مهدي قاسم
عندما يقوم إعلامي ما ـ ( من بين إعلاميي هذا الزمن البائس و الرديء )ــ بإجراء مقابلة مع شخصية سياسية مهمة ، فنجده بدور من بين أدوار ثلاثة :
الأول : يطرح أسئلة و قبل أن يجيب الضيف يقاطعه ، و يتحدث باستمرار دون يعطي فرصة للضيف لكي يجيب على نحو ما يراه مناسبا له ، و هكذا إلى أن تنتهي فترة المقابلة المحددة ، دون أن يقول الضيف شيئا مهما ..
الثاني يطرح الأسئلة و قبل أن يجيب الضيف يسرع هو ليجيب بأجوبة جاهزة مسبقا كأنما يريد ان يضع السؤال في فم الضيف لجيب مثلما يريد هو أو مسؤولو مؤسسته الإعلامية ..
الثالث : يطرح أسئلة حذرة ومنتقاة بدقة ، لكي لا يحرج الضيف ، أو قد تكون أسئلة عادية وعمومية جدا ، من نوع أحاديث بائعات الخضراوات ، و ذلك و بناء على تعليمات مسبقة ،و لغاية تجنب عملية توجيه أسئلة حساسة تمس صميم المسائل التي تخص السيادة الوطنية ، الأزمات الأمنية و الاقتصادية والمالية ، البطالة المزمنة ، الخدمات الرديئة و المتلكئة ، تدهور مستوى التعليم و الصحة ، الكارثة البيئية و غير ذلك من مسائل ساخنة و ملحة تمس مصير الوطن بشكل خطير ..
و ختاما : ذات مرة عندما كنتُ في بغداد سألت احد الضالعين في عالم القنوات والفضائيات التلفزيونية :
لماذا يجرون مقابلات مرارا مع ساسة ومسؤولين و نواب سابقين اشتهروا بالفساد واللصوصية ناهيك عن كونهم كانوا فشلين في مهماتهم ، بل جرت بحق بعضهم الاخر إجراءات جنائية ، فرد بأن هؤلاء هم الذين يتصلون بمعدي البرامج او مالكي هذه القنوات و الفضائيات و يعرضون عليهم مبلغا من المال ليجروا معهم مقابلات بين وقت وآخر ..
بهذا يكون معد البرنامج أو مالك الفضائية قد ضرب عصفورين بحجر واحد :
العصفور الأول يتجسد في حصوله على مبلغ معين من المال من لا شيء.
العصفور الثاني يكون قد ملأ فراغا في البث التلفزيوني ، طبعا ، مجانا ، بدلا من أن يملئه ببرنامج قد يكلفه آلافا من الدولارات . ..
* علما أن قنوات و فضائيات عديدة قد أُسست و شُغلت من المال العام المسروق بل ، ولا زالت تجري عملية تشغليها من المال العام المنهوب .
يبقى أن نضيف إلى أنه بما أن أحد مبادئي عدم التعميم في أي شأن من الشؤون والأمور ، فأنا هنا اتحدث عن ظاهرة وليس بشكل عام و مطلق في كل زمان ومكان ..