سلامًا أيها الورع : مرثية في رحاب الفضيلة الخالدة

رياض سعد

أيها الصابرُ الورعُ الذي لم تُدنِّسْ يداه بصغيرةٍ ولا كبيرةٍ، أيها الطاهرُ النقيُّ الذي تستحي السماءُ من عِظَمِ قدْرِه… ؛  كيف تجرَّأ ملكُ الموت على الاقترابِ من حِمَاكَ؟!

 وكيف اغتَرَفَ روحَكَ التي هي أشمَلُ ما جسَّدَتْهُ الأرضُ من طُهْرٍ وعفافٍ وشرفٍ؟!

أَيَعْلَمُ ذاك الملكُ كم أرهَقْتَ جفونَكَ سهرًا لِتُطعِمَ اليتيمَ، وتكسوَ العاريَ، وتُخفِّفَ عن كاهلِ البائسينَ؟

أَيُدركُ أنك كنتَ قنديلَ الليلِ الباكي، وصاحبَ النهارِ الصائمِ؟

أَيَجهلُ أنك كنتَ سِترًا للمذنبينَ، وحصنًا للضعفاءِ؟! 

أتراهُ يَعِي أنك نسَجْتَ عمرَكَ خُطًى في مَدارجِ المكارمِ، حتى صارَ رداؤُك أشدَّ بياضًا من شُعاعِ الفجرِ، وأبعدَ عن دَنَسِ الدنيا ونَجَسِها؟!

فلْيَكُنْ أن اعتذرَ لك أولًا، ثم أخذَ روحَكَ برِفْقٍ وَوَقارٍ، كأنما يُسلِّمُ تحفةً ثمينةً إلى خزائنِ العُلى. 

فكيف للترابِ أن يَضُمَّ جثمانًا سكنتْه المكارمُ، وعَبَقَتْ أخلاقُك في أعطافِه عِطرًا؟!

أيُطيقُ الدودُ أن يَمَسَّ جسدًا حَفَّتْ به ملائكةُ السماءِ وقُدسِها؟!

أتَرضى العوالمُ العلويةُ أن تَذروه ترابًا، وهو الذي نَسَجه القدرُ خيطًا من نورٍ بين الأنبياءِ والصالحين؟! 

سلامٌ عليك يومَ بَشَّرَ الكونُ بطلعتِك، ويومَ مشيتَ على الأرضِ وَطَأَةَ الأتقياءِ، ويومَ ارتفعَتْ روحُك إلى عليينَ، تُنَاجي مَنْ هم في الذُّرى من المرسلينَ… ؛  سلامٌ عليكَ… أيها الجبلُ الذي تهادَتْ عليه أنفاسُ الفضيلةِ، فصارَ رُكنًا لا تُزعزِعُه رياحُ الفناءِ!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *