوا على اعتماد الشركات الأجنبية العاملة في القطاع النفطي على العمالة الأجنبية، وعدم تشغيل أبناء المحافظة… ؛ وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق، قد كشفت أخيراً عن أن عدد العمال الأجانب في العراق تجاوز حاجز المليون عامل، والمسجلين من بينهم وفق إجازات عمل رسمية في حدود 71 ألف عامل فقط … ؛ الا ان البعض يدعي ان اعداد العمالة الاجنبية تفوق هذا العدد المعلن بكثير .

ويشكل تزايد عدد العمالة الأجنبية غير المنظمة تحدياً آخر للاقتصاد العراقي، يؤدي إلى تزايد البطالة بين العمالة الوطنية وخروج مبالغ مالية شهرية كبيرة بالعملة الصعبة من البلاد ، فضلاً عن استغلال التحويلات المالية الخاصة بالعمالة الأجنبية في استحداث وسائل تهريب جديدة للدولار، من شبكات غسل الأموال… ؛ وتقدَّر الأموال الخارجة من العراق كتحويلاتٍ ماليةً للعمال الأجانب بأكثر من 8 مليارات دولار سنوياً وقيل : أكثر من ذلك ، بحسب تقديرات غير رسمية، فضلاً عن الرواتب العالية التي يتقاضاها معظم العاملين الأجانب في الشركات النفطية وغيرها من الشركات العاملة في العراق بصورة غير مبررة بحسب تصريحات رسمية.

وتتهم السلطات العراقية شركات ومكاتب أهلية باستقدام العاملين، وأغلبهم من جنسيات آسيوية وافريقية وعربية  للعمل في العراق، وإدخالهم سوق العمل بأجور تنافس العمالة المحلية… ؛  وتنشط أغلب العمالة الأجنبية في مجالات الخدمات والإنشاءات والنفط… ؛  وفي مقابل أعداد العمالة الأجنبية المتزايدة في العراق، تعتبر مشكلة البطالة بين المواطنين أبرز التحديات التي تواجه حكومة السيد محمد شياع السوداني، إذ تؤكد جميع الأرقام أن نسبة العاطلين آخذة في الاتساع، ومعها يرتفع مؤشر الفقر في دولة غنية بالنفط.

وقيل ان مئات الالاف من العمال الاجانب والغرباء  يسيطرون على سوق الوظائف في الشركات النفطية داخل البصرة، كما تكشف إحصائيات من قبل مسؤولين محللين في المحافظة التي يطالب شبابها ومعظم الخريجين فيها بوظائف… ؛  إذ تشهد الرئة الاقتصادية الأكبر للعراق، تظاهرات بين فترة وأخرى للمطالبة بفرص عمل والتقليل من “العمالة الأجنبية”؛ كما مر عليكم انفا … ؛  وبحسب آخر التقديرات، فإنّ البَصْرَةُ بلغ عدد سكانها نحو 4 مليون نسمة، لذا فإنّ الزيادة الملحوظة في تواجد العمالة الأجنبية، وفقاً لمختصين، هي السبب الأول في ارتفاع نسب البطالة بين صفوف شبابها، وبالتالي تزداد نسبة الفقر في المحافظة الغنية بالنفط .

وكشفت الحكومة المحلية في محافظة البصرة أقصى جنوبي العراق، عن مخطط للاستغناء عن العمالة الأجنبية في الشركات النفطية العاملة في المحافظة، واستبدالهم بالأيدي العاملة من أبناء المحافظة العاطلين … ؛ ووفقاً لرئيس لجنة العمل في حكومة البصرة المحلية، حيدر المرياني ، فإن اللجنة “تعتزم إبعاد العمالة الأجنبية في المحافظة خصوصاً الشركات النفطية في حال تجاوزها نسبة 20% المحددة في قانون العمل المحلي، الذي صوت عليه مجلس المحافظة في دوراته السابقة”.

وقال المرياني في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، بتاريخ 15 / 4/ 2024 :  إن لجنته “ستراجع عقود الشركات للاطلاع على نسبة العمالة الأجنبية فيها وأعدادها، خصوصاً تلك التي توفر جميع وسائل الراحة والرواتب الكبيرة التي لا يحظى بها أبناء المحافظة رغم تحملهم التلوث والأمراض السرطانية والفشل الكلوي وغيرها”… ؛  وأضاف أنّ “هناك حالات انهيار نفسي لدى الكثير من شباب المحافظة بسبب ما يشاهدونه من عمالة وافدة في تلك الشركات، ما يدعوهم إلى التظاهر باستمرار للضغط على الحكومتين المركزية والمحلية لوضع حلول لشباب المحافظة” مؤكداً أنّ “الحكومة المحلية غير مطلعة على عقود الشركات النفطية ونسبة تشغيل أبناء المحافظة فيها”... ؛ وشدد على أنّ لجنة العمل في المجلس “ستضع أهدافاً لعملها في السنوات القادمة، منها إحصاء العاملين الموجودين في المحافظة سواء الأجانب أو من المحافظات الأخرى إضافة إلى البصريين”.

وأكد عضو نقابة العمال في المحافظة، سعد المياحي :  أن عدم تحديد نسبة للعمال الأجانب في الشركات النفطية في المحافظة سبّب رفع نسبة البطالة بين شباب المحافظة، مؤكدا لـ”لبعض وسائل الاعلام “، “ضرورة تنظيم العمل في تلك الشركات، وفرض نسبة معينة من العمال المحليين على كل شركة لامتصاص البطالة”… ؛  وأضاف المياحي :  أنه “من غير الممكن أن البصرة المحافظة النفطية يُحرم أبناؤها من العمل وتستقدم الآلاف من الأيدي العاملة من الخارج”، مشدداً على “ضرورة أن تتبنى الحكومة المحلية في المحافظة الملف، وتفرض شروطاً على الشركات”.

وقد ذكر المتحدث باسم نقابة عمال البصرة علي معارج لبعض وسائل الاعلام :  أنّ “هناك أكثر من 80 بالمئة من أعداد العمالة الأجنبية في الشركات النفطية”... ؛ وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة بسبب تكتم الشركات النفطية وعدم تزويد النقابات بالأعداد والجهات المختصة بالعمل، إلا أنّ معارج يؤكد : “بحسب مصادرنا الخاصة رصدنا وجود مليون عامل أجنبي في حلول عامي 2023 و2024 والأعداد في تزايد”... ؛  وشدد معارج على الجهات الرقابية أن تتابع تدفق هذه الأعداد كونها “تشكل خطراً اقتصادياً كبيراً على سكان مدينة البصرة”، بحسب تعبيره… ؛ وعلى إثر ذلك، خرج العشرات من شباب مناطق شمال البصرة، بتظاهرات شبه يومية، تطالب بتوفير فرص العمل، وإنهاء “سيطرة العمالة الأجنبية على الوظائف بالشركات النفطية”، وتطبيق القانون العراقي الذي يلزم الشركات بأن تكون نسبة 80% من العمالة وطنية، لا العكس، كما يحصل الآن، إذ رفعوا شعار “كفى للعمالة الأجنبية”.

إلى ذلك، يقول رئيس مجلس محافظة البصرة خلف البدران : إننا “نتابع حراك التظاهرات في شمال البصرة، وخصوصاً في المناطق القريبة من الحقول النفطية”، مؤكداً أنّ “سكان هذه المناطق يعانون منذ سنوات بسبب التلوثات والأمراض، وبالمقابل؛ فإنّ الشركات لم تنصف أولادهم من خلال توفير الوظائف لهم”... ؛ ويوضح البدران : أننا “شكلنا لجان من مجلس محافظة البصرة لمتابعة ملف الوظائف في الشركات النفطية وعدم الاعتماد على قسم التشغيل، كون هذا القسم حصلت فيه مشاكل كبيرة في السنوات السابقة”.

ويذهب البعض إلى تبرير العمالة الأجنبية، ويربطها بالاستثمارات الأجنبية المتزايدة في المدينة، والتي تقود إلى “توظيف العمالة ذات المهارات الخاصة والخبرات العالية من خارج العراق، على حساب العمالة المحلية التي قد تفتقر إلى هذه الخبرات”... ؛ وهذه الاشكالية لا تقف عائقا امام تنفيذ المطالب الوطنية ؛ اذ يجب ان يشترط المسؤول العراقي على الشركات الاجنبية تشغيل الايدي العاملة الوطنية بنسبة تزيد عن 80 % كما هو معلن , واما بخصوص تحسين جودة العمل والمهارات ؛ فأمام الحكومة والشركات الاجنبية خيارين : الاول تعليم وتدريب العمالة الوطنية من قبل كوادر وخبراء الشركات الاجنبية , او ارسال بعثات من العمالة الوطنية الى الخارج للاستفادة من الخبرات الاجنبية , ثم الاستفادة منها داخل العراق … ؛  وفي هذا السياق ، وبهدف حل جزء من الأزمة، أبرمت شركات نفطية عقود شراكة مع جامعة البصرة من أجل تدريب وتوظيف الطلبة المتفوقين في جميع أقسام جامعة البصرة ومن ضمنها التخصصات الهندسية... ؛ وقال عميد كلية الهندسة في جامعة البصرة مفيد تركي : أننا “وقعنا عقد مع شركة (سيباك) الصينية العاملة في حقل الرميلة الجنوبي، لمدة 4 سنوات”... ؛ واضاف :  إنّ “هذه السنوات تشمل تدريب وتوظيف طلبة كلية الهندسة المتفوقين وتأهيلهم للعمل في الشركات النفطية”... ؛ من جانبه، اشار المدير المفوض لشرك سيباك الصينية يوسن جان، في حديث مع ” وسائل الاعلام “، إلى أنّ شركته تقوم بـ”تدريب حوالي 5 آلاف خريج من طلبة جامعة البصرة، في كل عام”… ؛ ويؤكد أنّ “التدريب يشمل تمكين هؤلاء الخريجين من المهارات التي يتطلبها العمل في الشركات النفطية العالمية”.

ولتضييع الفرصة على الجهات الخارجية المعادية وعملاء ومرتزقة الداخل ؛ من استغلال تلك التظاهرات العفوية و الاحتجاجات الشعبية الحقة والتي تطالب بحقوق الشباب البصري والعراقي ؛ وتجييرها لصالح الاجندات التخريبية والمخططات المشبوهة المعادية والتي تستهدف امن وسلامة الوطن والمواطن والتجربة الديمقراطية ؛ يجب على الحكومة المحلية في البصرة وكذلك الحكومة المركزية ؛ الاسراع في تنفيذ مطالب الشباب البصري والحد من ظاهرة العمالة الاجنبية الخطيرة , وتشريع القوانين التي تصب في صالح العمالة الوطنية , وتنفيذها وتطبيقها على ارض الواقع , وتطهير الاجهزة الامنية والدوائر الحكومية من العناصر الفاسدة والمخربة , والتي ساهمت بتسهيل دخول جيوش العمالة الاجنبية وخلافا للضوابط والمعايير الوطنية والقوانين العراقية … ؛ وشن حملة امنية كبرى وبالتعاون مع مختلف شرائح المجتمع لطرد جيوش العمالة الاجنبية التي تقيم في العراق بصورة غير قانونية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *