الكاتب : هادي حسن عليوي
بخطى هادئة وبطيئة تجري أطراف سياسية مشاورات مكثفة لتأجيل الانتخابات النيابية المقبلة لسنتين.. على أن تتمتع الحكومة الحالية بصلاحيات تنفيذية وتشريعية.. وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتحديد مواعيد جديدة للانتخابات البرلمانية المقبلة..
وتصطدم رغبة هذه الجهات بفيتو شهرته الكتل الكبيرة والمتنفذة.. التي سارعت إلى عقد لقاءات تشاوريه متعددة.. اتفقت خلالها على إجراء الانتخابات البرلمانية في مواعيدها المحددة وانتخاب مفوضية جديدة..
وباستكمال تحرير الموصل.. سيمر العراق في الحالة الأخطر.. فلابد من إنهاء داعش في كل مناطق العراق بشكل تام.. وسحق داعش بعمق 20 كم داخل الأراضي السورية.. وضبط حدود العراق مع الدولة المجاورة بشكل حقيقي.. وبدأ معركة حقيقية ضد داعش السياسيين وإحالتهم الى القضاء وفق المادة 4 إرهاب.. والبدء بتنظيف العراق من الأفكار الداعشية في الجوامع.. وفي الجيش.. وفي الشرطة.. وفي التعليم.. والصحة.. والاستخبارات.. والإعلام وكل المرافق الأخرى.. مثلما يتطلب العمل الجدي والسريع لمحاربة الفساد.. وليس الموظفين المرتشين الصغار فحسب.. بل كبار المسؤولين الفاسدين.. هذه هي المعارك الحقيقية التي تنتظر قيادة العراق..
ولا يمكن في ظل أوضاع العراق الحالية والصراع السياسي.. حسم مثل هذه المعارك.. بل لابد.. كما تعتقد بعض الكتل السياسية من إعلان حالة الطوارئ.. وهو ما نجده في الكثير من تصريحات المسؤولين عن إعلان حالة الطوارئ.. وعدم منحها لرئيس مجلس الوزراء.. حتى لا تكون سبباً لدكتاتورية جديدة.. أو يتخذها مبرراً لاعتقال منافسيه ومعارضيه.. أو غطاءً لتقييد حرية المواطن تحت مبرر الحرب على داعش أولاً..
كما إن هناك قلق لدى كتلاً سياسية كبيرة من تأجيل الانتخابات النيابية بهدف إحداث فراغ دستوري لإقامة حكومة إنقاذ وطني أو إعلان حالة الطوارئ.. وعبرت بعض الكتل الكبيرة بان هذه الحالة تدعمها قوى خارجية..
بالمقابل فإن دراسة مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية في واشنطن.. لواقع العراق تحت إشراف السفير الأمريكي السابق ريان كروكر.. والتي شملت عدداً كبيراً من الشخصيات والمؤسسات.. بما فيها مراكز للدراسات الإستراتيجية العراقية.. ربما تكون عملية جسّ نبض الشارع العراقي.. لدراسة تقبل أو عدم تقبل تغيير النظام الحالي.. مما جعل الوسط العراقي والكتل السياسية تفكران هناك توجهات لتغيير الحكم بمجيْ حكومة إنقاذ وطني أو إعلان حالة الطوارئ للتمهيد لتغيير جذري في الحكومة العراقية
والحقيقة إن الدستور العراقي النافذ منح مجلس النواب حق إعلان حالة الطوارئ في البلاد أو في جزء من البلاد.. لأسباب مبررة.. أو حدوث حالات استثنائية.. كظروف غير طبيعية.. غرق.. سيول.. حرائق.. شغب.. فلتان الأوضاع.. وغزو.. الى غير ذلك من أسباب طارئة..
يكون إعلان الطوارئ بناء على طلب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء معللاً بالأسباب المبررة.. وتكون مدة الطوارئ شهراً واحداً قابلة للتجديد.. إذا تأكد لمجلس النواب إن أسباب إعلان الطوارئ مازالت قائمة..
في حالة الطوارئ يعلن عن تشكيل حكومة طوارئ من ستة وزراء لإدارة البلاد.. ويمنح رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة صلاحيات مضافة لصلاحياته.. لتسريع الحركة.. وتنفيذ القرارات المتخذة من مجلس الوزراء أو القيادة العامة للقوات المسلحة بعيداً عن الروتين.. وليس لرئيس مجلس الوزراء حق التجاوز على الدستور.. وليس من حقه اتخاذ قرارات فردية.. بل يجب أن تكون القرارات جماعية سواء من مجلس الوزراء.. أو من القيادة العامة للقوات المسلحة.. كما يستطيع رئيس الوزراء صرف الأموال بشكل سريع لحل أزمة أو كارثة.. لكن ليس من حق رئيس الوزراء توقيع اتفاقيات أو معاهدات خارج الأزمة وتنفيذها..
بعد مرور شهر على إعلان حالة الطوارئ يقدم رئيس الوزراء ما يؤكد تمديد الحالة لشهر آخر الى مجلس النواب.. وإذا لم يقتنع المجلس بالمبررات.. وتأكد له إن الأوضاع لا تتطلب التمديد تنتهي حالة الطوارئ..
إعلان حالة الطوارئ في المرحلة الحالية ليس لها مبرر أصلاً.. فالعراق لا يواجه كارثة طبيعية.. ولا غزو خارجي أو تمرد أو عصيان داخلي.. وليس هناك فوضى أو سقوط السلطة في جزء من العراق أو في إحدى المحافظات.. بل العكس صحيح فالعراق قد حقق انتصارات كبيرة ومازال يحقق الانتصارات ضد داعش.. لكن الخطورة بعد استكمال تحرير الموصل..
من جانب آخر ترى كتل سياسية أخرى إن إعلان حالة الطوارئ في المرحلة الحالية ليس لها مبرر أصلاً.. فالعراق لا يواجه كارثة طبيعية.. ولا غزو خارجي أو تمرد أو عصيان داخلي.. وليس هناك فوضى أو سقوط السلطة في جزء من العراق أو في إحدى المحافظات.. بل العكس صحيح فالعراق قد حقق انتصارات كبيرة ومازال يحقق الانتصار.. وتعتقد هذه الكتل إن الخطورة قد تكون بعد استكمال تحرير الموصل..
وترفض هذه الكتل منح أية صلاحيات جديدة.. وتعلن إن إيقاف الحالات الطبيعية لن تخدم المعركة ضد داعش.. بل تزيد تكميم الأفواه المنادية بالإصلاح والتغيير.. وتوسع من أعمال التعسف والاعتقال.. وألحد من حركة السوق والتجارة تحت يافطة الطوارئ وحفظ الأمن..
ويطرحون حلولاً بالمشاركة في إدارة موصل ما بعد داعش.. وقد تطرح مسألة إقليم تلعفر والمناطق التركمانية الأخرى.. وموضوعة سنجار..إضافة الى طرح مناطق آمنة للأقليات في سهل نينوى بحماية دولية.. وغير ذلك من طروحات..
طروحات أخرى تعتقد بأن على رئاسة الوزراء والوزراء المعنيين.. العمل لحل المشاكل في وزاراتهم… والاستجابة لمطالب الجماهير بالإصلاح والتغيير.. ومحاربة الفساد بشكل حقيقي.. مثلما تتابع لجان مجلس النواب عملها الرقابي للأداء الحكومي بشكل حقيقي ونزيه.. ويتحرك القضاء لتحقيق العدالة ومحاسبة الفاسدين بعمل دءوب وقانوني ومهني.. بعيداً عن الضغوط ومحاباة بعض المسؤولين.. وتجاوز الروتين..
وتجد أوساط عراقية واسعة إن هذه الحلول لن تستطيع إنقاذ العراق.. والحل في إعلان حالة الطوارئ لمدة قصيرة.. للتخلص من العقبات التي لا يمكن أن تتحقق إلا بصلاحيات استثنائية..
فالحقيقة لا يمكن القيام بأي عمل جدي في ظل الأوضاع الحالية التي تتسم ب .. (المحاصصة.. الفساد المستشري.. مجلس النواب الذي يستطيع إقالة أي رئيس وزراء.. الكتل السياسية الكبيرة التي تمتلك قوة عسكرية تستطيع التمرد وحتى احتلال محافظات بكاملها.. بعض العشائر التي تستطيع احتلال محافظات بكاملها .. فاعلان حالة طوارئ مهمة للقيام بإجراءات سريعة ومن دون أي صراخ ..