الكاتب : فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله عز وجل “لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ” ﴿آل عمران 113﴾ أمة اسم، أُمّة قائمة: طائفةٌ مستقيمة ثابتة على الحقّ. ليس أهل الكتاب متساوين: فمنهم جماعة مستقيمة على أمر الله مؤمنة برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، يقومون الليل مرتلين آيات القرآن الكريم، مقبلين على مناجاة الله في صلواتهم.
عن مركز تفسير للدراسات القرآنية للكاتب رضا زيدان: هل تطورت كلمة (أُمَّة) في القرآن الكريم؟ نقد أطروحة المستشرق مونتجمري وات حول التطور الدلالي لكلمة (أُمَّة) في القرآن الكريم: مقدمة: من سماتِ الاستشراق الكلاسيكي ردُّ المفاهيم الأساسية في الإسلام إلى أصول خارجية، سواء كانت كتابية (يهودية أو نصرانية)، أو ساميّة (لغات ساميّة أخرى غير العربية)، أو حتى وثنية، وذلك باستخدام المنهج الفيلولوجي الذي اهتم به الاستشراق الكلاسيكي للغاية. فمثلًا من المفاهيم الأساسية في الإسلام كلمة (سُنَّة)، إِذْ إِنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو المعيار والنموذج الذي يسير عليه المسلم في حياته، فالسُّنَّة هي طريقة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم نفسِه واجبة الاتّباع. أمّا الاستشراق الكلاسيكي فزعم أن هذا المفهوم الفردي والمعياري للسُّنة لم يأتِ أو لم يستقر إلا مع الإمام الشافعي، أيْ إنه قد حدث تطور في مفهوم السُّنّة الوثني الذي هو (أعراف اجتماعية) إلى مفهوم إسلامي معياري. بل كلمة (القرآن) نفسها وجدها الاستشراق الكلاسيكي مستعارة من الكلمة السريانية قريانا (ܩܪܝܢܐ)، بمعنى القراءة الكنسية أو النصّ الطقسي. ورفضوا أيّ جذر عربي مقترَح مثل (قرأ)، متجاهلين وجود هذا الجذر في كافة اللغات الساميّة بالمعنى المذكور (وبغير هذا المعنى). في الواقع هناك ردود قوية من داخل البحث الاستشراقي على كثيرٍ من الأفكار القديمة، ومنها مفهوم السُّنة كما سيأتي في بحثنا، وكذلك مفهوم القرآن، لكن بعض المفاهيم ما زالت مستقرة في البحث الاستشراقي المعاصر. فمثلًا مفهوم (الأُمَّة) في حياة المسلم، ما زال الاستشراق المعاصر يتبنّى فكرةً (تطوريةً) استعاريةً لهذا المفهوم؛ إِذْ زعم مونتجمري وات أن كلمة (أُمّة) في القرآن الكريم قد تطوّرت من مفهوم عشائري قَبَلي إلى مفهوم ديني، سواء على يد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في المرحلة المدنيّة أو على يد مَنْ بعده، بفهم الكلمة على أنها تحمل معنى الإمامة الدينية. وقد سار على هذه الفكرة جمعٌ من المستشرقين، وذلك استنادًا إلى ادّعاء فيلولوجي مفاده أن الكلمة لم تأتِ في (القرآن المكي) إلا بمعنى القبيلة أو الشعب، وأن الكلمة نادرة في الشِّعْر العربي القديم، وتحمل من المعاني ما هو أكثر من الجذر الذي اقترحه علماء اللغة العرب (أ م م)؛ لذلك إمّا إنها مستمدة من العبرية، أو أيّ لغة ساميّة أخرى. وأقوم في هذه المقالة بنقد هذا الزعم، من خلال النظر للكلمة في لغات ساميّة أخرى وبعض أنثروبولوجيا العرب، والجديد في هذا المقال هو محاولة الربط بين المعاني المتشعّبة التي ذكرها أهل اللغة، لنحصل على معنى متكامل لمفهوم مركزي في الدين الإسلامي وهو الأُمّة.
جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وجل “لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ” ﴿آل عمران 113﴾ حكم تارك الإسلام: ان الدعوة إلى الايمان بمحمد صلَّ الله عليه واله كنبي مرسل من السماء إلى أهل الأرض ما زالت قائمة، حتى اليوم، والى آخر يوم، وهي موجهة إلى جميع الناس في الشرق والغرب دون استثناء: “قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً” (الأعراف – 156). أما الدليل على صدقها فمنطق العقل وثبوت المعجزة وصلاح الدين للحياة، قال رسول اللَّه صلَّ الله عليه واله: ( أصل ديني العقل ). وقال تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ” (الأنفال – 24). وليس من غرضنا أن نستدل هنا على نبوة محمد صلَّ الله عليه واله. وانما الغرض أن نبين: هل من لم يؤمن بنبوة محمد مستحق للعقاب، أو لا بد من التفصيل؟. وقبل أن نفرّق بين العالم والجاهل، والقاصر والمقصر نشير إلى الأصول الرئيسية، والمقاييس الأولى لاستحقاق العقاب وعدمه، ومنها تتضح الحقيقة، والتمييز بين الأفراد. وقد تسالم الجميع على ان الإنسان كائنا من كان، وعلى أي دين كان لا يستحق العقاب الا بعد قيام الحجة عليه.. ولا تقوم الحجة عليه الا بعد استطاعته الوصول إلى دليل الحق، وقدرته على العمل به، ومع ذلك تركه من غير مبرر، فإذا لم يوجد على الحق دليل من الأساس، أو وجد، ولكن عجز الإنسان عن الوصول إليه، أو وصل إليه، وأدى حق النظر فيه، حتى بلغ النهاية، ومع ذلك خفي عليه الحق، إذا كان كذلك فهو معذور، لعدم إتمام الحجة عليه، لأن من لم يثبت الحق لديه لا يعاقب على تركه الا إذا قصّر في البحث. وأيضا من القواعد الرئيسية التي تتصل بهذا البحث قاعدة: (الحدود تدرأ بالشبهات). فلا يجوز لنا أن نحكم على تارك الحق بأنه مجرم يستحق العقاب، ما دمنا نحتمل ان له عذرا في تركه، وهذه القاعدة تنطبق على جميع الناس، لا على المسلمين فحسب، كما أنها تشمل جميع الحدود بشتى أنواعها.. ومثلها قاعدة: ( من أخطأ في اجتهاده فخطؤه مغفور له ).. وهذه القاعدة عقلية لا يمكن تخصيصها بدين دون دين، أو بمذهب دون مذهب، أو بأصل أو بفرع. إذا تمهد هذا نشرع بالتطبيق. 1- أن يعيش الإنسان في بلد ناء عن الإسلام والمسلمين، ولم تبلغه الدعوة، وما سمع باسم محمد صلَّ الله عليه واله مدة حياته، ولا مرّ بخاطره من قريب أو بعيد أن في الدنيا دينا اسمه الإسلام، ونبيا اسمه محمد صلَّ الله عليه واله.. وليس من شك ان هذا معذور من حيث عدم استحقاقه للعقاب، لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، ولقوله تعالى: “وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا” (الاسراء 15). والعقل رسول باطني ما في ذلك ريب الا انه برهان مستقل على وجود اللَّه، أما الدليل على ثبوت نبوة النبي فلا بد من توسط المعجزة، وظهورها على يده، مع حكم العقل باستحالة ظهورها على أيدي غير الأنبياء. 2- أن يسمع بالإسلام وبمحمد، ولكنه يفقد القدرة على التمييز بين الحق والباطل، لقصوره وعدم استعداده لتفهم دليل الحق ومعرفته، وهذا معذور لأنه تماما كالطفل والمجنون. ومثله إذا لم يؤمن بمحمد صلَّ الله عليه واله صغيرا تقليدا لآبائه، وذهل عن عقيدته كبيرا، واستمر مطمئنا إليها غير شاك ولا متردد. ان هذا معذور، لأن تكليف الذاهل غير المقصر كتكليف النائم. قال المحقق القمي: أن التحرر من تقليد الآباء والأمهات لا يخطر على بال أكثر الناس، بل يصعب غالبا على العلماء المرتاضين الذين يحسبون أنهم خلعوا التقليد عن أعناقهم. وقال أيضا: إن من لا يتفطن لوجوب معرفة الأصول يلحق بالبهائم والمجانين الذين لا يتعلق بهم تكليف. وقال الشيخ الأنصاري في الرسائل فصل الظن في الأصول، الذي يقتضيه الإنصاف بشهادة الوجدان قصور بعض المكلفين، وبهذا قال الكليني، وقال الشيخ الطوسي: العاجز عن التحصيل بمنزلة البهائم. أجل، إذا تنبه هذا الغافل من نفسه إلى وجوب المعرفة، أو قال له قائل: انك مبطل في عقيدتك، ومع ذلك أصر، ولم يبحث ويسأل فهو آثم، لأنه مقصر، وجهل المقصر ليس بعذر. 3 – أن لا يؤمن بمحمد صلَّ الله عليه واله، مع ان فيه الاستعداد الكافي الوافي لتفهم الحق، ولكنه أهمل ولم يكترث إطلاقا، أو بحث بحثا ناقصا، وترك قبل أن يبلغ النظر نهايته، كما هو شأن الأعم الأغلب، بخاصة شباب هذا الجيل. وهذا غير معذور، لأنه أخطأ من غير اجتهاد، وتمكن من معرفة الحق، وأهمل. وبالأولى أن يؤاخذ ويعاقب من بحث واقتنع، ومع ذلك رفض الإيمان بمحمد صلَّ الله عليه واله تعصبا وعنادا. 4 – أن ينظر إلى الدليل، وهو متجه إلى الحق بإخلاص، ولكن لم يهتد إلى الوجه الذي يوجب الإيمان بنبوة محمد صلَّ الله عليه واله، اما لتمسكه بشبهة باطلة دون أن يلتفت إلى بطلانها، واما لسليقة عرجاء، وما إلى ذلك مما يصد عن رؤية الحق. وهذا ينظر إلى حاله: فان جحد ونفى النبوة عن محمد صلَّ الله عليه واله بقول قاطع فهو مؤاخذ ومستحق للعقاب، لأن من خفي عليه وجه الحق لا يجوز له أن يجزم ويقطع بنفيه إطلاقا، فقد يكون الحق موجودا، ومنع من الوصول إلى معرفته مانع، وهذا هو الغالب، فإن الأشياء الكونية موجودة في ذاتها، ومع ذلك لا نعلم منها إلا قليلا، وكذلك الشأن بالنسبة إلى الأنبياء والمصلحين.. وأي إنسان يحيط بكل شيء علما.
جاء في الموسوعة الحرة عن أمة (إسلام): المعنى اللغوي والاصطلاحي: الأمة مصطلح من المصطلحات التي ولدت بميلاد الإسلام، مثل مصطلحات: الكفر والنفاق.. والأمة تعني لغويًّا: الجماعة من الناس التي تؤم جهة معينة. وأما المعنى الاصطلاحي والشرعي: دل القرآن والحديث النبوي على معانٍ عديدة أهمها: أن الأمة هي مجموعة من الناس يحملون رسالة واحدة، فهي تتكون من عنصرين: الإنسان، والرسالة. والرسالة: أشار إليها القرآن باسم (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله). وأما الإنسان، فقد يكون فردًا واحدًا، مثل الإشارة إلى إبراهيم بأنه (أمه) عند قوله تعالى: “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ” (النحل 120)، وقول النبي في زيد بن عمرو بن نفيل: (يبعث أمة وحده)، وقول عبد الله بن مسعود: (إن معاذًا كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يكُ من المشركين.) فيُفسِّر ابن مسعود الأمة بقوله: (الأمة الذي يعلم الخير، و يؤتم به ويقتدى، والقانت المطيع لله. وكان معاذ بن جبل – رضي الله عنه معلمًا للخير مطيعًا لله ورسوله).