عبد الزهرة محمد الهنداوي
إذا رأيت ذئبًا مقبلًا، عليك أن تتحاشاه، وإلا سيفترسك، إن لم تكن مسلحًا ولو بـ(توثية)! لكن، ماذا تفعل إن جاءك الذئب مرتديًا عباءة “التحضّر الرقمي”، يختبئ خلف شاشة صغيرة أو هاتف ذكي، ليصطاد ضحاياه بأساليب ناعمة وخادعة؟!
في زمننا هذا، باتت البطاقات المالية الإلكترونية جزءًا من حياة الجميع، من موظفين ومتقاعدين إلى المشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية وغيرهم، ومع هذا التوسع التقني، انفتح الباب على مصراعيه أمام عصابات الجريمة الرقمية، والتي يمكن تسميتها بـ“الذئاب الإلكترونية”، وللأسف، وقع كثيرون فريسة لهذه الذئاب، حيث تبدأ الحكاية برسالة عادية عبر “واتساب” أو “تلغرام”، تدعوك للانضمام إلى مجموعة إعلامية أو اجتماعية “مهمة”، وما إن تضغط على الرابط، حتى تُخترق بياناتك، ويُسيطر المخترق على حسابك، ومن هناك، يبدأ بمراسلة أصدقائك مدعيًا -باسمك- أنه (انت) في ورطة طارئة، ويطلب منهم المال!
وثمة أساليب أكثر دهاءً، اذ يتصل بك “الذئب” نفسه، متقمصًا دور موظف مصرفي، ويطلب منك “تحديث بياناتك”، مهددًا بإيقاف راتبك إن لم تمتثل، وفي شباك هذه الحيلة سقط الكثيرون، لاسيما من شبكة الحماية الاجتماعية والمتقاعدين!
ما دعاني للخوض في هذا الموضوع، هو ما حدث معي شخصيًا، وتكرر مع أصدقاء وزملاء آخرين، فقد تلقيت رسالة من شخص يضع أمام اسمه لقب (أ.د….)، يدعوني للانضمام إلى مجموعة واتسابية “ثقافية للنخبة”!! تجاهلت الدعوة أولًا، لكن بعد إلحاح متكرر، استحييت، وقبلت، وما إن ضغطتُ على الرابط، حتى توقف هاتفي عن العمل تمامًا لأكثر من 50 دقيقة!
وخلال تلك “الفترة المظلمة”، تمكن “الذئب” من افتراس عدد من أصدقائي، وحصل فعلًا على مبالغ مالية من بعض الطيبين الذين لا يُجيدون الشك.
المؤلم، أن هذه الحادثة لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، ما دام البعض لا يتعض، حتى يجد الفأس وقد فلق هامته!.
وبصفتي من المُفترَسين، أقدّم ثلاث نصائح مجانية (رسائل مهمة):
الرسالة الأولى: إلى الأجهزة الأمنية والجهات المعنية، ان هذه العمليات تتم غالبًا باستخدام أرقام عراقية، مما يتطلب مراقبة دقيقة، وتعقبًا فنيًا سريعًا لتعطيل الشبكات التي تديرها.
اما الرسالة الثانية فأوجهها إلى المصارف والشركات المالية، مطلوب منكم تدقيق كوادر العمل، فالوصول إلى معلومات حسابات الزبائن لا يمكن أن يتم بدون ثغرة داخلية، مَن يُسرّب هذه البيانات؟ سؤال ينتظر إجابة.
وثالثة الرسائل موجهة إلى المواطنين:
أرجوكم… لا تضغطوا على أي رابط مشكوك فيه، ولا تمنحوا بياناتكم لأي جهة مهما بدت رسمية، فالتحديثات والاستفسارات لا تتم إلا من خلال الفروع الرسمية أو التطبيقات المعتمدة فقط.
وختاما اقول لكم ان الذئاب الإلكترونية لن تروها بأعينكم، لكنها تفترسكم من حيث لا تحتسبون، فاحذروا… وأحسنوا الشك، حتى يتبين لكم خيط اليقين..