نوفمبر 22, 2024
2015-635809292175639525-563

اسم الكاتب : سناء جاسم الكعبي ـ الاحواز

أن الأحواز من الناحية الجغرافية هي تلك المنطقة الواقعة في الجنوب الشرقي من العراق والجنوب الغربي من إيران. يبدو ان النخب الاحوازية لم تتفق فيما بينها حتى الآن على الحدود المقبولة لبلادهم. فالبعض يبالغ جدا بحدود الاحواز بحيث يعتبرها تمثل كل الضفة الايرانية من الخليج العربي، من البصرة حتى بلوشستان عن حدود باكستان!!(لاحظ الخارطة ادناه)

قارن بين مساحة الاحواز(عربستان) حسب اداعاء غلات القوميين، ومساحة الاحواز المعقولة حسب الوطنيين الواقعيين. .

صحيح ان هذه الضفاف الايراينة من الخليج العربي مقطونة تاريخية ولحد الآن بقبائل عربية، لكن هذا لا يعني انها جزءا من الاحواز او جزءا من العالم العربي، بل هي جغرافيا وتاريخيا وحضاريا، جزءا طبيعا من ايران رغم الهجرات العربية اليها.  اما الاحواز الحقيقية فهي أمر آخر، لأنها بلاد مختلفة جغرافية وحضاريا وتاريخيا عن ايران. ان الحدود المعقولة للاحواز، هي الاراضي الممتدة بين البصرة والعمارة غربا من ناحية العراق، حتى جبال زاغاروس شرقا عند ايران. بالحقيقة ان سلسلة جبال زاغاروس شكلت دائما حدا جغرافيا فاصلا بين بلاد النهرين وايران، أي بين العنصر السامي البحر متوسطي، والعنصر الآري الاسيوي. من يتمعن بمنطقة الاحوزا يكتشف انها امتداد جغرافي طبيعي لسهل النهرين، وهذا جعل من بيئتها نفس بيئة جنوب العراق من حيث وجود الاهوار والبساتين، وبالتالي ان سكان الاحواز هم دائما نفس سكان جنوب العراق، منذ فجر التاريخ وحتى الآن. ففي التاريخ القديم كان يقطن الاحواز(العيلاميون) وهم لايختلفون عرقيا وحضاريا عن السومريين. ثم بعدها قطنها الآراميون وهم نفس سكان جنوب العراق، بل كذلك انتشرت بينهم المسيحية النسطورية العراقية وكانت كنيستهم تابعة لكنيسة بابل العراقية. ثم اخيرا انتشر فيها العنصر العربي والدين الاسلامي، بل اصبحت ايضا شيعية مثل باقي جنوب العراق. ولازالت عشائر جنوب العراق متداخلة تماما مع عشائر الاحواز. 

التاريخ القديم

زقورة (معبد عراقي) من الاحواز، هي نفس الزقورات العراقية المعروفة.

 من علائم العلاقات الحضارية بين العراق والاحواز، انه في مدينة (السوس) الاحوازية عاصمة العيلاميين، تم إلى اكتشاف مسلة حمورابي، كذلك عثر على الكثير من الآثار العراقية القديمة. كما أن الثقافةالتي عمت (عيلام) هي ذات ثقافة بلاد النهرين، سواءا من حيث الكتابة المسمارية والتفاهم باللغة المتشابهة إلى حد بعيد أو العادات والتقاليد المتماثلة. كما أن أقدم سلالة عيلامية وهي سلالة “أوان” كانت خاضعة لسلالة لكش العراقية. وقد خضعت الاحواز لسيطرة سلالات وأقوام النهرين لمدد طويلة من الزمن. حكمتها السلالة الاكد ية من عام 3500 ق. م الى2100 ق. م، ثم السلالة البابلية من عام 2094 ق. م الى800 ق. م والآشورية من عـام 800 ق. م إلى 612 ق. م والكلدانية من عام 600 ق. م إلى عام 550. ق. م.  ثـم خضعت بعدها، مثل باقي العراق، خضعت الاحواز لسيطرة الدول الايراينة التي غزت المنطقة. فحكمها (الاخمينيـون) من عــام 550 ق. م إلى 336 ق. م. الذين دامت سيطرتهم قرابة 214سنة حتى جاء الاسكندرالمقدوني فطردهم إلى خلف الجبال وفي عهد سميت المنطقة بالاحواز، من التسمية الآرامية(حوز) أي (حوض) ويقصد بها(الاهوار، أي احواض الماء) . ثم تلى ذالك الدولة السلوقية اليونانية، فحكموها من عام 312 ق. م. إلى 135 ق. م. ثم عادوا الفرس مرة أخرى وسيطر عليها الفرثيون من 135 ق. م إلى عام 226 ميلادية. ثم سيطرت عليها سلالة أخرى وهي الساسانية (226م- 637 م) حكمتها قرابة 411 عام.

الملاحظ أن الإمبراطورية الفارسية لم تستطع إخضاع الأحواز إخضاعا تاما بسبب الثورات المستمرة فيه الأمر الذي كان يفرض عليها توجيه حملات عسكرية لمواجهة هذه الثورات حتى اقتنعت المملكة الساسانية بصعوبة حكمها بالمطلق كما إنها عجزت عن فرض الديانة الزرادشتية في المنطقة لذلك سمحت لهم بإنشاء امارات تتمتع باستقلال ذاتي.

  الفترة العربية الاسلامية

منارة من الاحواز، هي نفس نمط المنارات العباسية العراقية

 انتهت السيطرة الفارسية بسيادة الحكم العربي للمنطقة بعـد معركتي الفتح الإسلامي فـي القادسيـة والمدائن وذلك في عام 17 هـ، وابتـــداء بعام 38 هـ صارت المنطقة ساحة لحـرب الخـوارج وأصبحت تابعة لولاية البصرة أيام حكم الأمويين وصارت المنطقة في عهد العباسيين (132 هـ – 156 هـ) ولايـة مستقلة عين عليها ولاة من العرب وفي بادي الأمر عانت مــن حالة عدم الاستقرار في مناحي الحياة السياسية والاقتصادية إلا إنها سرعــان ما أصبحت بفضل اهتمام الخلفاء العباسيين بمنطقة جنوب العراق والخليج العربي احد المراكز الهامة في تجارة العباسيين، واهم المصادر التي تمول الخزينة وتلبي حاجات البلاط العباسي. بيد أن ضعف الدولة العباسية أدى إلى بروز الخلافات بين صفوفها وشق الولاة عصا الطاعـة عليها ومن هنا فقد كثرت الاضطرابات والفتن وعانت الأحواز الكثير من ويلات الحروب الداخلية وصارت تتأرجح بين الاستقلال تارة وبين التبعية الأجنبية تارة وبين الخلاف فــي ضمها كولاية تارة أخرى حتى عام (613 هـ – 1258م) حيث سقوط الدولة العباسية على يد المغول.

 وكان في أواخر زمن الدولة العباسية نشأت عدة امارات عربية في الأحواز كانت أقوها إمارة بني أسد وقبيلة بني أسد العربية كانت في المنطقة منذ القدم(ولازالت) تستوطن الحويزة التي حازها دبيس بن عفيف الاسدي أيام الطالع بالله العباسي وقد أ سس بنوأسد إمارة مستقـلـة اتخذت مدينة الاحوازعاصمة لها، وكانت الإمارة ذات نفوذ واسع ونتيجة لهذا النفوذ الواسع كان قد حدث اختلاف بين البويهيين والإمارة الاسدية تطور الخلاف إلى حروب دامية (1012 م – 405هـ) أدت إلى ضعف قبضة الإمارة الاسدية على المنطقة مما هيأ الساحة إلى قيام إمارات عربية أخرى في المنطقة منها إمارة بني عامر، وآل كثير، و خفاجـة’ بعد ذلك دانت المنطقة لحكم المغول لغاية عام 844هـ حيث قيام الدولة المشعشعية.

لا حظ (شط العرب) على اليسار والذي يفصل حاليا بين العراق وايران.

اما على اليمين (نهر الكارون) ، والذي يفصل تاريخيا وطبيعا بين العراق والاحواز،أي انه من المفروض ان يفصل بين ايران الحالية والعراق. ان جزيرة عبادان الواقعة بين شط العرب والكارون هي جزء طبيعي وتاريخي من البصرة.

دولة المشعشعين العربية من عام 844هـ – 1446م

تأسست الدولة المشعشعية في الأحواز على يد شخصية عربية تعود في نسلها إلى الإمام علي بن أبي طالب ويـدعى محمد بن فلاح المشعشعي حيث تمكن بمساعـدة بعض قبائل المنطقة من تأسيس إمارة عربية في الحويزة سرعان ما تحولت إلى الدولة المشعشعية واتسعت هذه الدولة وأصبحت أقوى دولة في المنطقة وشمل نفوذها في فترات قوتها مناطــق واسعة وحكمت علي رقعة كبيرة شملت في جنوب وغرب ايران وجنوب شرق العراق وشمال شبه الجزيرة العربية وضربت النقود باسم المشعشعيين عام(914هـ –1516م) و هذا بالطبع أكبر دليل على استقلا ل الدولة المشعشعية مع وجـود قوتين كبيرتين هما الدولة الصفوية والدولة العثمانية وحافظ المشعشعيون على استقلالهم وسيادتهم الكاملة نحو سبعون عاما، منذ ظهور محمد بن فلاح في عام 840 ق وحتى سقوط الدولة المشعشعية علي يد الشاه إسماعيل الصفوي عام 914 ق حيث سميت الأحواز بعد ذلك – بعربستان ــ تحكمها الأسرة المشعشعية في إطار الاستقلال الداخلي تحت سلطة الحكم الصفوي، وفي عام 1103هـ ــ 1690 م قامت إمارة لقبيلة كعب البوناصر إلى جوار إمارة المشعشعين، حكمت مناطق واسعة من الأحواز حكما مستقلا عن كل من الدولتين الفارسية والعثمانية، وكان مركز هذه الإمارة مدينة الفلاحية بالقرب من مدينة الدورق التاريخية وقد دخلت هذه الإمارة في حروب عديدة مع الفرس والأتراك والبريطانيين دفاعا عن سيادتها واستقلالها وقد تمكن فرع من هذه الأسرة ويدعى كعب البوكاسب أن يؤسس له إمارة في مدينة المحمرة وتمكن آخر أمرائها الشيخ خزعل من إخضاع كامل الأحواز تحت سلطته بعد إسقاط إمارة المشعشعين التي استمرت قرابة خمسة قرون متوالية قضتها بين استقلال كامل واستقلال ذاتي

الشيخ خزعل امير الاحواز

إمارة كعب البوكاسب

وهم عائلة من العوائل التي حكمت إمارة كعب السابقة ولكن في عام (1248 هـ 1832م) استغل جابر بن مردوا ألكعبي ضعف أمراء كعـب آلبو ناصر بجانب دعم الفـرس له فمال أليهم حتى اطمأن إلية حكام فارس فأعانوه في تشكيل أمارته في المحمرة على إن يكون لهم عونا في هذه المنطقة التي طالما راودهم حلم السيطرة الكلية عليها فأصدر الملــك القاجاري ناصر الــدين شاه عام (1272 هـ –1857م) مرسوما يعترف بالأستقلا ل الذاتـــي للإمارة تحت حكم آل مرداو.

 وقد جاء هذا القرار الفارسي عقب اتفاقية ارض روم الثانية التي عقدت في 31/5/1848م بين الدولتين القاجارية و العثمانية والتي تم بموجبها ضم مدينة المحمرة مركز إمارة عربستان – الأحواز- والعديد من المناطق الأحوازية الأخرى إلى سلطة الدولة القاجارية. لكن الحكومة الفارسية تخوفت من تقارب هذه الامارة مع المملكة العراقية الناشئة، والعلاقات الخاصة التي نشألت بين الامير خزعل وملك العراق فيصل، فقامت الجيوش القاجارية الفارسية فجأة بأجتياح الاحواز عام 1924م وإنهاء الحكم الاحوازي فيها على يد رئيس الوزراء ووزير الدفاع انذاك الجنرال رضا بهلوي في نيسان عام 1925م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *