اسم الكاتب : عبد الخالق حسين
كثيراً ما نستلم هذه الأيام مقالات يحاول كاتبوها نفي الطائفية عن حزب البعث، ولتأكيد إدعاءاتهم، يذكرون قائمة من البعثيين الشيعة الذين تبوءوا مناصب عالية في الحزب والدولة مثل سعدون حمادي ومحمد حمزة الزبيدي لرئاسة الوزراء في أوائل التسعينات، وقادة فرق في الجيش…الخ. ولكن في الحقيقة كان هذا مجرد ديكور خارجي لذر الرماد في العيون، فصدام حسين قد حصر مسؤوليات الدولة بيده وأيدي ولديه عدي وقصي، والأقربين من عشيرته، إذ كما قال لي صديق عارف بالأمور، أنه كان بإمكان أي شرطي من قرية العوجة (مسقط رأس صدام حسين) أن يهين أي وزير أو مسؤول شيعي مهما كان منصبه. وأعرف من أصدقاء بعثيين سابقين، تسلموا مناصب وزارية ودبلوماسية (سفراء) ولكن مع ذلك عانوا كثيراً من التمييز الطائفي في الحزب والدولة، وسأذكر البعض من هذه المعاملات لاحقاً.
لقد ذكرت في فصل سابق، أن القوميين العرب طائفيون أكثر مما هم قوميون. كما ونشرت عام 2007، مقالاً بعنوان: (مشكلة العرب أن الطائفية عندهم أقوى من القومية) (الرابط في الهامش) (1). فرغم أن السياسيين الشيعة في العراق كانوا في طليعة تأسيس الأحزاب القومية العربية وقيادتها، مثل محمد مهدي كبة، زعيم حزب الاستقلال (قومي عروبي)، وفؤاد الركابي، أول أمين عام للقيادة القطرية لحزب البعث في العراق، ولكن مع ذلك لم يتخلص العرب الشيعة من التمييز الطائفي وتهمة الشعوبية وعدم الولاء للعروبة، وأنهم من الرتل الخامس…الخ.
وفي هذا الخصوص يذكر حنا بطاطو، أن أعضاء قيادة حزب البعث في القطر العراقي يوم انقلاب 8/2/1963، كان 62% منهم شيعة، انخفضت هذه النسبة إلى 6% في انقلابهم عام 1968.(2) وهذا يدل على إن الصراع الطائفي كان على أشده داخل حزب البعث، والعلمانية لا تمنح الإنسان حصانة ضد الطائفية.
لقد بلغت الطائفية بعد مجيء البعث الثاني إلى السلطة في انقلاب 17-30 تموز 1968 حداً لم يسبق له مثيل، خاصة في الفترة التي تبوأ فيها صدام حسين رئاسة الجمهورية، وانفرد بكل المناصب والمهمات الكبرى في الدولة. فرغم أن حزب البعث هو حزب قومي، وحدوي، وعلماني، ودستوره يؤكد على العلمانية ومحاربة الطائفية، وكان أكثر كوادره المدنية في الخمسينات وأوائل الستينات كانت شيعية، ولكن بعد حركة 18 تشرين الثاني 1963، التي قادها عبدالسلام عارف، بدأ التوجه الطائفي في حزب البعث، وعندما ما استلموا السلطة ثانية عام 2968، بدأت عملية تصفية الكوادر الشيعية في قيادة الحزب، إما عن طريق حوادث الطرق، أو الإعدامات بتهمة التآمر على الحزب والدولة، إلى أن تم حصر قيادة الحزب بيد العشيرة التكريتية وعائلة صدام حسين نفسه.
وهناك شهود وأدلة كثيرة موثقة تؤكد طائفية حزب البعث في عهد البكر وصدام، نورد في هذا الفصل بعضاً من تلك الشواهد.
لقد أشار الدكتور جواد هاشم في كتابه الموسوم (مذكرات وزير في عهد البكر وصدام) إلى الكثير منالممارسات الطائفية في قيادة حزب البعث، فيقول أنه كان يعتقد ” أن من آمن بعقيدة حزب البعث، التي من أول مبادئها محاربة العشائرية والطائفية، لا يمكن أن ينجرف في دوامة التيارات العرقية والتحزبات المذهبية.. وبأن لا وجود لأية ممارسة طائفية في العراق، سرية كانت أم علنية”. ويستنتج قائلاً: “كم كنت مخطئاً. فالتحزب الإقليمي كان ولم يزل قائماً، ولم تكن مبادئ الحزب إلا مجرد كلمات مسطَّرة في منهاجه من دون أن تترجّم إلى واقع، ومن دون أن تطبَّق أو تنفَّذ من قريب أو بعيد. فالنعرة الطائفية موجودة، متخفيّة أحياناً وجلية أحياناً أخرى، تنمو وتترعرع متسترة بمختلف البراقع والأساليب، لتأخذ مجراها في الحياة العملية. ولدي الكثير من الشواهد على ذلك، لكني سأكتفي بسرد حوادث ثلاث “.
ويذكر المؤلف الحوادث الثلاث بشيء من التفصيل، أكتفي بذكر واحدة منها وبإيجاز، ومؤداها أنه دعيِ مرة للقاء الرئيس البكر، فدخل أولاً مكتب حامد الجبوري، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، فوجد وزيرين آخرين هما الدكتور عبدالستار الجواري وزير التربية، والفريق حماد شهاب التكريتي، وزير الدفاع وعضو مجلس قيادة الثورة، ويبدو أنهما كانا في حديث عن محافظات العراق. سمع حماد شهاب يقول للجواري: “أن جميع سكان المنطقة التي تقع بين المحمودية وجنوب العراق هم “عجم”، ولا بد من التخلص منهم لتنقية الدم العربي العراقي.” واستغرب المؤلف من هذا الكلام فسأله: “فريق حماد، أنا من مدينة عين التمر التابعة لكربلاء، وحامد الجبوري من الحلة، فهل يعني أننا عجميان، أم أنك تقصد شيئاً آخر؟ تردد شهاب في الإجابة، وتدخل الجواري محاولاً “تصحيح” ما تفوَّه به شهاب”. ولكن الدكتور جواد هاشم انزعج إلى حد أنه التقط ورقة وكتب استقالته. ولما قابل الرئيس البكر، رآه منزعجاً فسأله عن سبب انزعاجه، فأخبره بما حصل مع حماد شهاب، وقدم ورقة الاستقالة، فقرأها الرئيس البكر ثم ابتسم، محاولاً تهدئته وقال ضاحكاً: “حماد حمار، ثم مزق ورقة الاستقالة”.(3)
وفي مكان آخر من كتابه، يقول د. جواد هاشم: ويبدو أن صالح مهدي عماش كان أقلهم طائفية، وربما بسبب والدته التي كانت من الطائفة الشيعية، وتربى في منطقة شيعية، فيذكر المؤلف أنه (عماش والذي كان وزيراً للداخلية آنذاك) أراد إعادة تصنيف (الأضابير القديمة ذات الخيط الأخضر المتوارثة من العهد العثماني) وهي ملفات كبار موظفي الدولة المحفوظة لدى مديرية الأمن العامة. والغريب هو طريقة ترقيم هذه الملفات، فبعد رقم الملف يوجد خط مائل يعقبه الحرف (س) أو (ش) أو (ص) أو (م). وأوضح الأمر بالقول بأن الحرف الأول يعني “سنياً” والثاني “شيعياً” والثالث “صابئياً” أما الحرف الأخير (م) فيشير إلى أن الملف يعود إلى مسيحي.(4)
كما ويذكر الدكتور محمد صادق المشاط، وزير التعليم العالي في عهد أحمد حسن البكر، وسفير العراق في واشنطن في عهد صدام حسين، في مذكراته، عن معانات كثيرة تعرض لها أقرباؤه بتهمة التبعية الإيرانية وغيرها، فيقول: “وقد طال الطرد أقربائي (ومنهم ابن عمتي وعائلته) وتمت مصادرة بيته وأمواله، وقد داهمته المنية في إيران، كما وحاول جلاوزة صدام طرد شقيقتي إذ جاؤوا إلى دارها وطلبوا منها الخروج مع زوجها لغرض تسفيرهم أي طردهم من العراق، ورميهم على الحدود الإيرانية، ولكنها اعترضت صائحة بأن أخي محمد المشاط، وهو سفير العراق في فيينا (وكان ذلك في نهاية عام 1979)، ثم رفعت سماعة التلفون وأخبرتني أثناء وجود هؤلاء الجلاوزة في الدار، مما حدا بهم إلى الاتصال برئيس المخابرات، الذي قرر صرف النظر عن تسفير شقيقتي وزوجها…”(5)
الطائفية في الجيش
ذكرنا في فصل سابق أنه منذ بداية تأسيس الدولة العراقية، تأسس الجيش على أساس طائفي (سني بهيئة ضباطه)، أما الجنود وضباط الصف (نائب ضابط وعريف ونائب عريف) فكانوا في غالبيتهم من الشيعة لأن غالبية الشعب من الشيعة.
لقد نشر العميد الركن نجيب الصالحي، كتاباً قيماً في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، بعنوان (الزلزال)، وكان المؤلف شاهد عيان على أحداث كثيرة في تلك المرحلة، خاصة فيما يتعلق بالتمييز الطائفي في عهد حكم البعث، وانتفاضة آذار 1991، لذلك نقتطف هنا بعض الفقرات من هذه الشهادة الموثقة لشاهد عيان، عاش المرحلة بنفسه، فيقول العميد الصالحي: “بعد عام 1968 بدأ القبول في الكليات العسكرية حسب ترشيح حزب البعث من كل أنحاء العراق،… ولكن فشل حركة ناظم كزار (الشيعي) عام 1973، حيث ألغيت تلك الضوابط وحلت محلها ضوابط سرية تعتمد التمييز الطائفي (المذهبي) والإقليمي (المناطقي) أساساً في القبول … أما كلية الأمن القومي التي شكلت بإشراف جهاز المخابرات منتصف السبعينات، فكان القبول فيها يتم إنتقاءً من أقضية ونواحي وقرى محددة.(6) وكنتيجة لحرمان الشيعة من الدخول في الكلية العسكرية، انحصر قبولهم كجنود وضباط صف، لذلك يتهكم العسكريون على محافظة ذيقار (الناصرية)، بأنها مدينة المليون نائب ضابط، إشارة إلى العدد الكبير جداً من مراتب القوات المسلحة العراقية (جندي، عريف، رئيس عرفاء ، نائب ضابط) الذين ينتمون إلى تلك المحافظات الجنوبية (الشيعية). ولكن لو تساءلنا، كم ضابط وكم ضابط ركن، وكم قائد فرقة أو قائد فيلق ينتمي إليها مقابل هذا العدد الهائل من المراتب والجنود وما ترتب عليه من تقديم شهداء وتضحيات؟ فستكون الإجابة مخجلة حقاً! .. والتهمة الطائفية جاهزة لتلبيسها برأس من يحاول الحديث عن هذا الموضوع وخاصة عندما يكون المتحدث من أهل ذي قار!.(7)
ففي الحرب العراقية-الإيرانية، كان النظام لا يبالي بالتضحيات لأن أغلب الضحايا كانوا من جنوب ووسط العراق ولا ننسى مقولة خيرالله طلفاح: “هدوا كلابهم عليهم”. وقبلها قال عبد السلام عارف حول القتال في شمال العراق (كردستان) عام 1964 عبارات تدل على المضمون ذاته.
وبدأ إبعاد العناصر الشيعية من المناصب الحساسة في الحزب والدولة، وتم حرمان مناطق الوسط والجنوب من الخدمات، والعمران والتي تركزت في المناطق الشمالية العربية السنية رغم أن الثروات النفطية الهائلة كانت من البصرة والعمارة.
ومن نتائج التمييز الطائفي، والعرقي أن اتخذت المظالم ضد الشيعة العرب والكرد شكلاً متطرفاً في عهد حكم البعث الثاني (1968-2003) حيث انفرد النظام، ولأول مرة في تاريخ العالم وبدوافع طائفية، وعنصرية صرفة، بإصدار قانون إسقاط الجنسية رقم 666 لسنة 1980 الذي قام بموجبه بإسقاط الجنسية عن مئات الألوف من الشيعة العرب والكرد الفيلية، وتهجيرهم بالقوة بتهمة التبعية الإيرانية، وتم تنفيذ هذا القانون بمنتهى القسوة والوحشية، وذلك بإلقائهم على الحدود الإيرانية الملغومة أيام الحرب العراقية – الإيرانية بعد أن جردهم النظام من جميع وثائقهم الرسمية التي تثبت عراقيتهم أباً عن جد، ومصادرة ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة.
كذلك شجع حكم البعث العراقيين على تطليق زوجاتهم المتهمات بالتبعية مقابل مكافئة قدرها ثلاثة آلاف دينار عراقي (نحو عشرة آلاف دولار آنذاك) للمدني، وأربعة ألاف دينار (نحو 13 ألف دولار) للعسكري.
كما وقام نظام البعث بحروب إبادة الجنس ضد الأكراد في عمليات الغازات السامة في حلبجة، والأنفال، وعمليات التغيير الديموغرافي ضد الأكراد عن طريق التهجير القسري الداخلي والخارجي ضدهم، وإرغام نحو أربعة ملايين من العراقيين على الهجرة إلى الشتات، معظمهم من الشيعة، والكرد، والتركمان واستورد مكانهم نحو أربعة ملايين من مواطني البلدان العربية، وعاملهم كمواطنين عراقيين يتمتعون بكافة حقوق المواطنة، إضافة إلى مكافئات مالية لتسهيل أمور نقلهم واستقرارهم في العراق بغية تغيير ديموغرافية السكان طائفياً وقومياً، وغيرها كثير من عمليات التطهير العرقي، والطائفي، والجرائم البشعة بحق مكونات الشعب العراقي وضد حقوق الإنسان.
وعن طائفية صدام حسين يقول الدكتور سعيد السامرائي ما نصه: “وعندما كان (صدام) يحارب الإيرانيين صار أحد أتباعه وهو عضو القيادة، حسن علي العامري، الشيعي، يصلي متكتفاً على طريقة أهل السنة، ولكن عندما احتاج المجرم صدام لإيران، ومن أجل خداع الشيعة عيَّن سعدون حمادي، الشيعي، رئيساً للوزراء وأعقبه بـ(محمد حمزة الزبيدي، الشيعي أيضاً.) هذا في حين ما زاد العامري السنة في تكتفه، ولا سعدون حمادي والزبيدي في وزارتيهما الشيعة إلا بمقدار ما زاد حنون النصارى الذي قال فيه الشاعر:
ما زاد حنون في الإسلام خردلة….. ولا النصارى لهم شغل بحنون!!(8)
إنتفاضة آذار 1991
كانت إنتفاضة آذار نتيجة حتمية لشعب مضطهد بعد هزيمة النظام المنكرة في حرب الخليج الثانية وطرده ذليلاً من الكويت، إذ لم يكن أمام الشعب أية وسيلة أخرى للتصويت على النظام سوى الانتفاضة العفوية المسلحة التي سيطرت على 14 محافظة من مجموع 18. وكان النصر قاب قوسين أو أدنى لولا التعقيدات الدولية والداخلية التي حالت دون ذلك.
استمات النظام البعثي في قمع الانتفاضة بكل وحشية وما أوتي من قوة وقسوة، وقد شاهدنا على شاشات التلفزيونات الأوربية بعض الأفلام الوثائقية المهرَّبة من العراق، مناظر مرعبة إلى حد أن المذيعين كانوا يحذرون المشاهدين من بشاعتها، بحيث استقطعت منها بعض المناظر لقسوتها وفظاعتها. كما ونُشِرَتْ مقالات وكتب عن الانتفاضة من قبل شهود عيان، حول قمعها بمنتهى القسوة والوحشية، ومنها كتاب الزلزال للعميد الصالحي الذي أشرنا إليه أعلاه، والذي يعتبر خير شاهد على أحداث الإنتفاضة، فقد راقبها عن كثب دون المشاركة فيها، ولكنه كان متعاطفاً معها. وشهادة العميد الصالحي مهمة لأنه من أهل السنة، وبذلك فإنه يعكس النموذج الحقيقي لموقف شعبنا من سياسة النظام الطائفية وإدانتها بشدة، سواءً كانوا من أبناء السنة أو الشيعة.
بث الإشاعات الطائفية
استخدم نظام البعث أخس وسائل الدعاية والإعلام لبث الرعب في نفوس أهل السنة وخاصة أبناء الرمادي والموصل وتكريت، مفادها أن هذه الحركة (انتفاضة آذار 1991) هي ضد السنة وإذا انتصر الشيعة فسيقتلونهم جميعاً، وأن مصيرهم مرتبط بالنظام. والغرض من هذه الإشاعات تشويه سمعة الثوار ووصفهم بالوحشية، والغوغائية، والطائفية، في الوقت الذي كان الثوار يتساهلون كثيراً مع من يقع تحت أسرهم وحتى من أزلام النظام. ومن جهة أخرى لحث أهل السنة في الاستماتة للدفاع عن حكم البعث.
ولكن الحقيقة كانت خلاف ما يبثه النظام، إذ يشهد العميد الصالحي في هذا الصدد قائلاً: “كان الثوار في أغلب الأحوال يتساهلون مع أزلام السلطة الذين يقعون في الأسر.. بينما ما حصل للثوار الذين سقطت مواقعهم القتالية، ووقعوا أسرى بيد قوات الحرس الجمهوري أو الحرس الخاص، حيث كانوا يُرصَفون على الشارع المعبد وتدوسهم سرف الدبابات طولاً وعرضاً… ولم يبق من أجسادهم سوى أثر مطبوع على الأرض. وقد ذهلت من المشهد عندما شاهدته لأول مرة بعد دخول الحرس الجمهوري إلى مدخل مدينة السويب، شمال القرنة عند اقتحامها يوم 15/3/1991).(9)
أما بخصوص بث إشاعات بأن الثوار في الجنوب كانوا يقتلون العسكريين السنة فقط، فيقول الصالحي:
“لقد نجح النظام إلى حد ما في إثارة المخاوف في نفوس أبناء تلك المحافظات (الشمالية الغربية) التي سماها بالمحافظات البيضاء وهي: صلاح الدين (تكريت) والأنبار (الرمادي) ونينوى (الموصل)، من إمكانية نجاح الانتفاضة في محافظات الجنوب والوسط التي سماها بالمحافظات السوداء الغوغائية، من خلال تركيزه على إثارة الروح الطائفية والتعصب، حيث أرسل صدام مندوبين عنه شخصياً، تحدثوا مع وجهائها بهذا المضمون.. ومن الأفعال الأخرى، إطلاق الشائعات السوداء.. فالشهداء الذين قتلوا في الكويت، أمر بتسليمهم إلى ذويهم (بعد أن كان يحتفظ بهم بثلاجات في مركز جمع الشهداء في البصرة والصويرة) على أن تسبق جثثهم إشاعة مفادها أن (أهل الجنوب قتلوهم لأنهم من أهل السنة) وإشاعة (أقتل عشرة من السنة تدخل الجنة…!) ليست خافية أهدافها وتأثيرها على أحد… وإشاعة أخرى تقول (أن سيطرات الثوار تعتقل أبناء السنة فقط..)”. وينفي المؤلف هذه الشائعات المسمومة، ويؤكد أن أغلب الضباط الذين قتلوا على أيدي الثوار كانوا من الشيعة، ودون أي سؤال عن انتمائهم الطائفي، ويذكر أمثلة عديدة على ذلك.(10)
كما ويعرب الصالحي عن استيائه عن الوضع فيقول: “لقد صار التمييز الطائفي بعد الانتفاضة علناً، وكانت معاناة البعثيين القياديين من أبناء الشيعة قاسية جداً، لأن الخطاب الطائفي للدولة، كان قد أخذ شكلاً مؤثراً في الاتهام المباشر وغير المباشر للشيعة وأبناء الجنوب والفرات الأوسط والهجوم العنيف عليهم.. دون مراعاة لروح المجاملة والمواطنة العراقية في أقل اعتبار. وبدأ التعامل مع الحزبيين على الأساس المذهبي وليس الدرجة الحزبية أو الانتماء البعثي…الخ. وهكذا أصبح هؤلاء في موقف حرج للغاية، .. قال لي أحدهم وهو عضو قيادة شعبة عسكرية وبرتبة عقيد: ” بالله عليك، أنا حزبي منذ أربعين سنة ولم أعرف غير الحزب والبعث والمبادئ كذا وكذا!! والآن يعاملونني على أساس إنتمائي المذهبي الشيعي وليس على أساس عمق انتمائي البعثي.. إذَن، كم نحن كنا مغفلين؟!”. وسمعت العبارة الأخيرة من كثيرين، مدنيين وعسكريين، وفي الأجهزة الأمنية، وخاصة بعد طردهم من مواقعهم الوظيفية! إنهم كانوا حقيقة (كالمهزومين الذين يعيشون في معسكر المنتصرين..!)”(11)
ولم تتوقف حملة التشويه على الحكومة فحسب، بل وحتى على بعض المثقفين من أهل السنة، إذ يقول الدكتور سعيد السامرائي في كتابه (الطائفية في العراق): “كتب لي سني في العقد الخامس من عمره ويحمل شهادة جامعية في القانون، من داخل العراق عن هؤلاء المشاغبين “الذين جاؤوا من إيران ومن لف لفهم” كما قال، وكيف فعلوا الأفاعيل، ومن ذلك اعتداؤهم على الأعراض.”(12)
الطفل الغوغائي
كما ويروي الصالحي حالة نادرة تكشف عن بشاعة أزلام النظام قائلاً: [روى لي ضابط ركن في مقر الفيلق المتواجد في مدينة العمارة (..بأن قائد الفيلق أحمد إبراهيم حماش التكريتي، وبينما كنا معه ومجموعة الحماية، نجتاز أحد الطرق في مركز المدينة، شاهدنا طفلاً لا يتجاوز عمره ست سنوات يركض من حولنا سريعاً… صاح حماش: أقتلوه.. أقتلوه، وعندما قال له أحد الضباط: “سيدي هذا طفل عمره ست سنوات وهو لا يحمل سلاحاً”، أجابه “هذا من يكبر يصير غوغائي”!!. ](13)
إضطهاد رجال الدين الشيعة
اشتدت الحملة في مطاردة واضطهاد الشيعة من رجال الدين ومن يرتبط بهم، وإعدامهم تحت حجج واهية، إذ بدأت الحملة منذ اغتصابهم للسلطة عام 1968بإعدام الحاج عبد الحسين جيتة بتهمة الجاسوسية، وهو تاجر معروف في البصرة بتبرعاته السخية للمؤسسات الخيرية ومنها بنائه وتجهيزه ردهة كاملة كانت تحمل اسمه في مستشفى البصرة الجمهوري. كما واعدم النظام البعثي في أوائل السبعينات، الشيخ عارف البصري، وعدد من أصحابه. وبلغ الاضطهاد ذروته لعلماء الشيعة بجريمة إعدام آية الله المجتهد السيد محمد باقر الصدر وأخته بنت الهدى. ولاحقت جلاوزة النظام السيد مهدي الحكيم عام 1988 في السودان وبالتواطؤ مع حكومة حسن الترابي القومية الإسلامية واغتالته هناك. واغتالت السلطة البعثية العديد من رجال الدين الشيعة في العراق عن طريق حوادث الدهس أو القتل المباشر من قبل رجال الأمن كما حصل للشيخ الغروي، وأقارب الإمام الخوئي، وعدد غير قليل من عائلة الإمام السيد محسن الحكيم، وآل بحر العلوم وغيرهم. كذلك تم إغتيال السيد محمد محمد صادق الصدر وولديه بعد عودته من إداء الصلاة في جامع الكوفة في شباط 1999 على يد رجال أمن النظام.
محنة عرب الأهوار (المعدان)
بعد انتفاضة آذار 1991، ارتكبت السلطة البعثية جريمة بحق البيئة، لمطاردة الثوار من عرب الأهوار وتشريدهم إلى إيران وذلك جريمة تجفيف الأهوار، الذي يعتبر كارثة بيئية، كإجراء للانتقام منهم. إن محنة عرب الأهوار تعتبر مأساة إنسانية كبرى، إذ لم يكتفِ النظام بما ألحق بهم من خسائر مادية وبشرية فحسب، بل وراح يشنع بهم وبأعراضهم، وشرفهم، ويشكك بعروبتهم وعراقيتهم مدعياً أن جاء بهم محمد القاسم مع الجواميس من الهند، وذلك في سلسلة مقالات مخجلة بعنوان (لماذا حصل ما حصل) نشرتها صحيفة الثورة الناطقة بلسان حال حزب السلطة. وهنا ننقل مقتطفاً من الحلقة الثالثة من تلك المقالات بعنوان: (التعصب الشيعي فساد إخلاق أهل الهور)، والتي تعبِّر بوضوح عن الحقد الدفين المستقر في ذهن قيادة النظام حيال شعبنا في الجنوب إذ جاء فيه: “إن هذا الصنف من الناس بوجه عام، كان مركز إيواء ونقيضة غير شريفة لعناصر الشغب والخيانة التي اجتاحت جنوبي العراق ومن الفرات الأوسط في الأحداث الأخيرة، وإذا ما عرفنا كل هذا وغيره كثير، وعرفنا أن بعض هذا الصنف من الناس في أهوار العراق هم من أصول جاءت مع الجاموس الذي استورده القائد العربي محمد القاسم من الهند. وعرفنا أن من أبرز عاداتهم سرقة ممتلكات الخصم عندما يتخاصمون، وحرق دار القصب التابعة لمن يتقاضون منه أو يتنازعون معه، سهل علينا تفسير الكثير من ظواهر النهب والتدمير والحرق والقتل وانتهاك الأعراض التي أقدم عليها المجرمون المأجورون.”(14)
وراح النظام يغالي ويمعن في الاستهزاء بأحوال هؤلاء الفقراء والتهكم على فقرهم، والتخلف الإجتماعي الذي يعيشونه، ناسياً أن عار تخلف هؤلاء عيب يقع على الحكومات العراقية المتعاقبة، ومنها حكومة البعث نفسها التي تعمدت إهمال هذا القطاع الواسع من الشعب العراقي، وحرمتهم من الثقافة والتقدم والعيش اللائق بكرامة الإنسان لأسباب طائفية في القرن العشرين. ونسي النظام أن هؤلاء الناس هم عراقيون أقحاح، فمنهم من العشائر العربية الأصيلة، ومنهم من سلالات السكان السومريين والأكديين الضاربة جذورهم بعمق في تاريخ العراق منذ ستة آلاف عام.
نظرة البعث إلى الشيعة
ينقل الأستاذ حسن العلوي عن أخيه الباحث المرحوم هادي العلوي، (الذي كان في بكين في الثمانينات من القرن المنصرم)، القصة التالية:
“ففي الصين الشعبية تحدث مندوب منظمة التحرير الفلسطينية الطيب عبد الرحيم أحمد قائلاً: “انه سأل السفير العراقي في بكين الدكتور عيسى سلمان التكريتي من هم الأكثر في العراق.. السنة أم الشيعة؟ فأجاب الدكتور عيسى: ان العجم أكثر من العرب في العراق. لكن إذا اجتمع الأكراد والعرب، فسيكونون أكثر من العجم. فسأله هل يعني ان الشيعة في العراق عجم؟ قال السفير: نعم. فسأله الطيب عبد الرحيم: لكنهم موجودون في الحزب بكثرة على ما أعلم.. وانتم في حرب مع الإيرانيين، فكيف ينسجم هذا مع ذاك؟ قال الدكتور عيسى سلمان: ان القيادة تأخذ الإحتياطات اللازمة وتعرف كيف تتصرف مع الشيعة في الحزب والدولة فلا تقلق”.
ويعلق حسن العلوي: “إن ما يقوله الدكتور عيسى سلمان، وهو من المثقفين المختصين بالآثار والمعروفين بالإعتدال، ليس وجهة نظر شخصية، بل هو تعبير عن تيار عام في المشروع القومي الرسمي يتكرر على لسان المتحدثين في المجالس الخاصة، ويصدر إلى الصحفيين والدبلوماسيين العرب في اللقاءات الثنائية… إن الدكتور سلمان في غمرة الإنصياع والرضوخ لقوة هذا التيار نسي أنه في حالة الأخذ بهذا الرأي فسنكون أمام المعادلة التالية:
الشيعة وهم عجم (جدلاً) 55%
الأكراد وهم غير عرب 18.5%
الأقليات الدينية الأخرى 8%
وما بقى من النسبة الكاملة أي 18.5% هو نسبة العرب في العراق. وفي هذه الحالة سيكون على العراق ان يتخلى عن كونه بلداً عربياً. وسيكون لإيران الفارسية حق المطالبة به لكونه 55% من سكانه إيرانيين وعلى إمتداد الحدود الإيرانية، قريباً من شط العرب وحتى حدود لواء كربلاء مع الرمادي، وهي المناطق التي توصف بالعجمة. وبنفس المنطق سيكون للأكراد الحق في مناصفة الحكم بإعتبارهم يشكلون النسبة المتقاربة جداً من السكان العرب.”(15)
وضمن سياسة العزل الطائفي والإجتماعي، أصدر النظام قراراً يقضي بموجبه ترحيل 75% من سكان بغداد الذين تتحدر أصولهم من المحافظات الجنوبية والوسطى، الذين لم يسجلوا في إحصاء 1957 إلى محافظاتهم الأصلية. واستثنى هذا القانون القادمين من المدن الشمالية الغربية مثل: تكريت والرمادي والموصل، ويهدف هذا القانون إلى ضرورة تغيير البنية الديموغرافية لسكان العاصمة، محاولاً إنشاء بنية إجتماعية جديدة تنسجم مع رؤاه الفكرية ومخططاته السياسية.
وينقل لنا نجيب الصالحي الحادثة التالية: “خرج أربعة عمال بناء صباحاً إلى (المسطر) مكان تجمع العمال في حي العدل ببغداد وعادوا إلى مكانهم بعد ساعتين، حينذاك كنت واقفاً أشرف على تشييد دار سكن لي.. ولما سألتهم عن سبب عودتهم مبكرين، قالوا ذهبنا مع جماعة التصنيع العسكري للعمل في الجسر المعلق ببغداد… وهناك طلبوا هوياتنا ولما كنا من محافظات كربلا والمثنى، زجرونا وطردونا من العمل قائلين لنا.. أنتم من المحافظات الغوغائية.. لا عمل لكم هنا… وجدير بالإشارة أن هؤلاء العمال الأربعة كانوا جنوداً في الحرب العراقية- الإيرانية، وعلى مدى ثمان سنوات متواصلة ومنهم من أصيب بجروح خلالها!.”(16)
وقد بلغ حقد النظام البعثي على محافظات الوسط والجنوب أن عمد إلى تفكيك المنشآت الصناعية في تلك المحافظات ونقلها إلى المحافظات الشمالية الغربية. ويكفي أن نشير هنا إلى سكان المنطقة الجنوبية إبتداءً من محافظة واسط وحتى البصرة يشربون ماء غير صالح للإستهلاك البشري منذ عام 1985، وإن تجاراً ومقاولين من صلاح الدين والأنبار انشأوا شركة في البصرة بدعم حكومي غير رسمي لإنتاج الماء النقي وبيعه على المواطنين بسعر تجاري..!(17)
لا شيعة بعد اليوم!!
شعار (لا شيعة بعد اليوم) بُلِّغَ به منتسبو قوات الحرس الجمهوري والحرس الخاص قبل قيامهم بقمع الإنتفاضة.. وروجته الأجهزة الأمنية والإستخباراتية فيما بينها.. كوسيلة للحث على الإرهاب ومحاولة يائسة لتكتيل أهل السنة ضد الشيعة.. وتصوير الإنتفاضة بأنها طائفية تستهدف أهل السنة.. إنها في الحقيقة عبارات مخزية يأنفها شعبنا ولو لم نكن نتوخى كشف الحقائق لما تم ذكرها!. شعار (لا شيعة ولا شروال)، أطلقه النظام بعد أن اندلعت الإنتفاضة في كردستان العراق بعد يوم 10 آذار1991.. وهو يعني تخليه عن 80% من سكان العراق وتركيزه على جانب طائفي إقليمي محدد.(18)
الضحايا من الشيعة دائماً
لا أعتقد يحتاج شيعة العراق إلى شهادة تزكية من أحد لإثبات عروبتهم، وانتمائهم الوطني والقومي لا لشيء إلا لأنهم يختلفون عن مذهب السلطة الطائفية. فتشهد لهم أعمالهم البطولية وتضحياتهم الكبيرة في النضال الوطني منذ حرب الجهاد في مقاومة الإحتلال البريطاني وثورة العشرين التي أرغمت المستعمرين الإنكليز على التخلي عن حكم العراق المباشر، فأقاموا فيه حكماً أهلياً والذي تطور فيما بعد إلى تأسيس الدولة العراقية الحديثة، مروراً بالإنتفاضات الشعبية الأخرى ضد المعاهدات الجائرة.. إلى إنتفاضة آذار 1991.
وعن وطنية شيعة العراق نعود مرة أخرى إلى شهادة الصالحي الذي قال: “لقد اجتاز أبناء المذهب الشيعي في العراق، الإختبار التاريخي وكتبوا صفحاته بدمائهم وتضحياتهم، عندما قاتلوا إيران المنتمية لذات المذهب الشيعي، نحو ثماني سنوات متواصلة أثبتوا خلالها صدق إنتمائهم القومي والوطني ولولا وقفتهم وتضحياتهم هذه لاندفعت القوات الإيرانية نحو أهداف أخرى تروم الوصول إليها في المنطقة تتعدى حدود العراق في تلك المرحلة. “وعندما احتلت مدينة الفاو من قبل القوات ا\لإيرانية مطلع عام 1986، صرح مسؤولون إيرانيون.. “أصبح لإيران حدود برية مع الكويت.. نحن جيران..” مع كل ما تعنيه هذه الكلمات من مؤشرات ستراتيجية في تلك الظروف الملتهبة؟!! وقد دفع العراقيون 54 ألف إصابة (شهيد وجريح) ثمناً لإعادة تحرير تلك المدينة العراقية العربية التي اشتركت في حرب الخامس من حزيران عام 1967 !! هؤلاء الضحايا كانوا من كل العراق، ولكن أغلبيتهم الساحقة من أبناء الجنوب والفرات الأوسط!”. ويشير الصالحي إلى حديث عدنان خير الله قبل مقتله في اجتماعات القيادة القطرية التي خصصت لمناقشة أمر الحرب وغيرها قوله: “سقطت من يد إيران ورقة تعاطف الشيعة معها بدليل أن مقبرة الشهداء في النجف كادت أن تصل إلى حدود محافظة كربلاء”.(19)
ليس هذا فحسب، بل وفي مقابل مقبرة الشهداء الممتدة من نجف إلى كربلاء، تم اكتشاف مئات المقابر الجماعية في طول البلاد وعرضها بعد سقوط حكم البعث. ولذلك يجب أن لا نستغرب ما حصل من انفجار أعمال العنف الطائفي فيما بعد، فهو امتداد ورد فعل لسياسة البعثيين خلال حكمهم، وذلك لتمسكهم بنهجهم السابق، وإدمانهم على السلطة التي فقدوها فجأة، إضافة إلى ردود أفعال ضحايا التمييز الطائفي، وتراكمات الماضي البغيض. وعليه فمن الهراء القول أن ما حصل بعد سقوط حكم البعث من صراعات طائفية كانت من صنع الأمريكان أو وليدة اللحظة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1- عبدالخالق حسين: مشكلة العرب أن الطائفية عندهم أقوى من القومية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=26&aid=118028
2- حنا بطاطو، العراق – الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية، الكتاب الثالث، ترجمة عفيف الرزاز، مؤسسة الأبحاث العربية، ط1، بيروت، 1992. ص 459 و284.
3- د. جواد هاشم، مذكرات وزير في عهد البكر وصدام، دار الساقي، بيروت، 2003، ط1، ص 95-96.
4- د.جواد هاشم، نفس المصدر، ص 304.
5- د. محمد صادق المشاط، كنت سفيراً للعراق في واشنطن، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، الأردن، 2008، ص 228.
6- العميد الركن نجيب الصالحي، الزلزال، مؤسسة الرافد للنشر والتوزيع، لندن، 1998، ص121.
7- نجيب الصالحي، نفس المصدر، ص249.
8- د.سعيد السامرائي، الطائفية في العراق، ط1، مؤسسة الفجر، لندن،1993، ص47
9- العميد الركن نجيب الصالحي، نفس المصدر، ص267.
10- العميد الركن نجيب الصالحي، نفس المصدر، ص417.
11- العميد الركن نجيب الصالحي، نفس المصدر، ص426-427.
12- د.سعيد السامرائي، الطائفية في العراق، ط1، مؤسسة الفجر، لندن،، 1993، ص 88).
13- نجيب الصالحي، نفس المصدر، ص243.
14- جريدة الثورة، العدد الصادر يوم 5 نيسان 1991.
15- حسن العلوي، الشيعة والدولة القومية في العراق، مطبوعات CEDI، فرنسا، عام 1989، ص 41-42.
16- العميد الركن نجيب الصالحي، الزلزال، ص 384- 385.
17- العميد الركن نجيب الصالحي، نفس المصدر، ص412.
18- العميد الركن نجيب الصالحي، الزلزال ص435.
19- العميد الركن نجيب الصالحي الزلزال، ص294.