نوفمبر 22, 2024
449588893_399119623145516_7778780264987792388_n

اسم الكاتب : رياض سعد

المشروع الخدمي او الانتاجي او غيرهما ؛ كالزواج , اذ من السهل علينا كلنا اتخاذ قرار الزواج , والشروع فيه , الا انه من الصعب جدا , الحفاظ على بيت الزوجية فيما بعد , وتلبية كافة احتياجات العائلة , بما يضمن سعادتها ورقيها وتطورها ونجاحها في الحياة, واستمرارية وجودها الفعال في المجتمع , لذا باءت الكثير من الزيجات بالفشل الذريع او انتهت بالطلاق ؛ كذلك هي المشاريع والانجازات والخدمات ؛ نعم قد تكمن الصعوبة في انجاز المشاريع العملاقة او تقديم الخدمات الاستراتيجية و بناء البنى التحتية الحيوية ؛ الا ان الامر الاصعب يكمن في المحافظة عليها وحمايتها وصيانتها واستمرار ديمومتها الانتاجية او الخدمية … الخ .

وعلى الرغم من ان عدد المشاريع العملاقة والحيوية ومنذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 والى هذه اللحظة ؛ لا يتجاوز اصابع اليدين والقدمين , قد عانت تلك المشاريع والانجازات من الاهمال وعدم المتابعة الجادة واجراء عمليات التطوير عليها فيما بعد ؛ ناهيك عن مئات المشاريع الوهمية والانجازات القشرية والشكلية , والبنى التحتية الفاشلة التي سرعان ما تتعرض للزوال والتخريب والدمار بمرور الايام  … الخ .

وحديثنا في هذه المقالة الموجزة عن مشاريع الحدائق العامة والمتنزهات وساحات النافورات التي تقوم بها امانة بغداد او الدوائر البلدية في المحافظات , ففي الوقت الذي يحتاج فيه العراق الى كل دينار وكل جهد مهما بلغ حجمه ومقداره , في مجالي الزراعة والبيئة , نرى بأم العين تمدد التصحر وتجريف الاراضي الزراعية ومظاهر التلوث المناخي الذي حرق و سيحرق اليابس والاخضر , فضلا عن مشاريع التشجير الفاشلة وانجازات الامانة والمجالس البلدية الشكلية والوهمية وصفقات الفساد المستمرة …!

ان مسألة صيانة المشروع والاهتمام به ومتابعة ما يطرأ عليه ؛ حيوية ومهمة بقدر اهمية المشروع نفسه , بل تزيد عليه احيانا ؛ لان اهمال المشاريع وعدم متابعتها وصيانتها يؤدي الى استنزاف المقدرات والاموال الوطنية , مما يعرض البلاد للدمار والمشاريع للخراب وبالتالي عدم الاستفادة منها وحرمان المواطنين من التمتع بمخرجاتها ونتائجها … ؛ فالاهتمام بالمشاريع بعد انجازها ومتابعتها وصيانتها يؤدي الى إطالة العمر الافتراضي لها ؛ بشرط ان تكون صيانتها بشكل مخطط ومدروس  من  خلال التخطيط الصياني الممنهج المتبع بشكل دوري، في نطاق الحفاظ على ممتلكات المتنزهات والحدائق والساحات الخضراء  مع ضمان خفض تكاليف الصيانة .

اينما تولي وجهك , وحيثما تسير ترى مشروعا فاشلا , او متنزها مهملا , او حديقة مهجورة , او ساحة عامة مليئة بالأزبال والقمامة , فضلا عن الفوضى والتجاوزات , فما ان يتم الاحتفال بإنشاء هذا المشروع او افتتاح تلك الحديقة او ذلك المتنزه , يدب الخراب فيه ويجري الدمار في كافة مفاصله كما يجري الدم في الشرايين , الى ان يتعطل او يهمل ولا يؤدي وظيفته المطلوبة , والمشكلة ان مواقع التواصل الاجتماعي والاعلاميين ينقلون لنا بين الفينة والاخرى , مشاريع وحدائق ومتنزهات ما ان تفتتح الا ويأتي من يعبث بها وبمرافقها ومنشاتها العامة , ويخرب كل ما موجود فيها , فهذا المشروع الجديد يتعطل بعد فترة وجيزة , وتلك الحديقة تموت كل شتلاتها بعد اشهر او ايام معدودات , وهذه النافورة لا تعمل بعد تشغيلها الاولي , وهكذا … ؛ وليت هذه الظاهرة السلبية اقتصرت على حدائق الاقضية والنواحي او المتنزهات الموجودة في الاماكن الداخلية البعيدة للمدن , بل انها وصلت الى مركز العاصمة ومراكز المحافظات الحيوية , وعليه لا تستغرب من موت النباتات والاشجار او انتشار الحشائش والادغال في الحدائق والساحات والمتنزهات القريبة من فنادق ( عشتار (شيراتون ) وفلسطين والمنصور ) او الموجودة في شارع ابي نؤاس , او قطع المرمر المتحطمة , او اعمدة الانارة  والنافورات العاطلة عن العمل … الخ .

والاسباب في هذا التدهور والاهمال والفشل الذريع كثيرة ومنها :

  1. زراعة الاشجار والنباتات في غير مواسم الزراعة المخصصة لها , مما يؤدي الى هلاكها وبصورة مباشرة , والانكى ان الحكومة تشتري تلك الشتلات والاشجار من القطاع الخاص وبمبالغ طائلة جدا , بينما المفروض بأمانة بغداد والمجالس البلدية للمحافظات , انشاء مشاتل ومزارع خاصة بها , لتزويد الحكومة بما تحتاجها من شتلات واشجار ونباتات ؛ والعجيب ان عمال تلك الدوائر يقومون بزراعة تلك النباتات والاشجار في شهري تموز واب وعندما تتجاوز درجة الحرارة ال 50 درجة مئوية , بينما لا يحركون ساكنا ولا يزرعون اشجارا في موسع الزراعة …؟!
  2. بعد زراعة الاشجار والنباتات , يتم التغافل عن اهم عنصر من عناصر نجاح الزراعة الا وهو عنصر السقي , فمن دون الماء لا تنمو النباتات والاشجار , فالبعض يزرع النباتات في اماكن بعيدة عن انابيب الماء , مما يضطر المجالس البلدية الى استخدام الاليات ( التناكر) في سقي تلك الاشجار والنباتات , وعليه يتوقف بقاء النباتات على تلك الاليات وعمالها , وفي حال توقف تلك الاليات او عدم مجيئها الى تلك الحدائق والمتنزهات ؛ تموت كل النباتات فيها وتذهب اموال المشاريع سدى .
  3. في كل الدول المتحضرة ؛ تقوم المجالس البلدية بتعيين موظف او اكثر في كل حديقة او مرفق عام للاعتناء به وحمايته من العبث ؛ بينما تترك الحدائق والمتنزهات والمرافق العامة في العراق الى رحمة الظروف وتصرفات الناس من دون حسيب ولا رقيب , مما يؤدي الى اتلاف وتخريب وتدمير تلك المشاريع وعدم الاستفادة منها .
  4. عدم تشجيع المواطنين فضلا عن منظمات المجتمع المدني على الاهتمام بالجوانب البيئية والزراعية والخدمية , وتكريم المواطنين والمنظمات التي تعمل على حماية المشاريع وصيانة المرافق العامة والاعتناء بالحدائق والمتنزهات , مما يحول هذا السلوك الى ظاهرة ثقافية وسلوكية عامة , وعندها يتقاسم الشعب والحكومة الواجب والمسؤولية الوطنية في الحفاظ على مقدرات البلاد والسهر على حماية الممتلكات العامة ؛ والذي يخفف بدوره العبء عن الحكومة ودوائرها .
  5. قلة اعداد العاملين والمهندسين الزراعين والفنيين في تلك المشاريع , وعدم توفر الاليات والسيارات الحوضية والقلابات ومكائن قص الثيل وغيرها .
  6. تجاوز البعض على تلك المشاريع والمرافق العامة ؛ اذ يعمد اصحاب المولدات على وضع مولداتهم في داخل الحدائق ، فضلا عن ظاهرة رعي الاغنام والمواشي في الحدائق , او تحويلها الى اماكن لتجميع ( السكراب ) وبيعه … الخ .
  7. ارتفاع منسوب المياه الجوفية في بعض الحدائق والمتنزهات مما سبب هلاك المزروعات داخل الحدائق مما يستدعي انشاء مبازل لغسل التربة.
  8. ارتفاع نسبة الملوحة والمياه الجوفية الناتجة من مرور انابيب الصرف الصحي تحت بعض المساحات الخضراء مما أدى الى هلاك النباتات او ضعف نموها.
  9. عدم دراسة المشروع قبل البدء به ؛ اذ تتطلب الزراعة الناجحة ارض خصبة وسقي مستمر ومناخ يتناسب ونوع الاشجار والنباتات التي يراد غرسها فضلا عن مراعاة المواسم الخاصة لزراعتها  ؛ فضلا عن ضرورة توفير الاسمدة وغيرها ؛ فإهمال هذه العناصر يؤدي الى فشل المشاريع الزراعية والبيئية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *