فاضل حسن شريف
عن صحيفة العرب: رئيس الوزراء العراقي يشيد باعتقال خمسة مسؤولين على رأسهم لواء سابق اعترف بتنفيذ إعدام محمد باقر الصدر وشقيقته بعد 44 عامًا الواقعة. السبت 2025/02/01: أعلن جهاز الأمن الوطني العراقي، مساء الجمعة أنه اعتقل مسؤولا أمنيا سابقا رفيع المستوى لتورطه في إعدام رجل الدين الشيعي البارز محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى عام 1980 أثناء حملة صدام حسين الوحشية على المعارضة الدينية. وقال المتحدث باسم الجهاز أرشد الحاكم أنه “تم إلقاء القبض على 5 متورطين في تلك القضية، في مقدمتهم اللواء السابق سعدون صبري جميل القيسي، الذي اعترف صراحة بتنفيذ الإعدام بسلاحه الشخصي بحق الصدر وشقيقته فضلا عن تنفيذ إعدامات جماعية لمعارضين بتهمة الانتماء إلى حزب الدعوة الإسلامي، وإعدام 8 مواطنين ودفنهم في مقابر جماعية في الفلوجة وجسر ديالى وإعدام 2 من شباب آل الحكيم وقتل معارض من أهوار الناصرية”. ولفت إلى أن “عملية إلقاء القبض تمت وفقا لأحكام قانون حظر حزب البعث المنحل وبتنسيق عالي المستوى مع جميع الجهات ذات العلاقة والمؤسسة القضائية”. وأشار إلى أن “المتهم هيثم عبدالعزيز فائق رتبته عميد ومن جرائمه الإشراف على عملية إعدام السيد الشهيد محمد باقر الصدر وشقيقته وتنفيذ الإعدام بحق مجموعة من أعضاء حزب الدعوة الإسلامية”. وتابع “المتهم خير الله حمادي رتبته لواء ومن أبرز جرائمه قيادة حملات اعتقال وتعذيب بحق أبناء قضاء بلد بذريعة الانتماء السياسي والمشاركة في عمليات إعدامهم ودفنهم والإشراف على قمع المواطنين الأكراد الفيليين في بغداد وإصدار وتنفيذ قرارات بالتهجير القسري لعوائل المعارضين في بلد إلى “نقرة السلمان” والتورط في جرائم قطع الأيدي في كركوك وتنفيذ العديد من الاعتقالات والإعدامات بحق المعارضين في بغداد”. وأضاف “المتهم شاكر طه يحيى رتبته لواء ومن أبرز جرائمه المشاركة في إعدامات معتقلين أكراد عام 1984 في بغداد ومنع إقامة مجالس العزاء على خلفية اغتيال السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر والمشاركة في قتل المواطن المعارض سليمان برينجي”. ولفت إلى أن “المتهم نعمة محمد سهيل صالح رتبته لواء. ومن أبرز الجرائم التي ارتكبها قيادة حملات اعتقال وتعذيب استهدفت أكثر من 40 طالبًا جامعيًا من جامعة سليمانية وجامعات أخرى والملاحقة المستمرة لأعضاء الأحزاب الإسلامية”.
عن تفسير الميسر: قوله تعالى “وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ” (الانعام 124) ﴾ أَجْرَمُوا: أَجْرَمُ فعل، وا ضمير. سَيُصِيبُ: السين حرف استقبال، يصيب فعل، سيصيب اي سينال. مثل اسم، وإذا جاءت هؤلاء المشركين من أهل “مكة” حجة ظاهرة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، قال بعض كبرائهم: لن نصدِّق بنبوته حتى يعطينا الله من النبوة والمعجزات مثل ما أعطى رسله السابقين. فردَّ الله تعالى عليهم بقوله: الله أعلم حيث يجعل رسالته أي: بالذين هم أهل لحمل رسالته وتبليغها إلى الناس. سينال هؤلاء الطغاة الذل، ولهم عذاب موجع في نار جهنم، بسبب كيدهم للإسلام وأهله.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى “وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ” (الانعام 124) “وإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّه” اختلف المفسرون في معنى هذه الآية على قولين: الأول ان أكابر المجرمين من العرب اقترحوا على محمد صلى الله عليه وآله أن يأتيهم من المعجزات مثل ما أوتي موسى من فلق البحر، وعيسى من إحياء الموتى. القول الثاني: انهم قالوا له: لن نؤمن حتى ينزل علينا الوحي كما نزل على الأنبياء. وقال الرازي: هذا القول مشهور بين المفسرين. ونحن نرجحه على الأول لأن سياق الآية يدل عليه، حيث رد سبحانه على أكابر المجرمين بقوله: “اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ”. بالإضافة إلى أن طلبهم أن ينزل اللَّه الوحي عليهم يتلاءم مع حسدهم لرسول اللَّه. قال تعالى في الآية 54 من سورة النساء: “أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ”. وفي مجمع البيان وغيره، ان الوليد بن المغيرة قال للنبي صلى الله عليه وآله: لو كانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك، لأني أكبر منك سنا، وأكثر منك مالا. ومعنى قوله: “اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ” واضح، وهو انه تعالى يختار لرسالته من يصلح لها من خلقه، ومحمد أكرم خلق اللَّه وأشرفهم. “سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ” لأنهم استعلوا وتعاظموا، فاستحقوا الجزاء بالاحتقار والاذلال، وفي بعض الروايات: ان المتكبرين يحشرون في صورة الذر يطأهم الناس بأقدامهم جزاء على تعاظمهم في الدنيا “وعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ”. فالصغار جزاء التكبر، والعذاب جزاء المكر والخداع، وبكلمة ان اللَّه سبحانه يعامل أرباب النوايا الخبيثة، والأهداف الفاسدة بعكس ما يقصدون ويهدفون.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ” (الانعام 124) الله أعلم حيث يجعل رسالته: تشير هذه الآية بإيجاز إلى طريقة تفكير هؤلاء الأكابر “أَكابِرَ مُجْرِمِيها” وإلى مزاعمهم المضحكة الباطلة، فتقول: “وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ” كأنّ الوصول إلى مقام النبوة وهداية الناس يعتمد على سن الشخص وماله، أو هو ميدان للمنافسة الصبيانية بين القبائل وكأنّ على الله أن يراعي هذه الأمور المضحكة الباطلة التي لا تدل إلّا على منتهى الانحطاط الفكري وعدم إدراك معنى النبوة وقيادة الخليقة. إنّ القرآن يرد على هؤلاء بوضوح قائلا: “اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ”. بديهي أنّ الرسالة لا علاقة لها بالسن ولا بالمال ولا بمراكز القبائل، لأنّ شرطها الأوّل هو الاستعداد الروحي، وطهارة الضمير، والسجايا الإنسانية الأصيلة، والفكر السامي، والرأي السديد ثمّ التقوى إلى درجة العصمة. إنّ هذه الصفات، وخصوصا الاستعداد لمقام العصمة لا يعلم بها غير الله، فما أبعد الفرق بين هذه الشروط وما كان يدور بخلد أولئك. كما إنّ من يخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا بدّ أن تكون له جميع تلك الصفات عدا الوحي والتشريع، أي أنّه حامي الشرع والشريعة، والحارس على قوانين الإسلام، والقائد المادي والمعنوي للناس، لذلك لا بدّ له أن يكون معصوما عن الخطأ والإثم، لكي يكون قادرا على أن يوصل الرسالة إلى أهدافها، وأن يكون قائدا مطاعا وقدوة يعتمد عليها. وبناء على ذلك، يكون إختياره من الله أيضا، فهو وحده الذي يعلم أن يضع هذا المقام، فلا يمكن أن يترك ذلك للناس ولا للانتخابات والشورى. وفي النهاية تشير الآية إلى المصير الذي ينتظر أمثال هؤلاء المجرمين والزّعماء الذين يدعون الباطل، فتقول: “سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ”. كان هؤلاء الأنانيون بمواقفهم العدائية يريدون أن يحافظوا على مراكبهم، ولكنّ الله سينزلهم إلى أدنى درجات الصغار والحقارة بحيث إنّهم سيتعذبون بذلك عذابا روحيا شديدا، مضافا إلى أنّهم سيلاقون العذاب الشديد في الآخرة لأنّ سعيهم على طريق الباطل كان شديدا أيضا. (الإجرام) من (جرم) وأصله القطع، والمجرم هو الذي يقطع العهود وارتباطه بالله بعدم إطاعته، ولذلك أطلقت كلمة (الجرم) على الإثم والذنب، في هذا إشارة لطيفة إلى أنّ هناك في ذات الإنسان اتفاق مع الحق والطهارة والعدالة، والإجرام هو قطع هذه الاتفاق الفطري الإلهي.