اسم الكاتب : علي عبد داود الزكي
هل العراق دولة أم امة أم هو جزء من امة أم هو أجزاء من أمم ..ماذا تعني الأمة ؟!! هل هي الدولة! أم الشعب أم الحكومة أم العرق والقومية؟؟؟. على ضوء الجواب ان كان هناك جواب واحد وواضح نسال: هل العراق امة ؟ هل أمريكا امة ؟ هل استراليا امة؟ هل فرنسا امة رغم اختلاف أعراق ولغات شعبها .. وهل كان الاتحاد السوفيتي دولة أم امة؟!!… ما هو الفرق بين مفهوم الأمة والدولة؟ لا نبغي اضافة تعريف جديد لمفهوم الامة لكن فهم الواقع العراقي ضروري جدا لفهم السياسية الداخلية العراقية والتنبوء بالمستقبل واستقراء الإحداث للقادم المجهول!!!.. من المعروف والبديهي هو انه أذا اضمحلت سيطرة حكومة ما على أرضيها قد تتجزأ وتتشظى الدولة الى مقاطعات والى ومدن تتعنصر وفق رؤى معينة لتكوين دول صغيرة متناحرة… فهل التشظي هنا سيكون مبني على مفهوم عصبية أممية أم عشائرية أم وفق مصالح فئات اجتماعية وعرقية خاصة . هل السلطة الإقليمية أو المحلية تعطي عصبية تكوينها مفهوم مبسط عن معنى الأمة (مفهوم عصبية اقليمية او عرقية او حتى عشائرية).. هل الأمة تحتاج الى تاريخ مشترك لتكون امة؟ عصرنا الحديث يقول أن أمريكا أصبحت امة لكن ما هو تاريخها؟ أن دولة حديثة ولا تمتلك حضارة تاريخية ألا ما صنعه الأمريكيون خلال قرنين من الزمن… رغم اختلاف ألوانهم وأعراقهم وانتمائتهم وأصولهم … هل مفهوم الأمة صلبا أم هشا ومتغير؟ هل مفهوم الأمة يتبدل وفقا للظروف ووفقا لطبيعة المجتمعات؟.. هل الأمة تختلف اختلاف جذريا عن مفهوم السلطة ؟ .. بأيهم يجب التمسك بالدولة أم الأمة أم الحكومة أم العرف وسلطة الثقافة الاجتماعية؟!!… أم التمسك بقانون مدني موحد يحترم الثقافة الاجتماعية والإرث الحضاري والقيم الدينية المتعايشة في المجتمع… ومن سيضع هذا القانون هذه تساؤلات محيرة وصعبة .. وأدركها يحتاج فهم لحقائق تاريخية وخصوصيات اجتماعية مختلفة …تتباين من مجتمع الى أخر… ومن شعب الى أخر… حتى الطقس والظروف البيئية قد تؤثر في ذلك تكوين التوحد والانسجام الاجتماعي في اي بقعة من بقاع العالم..
نحن الآن في عصر العولمة والتغرب وعصر تكنولوجيا المعلومات التي جعلت العالم عبارة عن قرية صغيرة …فهل العولمة ستجعل الجنس البشري امة واحدة بقيمها الإنسانية؟ .. هل العصر الجديد سيكون عصر شركات عالمية كبرى تلغي مفهوم الدولة وتلغي مفهوم الأمة ويكون هناك مفهوم واحد هو المصلحة والنفوذ للشركات العالمية الكبرى المسيطرة على العالم والتي اجتازت بقوتها الاقتصادية حدود الدول لتكون عالمية وتؤثر برسم السياسية العالمية … العولمة فرضت الكثير على المجتمعات ورسخت مفاهيم جديدة ..لكن سبل التعامل أصبحت معقدة جدا بسبب التغرب الفكري الشديد للمجتمعات الذي سببته العولمة وصراع الماضي والحاضر اللقيط.. ما هي مقومات الاستقرار لأي بلد؟ يمكن التعبير عن الاستقرار على انه مجموعة من العوامل التي تفضي الى مفهوم ثقافة اجتماعية موحدة ناتجة عن احترام الإرث الحضاري والقيمي واحترام الأعراق والأديان لكل المكونات الاجتماعية في البلد … كما ان هذا الاحترام يجب ان يولد تماسك ويولد قدسية عصبية للتوحد وللدفاع عن مشتركات المجموع …وبهذا سيكون التماسك واجب مقدس .. ولا يمكن أن تكون هناك امة بدون مقدسات تجمع أبنائها حولها .. ولعل اهم ما يفسد هذه القدسية هي الفساد الحكومي (فساد اقتصادي…وسياسي ).
أن الاقتصاد هو اساس للتماسك الوطني والاجتماعي واساسا للرفاهية والازدهار … ان الاقتصاد أو المادة يمكن اعتبارها دين الجميع (ان التعامل المادي بين الناس يجعلهم على دين واحد هو دين الدينار أو الدولار )… أن الاقتصاد هو محور التماسك لأي امة ومحور التوحد لانه يوحد الجميع في احتياجاتهم وحرياتهم .. الاقتصاد هو محور التعامل بين البشر واي خلل فيه قد يسبب كوارث اجتماعية ووطنية لان اساس العدال في الحكم هو توزيع الثروات الوطنية بالتساوي(بالعدل والاستحقاق) بين ابناء الوطن دون تفريق بينهم .. ان أية امة غير منتجة هي امة عرضة للتفكك والانهيار.. والشعب الذي لا ينتج شعب يعيش مأزق فقدان الهوية وفقدان اسس التماسك ويعيش على فتات الحضارات بما يمتلك من ثروات وطنية غير معززة بالتطوير واستغلال الموارد البشرية … ان تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره سيسبب الاستقرار الاجتماعي ويؤسس لدولة قوية متماسكة …أن أي دولة فيها فائض وطني واستراتيجي للمستقبل لما لا يقل عن خطة عقد من الزمن يمكن أن نعتبرها دولة متماسكة .. بينما الدول التي اقتصادها يتدهور مع الزمن ومشاكلها الاقتصادية في تزايد والحلول لا تكاد تكون سوى رمزية فان هذه الدول ستنهار قيمها وتنهار مقومات توحدها وستنمو الصراعات بسرعة فيها ..وتتغير قوانينها باستمرار وسيكون هناك تراجع عن القيم والقوانين ويكون هناك تراجع مخيف عن حقوق الإنسان . أن هذا سيمهد لسوء وفقر وعوز وصراع سيفتت الدولة ويمهد لنشوء دكتاتوريات عصابات سلطة تحاول أن تحكم قبضتها على الحكم بقوة عصابتها ومافياتها (بقوة السلاح) … لكي تديم مكاسبها على حساب المجموع الوطني…. وان لم تكن هناك قوة وحيدة مسيطرة سوف تتشظى القوى التي تعمل على ذلك وتفتت البلد …. وأي قوى وطنية نزيهة سوف تضيع وتذهب خططها ومشاريعها الوطنية أدراج الرياح… وتصبح عبئ على اصحباها وعبء على مؤيديها الذين سيصفونها بالتخاذل والتراجع والضعف… هذا استقراء للواقع واستقراء للغد الذي يواجه البلدان التي تبنى إستراتيجيتها بحلقة ؛؛حوار الطرشان؛؛ تحت لافتة اسمها الديمقراطية.. (وهذا ما يلاحظ في عرقنا الجديد هو تخبط حكوماته في قراراتها الآنية التي لا تنظر الى المستقبل الذي ينبئ ألا بظهور دكتاتورية جديدة أو انهيار وتشظي وتفكك عظيم للدولة.. ما لم تكون هناك معالجات حقيقة لواقع الاقتصاد والإنسان العراقي)..
لذا نسال الحكومة القادمة عن مفهوم الدولة العراقية وهل العراق الديمقراطي امة أم لا؟ من لا يؤمن بان العراق امة ليعطي رأيه الصريح ويبتعد عن سدة الحكم … ومن يؤمن بان العراق امة عليه أن يعطي برنامج توحد هذه الأمة من وجهة نظر المجموع وليس الخصوصية… نطلب من الحكومة القادمة الانتباه لمفهوم العراق الواحد قبل أي شي … العراق لازال دولة هشة فقد تسيدت فيه الدكتاتورية لعقود طويلة … والان تتسيد فيه دكتاتوريات تشرذمية (تشرذمات ديمقراطية السقطة التاريخية ديمقراطية الألم ديمقراطية رجال الصدفة) هذه الدكتاتوريات تتمسكن وتتمشدق بالشعارات قبل اي انتخابات وتتصارع على كراسي السلطة بعيدا عن مفهوم العزم والحزم للتوحد الوطني والذي كان من المفروض أن تبنى على اساسه الدولة العراقية الجديدة بدلا من ان تبنى على اساس المساومة والمحاصصة وتبديد ثروات البلد وتسيد حكومة هزيلة ضعيفة يرضى عنها السياسيون ولا يرضى عنها الشعب .. عراقنا الجديد لازالت حكوماته تعمل بمفهوم الدولة الهشة وليس بمفهوم الأمة القوية التي تصنع حاضرها وتبني مجدها وتحمي مستقبلها وتحمي مستقبل أجيالها القادمة … الدولة الديمقراطية الهشة ينهار تحت أقدمها الإنسان وقيمه وينهار فيها الاقتصاد ليبشر بغداً غير واضح المعالم ألا انه سوء وتراجع .. على الحكومة القادمة أن تركز على أن يكون العراق امة ليست بكلمات مجاملة وتطييب خواطر وإنما بالعمل الجاد … وإزالة مسببات الألم والصراع… صفحة السوء طويت لنتصافح بعزة وشرف أن الجيل الجديد ليس له ذنب في السوء يجب الانتباه لدور الشباب في بناء الأمة العراقية بعيدا عن التخندقات الطائفية والعرقية والتشرذمية… أن الرفاهية الاجتماعية يحققها الاقتصاد المتين للبلد المتنامي مع الزمن وليس المتهالك المتراجع بسبب مفاسد هشاشة الدولة وضعف حكومة ديمقراطية المساومة والمحاصصة….
أما آن الأوان لوضع الحجر الأساس لترسيخ مفاهيم الوطنية العراقية وتنمية عصبية الوطنية العراقية فوق كل العصبيات الأخرى… وتحقيق المساواة والعدالة لكل العراقيين بكل مكوناتهم الدينية والعرقية والطائفية … من المعروف وكما قال ؛؛المرحوم علي الوردي ؛؛ لا تبنى دولة عظيمة ألا على عصبية توحد … فكل الأحزاب المحلية اليوم أما فاقدة عصبية توحدها بسبب سقوط من كان يوحدها (النظام الدكتاتوري الصدامي)… واصبحت الصراعات الداخلية لهذه الاحزاب كبيرة … فقد كان لفترة النضال والجهاد رجال … ولهذه المرحلة رجال آخرين (ثعالب التسلق الجبانة الذين لم يكن لهم دور يذكر في الفترة النضالية ضد الطاغوت الصدامي) وبسقوط الصنم بدأت تنهار عصبية التوحد للحركات لتتشكل بأساليب جديد لتكون متدكترة على الشعب و لا يهمها المصلحة الوطنية ولا تحترم الإنسان العراقي…. أو أنها تمتلك عصبية محدودة ولا تستوعب الجميع.. وهذا ما يجعل دائما خيوط اللعب في العراق والتأثير فيه بيد القوى الخارجية الإقليمية والعالمية….لم تظهر حتى الآن حركات تحرير الفكر العراقي من سوء مرحلة الفهم الخاطيء للديمقراطية … والتي أبرزت ديمقراطية تدكتر لا تحترم الإنسان… وهل هناك معنى للديمقراطية أن كانت لا تحترم الإنسان؟!! ولا تحترم الحرية ولا تؤسس الى ازدهار ورفاهية للشعب؟!! … هل ستولد الأمة العراقية لتكون دولة شرق أوسطية عظيمة لتكون أكد الجديدة … اكد الحضارة اكد الازدهار ..هنا نقول بانه رغم كل الاختلافات والصراعات سينهض العراق لان العراق امة وليس جزء من امة…
احترامي لكل من يعمل بنبل وإيثار وشرف من اجل العراق ووحدته وعزته ورفاهية شعبه بدون تفريق وبدون تعنصر وتجبر…قلنا ما نعتقد .. ونؤمن بالتصحيح أن ثبت لنا خطا ما اعتقدنا…