248fd315-4c2e-4d2c-9ab4-159777e30fe5

الكاتب : صباح البغدادي

*البارحة واليوم وغدآ وحتى في المستقبل، غطرسة الإمبراطوريةالعسكرية الأمريكية، تتمثل ليس من خلال تحديد لشخص ما متهم بالإرهاب، ولكن بالأعم وبالمجملومن يكون، بغض النظر عن مدى بشاعة العمليات الإرهابية التي قام بها وذهب ضحيتهاالعشرات والمئات من المدنيين؟ وحدها فقط من تقرر من هو إرهابي أو مقاوم أو ثائر؟هي وحدها كذلك لها الحق الإلهي من أن تمنح “صكوك الغفران” لمن تراه بأنهأصبح مطيع لتقديم قرابينه على مذبح تنفيذ مصالحها وأجندتها الاستراتيجية، وبغضالنظر عن الأعمال الإرهابية التي قام بها وما على الدول الأخرى سوى السمع والطاعةوالتنفيذ!
**لا نستغرب أن تتحول “دمشق” الى”كعبة” التغير للشرق الأوسط الجديد المنتظر ـــ بدلا من العراقسابقآ الذي كانوا يروجون له قبل الغزو والاحتلال الأمريكي 2003 وقد فشل فشلآذريعآ بعد أن وقع في دوامة الفساد المالي والإداري والمحاصصة الحزبية والتقاتل علىغنائم المناصب الحكومية ــ الكل سوف يحج لها من كل حدب وصوب ,لان التدمير والخرابالذي شمل الحجر والبشر ,وما أصاب البنى التحتية من دمار شامل تسيل اليه لعابالشركات الأجنبية والعربية وبدورها تنتظر الضوء الأخضر لغرض افتراس مشاريع البناءوالتنمية بكافة المجالات في سوريا ,ولكن يبقى الفساد المالي والإداري هو الهاجس والخوفالآخر في أن ينحدر بهذه الدوامة بعيدآ عن تعزيز مبدأ الشفافية والنزاهة فيمشاريع التنمية والبناء!
***صدقآ وليس سخرية منا! المفروض أن تمنح وزارة الخزانة أو الخارجية الأمريكيةالسيد “أحمد الشرع/ الجولاني” جائزة العشرة ملايين دولار التي كانتمقدمة لمن يأتي بخبره حيآ أو ميتآ؟ بعد نجاحه الباهر والمتميز بالإجابة على امتحاناختبارات الأسئلة المقدمة له! التي من خلالها قدم نفسه على أنه الحل وليس المشكلة،لكن لو كانت إجابته مغايرة تمامآ لما كان مطلوب سماعه من الوفد الأمريكي لكن الىالآن ما يزال على لائحة سردية الإرهاب والكباب … ولا نستغرب ايضآ بل ونحنعلى ثقة تامة متممة لما حدث، بأن “صك الغفران” كان أخر شيء بعد انتهاءالاجتماع من أن يمنحه له من عدمه، إذا لم تكن إجابته مقنعة ومعززة باستراتيجيةمحددة وهدف منشود يرغب معها للوفد الأمريكي بسماعه لكي يطرب على أنغامها السياسية!
قبل ساعة فقط كان القيادي البارز في “هيئةتحرير الشام” سابقآ ورئيس “مكتب العمليات العسكرية المشتركة”للمعارضة “أحمد الشرع / الجولاني” سابقآ من اهم الإرهابيين المطلوبين لأمريكا,وهناك جائزة مالية تقدر بعشرة ملايين دولار من يدلي بمعلومات تؤدي الى القبض عليه,وتقديمه للعدالة والقضاء الأمريكي – ويا له من عدالة وقضاء نزيه وشفاف ومحايد –لكن بعد هذه الساعة ,وفجأ وبدون أي مقدمات ,خرجت لنا البارحة الجمعة السيدة”باربرا ليف” مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ومعهاالوفد المرافق لها ,ومن خلال المتابعة عن كثب والصور التذكارية التي تم نشرها معالقيادي “الشرع” ومدى الفرح والسرور والابتسامة العريضة التي رسمت علىوجوههم بانه قد تم منحه “صك الغفران” بعد نجاحه في اختبار الأسئلة التيقدمتها وأجابته الشاملة والصريحة , وما تضمنه كذلك من تصريحات السيدة”ليف” والتي أكدت فيها :”ما رايته شخصيآ عن مدى التفهم والوضوح فيالحديث معه وانه رجل عملي والمحادثات كانت جيدة ومثمرة للغاية ومفصلة “وأضافت :”سوف يتم تقديم الدعم الكامل لعملية انتقال شاملة للقيادةالسورية” ولكن اهم تصريح نعتقده وكان السبب الرئيسي لمنحه “صك الغفران”وعرف بدوره “الشرع” من أين “تؤكل إجابة الكتف النهائية” كانحول الدور الإيراني في سوريا الجديدة الذي قد يكون عليه ومن خلال تأكيدها على ماسمعته من إجابة صريحة أنه “بناء على معطيات اليوم، فإن إيران لن يكون لها أي دورعلى الإطلاق، ولا ينبغي أن يكون لها أي دور” وهو نفس الحديث أو يكاد يكونمتطابق عن ما صرح به عند مقابلته مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية قبل أيام حولالدور الإيراني وكان صريح جدآ ولا بعد الحدود في تصريحه :”لقد قمنا بإخراجالميليشيات الإيرانية وإغلاق سوريا كلياً كمنصة للأذرع الإيرانية وتصدير الكبتاغونوالمخدرات ، المشروع الإيراني في المنطقة انتهى والى الأبد عاد 40 سنة إلىالوراء”.
القيادي “الشرع” عرف ليس فقط من أينتؤكل الكتف, ولكنه عرف جيدآ ودرس واستفاد كثيرا من أخطاء وعنتريات الذين سبقوه من القيادينبالتنظيمات الإسلامية, وكيف تم تصفيتهم واحدا تلو الآخر سواء أكانوا من التنظيمات”السنية” أو “الشيعية” فهؤلاء كلهم كانوا يصبون في بودقةقوائم الإرهاب الأمريكية لتصفيتهم , وعرف كذلك “الشرع” جيدآ من أنعبارات وجمل وشعارات التحدي والمواجهة في تحرير فلسطين والصلاة في القدس ــ التياستغلت ابشع استغلال من قبل الأنظمة الحاكمة وترجمت للقمع والتنكيل بشعوبهم تحتستار انهم معارضين لهذه الشعارات, وليس أنهم كانوا حقيقة معارضين حكمهم الاستبداديـــ فإنها سوف لن تأت بأي نتيجة مرجوة لمستقبل ورفاهية المواطن السوريبل على العكس سوف ينهشهم الفقر والجوع والأوبئة والأمراض , فهذا الوقتبالتحديد ومع هذه المتغيرات الدولية و القطب الواحد الأمريكي ليس وقت الشعارات ,لكنه وقت البناء والتنمية البشرية والاقتصادية ,عندما تكون دولة نووية ,يمكنكبسهولة قلب الطاولة على الجميع وإعادة صياغة فرض شروطك التي تدعو الى تحريرفلسطين والصلاة في القدس؟.
صحيح أن هذا التحول السريع في السياسة الأمريكيةكان مفاجئًا للكثيرين الجهات الحكومية والسياسية ، وخاصةً في ضوء أن”الشرع/الجولاني” كان يُعتبر منذ سنوات طويلة أحد أبرز الشخصيات المدرجةعلى قوائم الإرهاب ,ولكننا ما نزال نعتقد بان هذا لا يعني أن أمريكا قد غيرتموقفها بهذه السرعة الجنونية بانها أعطت صك تنفيذ استراتيجية الشرع الإسلامية علىبياض ومن دون ما يكون هناك مقابل , وهذا المقابل الحفاظ على أمن الحدودالجنوبية السورية , وعدم المطالبة بتحرير أو إعادة “الجولان” واتخاذ نفسالسياق على ما كان معمول به طوال حكم نظام عائلة “الأسد” ولكن علىالأقل في الوقت الحاضر ,وحسب ما نراه فإن السياسة الأمريكية في الواجهة ,ما تزالتركز بشكل رئيسي على محاربة تنظيم “داعش” والتنظيمات الإرهابيةالأخرى، وسوف تستغل هذا الموضوع من تأديب بقية التنظيمات المتطرفة ومن خلال مساعدةمقاتلين “هيئة تحرير الشام” في إن يكونوا حائط الصد الأول في التصديلتنظيم “داعش” ومن خلال إيجاد أرضية مشتركة في تقديم الدعم والإسنادوالتعاون والتدريب لغرض إنشاء جيش سوري قادر فقط على مواجهة التحديات الداخليةوالحفاظ على أمنه الداخلي وبعيدا جدأ على أن يكون الجيش الجديد يشكل أي تهديد الىدول الجوار , وبالأخص والتحديد “إسرائيل” وهذا هو المطلوب بالتحديد وليسأي شيء آخر.
إن قيادات “هيئة تحرير الشام” من خلالالاستشارات والنصائح المقدمة لهم , وفهم وإدراك أوسع للأوضاع المحليةوالخارجية , قد قامت بحملة تغييرات سياسية وتنظيمية وفكرية في خطابها الموجه بالسنواتالأخيرة ومن خلال تعديل خطابها السياسي الموجه للداخل أو الخارج , وكذلك ما شملهالتغير بأسلوبها في العمل السياسي والتنظيمي والاقتصادي والاجتماعي في المناطقالتي كانت تسيطر عليها سابقآ , وبالتالي انعكست هذه التغيرات الإيجابية التيأدخلتها على عملها ومدى مقبوليتها لدى المجتمع الدولي ، ومن خلال محاولاتهاالحثيثة بتقديم نفسها كقوة سياسية إسلامية معتدلة غير متطرفة ولديها الاستعدادالتام بتجاوب والتحاور مع أي طرف دولي أخر قد يشكك بمدى جدية هذه التوجهات,وتقديم نفسها على أنها تنظيم غير متطرف مقارنة ببقية التنظيمات والجماعات المسلحةوهذا التغيير في الخطاب كان يهدف بشكل أساسي إلى تحسين صورتها على الصعيدينالإقليمي والدولي وقد نجحت في هذا مما أدى الى إن تكون ليس مدىقابليتها للمجتمع الدولي وأن يكون لها حاضنة شعبية في المناطق التي كانتتسيطر عليها ولكن حتى في العاصمة دمشق كان الجميع ينتظرها بفارغ الصبرإعلان التحرير والتخلص من النظام العائلي الحاكم .
وأخيرآ وليس أخرآ , هناك من يرغب حاليآ من قادةسوريا الجدد في الحكومة الانتقالية في قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران كليآ ونهائيا ,وحتى اجتثاث أي تواجد لها في سوريا , وكذلك هناك توخي الحذر وتخوف لدى البعض من ماقد ينتج من علاقات دبلوماسية وتعاون اقتصادية وثقافي مع العراق بالمستقبل واستغلالايران لهذه العلاقات “العربية / العربية” في أن يكون لها موطئ قدم داخلالأراضي السورية من جديد , ولكن بواجهة عراقية ,بالأخص من خلال تنظيم الزياراتالدينية “مرقد السيدة زينب” (ع) من خلال ستار إنشاء جمعيات ومراكزومنظمات دينية تحت ستار مساعدة الشيعة السوريين في مناطق “الزهراءوالنبل” وإعادة ترسيم وصياغة عقلية هؤلاء العقائدية والمذهبية ,وبما يتماشىمع متغيرات المرحلة القادمة , لإعادة نفوذها من الباب الخلفي من خلال هذه المنظماتوغيرها من أوجه التشابه فيما بينها وهذا الموضوع قد يطول شرحه في هذا المقام لكنالمخاوف ما زالت موجودة حول استراتيجية إيران ودورها في سوريا الجديدةوهذا ما تحاول حكومة السورية الانتقالية فهمه من ناحيته السياسية والاقتصاديةوالاجتماعية.
نكرر تخوفنا من على هذا المنبر الإعلامي، بأنالمتشددين من رجال الدين الإيرانيين ومعهم قيادة الحرس الثوري / فيلق القدس سوف لنيكون لهم أي حاجز ديني أو عقائدي في إعادة سيناريو ـــ تفجير ضريح الإمامين العسكريينفي مدينة سامراء يوم الأربعاء 22 فبراير2006 مما أدى في حينها لإشعال شرارة الحرب الأهلية بين السنة والشيعة وكانت بغدادوالمحافظات مسرحآ لإعمال التصفيات والجثث التي تنتشر في مكبات النفايات وكان الهدفمن هذا التفجير الإرهابي إحداث شرخ وفتنة بعد التقارب والتفاهم الذي رأيناه وعشنالحظاته وكتبنا عنه سلسلة مطولة من المقالات في حينها بين قيادات السنية المقاومةوفصائل مسلحة بمحافظة الأنبار والموصل وصلاح الدين وما بين جيش المهدي والتيارالصدري وهذا التقارب بين أبناء البلد الواحد أجج في النفس الطائفي الإيراني والأحزابالشيعية التي كانت في الحكم تخوف من أن يتم تهميشها والقضاء عليها تدريجيا ــ لذايكون تخوفنا نابعآ من أن يأتي الدور على تفجير مرقد السيدة زينب (ع) والسيدة سكينة(ع) والسيدة رقية (ع) ووضع عبوات ناسفة أثناء الزيارات الدينية في طريق الزائرينأو سيارات مفخخة , لذا على الجهات المسؤولة تأمين مداخل ومخارج منطقة السيدة زينبونصب معدات تقنية قادرة على اكتشاف ذخائر ومعدات العبوات التفجيرية الناسفةوالسياراتالمفخخة وتدريب الكادر الأمني لغرض منع أي محاولات لزعزعة السلم وأمن المجتمع!.
خارج نطاق التغطية الإعلامية: ما ذا سوف يكونعليه اليوم حال القيادي وزعيم تنظيم القاعدة الشيخ “إسامة بن لادن” لوتم له الأمر في أفغانستان مثلى ما تم له الأمر “الجولاني” في سوريا … كمانعرف أن ليس هناك عداوات دائمة، ولكن هناك مصالح دائمة … وكنا سنراه في البيت الأبيضيجلس مبتسما مع السيد الرئيس، وكما سنرى في المستقبل الرئيس الشرع يجلس مع الرئيس دونالدترامب أو من سوف يخلفه من بعده!؟ ولن يدفع ثمن هذه الألاعيب السياسية إلا المواطنالمسكين الذي فقد أعز ما يملك من البشر أو الحجر وما زال يدفع الثمن؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *