download (2)

الكاتب : سليم الحسني

الشكوى المرفوعة ضد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، تستدعي التعمق والإحاطة، لكنها بشكلها الحالي ناقصة، فلقد غابت عنها أسماء مهمة ذات صلة بالحادث وبمسؤولية ربما أكبر من الكاظمي وأكثر تماساً مع الجريمة التي أنهت حياة القائدين الكبيرين أبو مهدي المهندس والجنرال قاسم سليماني.

الشكوى يجب أن لا تقتصر على الكاظمي وحده، وإلا دخلت في إطار الحسابات السياسية ذات الدوافع الإنتقامية وليس من أجل تحقيق العدالة والوصول الى الحقيقة.

ثلاثة أشخاص يجب أن يقفوا الى جانب الكاظمي في هذه القضية:

ـ رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي.

ـ رئيس جهاز الأمن الوطني السابق فالح الفياض.

ـ مسؤول أمن الحشد الشعبي أبو زينب اللامي.

عادل عبد المهدي هو الذي طلب حضور الجنرال سليماني الى العراق، وتم تحديد موعد اللقاء معه في الساعة الثامنة من صباح يوم الجريمة، وقد أوصل الجنرال سليماني موعد وصوله الى بغداد عن طريق خاص الى عادل عبد المهدي شخصياً.

وعلى هذا فلم يطّلع على خبر الزيارة مسؤول آخر غير عادل عبد المهدي. وهنا يجب الوقوف عند تصريح مهم قاله عادل عبد المهدي فيما بعد، حيث ذكر أنه تلقى مكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي ترامب، وفيها أعرب عبد المهدي بأنه أخبر ترامب عن عزمه على لقاء القائد سليماني. وأشار عبد المهدي الى أن ترامب خدعه في ذلك الاتصال، وقد اكتشف فيما بعد أن سبب الاتصال هو مكيدة لاغتيال الجنرال. وقد مر الخبر من دون متابعة من الجهات المسؤولة عن ملابسات القضية حتى لحظة كتابة هذا المقال.

أما فالح الفياض، فأن حادثة الاغتيال لها علاقة بمسؤوليته الرسمية كونه كان يشغل رئاسة جهاز الأمن الوطني. فقبل أقل من شهر على العملية، رصد أفراد الجهاز نصب الأمريكان كاميرات تصوير تم نصبها داخل صالة التشريفات، فيما وضعت على سطح الصالة نفسها أجهزة بث الصور مباشرة من صالة التشريفات الى القيادة الأمريكية، وقد جرى تصوير الأجهزة وكتابة تقرير بذلك الى رئاسة أمن الجهاز، وأشار التقرير الى وجود شكوك بأن هذه الأجهزة في هذا المكان تبدو غريبة وتبعث على الريبة، لكن فالح الفياض لم يتخذ أي إجراء وأهمل التقرير تماماً، كما أنه لم يتابع هذه المسألة بعد وقوع عملية الاغتيال، وربما حتى هذه اللحظة.( أرفق مع المقال إحدى الصور التي أرسلها أفراد الأمن الوطني الى رئيس الجهاز).

الشخص الثالث في القضية هو أبو زينب اللامي مسؤول أمن الحشد الشعبي، ففي زيارات الجنرال قاسم سليماني الى العراق يتولى اللامي مسؤولية حمايته كاملةً، بما في ذلك قيادة سيارته، وكان اللامي يستخدم هذه الصفة في فتح علاقات شخصية مع المسؤولين العراقيين يستغلها مالياً. وقبل حادثة الاستشهاد بعدة أسابيع، شكى الشهيد أبو مهدي المهندس بحضور عدة اشخاص ـ نقلوا لي هذا الكلام ـ للجنرال سليماني من وضع اللامي وأنه غير مناسب لهذا الموقع لتورطه بقضايا فساد مالي، وهذا ما اثار استغراب الشهيد سليماني واهتمامه الشديد. وبعدها بفترة سافر أبو زينب اللامي الى سوريا بحجة علاج ابنه، وبقي هناك الى ما بعد وقوع حادثة الاغتيال بأسابيع. أي أن السفرة الوحيدة للجنرال سليماني التي لم يكن معه اللامي هي هذه السفرة التي استشهد فيها. علماً بأن الطائرة التي نقلت الشهيد الكبير انطلقت من سوريا الى بغداد. ولم يحقق أحد مع اللامي حتى هذه اللحظة.

هناك ملاحظة ذات صلة بالموضوع، وهي أن علاقة الفياض مع اللامي علاقة قوية ومتينة، وكلا الرجلين (الفياض واللامي) كانا على علاقة متأزمة بالشهيد الكبير أبو مهدي المهندس، وأن تأزم العلاقة كانت معروفة في أوساط الحشد الشعبي.

هذه الأسماء يجب أن تقف جنباً الى جنب مع الكاظمي في الشكوى إذا كان الغرض جاداً والهدف صادقاً من اكتشاف المتورطين بقتل الشهيدين الكبيرين. وبغير ذلك فأن استدعاء الكاظمي وحده، يثير الشكوك القوية حول وجود مساعٍ عميقة للتغطية على بعض الأشخاص المتورطين، وأن التحقيق يسير وفق حسابات سياسية صرفة بعيدة عن العدالة ومعرفة الحقيقة.

٣٠ تشرين الثاني ٢٠٢٢

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *