اسم الكاتب : عقيل وساف
إنَّ هَوس المُتنفّذين وأصحاب الشركات العقارية وغسيل الأموال، أدى لخلق أزمة السكن التي يعاني منها المواطن، والموظف البسيط في معظم الدول العربية والعراق على حدٍ سواء ،وصنعت هذا التفاوت الطبقي في المجتمع حتى باتت الأسعار الجنونية صدمة لكل يُفكر بالشراء.
في تقرير لرئيس شركة بن غاطي للتطوير العقاري في مقابلة مع شبكة بلومبيرغ، كشف فيه أن مستثمرين أثرياء من مصر وتركيا والعراق هاربين من مخاطر العملة يساهمون في تعزيز ازدهار سوق عقارات دبي. ويراهن هذا المطوّر العقاري في دبي على تدفق المشترين الأثرياء الفارين من عدم استقرار العملات العراقية والتركية والمصرية للمساعدة في دفع الطلب أكثر.
وقال رئيس الشركة المملوكة للقطاع الخاص، إن الشركة تخطط لبناء نحو 12 ألف منزل في مختلف أنحاء المدينة على مدى العامين المقبلين، وهذا يتجاوز تسعة آلاف منزل تبنيها بالفعل، والمليار دولار التي تعتزم إنفاقها على البناء في الأشهر الثمانية عشر المقبلة، مشيراً إلى “رغبة العديد من مستثمرينا في وضع بعض ثرواتهم خارج بلدانهم لحماية أنفسهم من تقلبات العملة. لقد وقفوا مكتوفي الأيدي وشاهدوا مكاسب رأس المال في دبي على مدى السنوات القليلة الماضية، والتي فاتتهم”.
ولفت إلى أن الشركة شهدت زيادة بنسبة 20% في عدد المشترين العراقيين و الأتراك والمصريين عن العام الماضي، ما يجعلهم من بين أكبر المشترين الدوليين للعقارات ، وذلك بعدما انخفض الدينار العراقي مقارنة بالدولار الأميركي، وفقدت الليرة التركية 95% من قيمتها منذ عام 2014، وانخفض الجنيه المصري 68% منذ أوائل عام 2022، حيث لجأ صنّاع السياسات إلى أربعة تخفيضات لقيمة العملة من أجل مواجهة تبعات الأزمة الاقتصادية.
ويأتي هذا الإقبال العراقي والتركي والمصري بعدما كان سوق عقارات دبي يهيمن عليه تقليدياً المشترون الهنود والبريطانيون والأوروبيون. لكن إقبال الروس ارتفع في الترتيب عقب اندلاع حرب أوكرانيا، إلا أن هذا الاتجاه المرتبط بالروس يتلاشى، فيما تبقى القاعدة الواسعة للمشترين الدوليين مؤشراً آخر على أن سوق عقارات دبي قد يتحرر من دورات الازدهار والكساد.
لقد ارتفعت أسعار المساكن في دبي بنسبة 28% خلال العام حتى يونيو/ حزيران، وارتفعت الإيجارات بنسبة 20%، وفقاً لشركة كوشمان آند ويكفيلد كور. ومنذ عام 2020، زادت القيم الآن بأكثر من 60%.
وفي تقرير آخر ، يقول رئيس قسم الأبحاث والاستشارات في شركة الاستشارات العقارية، براثيوشا غورابو: “لا تزال الأسعار ترتفع، واكثر حدة من العام الماضي. رغم الكمية الكبيرة من العرض، بسبب تنافس الأثرياء في الشراء واستثمار اموالهم بصورة آمنة والذي لم يساعد في اعتدال الأسعار والإيجارات”.
وقد أصبحت القدرة على تحمّل تكاليف الإسكان مصدر قلق كبير في دبي والمجتمعات العربية على وجه الخصوص، التي يواجه فيها العديد من السكان خياراً بين الانتقال إلى المناطق المحيطة أو دفع جزء أكبر من رواتبهم لأصحاب العقارات. وبلغ متوسط الإيجار السنوي للفيلا أو المنزل العائلي 353 ألف درهم (96100 دولار) وفي العراق إلى اكثر من ضعف هذا المبلغ في بغداد.وفي الوقت نفسه، ارتفعت إيجارات الشقق المتوسطة والمجمعات السكنية ارتفاعاً جنونياً، مسجّلةً فرقا كبيراً في فترة قصيرة.
لا تزالُ مبيعات المنازل قبل البناء قوية. وقد ارتفعت الصفقات في ما يسمى سوق ما قبل الإنشاء بنسبة 61% عن العام السابق، وفقاً لشركة الاستشارات العقارية.
ومن خلال تقرير رئيس الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري في قطر، خالد بن أحمد العبيدلي،يؤكد فيه أهمية تفعيل قانون تنظيم التطوير العقاري، والذي سيسهم في حلّ بعض التحديات التي تواجه القطاع، وكشف، خلال “اللقاء المفتوح” الذي استضافته غرفة تجارة وصناعة قطر، أن الهيئة ستطلق عدداً من المبادرات مع عدد من الجهات المعنية لدعم القطاع العقاري، بالإضافة إلى تطوير في البنية التشريعية، لافتاً إلى اهتمامها بأن تكون دافعاً وشريكاً للقطاع الخاص في هذا الصدد، وفق بيان لغرفة قطر.
وأكد العبيدلي حرص الهيئة على التعرف على التحديات التي تواجه أصحاب الأعمال والمستثمرين في القطاع العقاري، مشيراً إلى أن الدولة نفذت مشاريع كبرى في وقت قصير في ظل استضافتها لفعاليات عالمية، مثل بطولة كأس العالم لكرة القدم (مونديال قطر 2022)، مما أدى إلى تسريع وتيرة الطفرة العقارية في البلاد.
وشدد رئيس الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري على أن دور الهيئة يتمثل في تنظيم القطاع العقاري وتحفيزه وكذلك تحفيز القطاع الخاص وإزالة كل المعوقات التي تواجهه لتحقيق الاستثمار العقاري، إضافة إلى تسهيل الإجراءات، كما تهدف الهيئة إلى تفعيل التشريعات والقوانين التي تسهم في النهوض بالقطاع العقاري وتطويرها. كما أكد أنها ستقوم بحصر الملاحظات الخاصة بأصحاب الأعمال ودراستها ومخاطبة الجهات المعنية من أجل العمل على إيجاد حلول لها.
إذ قال عدد من أصحاب الأعمال إن الرسوم على العقارات في المدن الجديدة في حاجة إلى المراجعة، خاصة أنها لا تصبّ في مصلحة المستثمر ولا تساهم في تنشيط القطاع. حيث توجد هناك مباحثات مع المطورين العقاريين لإعادة النظر في رسوم الخدمات وإعطاء أولوية لجذب الاستثمارات من الخارج، إضافة إلى الإهتمام بالمستثمرين المحليين من المواطنين والمقيمين من خلال تقديم مزايا خاصة لهم.
وتحاول الحكومة العراقية في سعيها للقضاء على إرتفاع أسعار المجمعات السكنية والشقق ، من خلال توفير مدن سكنية مخدومة وتوزيعها على المواطنين بأسعار مدعومة، وتعميم هذه الفكرة في المشروع الإصلاحي على المدى القريب.