اسم الكاتب : نعيم الخفاجي
يفترض بمن يكتب عن مشاكل العراق، وهو عراقي ولد وعاش وكبر وشاح في العراق العظيم، عليه أن يكتب بصراحة، ولا يتبع أساليب النفاق، بتغطية مشاكل العراق القومية والمذهبية، بغلاف سميك، مثل الأوراق السميكة التي تغطي جدران البيوت السكنية ودورات المياه العامة، المستعملة بدول أوروبا بشكل عام، وفي دول مثل السويد والدنمارك بشكل خاص، اوراق سميكة يظن من يراها انها طبقة إسمنتية ملونة، بينما هي بالحقيقة ورق سميك.
ممكن إلى الكُتاب العرب والافارقة والهنود يكتبون عن العراق بطرق سطحية، لكن المصيبة عندما يكتب البعض من العراقيين مقالات ويتم تقديمه خبير ومتخصص ومهني، يكتب وكأنه لم يعيش بالعراق، ولم يشاهد ماحدث بالعراق من قتل وذبح واقصاء لمكونات عراقية مثل الشيعة والاكراد منذ يوم نشأة العراق الحديث، والمصيبة تجد الكثير من هؤلاء يخفون تعصبهم المذهبي والايدولوجي تحت شعارات الوحدة الوطنية البائسة، وتراه يكتب مقدمة طويلة عريضة، ويغطي مواقفه الطائفية والأيديولوجية بالقول على سبيل المثال، انا اكتب وانا بحذر شديد ليس خوفاً من من يخافون الكلمة بل حرصاً على أن لا يساء فهمي من أهلي، وأصدقائي،….الخ.
أقول إلى هذا الصنف من البشر الذين ابتلى بهم شعب العراق، والذين يرفضون قول الحقيقة المؤلمة، أن العراق منذ يوم ولادته وولادة الدول العربية الأخرى نتاج اتفاقية سايكس بيكو، أرض خصبة للمؤامرات والمخططات الدولية الاستعمارية التي تستهدف جعل العراق وسوريا وليبيا والسعودية ومصر والبحرين وبقية الدول العربية، لجعلها دول فاشلة، يسهل السيطرة عليها، وذلك بسبب وجود صراعات قومية ومذهبية أوجدها رسموا حدود الدول العربية، التي أشرفت على رسم حدودها دول الاستعمار البريطاني الفرنسي.
مشاكل العراق القومية والطائفية ولدة معه منذ عام ١٩٢١ يوم استوردت لنا بريطانيا ملك خائن وعميل، خان الدولة العثمانية واصدر ابوه مفتي مكة شريف حسين فتوى مجاهدة دولة الخلافة العثمانية السنية تحت قيادة شيخ الإسلام رئيس وزراء بريطانيا العظمى المستر ديفيد لويد جورج، الملك الخائن فيصل الاول ابو الأميرة عزة صاحبة أكبر ملهى ليلي في ايطاليا، قام الملك ابو عزة بتجميع الضباط والجنود العرب السنة الذين يشكلون أكثر من ٧٠% من أفراد الجيش العثماني، جمعهم بالحجاز، وارسلتهم القوات البريطانية، بعد أن سلحتهم، إلى احتلال دمشق وسوريا وقتل الضباط والجنود الأتراك العثمانيين وتسليم سوريا للقوات الفرنسية الغازية، وفتح طريق القوات الاستعمارية الفرنسية البريطانية إلى الوصول إلى الأناضول قلب عاصمة دولة الخلافة العثمانية، في وقت كان الشيعة العرب بجنوب ووسط العراق والأحساء والبحرين واليمن وفي جبل عامل واللاذقية وحلب وحمص وحماة يقاتلون إلى جانب قوات دولة الخلافة العثمانية السنية، يكفي فخرا شيعة العراق قاوموا القوات المحتلة من عام ١٩١٤ ولم تدخل القوات البريطانية بغداد إلا بعد ان سحب الأتراك العثمانيين جيشهم من بغداد للدفاع عن أنقرة واسطنبول عام ٢٠١٧ وهو عام نهاية الحرب العالمية الاولى، ياليت أهل السنة العرب من نجد وسوريا والأردن قاتلوا القوات البريطانية والفرنسية الغازية مثل قتال شيعة العراق، لما انتصرت بريطانيا وفرنسا.
الذي يتكلم عن شيعة العراق إن كان مسلم متدين عليه أن يتوضأ قبل أن يتكلم، وأن كان يساري او علماني أو ليبرالي عليه أن يكون إنساني ويتكلم بشرف، كافي كذب ونفاق وافتراءات.
لايختلف اي عاقل ان من مصلحة القوات المحتلة للعراق بعد عام ٢٠٠٣ جعل العراق ساحة للتجارب السياسية الفاشلة، جورج بوش الابن قال بالصورة والصوت جعلنا العراق ساحتنا الأمامية لمقانلة الجماعات التكفيرية أعداء أمريكا.
بالتأكيد كثرة الأحزاب بالعراق بعد سقوط نظام البعث، يعني كثرة الفئات التي تعمل على حصر المكتسبات إلى أعضاء ومؤيدي الاحزاب، ويتم حصر الوظائف التي تقسم قوميا وطائفيا على منتسبي الأحزاب بشكل خاص، وترك الغالبية المهمشمة من الفقراء والغير متحزبين، الاحزاب بغالبية دول العالم وخاصة في الدول التي لاتحكمها دساتير، يقومون بتقسيم الشعب إلى طبقات مستفيدة وطبقات محرومة، ويتم تهميش غالبية أبناء الشعب، بل قرأت كتب كتبها علماء اجتماع أمريكان يشكون من تعصب قادة الاحزاب إلى أعضاء احزابهم على حساب مصالح عامة أبناء الشعب، لذلك مافعلته الأحزاب بالعراق بعد عام ٢٠٠٣ لم يكن حالة طارئة تخص شعب العراق فقط دون غيره، لكن لولا إرهاب فلول البعث وهابي لما تم تقسيم الشعب العراقي الى طبقات مستفيدة وطبقات محرومة، ولما بددت أموال العراق إلى شراء الأسلحة وتوظيف ملايين الجنود والمقاتلين من القوات الرديفة والاسناد، ولما فتح أبواب الفساد والسرقة.
بالتاكيد من مصلحة الأحزاب تقريب المطيع لهم ، ولم تعد للخبرة ولا للعلم ولا للخدمة، أي أهمية، الأهمية الأولى اطاعة قادة الأحزاب.
لايمكن أن تنجح ديمقراطية ببلد يعاني صراعات قومية مذهبية، بحيث تجد معك شركاء بالوطن يستبشرون بفوز ترامب أو غيره لعله يحتل العراق ويمكنهم من حكم العراق، أحدهم وزير شغل منصب بالعراق يحمل جنسية أمريكية سرق أموال مخصصة للكهرباء، ليل نهار يهدد شيعة العراق في ترامب انه حال فوز ترامب يصبح هذا الوزير الطائفي السارق رئيس للعراق هههههههه، بالله عليكم أي استقرار يتم بالعراق بظل وجود شركاء بالوطن مثل هذا وأمثاله.
رغم الإرهاب والقتل الذي عصف بالعراق، لكن للحق وخلال زياراتي المتكررة للعراق، أن العراق يسير نحوالأفضل لكن يحتاج شجاعة من السياسيين وخاصة، من ساسة المكون الشيعي في تصحيح الأخطاء وكسب ود الجماهير واعادة الثقة والعمل على إنهاء الخلافات مابين قادة أحزاب وتيارات شيعية مؤثرة، توجد مشاريع عمران واضحة وخطط تنمية وإن كانت ليس بالمستوى المطلوب لكنها موجودة.
الخلافات الطائفية والمذهبية استفادت منها الأحزاب بتقاسم المناصب والوظائف والحصول على عقود الأعمار، هذا الأمر لايختلف عليه أي عاقل، سبب الفساد بالعراق يعود لحقبة فترة حكم نظام صدام حيث انتشرت الرشوة والفساد والسرقة، شعب تعرض للظلم والحصار والاضطهاد لفترات طويلة، أنتج لنا ساسة لصوص سراق، هذا الكلام قاله متخصصين وعلماء اجتماع وليس كلامي انا، المفكر الفيلسوف الفرنسي شهيد الحرية ايتيان دو لابويسي يقول في مقالاته العبودية، يقول لو أن شعب او مكون تعرض للظلم والاضطهاد عدة عقود، ينتج طبقة تدعي الثقافة والسياسة يفكرون كيف يأكلون ويشربون ولاتهمهم كرامتهم وحرية أبناء قومهم، لذلك العبودية لن تنتهي بموت الحاكم او القضاء عليه يقول غرامشي [ لا تنجح الثورة في تحقيق أهدافها وتثبيت وجودها عبر ضرب الرأس البارز للدولة ، إنما يتوجب على الثوار تفكيك «المجتمع السياسي» ، الذي هو جوهر الهيمنة والقائد الفعلي للدولة] . وهذا ما عبر عنه لابويسي الشاب الصغير شهيد الحرية بفرنسا، حيث قال [ حينما يتحوّل أحد الملوك إلى طاغية، فإن كل ما في المملكة من شرّ ومن حثالة، يجتمعون من حوله ويمدّونه بالدعم لينالوا نصيبهم من الغنيمة.] [ إذا ما التقى الأشرار فإنهم لا يؤلِفون مجتمعًا بل مؤامرة، وهم لا يتحابون، بل يخشى بعضهم بعضًا، وليسوا أصدقاء، بل هم متواطئون.] مشكلين بذلك المجتمع السياسي القائم الذي يجب تفكيكه.
مشكلة الكثير من الكتاب يخلق صفحة سوداوية، توجد مشكلة على قانون الأحوال الشخصية منذ زمن الزعيم الشهيد عبدالكريم قاسم رحمه الله منذ عام ١٩٥٩ يحتاج إيجاد تشريع يضمن حقوق الجميع بدون لغوة وثرثرة، هناك من يحاول بطرق غير شريفة وبعيدة كل البعد عن القيم والأخلاق بالقول أن إدخال تعديلات على بعض القوانين، يعتبرها تطرف صريح، ينال من مؤسسات الدولة ومن قوانينها ومن قضاتها متجاوزين على الدستور، هههه اقول إلى هذا وامثاله، لو كان دستور حاكم لما وصل البعثيين الاراذل وجرذهم صدام للتسلط على رقابنا، مالكم لاتتكلمون كلمة الحق، من أي بشر انتم، يوجد نص بالدستور الذي أنت تتغنى به، القوانين يجب أن لاتتعارض مع الدين، توجد ديمقراطية الطوائف بالهند، فهل انت ومعك العرب من المحيط إلى الخليج لديكم نظام ديمقراطي مثل ديمقراطية الهند؟.
من حق أبناء الأقاليم والمحافظات وفق الدستور العراقي تشريع قوانين لهم، الدول تتقدم وتتطور من خلال المصارحة والمصالحة وخلق بيئة مجتمعية صالحة للاستقرار، لايوجد لدى الأغلبية بالعراق مصلحة في شتم الإقلية المذهبية أو القومية، إنما أنت تتخيل لك، ربما شيطانك الذي ذكره البخاري نقلا عن عمر بن الخطاب عندما قال إن لي شيطانا يعتريني، لا توجد جيوش عقائدية تهددك، ولايوجد لك تاريخ نضالي بالقليل ساهمت في إسقاط نظام صدام والبعث، ابقى عيش في أحلامك المريضة،
المطلوب نتكاتف جميعا من اجل المطالبة في ايجاد وسائل صحيحة إلى إنهاء الصراع القومي والمذهبي وتهيئة أرضية تقبل كل أبناء المكونات العراقية، للعيش في سلام وامان، والعمل على تمتع كل العراقيين في حرية الممارسة الدينية والقومية والعرقية، دون الأضرار بالاخرين، يا اخي انا ولدت شيعي وزميلي الآخر ولد سني، انا لدي رموز احترمها والطرف الآخر لديه رموز يحترمها، المطلوب كل طرف يحترم آراء ومعتقدات ورموز الطرف الاخر.
رحم الله الدكتور الأمريكي هنري فوستر صاحب أرقى اطروحة دكتوراه، اسمها نشأة العراق والتي صدرت من جامعة لندن عام ١٩٣٢ قال تقصدت بريطانيا بدمج مكونات مذهبية وقومية بالعراق وتهربت من تشريع دستور حاكم، وخدعت شيوخ القبائل العربية بتشريع سنية قبليلة لتكون بديل عن الدستور، ليبقى العراق دولة فاشلة تعاني من صراعات قومية ومذهبية يسهل السيطرة عليه، الرجل قال الحقيقة، بينما نحن كعراقيين يرفض غالبية الساسة والكتاب والمثقفين قول هذه الحقيقة، ماضي العراق وصراعاته القومية والمذهبية هو سبب تردي أوضاع العراق في الحاضر والمستقبل، الذي يريد للعراق الاستقرار، عليه إيجاد حلول دائمة إلى الصراعات الطائفية والقومية التي كلفت الشعب العراقي ملايين الشهداء والضحايا، ولايمكن ان تنجح الديمقراطية وتعم العدالة وثقافة قبول الآخرين بدون إنهاء الصراعات القومية والمذهبية.
لو كانت الجبهة الداخلية العراقية قوية وتنعم بالعدالة والمساواة لما تم احتلال العراق عام ٢٠٠٣ ولما سالت دماء الابرياء، قبل أيام كنت في بغداد، راجعت طبيب اختصاص ووجدت جمع كبير من العراقيين، دار حديث، كان معي رجل ستيني من أهالي ديالى كانت معه ابنته تساعده، دار حديث بيني وبينه تحول إلى صداقة، الرجل غزاوي سني من المنصورية، تحدث، سألته عن ماشاهد في ديالى، قال لي اختصر لك ذلك بشكل مبسط، في عام ٢٠٠٦ سيطرت القاعدة، طلبوا من الضباط والجنود ترك الجيش واعلان التوبة وإلا يتم قتلهم، هذا الأخ لديه أبناء اخ واخت عسكر، رفضوا ترك الجيش، تم خطف أحدهم من خلال عملاء القاعدة بالقرية، كان متزوج حديثا، طلبوا فدية ١٥ مليون مع خمس بنادق كلاشنكوف مع ثلاث مخازن عتاد لكل بندقية، من خلال الوسطاء، يقول جمعنا المال وارسالناه لهم، قالوا يوم غد صباحا نطلق سراحه الساعة السابعة صباحا، فعلا جائت سيارة وبها مسلحين ملثنين ومعهم الضحية وقاموا بذبحة في الشارع أمام مراى أهل الضحية، وتم قطع راسه، عملنا له فاتحة، اوقفوني قالوا لي تعمل فاتحة لكافر، هددوني بالقتل، عملنا مجلس عزاء للنساء، زوجة الشهيد وأخواته شتمن الإرهابيين، من حضرن لمجلس الفاتحة، لديهن أزواج يعملون مع الارهابيين، يقول جائونا نريد نساؤكم فلانه وفلانه، يقول اعطونا مهلة اربع ساعات، من حسن الحظ كان يوجد جيش بالنهار، هربنا باتجاه الجيش والضباط والجنود نقلونا واوصلونا إلى بعقوبة وهربنا من قريتنا وليومنا هذا، طيب من فعل هذا بالناس المسالمين، ألم يكن فلول البعث وهابي الاراذل،
كيف نوقف هذا الخطر الذي يهدد الجميع، هل في النعيق والصراخ والعويل الغير مبرر والكذب والتدليس والعمل على اشاعة الفوضى بكذبة ان الشيعة يريدون تغير القانون الفلاني، باباتي ابحثوا عن الحلول واتركوا الثرثرة، مع خالص التحية والتقدير والود.