الكاتب : سمير داود حنوش
كل الوقائع والإحتمالات باتت تؤكد إن العراق على موعد قريب مع ضربة إسرائيلية محتملة بعد إنتهاء الوساطة الأمريكية لمنع حليفة واشنطن من تنفيذ أي هجوم على العراق، ويبدو أن أمريكا رفعت يدها عن حماية العراقيين بسبب إستمرار الفصائل المسلحة بهجماتها ضد أهداف إسرائيلية.
القرار الأمريكي يأتي بعد قناعة بأن الحكومة العراقية وقفت عاجزة أمام كبح جماح الفصائل في تنفيذ هجماتها مما يعني عدم تنفيذها الإتفاق المبرم مع وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن الذي إشترط الحماية الأمريكية مقابل وقف الهجمات في لقاء جمعه مع السوداني قبل أيام.
لم تمض ساعات على تقرير صحيفة “معاريف” الإسرائيلية حول وصول عمليات الفصائل العراقية ضد إسرائيل إلى أعلى مستويات التهديد حتى أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر عن مضمون رسالة موجهة إلى مجلس الأمن الدولي بعنوان “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” والذي حدد بالأسماء الفصائل التي تستهدف إسرائيل وتشن هجمات مميتة ضد الإسرائيليين مثل عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وألوية بدر، وحركة النجباء، وأنصار الله الأوفياء، وكتائب سيد الشهداء، مع تأكيد إسرائيلي إن تلك الفصائل تنتمي إلى الحشد الشعبي الذي يُدار بأوامر الحكومة العراقية بتوجيهات من طهران مما يعني حسب الرسالة الإسرائيلية إن الحكومة العراقية كانت شريكاً في الصراع الدائر بين الفصائل المسلحة وإسرائيل وستكون طرفاً في ذلك الصراع.
السيناريو الإسرائيلي الذي بدأت تتسع أحداثه خصوصاً بعد إنتهاء أحداث غزة وتصفية القيادات من حزب الله اللبناني وتدمير البنى العسكرية للفصائل في سوريا حيث سيكون الموعد القادم هو تصفية مراكز الفصائل ومعسكراتها في الداخل العراقي وربما يشمل ذلك البنى التحتية وهي مقدمة تُنذر بخطر كبير يهدد العراق بسيادته وإقتصاده، تكون على شكل ضربات متسلسلة حسب بعض التوقعات.
مايقارب من تسعين هجوماً بالمُسيّرات في الشهر الجاري مقارنة بواحد وثلاثين هجوماً في أيلول وستة في آب، ما يدل إن الفصائل العراقية التي تعتبرها واشنطن مقربة من إيران قد تفوقت على جماعة الحوثيين في ضرب الأهداف العسكرية الإسرائيلية وحتى الأمريكية في البحر الأحمر بعد أن زودتها إيران مُسيّرات وصواريخ لإستخدامها في الإنتقام العسكري.
لايمكن الفصل بين العقوبات الجديدة التي فرضها الإتحاد الأوروبي وبريطانيا على إيران لإرسالها صواريخ باليستية وأسلحة أخرى إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا ووصف طهران لقرار العقوبات بأنه “غير مبرر”، وبين تصعيد الفصائل ضد إسرائيل وحليفتها أمريكا.
الوجه الآخر لحقيقة التعهد الأمريكي بأنه مهما كان حجم هذا التعهد من قبل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أو الرئيس بايدن فإن ذلك التعهد سيكون محدود الوقت لحين تولي الرئيس الأمريكي الجديد ترامب الرئاسة في البيت الأبيض أي إن ذلك التعهد وقتياً مهما قيل عنه بإنتظار قرارات حاسمة من الإدارة الأمريكية الجديدة.
من جانبه رفض العراق الإتهامات الإسرائيلية واصفاً إياها بالمبررات لعدوان يُخطط له داعياً مجلس الأمن لحفظ حقوق العراق وردع التهديدات ومطالباً الجامعة العربية بموقف حازم إستناداً لوحدة المصير والدفاع المشترك، وذكّر العراق أمريكا بإتفاقية الإطار الإستراتيجي لحمايته.
تدرك إسرائيل إن أكبر هدية ستقدمها لترامب في حفل تنصيبه هي تدمير الفصائل المسلحة وهو مايرغب به الرئيس الجديد للإدارة الأمريكية الذي جمع حوله أغلب القيادات العسكرية والأمنية التي في غالبيتها ضد السياسات الإيرانية وأذرعها في المنطقة.
مع إقتراب الأيام يقترب معها موعد الضربة الإسرائيلية للعراق لتكتمل صورة بلد لايملك إلا الدعاء ومكتوب عليه أن يظل بالخراب والفوضى بعد أن أخذ دوره في حروب الإنابة، وليته كان فاعلاً في ذلك الدور.