على الدولة والساسة احترام المواطنين بدوائر الدولة

نعيم الخفاجي 

كل الدول الحديثة، رفعت شعارات خدمة المواطن، انا شخصيا عشت تجارب حقيقية، تحت ظل أنظمة قمعية دكتاتورية، وتحت أنظمة ديمقراطية، تحكم وتدار من قبل مؤسسات دستورية، بحيث أصبحت برامج الأحزاب السياسية تنحصر في كيفية كسب المواطن، وإيجاد قوانين وتشريعات تنصب في خدمته بالدرجة الأولى، وليست خدمة السياسي.

هذه التجربة العملية عشتها في مملكة الدنمارك، تجد كل شيء منظم، السير بالشوارع، النظافة، التعليم، خدمات ضمان صحي بشكل مجاني.

واجب أعضاء النواب في البرلمان، أو أعضاء المجالس البلدية، منصب بتقديم مقترحات وأفكار تشرع في قوانين وقرارات تكون  في خدمة الصالح العام.

الدول التي طبقت النظرية الاشتراكية الماركسية اختزلت بكل شيء تملكه الدولة، مقابل توفير خدمات وسكن وعيش، ومنع سيطرة التجار، هذه الدول سقطت خلال نصف قرن من الزمان، وثبت فشل هذه التجربة، بالمقابل نجحت دول الغرب الرأسمالي، عندما اعتمدت على القطاع الخاص بكل شيء، وتم تشريع قوانين فرض الضرائب على كل مواطن يعمل، بل حتى المتقاعد أيضا يدفع ضريبة معينة، النتيجة شعوب دول أوروبا الغربية الرأسمالية تعيش في رخاء ورفاهية.

العراق نتاج دولة فاشلة للاسف، السبب،  نحن لم نطبق النظرية الاشتراكية مثل السوفيت، ولا حكوماتنا سمحت في السماح للقطاع الخاص ودعمه في العمل على عمل المصانع والمعامل، وجعل العراق بلد صناعي و زراعي منتج، إنما تم الاعتماد على عائدات البترول فقط، إذا انخفض سعر البترول، تطل علينا وجوه نواب اشكالهم حمراء وصفراء يبدأ صراخهم على الحكومة إيقاف توظيف المواطنين.

 بينما يفترض يكون الهم الأول للسياسي سواء كان نائب برلماني أو مسؤول، هو البحث عن إيجاد وسائل وتشريعات بدعم اقتصاد البلد، وخلق فرص عمل، وترك أسلوب اهتمام النواب في  مصالح الطبقة السياسية الخاصة بهم.

 لذلك توفير الخدمات للمواطنين هو هدف سياسي مهم، وهو جزء لا يتجزأ من مسؤولية الحكومة، لذلك حكومات  الدول الحديثة، تقوم على أساس مبدأ  أن الدولة خادمة للشعب، وليس الشعب والمواطن  خادم للدولة وللسياسي.

 عشت في مملكة الدنمارك ٣١ ستة لم أشاهد مواطن طلب من رئيس أو رئيسة الحكومة أو البرلمان أو من وزير أن يوظفوه بوظيفة ابدا، السبب، الدولة تحكم وتدار من مؤسسات منظمة بشكل جيد، القطاع الخاص يمتلك كل شيء، نشاهد هدف الساسة منصب في العدالة الاجتماعية وتوفير العيش الكريم، والخدمات. 

المواطن بكل دولة من دول العالم يبحث عن توفير  الحاجات الضرورية لحفظ حياة الإنسان وتأمين رفاهيته والعيش الكريم،  ورفع مستوى المعيشة للمواطنين، وجود حياة كريمة،  يهيء بيئة مجتمعية محترمة  للحاضنة المجتمعية،  للقوى السياسية مؤيدة لها وليست  ناقمة عليهم.

العراق دولة غنية وليست فقيرة، المفكر والفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي قال في احد كتبه، لاتوجد دولة فقيرة ودولة غنية،  وإنما توجد دولة فاشلة تجهل استخدام مواردها البشرية بشكل جيد وسليم وصحيح.

 سنويا تدخل ميزانية العراق،  أموال من البترول تصل إلى مائة مليار دولار، يفترض الدولة تستغل هذه الأموال في إقامة معامل ومصانع بمختلف المجالات، وتوفير الخدمات للمواطنين في دوائر الدولة والمستشفيات، أو بالقليل الحكومات العراقية تتشارك ولو بجزء نصف أو ربع مع مشاريع القطاع الخاص، رهن مستقبل معيشة المواطن على عائدات البترول فقط جريمة.

من واجبات الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة تلبية  الخدمـات العامـة مثل، الخدمات الصحية؛ والتعليمية، والثقافـية؛ وخدمـات الأمـن، والعدالـة…الـخ، هذه الخدمات،  مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى، الخدمات والواجبات ليست مسؤولية الحكومة الحالية فقط، بل هي مسؤوليات الحكومات السابقة والحكومة الحالية والحكومة القادمة، خدمة المواطن تبقى في عملية مستدامة، يفترض الخدمات تقدمها الدولة العراقية لكل مواطن عراقي يقيم ضمن حدود العراق الجغرافية من خلال مؤسسات القطاع العام، أو بشكل غير مباشر من خلال الإشراف على القطاع الخاص، ولا يجوز التنصل من مسؤولية توفير الخدمات،  أو التقصير في أداءها، لأنها خدمات أساسية لازمة لاستمرار حياة الناس.

العراق يعاني من صراعات قومية ومذهبية واضحة، بحيث الشريك بالوطن يستغل اي شيء لتحقيق اهدافه، لننظر وجود حالة عزوف لدى الناخبين الشيعة، رأينا كيف ساسة المكون السني استبشروا خيرا وقالوا هذه فرصتنا ناخذ رئاسة الوزراء من الشيعة ونقوم بذبحهم وسبي نسائهم وطردهم من العراق، عقليات معفنة نتنة، بالمقابل أي مواطن يريد أن يعرف قيمته الحقيقة، عندما يراجع دوائر الدولة، هل يتم إنجاز معاملاته دون تأخير ولف ودوران ودفع رشاوي….الخ، هل الموظف يتعامل في احترام مع المواطن الذي يراجعه، لايعقل يتعامل بعض الموظفين في أسلوب قذر مع المواطن، ومعظم هؤلاء الموظفين تم توظيفهم عن طريق قوى سياسية، ليست مشكلة قوى سياسية توظف موظفين شرفاء، عندنا في قضاء الحي معظم الموظفين في دائرة التسجيل العقاري تابعين لحزب الفضيلة، لكن صدقوني عندما تراجع ينجزون معاملتك بسرعة وخاصة في السنوات الاخيرة، مدير دائرة التسجيل العقاري يتساهل مع المراجعين دون وضع عراقيل، ليس كل من وظف من قبل أحزاب هم سيئين ابدا، لكن يفترض الاختيار الصحيح

 يفترض بعد سقوط نظام البعث الطائفي الشوفيني، يكون تعامل الموظف والمسؤول مع المواطن تعاون اخوي، خلال زياراتي للعراق، عندما  تراجع على سبيل المثال المستشفيات، أو دوائر الدولة، تجد أزمة في وجود مقاعد أو كراسي لجلوس المواطنين، وبالقليل وضع براد مياه ومروحة مع توفير مرحاض صحي، تجد النفايات متكدسة حتى في المستشفيات، راجعت مستشفى قريب من مكان سكني، وجدت كدس من النفايات، سألت موظف كم عدد المنظفين لديكم  قال لي اعدادهم كثيرين، لكن غالبيتهم موظفيهم للراتب وهم أبناء واجهات اجتماعية لم ولن يشتغلوا بالتنظيف، لذلك من يقوم بمهمة التنظيف شخص أو شخصين، كذلك الحال للأسف مع العمال بالبلدية، تجد أحياء قضاء الحي ممتلئة قناني فارغة، يوميا معتاد اذهب للسوق سيرا على الاقدام، اقسم بالله أشاهد عدد من عمال البلدية نفسهم ينظفون معظم أحياء المدينة، وانا على يقين يوجد ربما أكثر من خمسمائة عامل موظف لكن غالبيتهم لم يصلوا إلى البلدية ولم يقوموا في اي عمل تنظيف، لانه المهنة تنتقص من كرامتهم للاسف، هذا هو تفكيرهم المريض،  يفترض كسب المواطن العراقي من خلال، العمل على حفظ كرامة الانسان العراقي، من خلال اشعاره بالاحترام والتقدير، بعد أن ذاق شرفاء الشعب العراقي الظلم والاضطهاد من جلاوزة صدام جرذ العوجة الهالك وعارها، الذي مارس كل أشكال الطائفية والشوفينية، بحيث كان لوحة السيارة التي تحمل علامة صلاح الدين تخيف ضباط شرطة المرور وعامة الناس.  من المؤسف الحكومة العراقية الحالية،  وضعت دفع مبالغ لدى زيارة المرضى للمستشفيات، خارج اوقات الزيارة، من خلال فرض مبالغ مادية، دفع  المبلغ يشجع ظاهرة عدم احترام اوقات الزيارة المخصصة، احترام النظام لايتم من خلال فرض مبالغ وفتح باب الفساد للاسف، ولكن من خلال التنظيم الصحيح.

يفترض عندما يراجع المواطن للدوائر الحكومية، يجد اماكن ترفيه، في الدنمارك عندما تراجع مكاتب العمل أو المستشفيات الحكومية او عيادات الفحص الخاصة، أو فروع البلديات،  تجد في صالة الاستقبال ترامز ممتلئة بالشاي والقهوة، تجد مياه صحية، صالحة للشرب، وبشكل مجاني،  بينما بالعراق، كل هذه الأمور مفقودة، بل تجد  الموظف والطبيب والمسؤول،  يتمتع بالتدفئة شتاءا و التبريد صيفا، أسوأ ظاهرة بالعراق عندما يقف المواطن بالشمس او في صالة دون خدمات ولا مروحة ولا تبريد  وتقف أمام  الشباك الذي به الموظف الذي يعيش بالتبريد صيفا وتدفئة شتاءً، وكأن المواطن لا يستحق ان يحترم،  قبل سنتين راجعت مستشفى لكون عندي ابن أخ اصيب بحادثة، تصوروا شاهدت مراجعين منهم نساء ورجال كبار السن، ينامون بحديقة المستشفى  يفترشون الأرض.

كتبت هذا المقال،  احد الاخوة الكرام طلب مني التطرق لهذا الموضوع، هذا الأخ من عائلة مناضلة ومجاهدة يعمل موظف في دوائر تابعة للدولة العراقية، معروف عنه يقدم خدمات لتسهيل معاملات الناس وتقليل الروتين، هذا دليل ليس كل الموظفين والمسؤولين بالدولة العراقية ضد خدمة المواطن العراقي، إنما الخلل في اختيار مسؤولين سيئين وتوظيف ناس مرتشين سيئين يفكرون بمصالحهم من قبل حواشي والحبربش المحيطين في قادة الأحزاب السياسية العراقية.

نحن على أبواب الانتخابات ونشاهد حالة عزوف كبيرة بين اوساط البيئة الشيعية الحاظنة للقوى السياسية الشيعية العراقية، بسبب أخطاء وعدم مبالاة قادة الأحزاب وعدم التفكير بمصلحة ووجود أبناء المكون الشيعي العراقي، أمس شاهدت حلقة حوارية بقناة فضائية حزبية شيعية عراقية، الحوار تحول إلى صراع وتم توقيف بث البرنامج، لكن مقدمة البرنامج استطاعة إقناع الضيف بالعودة لمواصلة الحوار، والرجل كان طيب وودود وصريح والظاهر ابن عائلة شيعية جنوبية مضحية وشريفة، طيب بشكل كبير، بحيث عاد لمواصلة الحوار، تحدث خلافات لكن يمكن تجاوزها مازال الهدف خدمة أبناء الشعب وأبناء المكون الشيعي، نعم انا اتكلم عن أبناء المكون أسوة في الكتاب والصحفيين والمثقفين السنة والاكراد، رغم انا اتبنى الفكر اليساري لكن اعتز بشيعيتي واعتز في علي بن أبي طالب ع المعلم الأول في وضع قواعد العدالة الاجتماعية والمساواة وحث المسؤول والحاكم ان يشعر بمعاناة الناس، عهد علي بن أبي طالب ع إلى مالك بن الاشتر رض عندما ولاه مصر، كتاب العهد،  نظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم الرعية، لذلك الأمم المتحدة اعتمدت عهد الإمام علي ع إلى مالك الاستر كأقدم وثيقة في مجال حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، أتعجب من اي مسؤول شيعي يعزل نفسه عن عامة الناس، وخاصة مثلنا وقدوتنا هو الإمام علي ع ورسول الله محمد ص، الرسول محمد ص عام لكل المسلمين سنة وشيعة، وعلي بن أبي طالب شخصية انسانية تخص الشيعة بشكل خاص والقوى الإنسانية من بقية بني البشر بغض النظر عن الدين والمذهب والعرق، بل وجدت غالبية أبناء السنة من الحنابلة والوهابية يكرهون علي بن أبي طالب، بسبب موقفه من معاوية الضال المضل، لذلك  بسبب ولائنا إلى محمد وآل بيته علي بن أبي طالب ع وبنيه تم تكفيرنا وقتلنا، ويأتي مفتي أهل السنة ابن عاشور ويفتي في سبي نساء الشيعة المتزوجات بكذبة ان السبي يلغي عقد الزواج، علينا قول كلمة الحق وعدم المجاملة والخضوع والخناثة والقبول في الديوثية، نصيحتي لكل مسؤول وموظف شيعي بيك حظ اخدم أبناء قومك فهو عمل جبار يفوق الصوم والصلاة، ايها الشيعي المقاوم دع عنك تحرير الغِدس وفلسطين، فهي قضية العرب السنة ومحيطهم السني البالغ مليار ونصف مليار مسلم سني، اخي الشيعي المحترم اذا رأيت شخص مهتوك يقبل يلوط به الاخرون، ليس من مسؤليتك ان تجعله يوقف عادة أن ينكحه الاخرون، هذه القضية تخصه، ولاتخصك، اخي المسؤول والموظف والمقاتل الشيعي العتيد إعلم أن خدمة المواطن هو الجهاد الحقيقي مع خالص التحية والتقدير.

نعيم عاتي الخفاجي 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

4/5/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *