الكاتب : عبد المنعم الاعسم
بين ايدينا انباء مفزعة عن عراقيين يتقاتلون في ما بينهم على الاراضي السورية، منهم يقاتل الى جانب المعارضة هناك ومنهم الى جانب الحكومة، بل ان نعوش القتلى من الطرفين تعود من ساحات القتال السورية مجللة بالسواد ومسبوقة بالتكبير، لتضاف ارقامهم الى قائمة الضحايا الذي يتساقطون يوميا بالتفجيرات والكواتم والمواجهات في بغداد والمدن الاخرى.
من زاوية معينة يبدو ان العراق اصيب بالتخمة في البشر الفائضين عن الحاجة فراح يصدرهم، كبضاعة رخيصة، الى دول الجوار، وعلينا ان نتأمل عمق هذه المهزلة السوداء حين نطالع بين الحين والاخر، بان البلاد استوردت عمالة من دول اخرى لغرض سد احتياجات سوق العمل، وان حجم استيراد الاسيويين العاملين في مجال الخدمات ارتفع باضطراد خلال الاعوام الثلاثة الماضية.
هذه هي الفانتازيا التي تسبق حلول الخاتمة.
فمن تجليات الانشقاق، والشقاق، في اي شعب، ان يتحول القتال بين ابنائه الى حرفة، وليست قضية، ما تفسره بعض التحليلات كلعنة يصاب بها شعب من الشعوب، او كنحس يداهمه في منعطف من المنعطفات.
يتقاتلون على ارضهم، ويتقاتلون خارج الحدود، ولا يهم حول ماذا يتقاتلون، فان مستنقع الانشقاق والشقاق غزير بالاسباب الكفيلة بالايغال بالدماء والتمثيل بالجثث والقتل على الهوية وتكوين الجيوش وطبول الحرب والجهاد تقربا للخالق وجزاء الاخرة.
والاخطر من كل ذلك يتمثل في ان الحكومات المعنية تدير ماكنة الموت من موقع ما، وكأنها تقوم بواجب تشييع شعبها الى مثواه الاخير، فتسجل نفسها راعية لهذه الكارثة، او شاهدة عليها.
في التاريخ، ثمة الكثير من الامم انقرضت في مثل هذه الاحوال التي تتفتت فيها الى وحدات متناحرة، منذ مآل شعب دولة “كهف الغزال الاحمر” في الصين الذي انتهى الى كهوف استنفذت نبالها قبل ان تنقرض من على وجه الارض، حتى دولة اليعسوب الاحمق في الفيلم الكارتوني الالماني الشهير حيث خاضت هذه الحشرات الانانية حروبا طاحنة ضد جنسها، فانتهت الى فرضية من فرضيات الخيال العلمي.
*****
” من يجعل من نفسه دودة ليس له أن يتذمر إذا ما داسته قدم”.
كانت