نزار حيدر
نـــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر لـ [العالَم الجديد]؛ بينَ [٢٠٠٣] و [٢٠٢٤] فروقاتٌ كثيرةٌ
لا يمكنُ أَن نُقارنَ بينَ ما حصلَ في العراق عام ٢٠٠٣ وما حصلَ في سوريا عام ٢٠٢٤ وعلى مُختلفِ المُستوياتِ والتَّفاصيل ومِنها مواقفِ دُول الجِوار والمَنطقة والعالَم ممَّا جرى في البلدَينِ؛
١/ فالعراقُ شهدَ عام ٢٠٠٣ عمليَّةَ غزوٍ أَجنبيٍّ أَسقطت نظام الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين وأَسَّست لنظامٍ سياسيٍّ جديدٍ بكُلِّ تفاصيلهِ.
وقد رعى كُلَّ الخَطواتِ التَّاليةِ مجلس الأَمن الدَّولي الذي شرعنَ عمليَّة الغزو والإِحتلال بقرارٍ دوليٍّ.
أَمَّا سوريا عام ٢٠٢٤ فقد زحفَت فيها [فصائِل مُسلَّحة] [بغضِّ النَّظرِ عن التَّوصيف الذي نختلف عليهِ] على العاصمةِ دمشق لتُسقطَ نظام الطَّاغية الفار بشَّار الأَسد.
ولذلكَ فإِنَّ دُول الجِوار والمُجتمع الدَّولي تردَّدت كثيراً وتأَخَّرت قبلَ أَن تُقرِّر فتحَ قنواتِ الإِتِّصال والتَّواصل مع النِّظام السِّياسي الجديد في بغداد خاصَّةً وأَنَّهُ في العامِ الأَوَّل كانَ مُجرَّدَ واجِهةٍ لعمليَّةِ التَّغييرِ أَمَّا الحقيقةُ والواقعُ فقد أَدارت البلاد سُلطة [الإِئتلاف] التَّابعة للدَّولة التي احتلَّت العراق وأَقصُد بها الوِلايات المُتَّحدة، كذلكَ بقرارٍ أُمميٍّ.
أَمَّا في سوريا فلم تكُن هُناك قوَّات أَجنبيَّة غازِية ومُحتلَّة ولم يكُن لمجلسِ الأَمنِ الدَّولي أَيَّ دورٍ في كُلِّ ذلكَ، ولذلكَ جازَ للدُّولِ أَن تتصرَّفَ بسُرعةٍ للتَّعاملِ مع الحُكمِ الجديدِ الذي بدأَ يتشكَّل في دِمشق.
٢/ عام ٢٠٠٣ سقطَ النِّظام السِّياسي [السنِّي] لتُسلِّم واشنطُن السُّلطة الجديدة لـ [الشِّيعةِ والكُرد] وهوَ الأَمرُ الذي أَثارَ الكثير من [المخاوفِ] الطَّائفيَّةِ والعُنصريَّةِ لدى دُول الجِوار والإِقليم على وجهِ التَّحديدِ.
ومن المُفارقاتِ مثلاً فإِنَّ طهران سارعَت للإِعترافِ والتَّعاملِ معَ الوضعِ العراقي الجديد [مِن بينِ عدَّةِ أَسبابٍ] كَون البديل عن نظامِ الطَّاغية كانت القُوى السياسيَّة الشيعيَّة والكُرديَّة وكُلُّها أَصدقاء لطهران والتي لها عليهِم الكثير من الفضلِ في احتضانِها ورعايتِها وتمكينِها، فيما تعاملَت دُول الجِوار والإِقليم الأُخرى بطائفيَّةٍ مقيتةٍ بسببِ إِزاحةِ [السنَّة] عن السُّلطةِ في بغداد لدرجةٍ أَنَّها استعانت فرعَت الإِرهاب وموَّلتهُ وشرعنتهُ بفتاوى فُقهاء التَّكفير وغطَّتهُ بالإِعلامِ الطَّائفي الحاقد.
حتَّى أَصدِقاء الحُكم الجديد، وأَقصُد بهِما طهران ودِمشق، قرَّرُوا أَن [يُزلزِلوا الأَرضَ تحتَ أَقدامِ المُحتلِّ، على حدِّ وصفِ الرَّئيس الإِيراني الأَسبق هاشمي رفسنجاني] لكنَّ الضحيَّةَ التي دفعَت الثَّمن غالياً كانت العِراقيُّونَ الذين ذبحوهُم في الشَّوارعِ والمدارسِ ومسطباتِ عُمَّالِ الأَجرِ اليَومي وفي السَّاحاتِ العامَّةِ، وفي كُلِّ مكانٍ!.
اليَوم يجري العَكس فكُلُّ دُول الجِوار السُّوري والإِقليم يتسابقُونَ للتَّواصُلِ معَ الحُكمِ الجديدِ في سوريا وللحضُورِ في دمشق وفي ذلكَ الكثير من النَّفَسِ الطَّائفي الواضح، فيما لم تسعَ طهران لحدِّ الآن إِلى شيءٍ ملموسٍ من ذلكَ، وفيهِ كذلكَ [إِلى جانبِ دوافعَ أُخرى] الكثيرِ من النَّفسِ الطَّائفي.
٣/ في عام ٢٠٠٣ كانَ البديلُ في بغداد غامِضاً بالنِّسبةِ لدُولِ الجوارِ والإِقليم، كما كانت نواياهُ خافِيةً في الكثيرِ من تفاصيلِها، فكما نعرِف فإِنَّ كُلَّ دُول الجِوار والإِقليم كانُوا يدعمُونَ ويقفُونَ بقوَّةٍ إِلى جانبِ نظامِ الطَّاغيةِ الذَّليلِ صدَّام حسين فيما كانت مواقفهُم عدائيَّة وغَير وديَّة تِجاه قُوى حركة المُعارضة العراقيَّة، إِذ ساهمَت مواقفَها هذهِ في تصفيَةِ الكثيرِ من الزَّعاماتِ المُعارِضةِ سواءً على أَراضيها على يدِ المُخابراتِ العراقيَّةِ آنذاكَ كما حصلَ للشَّهيدَينِ السيِّد مهدي الحكيم في الخُرطوم والسيِّد حسن الشِّيرازي في بيرُوت والسيِّد الشَّوكي في الكُويت، أَو من خلالِ تسليمهِم إِلى العراق لتتُمَّ تصفيتهِم في بغداد كما حصلَ ذلك للشَّهيد السُّبيتي الذي سلَّمتهُ السُّلُطات الأَردنيَّة إِلى نظام الطَّاغيةِ الذَّليل.
والقائمةُ تطُولُ!.
أَمَّا اليَوم فإِنَّ الفصائل المُسلَّحة التي وصلَت إِلى السُّلطةِ في دمشق تأَسَّست ونمَت وترعرعَت ورضعَت وتغذَّت وشبَّت وكبُرت وقوِيت وتمكَّنت وتمدَّدت بفضلِ دُول الجِوار والإِقليم والتي رعَتها في كُلِّ المراحلِ بالفتوى [الدينيَّة] والمالِ والإِعلام والسِّياسة والديبلوماسيَّة وفي كُلِّ شيءٍ.
لذلكَ ففي هذهِ المرَّة فإِنَّ البديلَ في سوريا تلميذهُم لا يشكُّونَ في نواياهُ ولم يكُن خافِياً عليهِم في شيءٍ، يعرفُونهُ كما يعرفُونَ أَنفسهم.
ما تغيَّرَ هو القِناعُ ومقاساتهُ فقط، والقِناعُ صناعتهُم كما نعرِف!.
٢٠٢٤/١٢/٢٣