
الكاتب : فاضل حسن شريف
جاء في موقع الأمم المتحدة عن اليوم الدولي للمهاجرين 18 كانون الأول/ديسمبر: يوم بدون المهاجرين: كيف سيبدو يوما واحدا بدون المهاجرين؟ على عكس ما قد يعتقده البعض، فالمهاجرين يلعبون دورًا حيويًا في الاقتصاد العالمي. وتشير الدراسات إلى أن المهاجرين يجلبون النمو والابتكار في كل من البلدان التي ينتمون إليها، وفي البلدان التي ينتقلون إليها. وتواجه معظم الدول الغربية قنبلة ديموغرافية موقوتة تتمثل في زيادة عدد السكان المسنين وانخفاض معدلات المواليد، وبالتالي يتعين على هذه الدول الاعتماد على المهاجرين لدفع النمو الاقتصادي والحفاظ عليه لأنه يصب في مصلحة هذه الدول المتقدمة دعم الهجرة الآمنة والمنظمة.
عن موقع الجزيرة: ماذا يعني الميثاق العالمي للهجرة؟: جاء في نص الميثاق “الهجرة جزء من التجربة الإنسانية عبر التاريخ، ونقر بأنها مصدر للازدهار والابتكار والتنمية المستدامة في عالم يتسم بالعولمة، ويمكن تعزيز تلك الآثار الإيجابية من خلال تحسين إدارة الهجرة”. ويحدد الاتفاق الدولي التفاهمات والمسؤوليات المنوطة بكل دولة من الدول المتعاهدة عليه، على أن تكون الهجرة فرصة لتوحيد الجهود الدولية لا التفريق وبث الخلافات بين الدول. وهو بذلك يقر بالحاجة إلى نهج تعاوني لتحسين الفوائد العامة للهجرة. وبموجبه، سيتم الحد من تلك المخاطر التي يواجهها المهاجرون وطالبو اللجوء عبر رحلتهم إلى الدول الأوروبية والغربية، مع التخفيف من مخاطرها وتحدياتها للأفراد والمجتمعات في بلدان المنشأ والعبور والمقصد على حد سواء، وذلك من خلال السماح لهم بالهجرة ضمن حاجة كل فرد وبطريقة “مشروعة”. أما الجزء الثاني من الميثاق والمتعلق بالأهداف، فقد فصل في الإجراءات والطرق التي يجب اتباعها لتجنب عملية الهجرة القسرية أو غير المنتظمة من خلال تحديد إطار لها. وركز ضمن هذا السياق على ضرورة الاهتمام بالأوضاع التي تدفع المهاجرين إلى المغادرة، من خلال تبادل المعطيات والمعلومات، ومكافحة الهجرة غير النظامية، عن طريق تعزيز الأمن على الحدود، والإشارة إلى عناصر الهجرة الآمنة والمُنظّمة وتجهيز تدابير للاندماج وسياسات للتنمية في بلدان المنشأ ودول اللجوء. كما دعا الميثاق لاتخاذ إجراءات للأمن والحماية والإنقاذ في دول العبور، بما في ذلك تسهيلات الاتصالات. ويهدف الاتفاق العالمي إلى الحد من الدوافع والعوامل التي تقوض قدرة الناس على بناء سبل كسب عيش دائمة في أوطانهم، بما يضطرهم إلى البحث عن مستقبل أفضل في مكان آخر، مع الحد من المخاطر التي يواجهها المهاجرون، في مراحل مختلفة من رحلتهم، من خلال احترام وحماية حقوقهم وتوفير الرعاية والمساعدة اللازمة لهم.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جل وعلا “لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ” ﴿التوبة 117﴾ “لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار” أقسم الله تعالى في هذه الآية، لأن لام “لقد” لام القسم، بأنه سبحانه قبل توبتهم وطاعاتهم، وإنما ذكر اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مفتاحا للكلام، وتحسينا له، ولأنه سبب توبتهم، وإلا فلم يكن منه ما يوجب التوبة. وقد روي عن الرضا علي بن موسى عليه السلام، أنه قرأ: “لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والأنصار” “الذين اتبعوه” في الخروج معه إلى تبوك “في ساعة العسرة” وهي صعوبة الأمر. قال جابر: يعني عسرة الزاد، وعسرة الظهر، وعسرة الماء. والمراد بساعة العسرة: وقت العسرة، لأن الساعة تقع على كل زمان. وقال عمر بن الخطاب: أصابنا حر شديد، وعطش، فأمطر الله سبحانه السماء بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعشنا بذلك “من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم” عن الجهاد، فهموا بالانصراف من غزاتهم، من غير أمر، فعصمهم الله تعالى من ذلك، حتى مضوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم “ثم تاب عليهم” من بعد ذلك الزيغ، ولم يرد بالزيغ هاهنا الزيغ عن الإيمان “إنه بهم رؤوف رحيم” تداركهم برحمته، والرأفة أعظم من الرحمة.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله جل وعلا “لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ” ﴿التوبة 117﴾ الساعة مقدار من الزمان فساعة العسرة الزمان الذي تعسر فيه الحياة لابتلاء الإنسان بما تشق معه العيشة عليه كعطش أو جوع أو حر شديد أو غير ذلك، والزيغ هو الخروج من الطريق والميل عن الحق، وإضافة الزيغ إلى القلوب وذكر ساعة العسرة وسائر ما يلوح من سياق الكلام دليل على أن المراد بالزيغ الاستنكاف عن امتثال أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخروج عن طاعته بالتثاقل عن الخروج إلى الجهاد أو الرجوع إلى الأوطان بقطع السير تحرجا من العسرة والمشقة التي واجهتهم في مسيرهم. والتخليف – على ما في المجمع، تأخير الشيء عمن مضى فأما تأخير الشيء عنك في المكان فليس بتخليف، وهو من الخلف الذي هو مقابل لجهة الوجه يقال خلفه أي جعله خلفه فهو مخلف. والرحب هو السعة التي تقابل الضيق، وبما رحبت أي برحبها فما مصدرية.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله جل وعلا “لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ” ﴿التوبة 117﴾ الحصار الاجتماعي للمذنبين: تتحدّث هذه الآيات أيضا عن غزوة تبوك، والمسائل والأحداث التي ترتبط بهذا الحدث الكبير، وما جرى خلاله. فتشير الآية الأولى إلى رحمة اللّه اللامتناهية التي شملت النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم والمهاجرين والأنصار في اللحظات الحساسة، وتقول: “لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ والْمُهاجِرِينَ والْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ”. ثمّ تبيّن أن شمول هذه الرحمة الإلهية لهم كان في وقت اشتدت فيه الحوادث والضغوط والاضطرابات إلى الحد الذي أوشكت أن تزل فيه أقدام بعض المسلمين عن جادة الصواب، (و صمموا على الرجوع من تبوك) فتقول: “مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ”. ثمّ توكّد مرّة أخرى على أن اللّه سبحانه قد تاب عليهم، فتقول: “ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ”.
قال الله سبحانه وتعالى في حق المهاجرين “وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (التوبة 100)، و”لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ” (التوبة 117).
المهاجر تقابله الصعاب والعسرة في هجرته “لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة ” (التوبة 117). اعطى الله تعالى للهجرة اهمية قبل الجهاد، والمهاجرون احق بالايمان من غيرهم “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا” (الانفال 74) و لهم درجة اعلى “الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُون”. ومن مستلزمات الهجرة الايمان كما في الايات “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا” (الانفال 72) و”وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا” (الانفال 74) و”وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا” (الانفال 75) و “الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا” (التوبة 20). الهجرة اساسها في القرآن الكريم هي ان تكون الى الله كما فعل الانبياء من قبل” وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي” (العنكبوت 26) ونصرة رسله” وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ” (النساء 100).