الكاتب : علي الخالدي
المرجعية الدينية، منهاج حياة وطريق نجاة للأمة الإسلامية، وكل ما يصدر عنها يعتبر برامج عمل، انبعثت عن تراكم خبرات معاصرة وقديمة، ممزوجة بمواكبة التطور بكافة مفاصله.
استقبل سماحة السيد السيستاني “حفظه الله” في 4-11-2024 ممثل الأمم المتحدة، الجديد في العراق السيد محمد الحسان، وفي نهاية اللقاء خرج بيان مكتب سماحة المرجع ببعض الارشادات، بعد ان بين أن الشعب العراقي يعاني من تحديات كبيرة، وقال ينبغي على العراقيين ولا سيما “النخب الواعية” على ان تتحمل مسؤولياتها، بالاستفادة من العبر والتجارب السابقة “في سبيل تحقيق مستقبل أفضل” من خلال التصدي لقيادة البلد، وذلك “على اعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنم مواقع المسؤولية” والنخب التي تم الإشارة إليها، هي ليست عامة الكوادر المثقفة، بل هي الدينية منها، والتي تملك وعياً بما يدور حولها، وهنا سماحته يستنهض المؤمنين أصحاب الورع والتقوى، والذي اغلبه انزوى بعيدا عن المناصب والمسؤوليات، نتيجة الضخ الإعلامي، الذي فصل بين الدين والدولة، وتشويه المتصدين للحكم، وترسيخ أن كل مسؤول او صاحب منصب هو فاسد.
ما تقدم كان في الجانب التعبوي، والذي يصل به إلى “منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها” و”تحكيم سلطة القانون” و”حصر السلاح بيد الدولة” و”مكافحة الفساد” ان ما طرحه سماحة السيد السيستاني “دام وجوده” هو برنامج اقتدار، يرتقي بالعراق إلى مصاف الدول العظمى، حيث أن حصر السلاح وكل السلاح بيد الدولة، يتطلب من الحكومة رفع الجهوزية والاقتدار، وإعداد وتطوير الجيش وباقي المفاصل الأمنية، أضعاف ما هي عليه، لتسيطر كاملاً على الأرض والسماء العراقية، وهذا لا يكون إلا بإخراج القوات الأمريكية من العراق، ودفع الجيش التركي بعيدا عن شمال العراق، وهذا يحتاج وقتاً طويلا حيث عبّر سماحته عنه “ولكن يبدو أن أمام العراق مساراً طويلا” إذ ان مظاهر التسلح يجب أن تبدأ من السوق، وذلك بمنع بيع الألعاب التي ترسخ العسكرة في ذهن الطفل، او الملابس التي تشير للمحارب في أزياء الشباب.
السبب الأول لوجود السلاح في العراق والعالم، هو أمريكا “الشيطان الأكبر” التي تعتاش على بيع السلاح وايقاد نار الحروب، فبعد سقوط حكم البعث في العراق 2004 سمح جيش الاحتلال الأمريكي، بنهب 7 مليون قطعة سلاح من مخازن الجيش العراقي، وبيعها في السوق، تتكون من السلاح الخفيف والمتوسط، في غاية منه دفع الشعب العراقي للاقتتال عبر حرب أهلية، تعتبر تجارة السلاح الدخل الأول في التجارة الأمريكية، ولا بديل لها، لذلك يهتمون بإشعال المعارك في مناطق مختلفة من الأرض، وخاصة في المناطق الجغرافية التي تشتهر بالثروات، مثل منطقة غرب آسيا، حيث احرقوا فيها ملايين البشر عبر الحرب العراقية الإيرانية، والحرب اليمنية السعودية، والحرب السورية مع الفصائل التكفيرية، وأخيرا وليس آخرا الحرب المفروضة على أهل غزة ولبنان، وجميع ضرائب الحرب يقبضون أموالها، بسخاء ودعم من نفط أعراب الخليج، وعلى راسهم شيطان آل سعود محمد بن سلمان.
برنامج حصر السلاح ربما يحتاج عقداً من الزمن، ان لم يكن عدة عقود، بسبب الخطر المحدق والمجاور للبلد الذي يبطئ ذلك، حيث وجود التهديد الإسرائيلي للشعوب المسلمة، ووجود عصابات داعش في سوريا، بمحاذاة الحدود العراقية، ووجود القواعد الأمريكية في البلد، فضلا عن سهولة التسليح، مما دفع بعدم التزام شركاء الوطن من الكرد، وقد ختم سماحته هذه الارشادات، مع ممثل الأمم المتحدة في العراق، بتذكيره بفشل الأمم المتحدة بإيقاف الحرب في غزة وفلسطين، وهذا هو من أهم أسباب وجود السلاح في الدول الفقيرة، وعبرت المرجعية الدينية العليا، عن تضامنها مع الشعوب المظلومة، مبينا “عن عميق تألمه للمأساة المستمرة في لبنان وغزة” و” بالغ أسفه لعجز المجتمع الدولي”
النخب الواعية تعتقد ان السلاح والعقيدة لا يفترقان، كلاهما مكمل للآخر، وحسب خيارات المعركة.