
الكاتب : فاضل حسن شريف
جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قال الله تعالى عن أعجمي وعربي “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ” (النحل 103) “ولقد” للتحقيق “نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه” القرآن، “بشر” وهو قين نصراني كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل عليه قال تعالى “لسان” لغة “الذي يلحدون” يميلون “إليه” أنه يعلمه “أعجمي وهذا” القرآن “لسان عربي مبين” ذو بيان وفصاحة فكيف يعلمه أعجمي. وجاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن عربي “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ” ﴿النحل 103﴾ أعجمي اسم، عربي صفة، ولقد نعلم أن المشركين يقولون: إن النبي يتلقى القرآن مِن بشر مِن بني آدم. كذبوا، فإن لسان الذي نسبوا إليه تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أعجمي لا يُفصح، والقرآن عربي غاية في الوضوح والبيان.
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قال الله تعالى عن أعجمي وعربي “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ” ﴿النحل 103﴾ والحقيقة أنّ المشركين لم يجدوا من بينهم مَنْ ينسبون إِليه القرآن، ولهذا حاولوا اختلاق شخص مجهول لا يعرف الناس عنه شئياً ونسبوا إِليه القرآن، عسى بفعلهم هذا أن يتمكنوا من استغفال أكبر قدر ممكن من البسطاء. أضف إِلى ذلك كله أن تاريخ حياة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يسجل له اتصالات دائمة مع هذه النوعيات من البشر، وإِن كان (على سبيل الفرض) صاحب القرآن موجوداً ألا يستلزم ذلك اتصال النّبي صلى الله عليه وآله وسلم به وباستمرار؟ إِنّهم حاولوا التشبث لا أكثر، وكما قيل: (الغريق يتشبَّث بكل حشيش). إِنّ نزول القرآن في البيئة الجاهلية وتفوقه الإِعجازي أمر واضح، ولم يتوقف تفوقه حتى في عصرنا الحاضر حيث التقدم الذي حصل في مختلف مجالات التمدّن الإِنساني، والتأليفات المتعمقة التي عكست مدى قوّة الفكر البشري المعاصر. نعم، فمع كل ما وصلت إِليه البشرية من قوانين وأنظمة ما زال القرآن هو المتفوق وسيبقى. وذكر سيد قطب في تفسيره: أنّ جمعاً من الماديين في روسيا عندما أرادوا الإِنتقاص من القرآن في مؤتمر المستشرقين المنعقد في سنة (1954 م) قالوا: إِنّ هذا الكتاب لا يمكن أنْ ينتج من ذهن إِنسان واحد (محمّد) بل يجب أنْ يكون حاصل سعي جمع كثير من الناس بما لا يصدق كونهم جميعاً من جزيرة العرب، وإِنّما يقطع باشتراك جمع منهم من خارج الجزيرة. ولقد كانوا يبحثون ـ وفقاً لمنطقهم الإِلحادي ـ عن تفسير مادي لهذا الأمر من جهة، وما كانوا يعقلون أن القرآن نتاج إِشراقة عقلية لإِنسان يعيش في شبه الجزيرة العربية من جهة أُخرى، ممّا اضطرَّهم لأنْ يطرحوا تفسيراً مضحكاً وهو: إِشتراك جمع كثير من الناس ـ في تأليف القرآن ـ من داخل شبه الجزيرة العربية وخارجها على أنَّ التاريخ ينفي ما ذهبوا إِليه جملة وتفصيلا. وعلى أيّة حال، فالآية المباركة دليل الإِعجاز القرآني من حيث اللفظ والمضمون، فحلاوة القرآن وبلاغته وجاذبيته والتناسق الخاص في ألفاظه وعباراته ما يفوق قدرة أيّ إِنسان. (قد كان لنا بحث مفصل في الإِعجاز القرآني تناولناه في تفسير الآية (23) من سورة البقرة ـ فراجع).
ويستطرد الشيخ الشيرازي في تفسير الآية النحل 103 قائلا: “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ”. اختلف المفسّرون في ذكر اسم الشخص الذي إدّعى المشركون أنّه كان يعلّم النّبي صلى الله عليه وآله وسلم. فعن ابن عباس: أنّه رجل يدعى (بلعام) كان يصنع السيوف في مكّة: وهو من أصل رومي وكان نصرانياً. واعتبره بعضهم: غلاماً رومياً لدى بني حضرم واسمه (يعيش) أو (عائش) وقد أسلم وأصبح من أصحاب النّبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقال آخرون: إنّ معلّمه غلامين نصرانيين أحدهما اسمه (يسار) والآخر (جبر) وكان لهما كتاب بلغتهما يقرءانه بين مدّة وأُخرى بصوت عال. واحتمل بعضهم: أنّه (سلمان الفارسي)، في حين أن سلمان الفارسي التحق بالنّبيصلى الله عليه وآله وسلم في المدينة وأسلم على يديه هناك، وأنّ هذه التهم التي أطلقها المشركون كانت في مكّة، أضف إِلى ذلك كون القسم الأعظم من سورة النحل مكي وليس مدنياً. وعلى أيّة حال، فالقرآن أجابهم بقوة وأبطل كل ما كانوا يفترون، بقوله: “لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ”. فإِنْ كان مقصودهم في تهمتهم وافترائهم أنّ مُعَلِّمَ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم لألفاظ القرآن هو شخص أجنبي لا يفقه من العربية وبلاغتها شيئاً فهذا في منتهى السفة، إِذ كيف يمكن لفاقد ملكة البيان العربي أن يعلِّم هذه البلاغة والفصاحة التي عجز أمامها أصحاب اللغة أنفسهم، حتى أنّ القرآن تحداهم بإِتيان سورة من مثله فما استطاعوا، ناهيك عن عدد الآيات؟ وإِنْ كانوا يقصدون أنّ المحتوى القرآني هو من معلّم أجنبي.. فردّ ذلك أهون من الأوّل وأيسر، إذ أن المحتوى القرآني قد صُبَّ في قالب كل عباراته وألفاظه من القوة بحيث خضع لبلاغته وإِعجازه جميع فطاحل فصحاء العرب، وهذا ما يرشدنا لكون الواضع يملك من القدرة على البيان ما تعلو وقدرة وملكة أيِّ إِنسان، وليس لذلك أهلا سوى اللّه عزَّوجلّ وسبحانه عمّا يشركون. وبنظرة تأمّلية فاحصة نجد في محتوى القرآن أنّه يمتلك المنطق الفلسفي العميق في إِثبات عقائده، وكذا الحال بالنسبة لتعاليمه الأخلاقية في تربية روح الإِنسان وقوانينه الإِجتماعية المتكاملة، وأنّ كلّ ما في القرآن هو فرق طاقة المستوى الفكري البشري حقّاً.. ويبدو لنا أن مطلقي الإِفتراءات المذكورة هم أنفسهم لا يعتقدون بما يقولون، ولكنّها شيطنة ووسوسة يدخلونها في نفوس البسطاء من الناس ليس إِلاّ.
عن شبكة الفجر الثقافية وصف القرآن بأنّه عربي مبين للشيخ جعفر السبحاني: إذا كان القرآن عربياً وواضحاً فما هي الحاجة يا ترى إلى تفسيره وبيانه؟ حينما أدرك المشركون عجزهم أمام القرآن الذي تحدّاهم ـ وهم سادة البلاغة ورجال الأدب في ذلك الوقت، فكّروا في الخروج من هذا المأزق الذي وقعوا فيه، ولذلك أخذوا بالبحث عن مبدأ ومنشأ القرآن الكريم، ولذلك ذكروا مجموعة من التفسيرات التي هي من وحي خيالهم الباطل حيث قالوا: إنّ محمداً قد أخذ القرآن من غلامين روميّين هما (جبر) و(يسار) ومن غيرهما، ولقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله سبحانه: “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ” (النحل 103) (العجم) في اللغة هو (الإبهام)، و(الأعجمي) هو الإنسان الذي لا يفصح وإن كان عربياً، وبما أنّ العرب يجهلون اللغات الأُخرى غير العربية لذلك أطلقوا على غير العربي لفظ (العجمي)، لأنّه لا يفهم اللغة العربية بصورة صحيحة، أو أنّه لا يستطيع النطق، بصورة جيدة وصحيحة. فإذا أخذنا بنظر الاعتبار سبب النزول هذا والذي نقله بعض المفسّرين، حينئذ يمكن القول: إنّ الهدف والغاية من هذه الآية هو الرد على هذا التوهم الباطل حيث تبيّن الآية الحقيقة التالية: كيف يتلقّى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا القرآن الذي هو في قمة الفصاحة والبلاغة، والبيان، والمرونة والسلاسة والعذوبة وبلسان عربي مبين وواضح، من أُناس يجهلون اللغة ولا يعرفون من أسرارها وفنونها شيئاً، لأنّهما روميان؟ ولو فرضنا أنّهما يعرفان اللغة العربية فلا شكّ أنّهما ليسا بهذا المستوى من الإدراك البلاغي وهذه القوة من الفصاحة. وعلى هذا الأساس يكون مفاد الآية بيان أنّ القرآن الكريم كلام صحيح وخطاب بليغ منزه عن أدنى خلل أو تحريف، وما كان كذلك لا يمكن أن يكون وليد فكر الغلامين (يسار) و (جبر) أو غيرهما. ولكن النكتة الجديرة بالالتفات إليها هي أنّ كون القرآن بليغاً أو فصيحاً وعارياً من التحريف والخطأ لا يلازم عدم الحاجة إلى توفير بعض المقدّمات للوصول إلى تفسيره، وأنّ الحاجة إلى تلك المقدّمات التفسيرية لا تنافي كونه (عربي مبين). وها نحن نجد في جميع أرجاء العالم أنّهم يدوّنون كتبهم الدراسية والعلمية بأُسلوب سلس وبعبارات واضحة بعيدة عن التعقيد والإبهام. ومع ذلك نجد أنّهم بحاجة في الكثير من الأحيان إلى وجود المعلم والأُستاذ. وبعبارة أوضح: إنّ الآية تريد الإشارة إلى نكتة مهمة وهي أنّ اللّه سبحانه حينما يصف القرآن بأنّه (عربي مبين) يعني أنّ هذا القرآن وضع مطابقاً للأُسلوب العربي والقواعد العربية المحكمة وليس على طريقة الأعاجم الذي يجهلون اللغة العربية ويرصفون كلمة إلى جنب كلمة أُخرى ظناً منهم أنّهم يتكلّمون اللغة العربية، بل إنّ هذا الكتاب موافق لأُسس اللغة العربية وإنّه مصون وبعيد من التحريف والخطأ و الإغماض والتعقيد في العبارة. ونختم الحديث هنا بكلام لأمير المؤمنين عليه السلام، حينما أرسل ابن عباس للاحتجاج على الخوارج ومناظرتهم، فقال له عليه السلام: (لا تخاصمهم بالقرآن فإنّ القرآن ذو وجوه وحمال، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنّة فإنّهم لن يجدوا عنها محيصاً).فإنّ هذه الفقرة القيمة توضح وبجلاء أنّ بعض آيات القرآن تحتمل عدّة وجوه ومحتملات، ولا يمكن معرفة المراد منها إلاّ بعد أن نطوي مجموعة من المقدّمات ولا يمكن الاكتفاء بالمعرفة ببعض الأُصول الأدبية واللغوية لرفع هذا الإبهام. وهذا الكلام يرشدنا إلى أنّ جميع آيات الذكر الحكيم ليست من الكلام المحكم والصريح، بل يوجد فيها الكثير من المتشابه الذي يحتاج في بيانه إلى مجموعة من المقدّمات العلمية الأُخرى.
جاء في موقع الأمم المتحدة عن المناسبات الأممية: سبقت الاحتفالات بمناسبات دولية وعالمية إنشاء الأمم المتحدة، إلا أن المنظمة حرصت على الاحتفال بتلك المناسبات بوصفها وسيلة للدعوة والتثقيف والتوعية الفاعلة. وتحتفي الأمم المتحدة بمناسبات من أيام وأسابيع وسنين وعقود دولية وعالمية محددة حيث يخصص لكل منها شعارا أو موضوعا معينا في كل عام. وتعمل الأمم المتحدة من خلال المناسبات الخاصة على إذكاء الوعي الدولي بالقضايا ذات الصلة وعلى إحراز تقدم في ما يتصل بها. ويتيح كل يوم من الأيام الدولية الفرصة لعديد الجهات الفاعلة لتنظيم الأنشطة والفعاليات المتعلقة بالموضوع أو الشعار السنوي للمناسبة. وتمثل تلك المناسبات للمنظمات وللمكاتب التابعة لمنظومة الأمم المتحدة — فضلا عن الحكومات والمجتمع المدني والقطاعين العام والخاص والمدارس والجامعات وعموم المواطنين نقطة انطلاق لبدء جهود التثقيف والتوعية. وحددت غالب تلك المناسبات بموجب قرارات صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالرغم من أن بعضها حددته وكالات الأمم المتحدة المتخصصة. كما تحتفي الأمم المتحدة كذلك بالذكريات السنوية لأبرز المعالم في تاريخها.