الكاتب : رياض سعد
بدأ الارهاب من الغرب وعاد اليه ؛ فالتاريخ يشهد بهول الجرائم الرهيبة والمجازر المروعة التي ارتكبتها الانظمة الغربية بحق الشعوب المستعمرة والامم المستضعفة , وبما ان الارهاب يحتاج للقوة والقوة محصورة بالغرب ؛ اضحى الارهاب مرتبط ارتباط وثيقا بالمخابرات الدولية والانظمة الغربية ؛ فهنالك فرق شاسع بين المقاومة الشعبية المشروعة والارهاب الدولي المشبوه ؛ ومن هنا تعرف اسباب فشل او ضعف اداء المقاومة احيانا ؛ وقوة وفتك الارهاب واستمراريته وديمومته وتشكله بعدة صور مختلفة للتمويه والخداع ؛ فبمجرد ان يرفع الغرب يده عن الارهاب ؛ يمسي أثرا بعد عين .
فما لا يأخذه الغرب والامريكان بالمفاوضات والاحتلالات يأخذوه بالإرهاب والمفخخات , نعم عندما تعارض النخب والجماهير المخططات الغربية والامريكية المشبوهة ؛ يلوح الامريكان بورقة العنف والمظاهرات والاضطرابات , ويهددون الحكومات الوطنية والقواعد الشعبية والمقاومة بالتخويف واثارة الرعب والفزع بين الناس ؛ وذلك من خلال تحريك العناصر الارهابية والحركات التكفيرية والفرق الاجرامية والجماعات الطائفية , لإشاعة الفوضى والقتل والذبح والحرق والتدمير والتخريب في البلاد .
على الرغم من رفض اغلبية ابناء الامة العراقية والعربية والاسلامية للعنف والارهاب ؛ يصر الغرب على اشاعة مناظر التعذيب والقتل والذبح ، ومشاهد التنكيل بالمواطنين واذلال الاهالي في البلدان الاسلامية والعربية ؛ وقد أثارت الطرائق المستفزة التي استخدمتها داعش الكثير من الاشمئزاز والشجب والاستنكار من قبل الشعوب والامم وكافة المواطنين ؛ الا ان ذلك لم يمنع الغرب والامريكان من التنسيق معهم وتقديم كافة التسهيلات لهم ؛ ولعل تجربة تسليم الحكم لحركة طالبان الارهابية في افغانستان واسقاط الحكومة المدنية الافغانية ؛ من الشواهد الدامغة على ما ذهبنا اليه .
واوضاع المنطقة الحالية تشير الى حدوث تداعيات خطيرة في القريب العاجل ؛ اذ تعمل اسرائيل على تدمير القرى والمدن ومسحها من الخريطة , وتشريد اهلها , من اجل احداث التغييرات الديموغرافية التي تستهدف زيادة مساحة اسرائيل وتقليص مساحة فلسطين بل والقضاء عليها ؛ فها هي اسرائيل تطالب بضم الضفة الغربية الى السيادة والسيطرة الاسرائيلية بينما غزة تحولت الى ركام وخرائب ؛ وهذا يعني افراغ فلسطين من الفلسطينيين , ودفعهم باتجاه لبنان او سوريا او الاردن او مصر … الخ ؛ واخطر ما في الامر , مساعي اسرائيل الجادة في توطينهم في العراق , وبالتحديد في محافظة الانبار ,ولعله بسبب هذا المخطط الشيطاني تم تفريغ الانبار من الشيعة , وانشاء القواعد العسكرية الامريكية فيها , وارتباط الكثير من سكانها بالحركات الارهابية والاجندات والمخابرات الخارجية المشبوهة ؛ بالإضافة الى التحرك التركي الاخير في شمال العراق وسوريا والذي يهدف الى زعزعة الاوضاع في كلا البلدين , وقد حذرت روسيا من مغبة اعلان تركيا لخوض عمليات عسكرية جديدة في سوريا , لاسيما وان الحركات الارهابية والمنظمات التكفيرية تعد العدة لملء الفراغ الذي سوف يتركه حزب الله او عناصر المقاومة العراقية عندما ينسحبون من سوريا مع الايرانيين ؛ والاستعداد للهجوم على حلب وباقي المدن السورية , ومن ثم التمدد نحو الاراضي العراقية بالتنسيق مع اشباههم ونظرائهم من ابناء الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة ؛ وبرعاية امريكية واسرائيلية وبريطانية وبمساعدة الاكراد في اربيل , وحسب بعض التوقعات سيكون الاندفاع هذه المرة قويا وسريعا , و عندها لا يقتصر هدف الارهابيين على محافظات الغربية والمناطق السنية لأنها بحكم الساقطة فهي كانت ولا تزال حاضنة لهؤلاء , وانما المطلوب سقوط بغداد والوصول الى تخوم كربلاء والنجف الاشرف , وقد يتحقق هذا الامر , اذا قام الامريكان والصهاينة بقصف كافة مقرات الحشد الشعبي لاسيما الفصائل المقاومة , وبالتحديد تلك التي تتواجد قرب الحدود وفي المناطق السنية او القريبة من المناطق الكردية , وتفريغها منهم , وتجريدهم من السلاح بشتى الطرق والوسائل ؛ ومن ثم الانقضاض عليهم , بالتزامن مع تقدم جحافل الحركات الارهابية وجموع الفصائل التكفيرية المسلحة , بالإضافة الى غلق الحدود مع ايران او عرقلة التواصل ومنع الامدادات بكافة السبل وممارسة الضغوط القوية على الايرانيين , واذا تحقق هذا السيناريو لا سامح الله ؛ فان الاغلبية العراقية وقتها ستقاتل على عدة جبهات من دون ناصر ولا معين , وستتكبد خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات ؛ وعندها لابد من سيطرة الاغلبية على كافة ابار وحقول النفط اولا والتفاوض مع القوى الكبرى بشأنها , وثانيا جلب المرتزقة وبشتى الطرق لتقاتل مع ابناء الاغلبية ضد الاعداء , وتقديم المرتزقة كدرع وحصن يقي ابناء الاغلبية , فضلا عن التنسيق مع الروس والصينيين والكوريين الشماليين بشأن الدعم العسكري واللوجستي السريع , وثالثا السيطرة على كافة وسائل الاعلام واعلان حالة الطوارئ وغلق محافظات الوسط والجنوب بوجه الاجانب والغرباء والاعداء والمشبوهين , ورابعا دعوة الشباب والرجال كافة للانخراط في عمليات الدفاع والقتال … الخ ؛ ولابد للحكومة العراقية والنخب السياسية والاحزاب والحركات والفصائل من اعداد العدة و وضع الخطط التي تعالج هذه التحديات والخروقات لو حصلت لا سامح الله , والعمل بمبدأ الضربات الاستباقية وتجفيف منابع الارهاب ومحاسبة الاصوات الطائفية والاشخاص الذين يحرضون على العنف والعصيان والتمرد وشق الصف الوطني ويعملون على اشاعة النعرات الطائفية والعنصرية ؛ ولا اعتقد ان الامريكان في حال انسحابهم او مطالبة العراق بخروجهم من العراق ؛ سيلتزمون الصمت ويقبلون بالأمر الواقع ويرضخون للمطالب العراقية ؛ بل سيعملون على دفع الارهاب للعبث بأرواح العراقيين كما فعلوها من قبل , عندما خرجوا عام 2011 , وادخلوا داعش الى العراق .