الكاتب : هادي حسن عليوي
إداري ممتاز.. ومالي كفء.. عرف بالتسامح.. نظيف اليدين.. فنزاهته لا توصف.. يجمع في شخصيته.. السياسي.. والأديب.. والمؤرخ.. والرحالة.. والصحفي..يجيد خمس للغات..هي: العربية.. والكلدانية.. والتركية.. والفرنسية.. والانكليزية.. شخصية اجتماعية.. وهو رائد للقصة التاريخية.. ومن القلة المثقفة الواعية في العراق بمستهل القرن العشرين.. ومن الذين لم يتركوا باباً إلا وطرقوه.. ولا موضوعاً إلا وبحثوه.. مما أهله ذلك لتقلد أرفع الوظائف في الدولة العراقية.. ويعتبر من أركان النهضة العلمية في العراق.. انه يوسف غنيمة..
ولد يوسف غنيمة في منطقة رأس القرية ببغداد في 9 آب العام 1885.. درس في المدرسة الكلدانية الابتدائية ثم انتقل في أوائل العام 1898 إلى مدرسة الاليانس.. وتخرج العام1902.. درس العربية على يد الأب انستاس ماري الكرملي.. وافتتح العام 1906 محلاً وكالات لاستيراد المضخات والمحركات الخ.. أسس فندقا عصرياً العام 1917.. غادر العراق بإجازة مرضية في تموز العام 1929 قاصداً الاستشفاء.. فباع الفندق.. وعاد للعراق نهاية العام 1929..
كان يطمح لان يحيا العمال والفلاحون.. حياة هادئة أسوة ببقية أفراد المجتمع.. فصب آراءه في دراسات رصينة.. نشرها العام 1929.. فيها رؤية متقدمة وناضجة لهذه الفئات من المجتمع.. كما شجع على الملكية الصغرى ..
ـ وضع تشريع يعين الحد الأعظم من مساحة الأراضي.. التي تعهد زراعتها لشخص واحد ..
ـ وضع تشريع ينص على الشروط التي تطلب من أصحاب الملكيات الكبرى.. وعند إخفاقهم في تطبيقها إلى أجل مسمى يحرمون منها ..
ـ تأسيس مصرف زراعي وجمعيات زراعية لمساعدة الفلاحين من ذوي الملكيات الصغرى.. وذلك لتقديم البذور والسلف المالية والأسمدة والأدوات والإرشاد الزراعي الفني لهم ..
ـ تشريع يحدد حصة السركال في المزارع تحديدا عادلاً.. بحيث يرفع الحيف عن كواهل الفلاحين ..
ـ حماية الإنتاج الزراعي.. وإيجاد أسواق له..
حتى إذا تحقق حلمه بتأسيس المصرف الزراعي الصناعي.. الذي تولى إدارته. الذي كان يتولى تقديم السلف للفلاحين والمزارعين.. فضلا عن الصناعيين.. يوم كانت الصناعة العراقية تحبو حثيثا.. فأنشئت شركة الزيوت النباتية.. وشركة بذور القطن لإنتاج الزيوت النباتية والزيوت المهدرجة والصابون.. ومن قبل ذلك معامل فتاح باشا النسيجية.. فضلا عن معامل الاسمنت.. والمشروبات الغازية.. وإنشاء بعض المصارف الأهلية..
ـ لعل من أهم منجزاته كوزير مالية : إصدار العملة العراقية الحديثة العام 1933 إيذاناً بانتهاء العمل بـ (الروبية) الهندية.. التي جلبها الاحتلال الإنكليزي للعراق العام 1917.. وإدخال العراق بمنطقة الجنية الإسترليني.. كما كان لغنيمة فضل تأسيس البنك المركزي العراقي..
غنيمة الصحفي والكاتب :
مارس يوسف غنيمة العمل الصحفي واشترك في إصدار جريدة أسمياها (صدى بابل) العام 1909.. واصدر جريدة “السياسة” اليومية في 3 آذار 1925العام ، إلى 3 تموز 1925 ..
ـ كان لغنيمة مجلساً أدبياً يعقد في بيته أسبوعياً يحضره.. الأدباء والمثقفون والشعراء وشخصيات البلد والوزراء ..
نزاهته :
نزاهته لا توصف.. لم يستغل منصبه لخدمة مصالحه أبداً.. فمنذ العام 1922 ـ 1950.. شغل عشرات المناصب الرفيعة لمدة 28 سنة.. (مدير عام.. وكيل وزارة.. نائب في البرلمان.. عين في مجلس الأعيان.. وأصبح وزيرا للمالية ثمان مرات)..
ـ لم يمتلك بيتاَ.. ولا سيارة.. ولا أي عقار آخر.. ولا حساب مصرفي.. لا له.. ولا لزوجته.. أو لأبنائه.. لا في العراق.. ولا في الخارج..
مرة سؤل .. لماذا معالي الوزير يوسف غنيمة ليس له سيارة خاصة.. ولا دار.. ويسكن دار بالإيجار؟.. ابتسم.. وأجاب مازحاً: (يبدو إن راتبي.. لا بركة فيه).. والحقيقة إن زوجته كانت رئيسة جمعية أخوان الفقير.. وتوزع نصف راتبه كل شهر الى الفقراء بموافقته وعلمه..
(عرب وين .. طنبوره وين).. مسؤوليي هالكوت.. متستحون.. صحيح الله تعالى قال: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا).. لكن غبرين.. يعني الأبناء الشرفاء.. الذين تربوا التربية الحقيقية.. والمال .. يعني المال الحلال.. وليس العمولات.. والكومشن.. وسرقة المال العام والخاص..
ملاحظة : انتظرونا في حلقة أخرى.. عن نزيه آخر من بلادي ..