نوفمبر 22, 2024
images (1)

اسم الكاتب : سلمان رشيد محمد الهلالي

هل يقبل العرب العراق كما هو ؟؟
بعد تاسيس مجلس الحكم الاتقالي في عام 2003 كان اول زيارة قام بها رئيس المجلس الاول ابراهيم الجعفري الى الكويت , وبعدها دعا السيد عبد العزيز الحكم الى انضمام العراق الى مجلس التعاون الخليجي , فيما شهدت وفاة ملك السعودية فهد بن عبد العزيز في بداية عام 2004 ذهاب اكبر وفد في تاريخ العراق للتعزية , وكل هذا من اجل ارضاء العرب واقناعهم بالعراق الجديد , ولكن التجاوب العربي وخاصة السعودي (متزعمة العالم العربي) كان ليس ضعيفا او منعدما فقط , بل كان تحريضا وتخوينا وتكفيريا لااسباب بعضها طائفية تتعلق بتصدي الاغلبية العربية الشيعية للادارة والحكم في البلاد , وبعضها سياسية تتعلق بالخوف من النظام الديمقراطي التعددي في العراق الذي سيشكل منارا وانموذجا للمجتمعات العربية التي تعيش تحت تسلط انظمة قمعية وديكتاتورية متخلفة . فقد اصدر مايقارب الستين من كبار علماء السعودية عام 2005 فتاوي صريحة بتكفير شيعة العراق وجواز قتالهم وابادتهم , وتكالب على العراق الالاف الانتحاريين من العرب والمسلمين بعامة والسعوديين بخاصة , وقتلوا مئات الالاف من الابرياء وزرعوا الانقسام الاجتماعي والاحتراب الطائفي والاثني في البلد , واصبح القتل على الهوية في اللطيفية والدورة وديالى وابو غريب قائمة على قدم وساق , عززها التهاون الامريكي والتراخي العسكري والضغط العربي والانقسام الشيعي والفساد الحكومي . وبعد الثورة السورية عام 2011 والتي انحرفت عن مسارها الاصلاحي والديمقراطي بظهور التنظيمات الارهابية , تصاعد الامر بظهور تنظيم (داعش) عام 2013 الذي اعلن قيام (الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام) , وتطور الاحداث دراماتيكيا بسقوط محافظات كاملة بيد الارهابيين السلفيين المتطرفين , لم يقف مع العراق في محنته سوى التحالف الامريكي الاوربي والضربات الجوية القاصمة التي كان يقوم بها والمساعدات الايرانية العسكرية , وكعادة العراقيين في انكار الجميل – كما وصفه ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني السابق في العشرينات – عندما قال ان العراق (بركان ثائر … وناكر الجميل) فالحملات الاعلامية والشعبية الان قائمة على قدم وساق ضد التحالف الامريكي المساعدة الايرانية فقط , بل وان هاتين الدولتين اتهمتا صراحة بانهما من صنعا تنظيم داعش !! فالشيعة البعثيون والمخصيون والجاهلون وفي سبيل تبرئة العرب والسعودية والسنة يقولون ان داعش صناعة امريكية , والسنة الطائفيون والبعثيون والشيعة المخصيون يقولون ان داعش صناعة ايرانية !! , وهكذا يجمع العقل العراقي العصابي التناقضات كما هى في توليفة واحدة . وبصراحة انا سعيد في داخلي لهذه الحملة ضد ايران والولايات المتحدة (عكس الظاهر) لانها ستؤدي افتراضا الى احتضان العرب (وزعيمتهم السعودية) للعراق , ودعمه في مواجهة الازمات الاقتصادية والسياسية وايقاف عجلة الارهاب ووقف نزيف الدماء , ولكن السؤال المشروع : هل يحصل ذلك ؟ هل تقبل السعودية العراق كما هو ؟؟ او تحديدا : هل تقبل السعودية العراق كدولة تعددية سياسية وثقافية ومذهبية ؟ ام تريده دولة ديكتاتورية عسكرية طائفية قائمة على حكم الاقلية السنية العربية فقط ؟ وهل تريده دولة محايدة وغير منحازة الى اي محور ؟؟ ام تريده دولة تقع ضمن المحور العربي المعتدل الذي يشن حروبا ومؤامرات ضد اليمن وسوريا وقطر؟ في الواقع ان امام العرب والسعودية فرصة تاريخية وذهبية باحتضان العراق وقبوله كما هو , وعدم استهدافه واقامة العلاقات الراسخة والقوية في سبيل التوازن مع الدور الايراني , والسبب في هذا الوقت تحديدا , هو ان اكثر من ثلاث ارباع العراقيين الان انساقوا الى الحملات الاعلامية العربية ضد المحور الثوري الذي يسمى بمحور المقاومة والمتمثل بحزب الله وايران وسوريا – وخاصة بعد صفقة نقل الدواعش من الحدود اللبنانية الى دير الزور في سوريا قرب الحدود العراقية , وهى دعوة ضمنية من العراقيين – وخاصة الشيعة – للسعودية بالدخول كلاعب قوي في العراق … فضلا عن ذلك ان الحجة التي ذكروها سابقا ان العراق – او الشيعة – ولائهم لايران او غيرها ثبت عدم صحتها .. ويبقى السؤال هل يحصل ذلك ؟؟؟ في لقاء مع فضائية العربية السعودية سال مقدم احد البرامج الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية : ماذا يريد العراقيون من العرب ؟؟ اجاب : ان يقبلوا العراق كما هو … فهل ياترى يقبل العرب العراق كما هو ؟؟ انا من جهتي متشائم جدا ولااعتقد بهذا القبول ابدا , ولكن بما ان قطاع كبير من العراقيين متفائل بهذا التحول , فاننا سننتظر تلك النتائج التي نريدها ان تكون على ارض الواقع ومن خلال اعمال واقعية والتزامات سياسية واقتصادية وامنية محددة , وليس من خلال بروتوكوليات دبلوماسية واعلامية فقط , كلنا نعرف انها جاءت من خلال ضغط الرئيس الامريكي ترامب ودعوته للسعودية بضرورة احتضان العراق والتوازن مع الدور الايراني , واخشى اننا في الاخير سنضيع المشيتين !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *