أدهم-الشبيب

ادهم الشبيب

دارت على بغداد المعاصرة منذ ربع قرن الى الان ثلاث حقب قصيرة ولكن اثرها الفاعل عادل في قوته حقبة الالف سنة الماضية قبيل سقوطها التاريخي على يد المغول والى سقوطها الحديث على يد الامم الاوربية  مجتمعة مع ايران وامريكا ودويلات الخليج العربي ومصر واليابان في الحملة العالمية التي توشحت بشعار القضاء على صدّام واسلحته المدعاة وتهديده المفترض لإسرائيل ، 

الحقبة الأولى هي الست سنوات التي سيطر فيها الجيش الامريكي على المدن والمؤسسات واهلك الزرع والضرع ودمر الاسفلت بدباباته وسرق الاموال ونهب ذهب النساء من بيوتهن وحطم الجسور واسيجة الطرق السريعة وامدادات الماء والكهرباء والاتصال بحجة محاربة الارهاب “المقاومة الشعبية” ، 

الحقبة الثانية عندما استلم الجعفري والمالكي والعبادي وعبد المهدي والكاذبي وكان اولهم يحمل شهادة الفلسفة “الفارغة” والاخير شهادة المتوسطة “المزورة” وعرفوا بولائهم الخارجي ولم يضيفوا الى بغداد اي شيء سوى تعزيز الشوارع بالقواطع الكونكريتية “الصبّات” وقطع حقول النخيل وتجريف الاشجار واهمال بغداد فازداد التصحر وتحطمت الطرق جراء انعدام الادامة ولم يصبغ اي واحد منهم رصيفا واحدا ولم يتعاقدوا مع اي شركة عالمية او محلية لأي مشروع سوى ان رؤساء الكتل في زمانهم استولوا على القصور الرئاسية التي يسمونها قصور صدّام وعلى المساحات الخضراء حولها فلم تسلم خضرة الارض منهم فجرفوها وحولوها الى كونكريت لحماية انفسهم من الناس ، واستمرت تلك الحقبة 15 سنة كانت كفيلة بتحويل بغداد الى مدينة خراب ومداخلها الى مقابر للأحياء ، 

ثم جاءت الحقبة الاخيرة منذ سنتين باستلام السوداني وهو مهندس زراعي مهني ومحترم ومن اشخاص الداخل فبدرت منه بوادر خير تجاه تعمير بغداد لكنه تعاقد مع شركات سيئة من بلاد عربية واهتم بالجسور الكونكريت والاسفلت في الطرق والمقرنص في الارصفة ولم يضف شجرة واحدة الى مدينة السلام التي كانت من اجمل مدن العالم الخضراء اذ تغفو على اكثر الانهار حلاوة وعذوبة في العالم وهو نهر دجلة الذي جعلوا من المجاري والمياه الثقيلة تصب فيه دون ان تعالج ومن سكان يزيدون على خمسة ملايين فاستحالت مياهه الى السواد الداكن ولم تعد تصلح للشرب ولا لسقي المزروعات ، واختفت مساحات الحدائق التي كانت تزين البيوت البغدادية وتحولت الى مقاطعات صغيرة من الكونكريت بتوسع العوائل ولانعدام الرقابة والقانون في الانشاءات ، ولم تلفت حكومته الى المجمّعات والابراج الكونكريتية الاستثمارية التي تعتمد غسيل الاموال المسروقة من قبل السياسيين والبرلمانيبن وكبار الموظفين فلم تعمد الى منعها عن قلب العاصمة كما تفعل الدول فتغطّت بغداد بملايين الاطنان من الكونكريت المضاف دون قانون يوجب مساحات خضراء حتى اصبحت بغداد اكبر صحراء من الكونكريت في الشرق الاوسط والعالم ،

ادهم الشبيب 25 ك١ 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *