اليهود وبني اسرائيل والفرق بينهما في القرآن الكريم (ح 45)‎

الكاتب : فاضل حسن شريف

جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن اليهود “وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ” ﴿البقرة 113﴾ الْيَهُودُ: الْ اداة تعريف، يَهُودُ اسم علم. وقالت اليهود: ليست النصارى على شيء من الدين الصحيح، وكذلك قالت النصارى في اليهود وهم يقرؤون التوراة والأنجيل، وفيهما وجوب الإيمان بالأنبياء جميعًا. كذلك قال الذين لا يعلمون من مشركي العرب وغيرهم مثل قولهم، أي قالوا لكل ذي دين: لست على شيء، فالله يفصل بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه مِن أمر الدين، ويجازي كلا بعمله. قوله سبحانه “وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ” ﴿البقرة 120﴾ ولن ترضى عنك -أيها الرسول- اليهود ولا النصارى إلا إذا تركت دينك واتبعتَ دينهم. قل لهم: إن دين الإسلام هو الدين الصحيح. ولئن اتبعت أهواء هؤلاء بعد الذي جاءك من الوحي ما لك عند الله مِن وليٍّ ينفعك، ولا نصير ينصرك. هذا موجه إلى الأمّة عامة وإن كان خطابًا للنبي صلى الله عليه وسلم. قوله عز وعلا “وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ” ﴿المائدة 18﴾ وزعم اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه، قل لهم -أيها الرسول-: فَلأيِّ شيء يعذِّبكم بذنوبكم؟ فلو كنتم أحبابه ما عذبكم، فالله لا يحب إلا من أطاعه، وقل لهم: بل أنتم خلقٌ مثلُ سائر بني آدم، إن أحسنتُم جوزيتم بإحسانكم خيرا، وإن أسَأْتُم جوزيتم بإساءتكم شرًّا، فالله يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، وهو مالك الملك، يُصَرِّفه كما يشاء، وإليه المرجع، فيحكم بين عباده، ويجازي كلا بما يستحق. قوله جل جلاله “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” ﴿المائدة 51﴾ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى حلفاءَ وأنصارًا على أهل الإيمان، ذلك أنهم لا يُوادُّون المؤمنين، فاليهود يوالي بعضهم بعضًا، وكذلك النصارى، وكلا الفريقين يجتمع على عداوتكم. وأنتم -أيها المؤمنون- أجدرُ بأن ينصر بعضُكم بعضًا. ومن يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم، وحكمه حكمهم. إن الله لا يوفق الظالمين الذين يتولون الكافرين.

قال الله تبارك وتعالى عن الرقم أربعين “وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ” ﴿البقرة 51﴾ أربعين اسم، واذكروا نعمتنا عليكم: حين واعدنا موسى أربعين ليلة لأنزال التوراة هدايةً ونورًا لكم، فإذا بكم تنتهزون فرصة غيابه هذه المدة القليلة، وتجعلون العجل الذي صنعتموه بأيديكم معبودًا لكم من دون الله وهذا أشنع الكفر بالله وأنتم ظالمون باتخاذكم العجل إلهًا، و”قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ” ﴿المائدة 26﴾ أربعين ظرف زمان، قال الله لنبيه موسى عليه السلام: إن الأرض المقدَّسة محرَّم على هؤلاء اليهود دخولها أربعين سنة، يتيهون في الأرض حائرين، فلا تأسف يا موسى على القوم الخارجين عن طاعتي. ارتبط اللون الأسود بالظلام، فهو لون الليل التي تكثرُ فيه الأخطار. و ارتبط اللون الأسود بمشهد الموت وما يعقبه من حالة الحداد. وفي اليهودية جاء في سفر التكوين أنّ السّواد كان هو لون الكون قبل الخلق.

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ” (الأنسان 8) الآية في الكشاف وعن ابن عباس: أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله في ناس معه فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك (ولديك) فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برءا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهم شيء. فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير. جاء في باب الصوم‌: عن الصدوق، روي عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنّه قال: جاء نفر من اليهود الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أنّه قال له: لأيّ شي‌ء فرض اللّه عزّ و جلّ الصوم على امتك بالنهار ثلاثين يوما، و فرض اللّه على الامم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى اللّه عليه و آله: إنّ آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض اللّه على ذريته ثلاثين يوما الجوع و العطش و الّذي يأكلونه باللّيل تفضّل من اللّه عزّ و جلّ عليهم، و كذلك كان على آدم عليه السلام، ففرض اللّه ذلك على امتي. ثم تلا هذه الآية “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ” (البقرة 183) قال اليهوديّ صدقت يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلّا أوجب اللّه تبارك و تعالى له سبع خصال. أولها يذوب الحرام في جسده، و الثانية يقرب من رحمة اللّه عزّ و جلّ، و الثالثة يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه عليه السلام، و الرابعة يهون اللّه عليه سكرات الموت، والخامسة أمان من الجوع و العطش يوم القيامة، و السادسة يعطيه اللّه براءة من النار، و السابعة يطعمه اللّه عز و جل من طيبات الجنّة قال: صدقت يا محمد.

عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي:  قضية غرق آل فرعون في البحر و نجاة بني إسرائيل وردت في سور عديدة مثل سورة الأعراف الآية (126)”وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ” (الأعراف 126). و سورة الأنفال، الآية (54)”كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ” (الأنفال 54). و سورة الإسراء الآية (103)”فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا” (الاسراء 103). و الشعراء الآية (63 و 66)”فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ” (الشعراء 63)، و”ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ” (الشعراء 66). و الزخرف، (55)”فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ” (الزخرف 55). و الدخان، الآية (17)”وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ” (الدخان 17) و ما بعدها. في هذه السور ذكرت كل تفاصيل الحادث، أمّا هذه الآية فاكتفت بالإشارة إلى هذه النعمة الإلهية في معرض دعوة بني إسرائيل إلى قبور الرسالة الخاتمة. حادثة الأنقاذ باختصار حدثت بعد عدم استجابة فرعون و قومه لدعوة موسى عليه السّلام مع كل ما شاهدوه منه من معجزات. إذ ذاك امر أن يخرج مع بني إسرائيل في منتصف الليل من مصر، و عند وصولهم النيل، علموا أن فرعون وجيشه يلاحقونهم، فاعترى، بني إسرائيل خوف و اضطراب شديد. فالبحر أمامهم و العدوّ وراءهم. و في هذه اللحظات الحساسة، امر موسى أن يضرب البحر بعصاه، فانشقت فيه طرق متعدّدة عبر منها بنو إسرائيل، بينما التحم الماء حينما كان آل فرعون في وسطه، فغرقوا جميعا و نجا بنو إسرائيل، و هم ينظرون إلى هلاك أعدائهم. الهدف من تذكير بني إسرائيل بهذا الحدث الذي بدأ بخوف شديد و انتهى بانتصار ساحق، هو دفعهم للشكر و للسير على طريق الرسالة الإلهية المتمثلة في دين النّبي الخاتم. كما أنه تذكير للبشرية بالامداد الإلهي الذي يشمل كل أمّة سائرة بجد و إخلاص على طريق اللّه.  أنّ قوم فرعون و قوم لوط و عادا و ثمود كان قد بلغهم ما انتهى إليه قوم نوح من عاقبة وخيمة، إلّا أنّهم لم يتنبهوا، فابتلوا بما ابتلي به من كان قبلهم من قوم نوح. و قوم فرعون أهلكوا بالماء غرقا. و حين خرج آخر من كان من بني إسرائيل من البحر، و دخل آخر من كان من أتباع فرعون البحر، صدر أمر اللّه فعادت الأمواج إلى حالتها الأولى فانهالت عليهم فجأة، فهلك فرعون و قومه في البحر، و صار كل منهم كالقشّة في وسط الأمواج المتلاطمة.

وفقا لما ورد في بعض الروايات فإن قريشا أرسلت عدة أنفار إلى نجران ليسألوا اليهود الساكنين فيها إضافة إلى المسيحيين هناك مسائل ملتوية ثم يلقوها على النبي عند رجوعهم إليه، ظنا منهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيعجز عن إجابتهم عن كتاب أصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: الواقع الجاهلي: وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عاش في وسط جاهلي غريب عن جميع المعارف الإلهية، والتعاليم الدينية. بل هو منافر لها في وثنيته وقبليته وغطرسته وسلوكه. ولم يعرف عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد اختلف إلى من عنده علم بذلك، لأن مراكز الثقافة الدينية كانت في المدينة المنورة عند اليهود، وفي نجران والشام عند النصارى. ومن المعلوم أنه لم يأخذ من اليهود، لعدم رؤيته المدينة قبل الهجرة، ولما هو المعروف من تعصب اليهود لأنفسهم ومحاولتهم حكر النبوة الخاتمة ومعارفهم الدينية على أنفسهم، وما هم عليه من نظرة الازدراء لولد إسماعيل عليه السلام عامة، وبغضهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة. 

جاء في موقع مع الله عن مفهوم الْمَصِيرُ في القرآن الكريم: قال الله تعالى: “أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ” (المجادلة 8) ألم تر أيها الرسول إلى اليهود الذين نُهوا عن الحديث سرًّا بما يثير الشك في نفوس المؤمنين، ثم يرجعون إلى ما نُهوا عنه، ويتحدثون سرًّا بما هو إثم وعدوان ومخالفة لأمر الرسول؟ وإذا جاءك أيها الرسول هؤلاء اليهود لأمر من الأمور حيَّوك بغير التحية التي جعلها الله لك تحية، ويقولون فيما بينهم: هلا يعاقبنا الله بما نقول لمحمد إن كان رسولا حقًا، تكفيهم جهنم يدخلونها، ويقاسون حرها، فبئس المرجع هي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *