اسم الكاتب : رياض سعد
ظلت بعض الحركات الإسلامية الشيعية العراقية على مدى عقود من الزمن ؛ تحشد التعاطف الجماهيري وتوسع القاعدة الشعبية المساندة لمشروعها الهلامي ؛ وبوسائل بدائية وادوات بسيطة ؛ وتستجدي الدعم المادي من هذا وذاك ؛ والذي لا يوظف بصورة صحيحة لخدمة الاغلبية العراقية بل يذهب بجيوب بعض العوائل الدينية والشخصيات الاسلامية ذات الاصول غير العراقية ؛ ومع كل هذه السلبيات والخطوات المتعثرة ؛ حققت بعض التأييد الشيعي العراقي والدعم الجماهيري ؛ لا لكونها اهلا لذلك , او جاء هذا التأييد نتيجة للجهود المنظمة الحثيثة ؛ بل لفراغ الساحة العراقية الشيعية من غيرهم , ولاندفاع الاغلبية العراقية وراء كل صوت معارض حتى وان كان تافها وسطحيا واجنبيا وغريبا ومنكوسا , وتصديقهم بالأدعياء من اشباه القادة والرجال وانصاف المتدينين , والخطباء المأجورين و (الروزخونية ) النفعيين … ؛ والمصيبة ان هؤلاء يدعون ادعاءات اكبر من حجمهم وفكرهم الضحل ؛ ويبشرون بمشاريع وبرامج سياسية واجتماعية وثقافية واخلاقية واقتصادية … ؛ تكون بديلة عن المشاريع والرؤى الحضارية والمدنية والسياسية التي تبشر بها الاحزاب العلمانية والليبرالية واليسارية … ؛ وعندما يعرضون بضاعتهم الكاسدة والفاسدة على الجماهير البسيطة ؛ يربطون بينها وبين الاسلام ؛ ويتشدقون بأن الحل يكمن في الاسلام والاسلام فحسب , وهم يقصدون بذلك اسلامهم المشوه والمقلوب ؛ فهؤلاء ينطبق عليهم قول الشهيد المطهري : ( انا احب الاسلام بشرط ان اكون انا حجة الاسلام ..!! ) … فهم يعتقدون انهم باب الله , وفكرهم يمثل شرع الله , ومن خالفهم ؛ حلت عليه لعنة الله …!! .
وعلى الرغم من تسنم البعض منهم المسؤولية العامة واحتكارهم للأموال السياسية والدينية الطائلة ؛ واعتمادهم على المخزون الروحي العراقي والذي يشكل اساسه الاسلام العلوي – ان جاز التعبير – … ؛ وتسلم بعضهم زمام السلطة بعد العام 2003 ؛ الا انهم فشلوا فشلا ذريعا في تحقيق امال الشيعة وتطلعات الاغلبية العراقية الاصيلة في الحياة الكريمة والعيش الرغيد … ؛ ولا زالوا والى هذه اللحظة يخلطون بين تعاليم الاسلام النبيلة وبين سلوكيات احزابهم وتنظيماتهم السياسية الفاسدة والمشبوهة والمنكوسة ؛ ولأنهم يدعون التدين , ويتكلمون نيابة عن المتدينين ؛ صارت هذه الحركات والاحزاب والتنظيمات جزءا من الدين وتعبيرا عنه ؛ فلا يؤخذ الدين من سواهم ؛ وان الحقوا به افدح الاضرار المعنوية وشوهوا سمعته التاريخية .
فقد كرست بعض الحركات الإسلامية الشيعية لدى عموم العراقيين الاصلاء فكرة احتكارها للدين وأن المخرج من حالة الاستبداد والفقر والجهل والظلم … ؛ هو تطبيق الشرع والذي قد يبيح لهم سرقة اموال الشعب والوطن بذرائع وحجج مختلفة … ؛ ومن المعلوم ان هذه العوائل الدينية والحركات الاسلامية القشرية فقدت بريقها وشعبيتها ابان حراك الشيوعيين واليساريين والقوميين والبعثيين والعلمانيين والمثقفين في عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم … حتى ان اغلب ابناء العوائل الدينية وقتذاك ؛ ارتموا في احضان تلك الاحزاب المعارضة للدين جملة وتفصيلا ؛ الا ان اجرام النظام البعثي التكريتي ودموية السلطة آنذاك , واضطهادها لمختلف المعارضين وانقلابها على الشيوعيين … ؛ دفع الاغلبية العراقية للتعاطف مع تلك الحركات والاحزاب ولو بصورة محدودة ؛ واستثمرت تلك الاحزاب والحركات هذا الامر ؛ ومارست دور الضحية , والاغلبية تتعاطف مع ضحايا الحكومات الطائفية بصورة عفوية ولا ارادية … ؛ وبهذه الثنائية السياسية السلبية , حصدت تلك الاحزاب والحركات ثمارا لم تزرعها قط , وانما جادت بها يد القدر . (1)
………………………………………
- الحركات الإسلامية تفقد بريقها / سعيد الكحل / بتصرف .