الكاتب : فاضل حسن شريف
نصرة الأهل في لبنان واجب مقدس على كل مؤمن ومؤمنة في العراق مع تعظيمهم والتخفيف عن محنتهم أو ما يسمى التعزير كما جاء في محكم الكتاب المقدس. جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (الأعراف 157) اتبعوا هذا النّبي: هذه الآية في الحقيقة تكمل الآية السابقة التي تحدثت عن صفات الذين تشملهم الرحمة الإلهية الواسعة، أي من تتوفر فيهم الصفات الثلاث: التقوى، وأداء الزكاة، والإيمان بآيات الله. وفي هذه الآية يذكر صفات أخرى لهم من باب التوضيح، وهي اتّباع الرّسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، لأنّ الإيمان بالله غير قابل للفصل عن الإيمان بالنّبي صلى الله عليه وآله وسلم واتباع دينه، وهكذا التقوى والزكاة لا يتمان ولا يكملان من دون اتباع القيادة. لهذا يقول تعالى: “الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ”. ثمّ يبيّن ست صفات لهذا الرّسول مضافا إلى مقام الرسالة: 1 ـ أنّه نبيّ الله “النَّبِيَ”. والنّبي يطلق على كل من يبيّن رسالة الله إلى الناس، ويوحى إليه وإن لم يكن مكلّفا بالدعوة والتبليغ، ولكن الرّسول مضافا إلى كونه نبيّا ـ مكلّف بالدعوة إلى دين الله، وتبليغه والاستقامة في هذا السبيل. وعلى هذا يكون مقام الرسالة أعلى من مقام النّبوة، وبناء على هذا يكون معنى النّبوة مأخوذا في مفهوم الرسالة أيضا، ولكن حيث أنّ الآية بصدد توضيح وتفصيل خصوصيات النّبي صلى الله عليه وآله وسلم لهذا ذكرهما على نحو الاستقلال، وفي الحقيقة إنّ ما أخذ في مفهوم الرّسول مجملا، ذكر في الآية بصورة مستقلة من باب توضيح وتحليل صفاته. 2ـ أنّه نبيّ أمّي لم يتعلم القراءة والكتابة، وقد نهض من بين جماهير الناس من أرض مكّة أم القرى قاعدة التوحيد الأصلية: (الأمي). وحول مفهوم (الأميّ) المشتقة من مادة (أمّ) بمعنى الوالدة، أو من (الأمّة) بمعنى الجماعة، دار كلام كثير بين المفسّرين، فبعض فسّره بأنّه لم يتعلم ولم يدرس، يعني أنّه باق على الحالة التي ولد بها من أمّه أوّل يوم، ولم يتتلمذ على أحد، وبعض فسّره بمن نهض من بين جماهير الأمّة، لا من بين طبقة الأعيان والمترفين والجبارين، وفسّرته جماعة ثالثة بأنّه ظهر من مكّة (أمّ القرى) لأنّ هذه الكلمة مرادفة لـ (المكي). والأحاديث الإسلامية الواردة في مصادر مختلفة هي أيضا تفسّر هذه الكلمة تارة بأنّه: لم يدرس وأخرى: بأنّه مكّي. ولكن لا مانع أبدا من أن تكون كلمة (الأمّي) إشارة إلى كل المفاهيم والمعاني الثلاثة، وقد قلنا مرارا: إنّه لا مانع من استعمال لفظة واحدة في عدة معان، ولهذا الموضوع شواهد كثيرة في الأدب العربي. (وسنبحث بتفصيل حول أميّة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الفراغ من تفسير هذه الآية). 3 ـ ثمّ إنّ هذا النّبي هو “الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ”. وفي صعيد وجود البشارات المختلفة في كتب العهدين (التوراة والإنجيل) حتى التوراة والإنجيل المحرفين الحاضرين أيضا، سيكون لنا بحث تفصيلي بعد الفراغ من تفسير هذه الآية. 4 ـ ومن سمات هذا النّبي أنّ دعوته تتطابق لنداء العقل مطابقة كاملة، فهو يدعو إلى كل الخيرات وينهي عن كل الشرور والممنوعات العقلية: “يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ”. 5 ـ كما أنّ محتوى دعوته منسجم مع الفطرة الإنسانية السليمة، فهو يحل ما ترغب فيه الطباع السليمة ويحرم ما تنفر منه “وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ”. 6 ـ أنّه ليس كأدعياء النّبوة والرسالة الذين يهدفون إلى توثيق الناس بأغلال الاستعمار والاستثمار والاستغلال، بل هو على العكس من ذلك، إنّه يرفع عنهم إصرهم والأغلال التي تكبّل عقولهم وأفكارهم وتثقل كاهلهم “وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ”. وحيث أنّ هذه الصفات الست بالإضافة إلى الصفة السابعة وهي مقام الرسالة تشكّل من حيث المجموع علامة واضحة ودليل قاطع على صدق دعواه، فيضيف القرآن الكريم: “فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ، وَنَصَرُوهُ، وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”. و (عزروه) المشتقّة من مادة (تعزير) تعني الحماية والنصرة المقترنة بالاحترام والتبجيل، ويقول البعض إن هذه اللفظة تعني ـ في الأصل ـ المنع، فإذا كان المنع من العدوّ، كان مفهومه النصرة، وإذا كان المنع من الذنب كان مفهومه العقوبة والتنبيه، ولهذا يقال للعقوبات الخفيفة (تعزير). والجدير بالانتباه استعمال كلمة “أُنْزِلَ مَعَهُ” بدل (أنزل إليه) في حين أننا نعلم أنّه لم يكن لشخص النّبي صلى الله عليه وآله وسلم نزول من السماء، ولكن حيث أن النبوة والرسالة نزلا مع القرآن من جانب الله، لهذا عبر بـ (أنزل معه).
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: إن الدين للنبي صلى الله عليه وآله بمعنى أنه الداعي إليه والمبلغ له مثلا، أو إن الدين لله ولرسوله بمعنى التشريع والهداية فيدعى الناس إلى النصرة، أو يمدح المؤمنون بالنصرة كقوله تعالى ” وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ” (الاعراف 157)، وقوله تعالى “وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ” (الحشر 8)، وقوله تعالى “الَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا” (الانفال 72)، إلى غير ذلك من الآيات. ويصح أن يقال: إن الدين للنبي صلى الله عليه وآله وللمؤمنين جميعا، بمعنى أنهم المكلفون بشرائعه العاملون به فيذكر أن الله سبحانه وليهم وناصرهم كقوله تعالى “وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ” (الحج 40)، وقوله تعالى “إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ” (غافر 51)، وقوله تعالى “وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” (روم 47) إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى “لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ” (الانبياء 39) “لَوْ” للتمني و”حِينَ” مفعول يعلم على ما قيل وقوله “لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ” (الانبياء 39) أي لا يدفعونها حيث تأخذهم من قدامهم ومن خلفهم وفيه إشارة إلى إحاطتها بهم. وقوله”وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ” (الانبياء 39) معطوف على ما تقدمه لرجوع معناه إلى الترديد بالمقابلة والمعنى لا يدفعون النار باستقلال من أنفسهم ولا بنصر من ينصرهم على دفعه. والآية في موضع الجواب لسؤالهم عن الموعد، والمعنى ليت الذين كفروا يعلمون الوقت الذي لا يدفعون النار عن وجوههم ولا عن ظهورهم لا باستقلال من أنفسهم ولا هم ينصرون في دفعها. بعد الصبر ينصر الله انبيائه ويخذل اعدائه “قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ” (المؤمنون 26)، و”وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا” (الانبياء 77). قوله تعالى “حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا” (يوسف 110) إلى آخر الآية ذكروا أن يأس واستيئس بمعنى، ولا يبعد أن يقال: إن الاستيئاس هو الاقتراب من اليأس بظهور آثاره لمكان هيئة الاستفعال وهو مما يعد يأسا عرفا وليس باليأس القاطع حقيقة. وقوله “حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ” (يوسف 110) متعلق الغاية بما يتحصل من الآية السابقة والمعنى تلك الرسل الذين كانوا رجالا أمثالك من أهل القرى وتلك قراهم البائدة دعوهم فلم يستجيبوا وأنذروهم بعذاب الله فلم ينتهوا حتى إذا استيئس الرسل من إيمان أولئك الناس، وظن الناس أن الرسل قد كذبوا أي أخبروا بالعذاب كذبا جاء نصرنا فنجيء بذلك من نشاء وهم المؤمنون ولا يرد بأسنا أي شدتنا عن القوم المجرمين.
جاء في صحيفة مدن عن آلاف النازحين اللبنانيين في العراق: ترحيب وتسهيلات استثنائية للكاتبة جنى الدهيبي بتأريخ 2024/10/13: حو العراق، توجه آلاف اللبنانيين النازحين من الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، في حركة لجوء غير مسبوقة يشهدها لبنان إلى خارج حدوده، منذ تصعيد إسرائيل لعدوانها على المدنيين. نزوح كبير: هذه الحرب التي تسببت بنزوح أكثر من مليون لبناني من منازلهم، في غضون ثلاثة أسابيع فقط، كانت وجهتهم إما داخل لبنان نحو مناطق أكثر أمانًا، أو إلى سوريا، وأخيرًا نحو العراق. وفي آخر إحصاء للحكومة العراقية، وصل إليها حتى الآن ما يزيد عن 7700 لبناني إلى العراق، والعدد في تزايد مستمر. في محافظة كربلاء وحدها، كشفت الحكومة المحلية عن وصول أعداد اللبنانيين الوافدين إلى المدينة، إلى أكثر من 6 آلاف لاجئ. لكن استقبال العراق للنازحين اللبنانيين، جاء أيضًا بفعل قرارات حكومية مشجعة. فقبل نحو أسبوعين، وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وزارة الداخلية العراقية، بمنح المواطنين اللبنانيين الذين لا يملكون جوازات سفر ويرغبون في المجيء إلى العراق وثائق سفر سريعة، بالتنسيق مع السفارة اللبنانية. إجراءات عراقية: وقبلها في 24 أيلول، أوعز السوداني بتمديد سماح إقامة المواطنين اللبنانيين المتواجدين في العراق، من دون الحاجة إلى السفر لمدة ثلاثين يومًا، مع إمكانية تمديدها مرة أخرى. كما أعطى أمرًا بإعفاء المواطنين اللبنانيين المخالفين حالياً من العقوبات، واستمرار منح سمات الدخول مجانًا للقادمين إلى المنافذ الحدودية العراقية. وفي تصريحات لوسائل إعلامية عراقية، قالت مفوضية اللاجئين إنها تجمع المعلومات وتوفر الوصول إلى المساعدات الإنسانية الأساسية وغيرها من الخدمات. لكنها في الوقت نفسه، اعتبرت أن الحكومة العراقية، تتحمل مسؤولية استقبال واستضافة اللبنانيين الفارين إلى العراق، “بما في ذلك توفير لوصول إلى الخدمات الوطنية مثل الصحة والتعليم”. ورصدت المفوضية قبل أيام، وصل أكثر من 6 آلاف و500 لبناني إلى العراق، وذلك بطرق مختلفة. إذ دخل بعضهم عبر معبر القائم الحدودي بين العراق وسوريا، وكذلك من خلال مطاري بغداد والنجف.