Dr Fadhil Sharif

الكاتب : فاضل حسن شريف

عندما يكون العدو بأضعاف مضاعفة من القوة بحيث يحصل دمار كبير بالأنفس والممتلكات والبنية التحتية للطرف الضعيف فإن من الحكمة والعقل التي أمرنا الله تعالى أن نجنح للسلم بدل الحرب المدمرة والا من غير الحكمة الدخول في نزاع غير متوازن القوى كما هو حاصل في الحالة العراقية. جاء في تفسير الميسر: قوله تعالى “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (الأنفال 61) جَنَحُوا، جَنَحُ فعل، وا ضمير. لِلسَّلْمِ: لِ حرف جر، ل اداة تعريف، سَلْمِ اسم. جَنَحوا للسِّلمِ: مالوا للمصالحة و المهادنة. وإن مالوا إلى ترك الحرب ورغبوا في مسالمتكم فمِلْ إلى ذلك أيها النبي وفَوِّضْ أمرك إلى الله، وثق به. إنه هو السميع لأقوالهم، العليم بنيَّاتهم.

جاء في کتاب الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ للسيد اسلام الموسوي: وعن غزوة بدر الكبرى: وقبل أن يقع القتال أنزل الله على نبيِّه: “وَإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا” (الانفال 61) فوقف رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بين الطرفين يخاطب قريشاً بأُسلوب يلهب المشاعر: (ارجعوا، فلأن يلي هذا الأمر منِّي غيركم أحبُّ إليَّ من أن تلوه أنتم).

تتميز اية المباهلة بسماحة وسلمية دين الاسلام”وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا” (الانفال 61) حيث لم يطلب سبحانه وتعالى من نبيه مقاتلة نصارى نجران طالما لم يعتدوا وانما بالابتهال اي التفويض لامر الله باللعن على الكاذب الذي يقول عيسى ابن الله وليس عبده.

جاء في کتاب النور المبين في شرح زيارة الأربعين للمؤلف مهدي تاج الدين: السَّلام الّذي هو إسم من أسماء الله كما قال”السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ” (الحشر 23)، وقال”لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ” (الانعام 127) فمعنى السَّلام عليك يعني الله عليك، أي حافظ لأسرارك وعلومك من أن تنالها أيدي الجهلة وعاصم لك من الرجس والسهو والخطاء ومن كلّ مكروه. أو مأخوذ من السلم وهو الصلح كما قال تعالى “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ” (الانفال 61) وقال: إنّي سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم، أي مسالم ومصالح لمن صالحتم، وقيل غير ذلك.

جاء في موقع المكتبة الشاملة الحديثة عن كتاب مجلة البيان حول السلام كما جاء في القرآن الكريم للدكتور محمد بن عبد الله الشباني: في مجال الحرب والسلم: جاء لفظ (السلام) في القرآن الكريم في مواضع عديدة، عندما تحدث القرآن عن علاقة المجتمع المسلم مع بقية الجماعات الأخرى التي تدين بغير دين الإسلام، وأوضح الإطار الذي يحدد مظاهر ونوعية علاقات السلم، والظروف التي يمكن فيها قبول المهادنة والصلح مع العدو، ولهذا لابد من فهم هذه الآيات التي تحدثت عن الحرب والسلم وورود لفظ (السلام) فيها كوحدة واحدة، لمعرفه كيفية بناء العلاقات السلمية مع الجماعات والمجتمعات الأخرى على النحو التالي: 1 المناوأة والمضادة للمجتمع المسلم: من أبرز الآيات التي يُسْتَشْهَدُ بها لإجازة السلام مع أعداء الأمة قوله تعالى: “وَإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا” (الأنفال 61) وذلك بعد فصلها عن سياقها. ولفهم هذه الآية لابدّ من فهم الآيات السابقة واللاحقة لها، فهذه الآية جاءت تعقيباً بعد قوله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم” (الأنفال 60) وجاء بعدها قوله تعالى: “وَإن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ” (الأنفال 62)، وإذا أردنا فهم هذه الآيات أو ربطها ببعضها، فلابد من الرجوع إلى ما قبلها من الآيات التي حددت الظروف الحربية التي كانت سائدة في زمن الرسول، فقد وصف القرآن الكريم هذه الظروف بقوله تعالى: “إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ” (الأنفال 55)، فقد وصفت هذه الآيات حقيقة الكفر والكافرين فيما يتعلق بمدى التزامهم بمواثيقهم، ولقد أوضح ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: ماذا ينبغي أن تمارسه الأمة، يقول رحمه الله: (أخبر تعالى أن شر مادة على وجه الأرض هم الذين كفروا، فهم لا يؤمنون، وكلما عاهدوا عهداً نقضوه، وكلما أكدوه بالأيمان نكثوه، وهم لا يخافون من الله في شيء ارتكبوه من الآثام، فإن تَغْلِبْهُم وتَظْفَرْ بهم في حرب فنكلْ بهم: قاله ابن عباس، والحسن البصري، والضحاك، والسدي، وعطاء الخرساني، وابن عيينة، ومعناه: غلّظ عقوبتهم وأثخنهم قتلاً، ليخاف مَن سواهم مِنْ الأعداء من العرب وغيرهم، ويعتبروا أو يصيروا لهم عبرة (لعلهم يذكرون)، وقال السدي: يقول: لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيقع بهم مثل ذلك. إن السلام لا يقوم بدوره لصالح المسلمين إلا عندما يدرك العدو أن المسلمين يمتلكون القدرة على تأديب الأعداء عند عدم احترامهم للمعاهدات، لهذا لا يمكن تحقيق السلام إلا إذا ذاق اليهود وأعوانهم الهزيمة المرة وأصبحوا تحت سيطرة المسلمين، وبالتالي: سيوفون بالعهد خوفاً من أن يُنكل بهم، ولكنهم إذا عرفوا أنهم إذ ينقضون المواثيق يحصلون على أوضاع أفضل مما حصلوا عليه، فإنهم لا يمتنعون عن نقض تلك المواثيق إن قبول السلم والمهادنة مع الأعداء كما أوضحته الآية يرتبط بالالتزام من قبل الأمة الإسلامية بما جاء في الآية التي سبقت آية “وَإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ” (الأنفال 61) وهي قوله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم” (الأنفال 60)، فقد أعقب هذه الآية قوله تعالى: “وَإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ” (الأنفال 61). 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *