اسم الكاتب : رياض سعد
قد تزوج الشيخ يوسف بن نعمان السويدي من السيدة عائشة خانم ورزق منها بخمسة أولاد ، وهم : ناجي السويدي الذي تكلمنا عنه سابقا وتوفيق السويدي الذي سنتكلم عنه في نهاية مقالات الحلقة الخامسة من هذه السلسلة ؛ واما الثلاثة الباقين سنتحدث عنهم في هذه المقالة ؛ وهم : عارف حكمت , وعلي ثابت , وشاكر … ؛ ولم استطع معرفة جنسية زوجته ؛ هل هي اجنبية كزوجة ابنه ناجي السيدة بتول يارد جرجيس الشركسية والتي هي شقيقة زوجة عبد المحسن السعدون كما ذكرنا سابقا ؛ وقد وقع تعارض بين الكتاب فالبعض يقول ان زوجة عبد المحسن السيدة حورية هانم تركية الاصل ؛ بينما يجزم البعض بكون زوجة ناجي السويدي شركسية ؛ وهما اختان ..!! ... ؛ وأنجبت الشركسية له ولداً واحداً اسمه نزيه ، وأربع بنات ، تصاهر من خلال ثلاث منهن مع عبد العزيز المظفر، الذي تزوج ابنته الكبرى نزهت، ومع محمود المدرس الذي تزوج ابنته الثانية عفت، ومع أسرة العمري، حيث تزوجت ابنته الثالثة نعمت من سعاد هادي امين العمري, في حين لم تتزوج ابنته الصغرى نجاة … .
عارف السويدي
وقد ولد عارف السويدي في بغداد عام 1883، و اتم دراسته الجامعية في مدرسة الحقوق في استنبول وتخرج حاملاً شهادة الدكتوراه ؛ و أستخدم – كموظف عثماني – في محكمة الجنايات والحقوق في استانبول ، ثم عاد الى العراق فعين أستاذاً في مدرسة حقوق بغداد لتدريس مادة مجلة الأحكام العدلية عام 1908 ؛ وعاد للتدريس فيها بعد اعادة العمل فيها بعد الحرب العالمية الاولى عام 1919 ؛ وتقلد عدة وظائف إدارية مهمة خلال العهد العثماني , ومنها : قائم مقاماً (مدير مدينة) الكوت فالكاظمية كما قيل .
ومارس مهنة المحاماة ، و قيل : ان له مؤلفات قانونية متعددة، وهي : شرح مجلة الأحكام العدلية ، بغداد ، مطبعة الفلاح ، 1922 م , وكتاب الوكالة – 1923 , و كتاب الصلح والابراء – 1924 , و كتاب الدعوى – 1928 .
وقيل : ان عارف حكمت قد شارك بثورة العشرين كمشاركة ابيه وقد بينا اسباب هذه الانشطة السياسية الظاهرية ؛ فهي لذر الرماد في العيون , ولتحقيق مكاسب سياسية للفئة الهجينة ؛ وليست دفاعا عن الوطن والامة العراقية , او بتوجيه عثماني وقتذاك لعرقلة استقرار الانكليز في العراق … , وقد نفاه الانكليز إلى جزيرة هنجام ، وبعد عودته من النفي تقلد مناصب حكومية مختلفة في الحكومة العراقية البريطانية المشتركة بل وشارك بالعمل السياسي وتحت حراب الانكليز …!!
و في سنة 1921م عين حاكماً لصلح بغداد ؛ ثم نقل حاكماً في محكمة تمييز العراق سنة 1922م , وبعدها أصبح رئيساً للتفتيش العدلي سنة 1923م , وفي عام 1936 كان عضوا في محكمة تمييز العراق , وكذلك كان عضوا في ديوان التدوين الرقمي القانوني بحكم عضويته في محكمة التمييز الذي تحال عليه التفسيرات المتعلقة بالقوانين العراقية … ؛ وفي عام 1945 كان نائبا لرئيس محكمة تمييز العراق … ؛ وكان نائباً في مجلس النواب العراقي في العهد الملكي عن المنطقة الثامنة لمرتين حيث حل محل المرحوم توفيق المختار الذي كان نائباً عن المنطقة لدورات عديدة والتي تضم مناطق سوق الجديد وخضر الياس وسوق حماده والتكارته والشيخ علي …الخ … ؛ وهو من المنتسبين إلى السلك القضائي وتسلم منصب رئاسة محكمة التمييز في العهد الملكي ، وقد تولى مناصب رفيعة في محاكم العراق بما فيها القضاء … كما ذكرنا انفا .
شاكر السويدي
والدكتور شاكر السويدي قيل : انه كان مهتما بتحصيله العلمي (الطب) فقط ، ولم يول السياسة اي اهتمام في حياته … ؛ ولم استطع الالمام بكل تفاصيل حياته ؛ وذلك لندرة المعلومات عنه ؛ ولكن مما لاشك فيه ان الدكتور شاكر السويدي قد تبوء مناصب حكومية رفيعة في وزارة الصحة وغيرها ؛ لأنها عادة القوم في الاستحواذ على كافة مفاصل الدولة .
واثناء تتبعي لحياة الدكتور شاكر السويدي ؛ عثرت على شخص اخر , يدعى بالدكتور يوسف احمد شاكر السويدي ؛ وهو من مواليد عام 1895 ؛ وقد ولد في العراق , وتخرج من المدارس الطبية للدولة العثمانية / الاستانة عام 1919 … ؛ ليكون طبيبا عسكري مع الجيش العثماني اثناء الحرب العالمية الاولى , ويعد من المؤسسين الاوائل وعضو جمعية الهلال الاحمر العراقية عام 1920 , ومن المؤسسين الاوائل للجمعية البغدادية عام 1921 , وعمل في مصلحة الصحة العامة للواء بغداد عام 1934 , وكان من الاطباء الاوائل في الطبابة العسكرية عند تأسيس الجيش العراقي عام 1921 … ؛ ولا اعرف هل هو من عائلة السويدي البغدادية الدورية العباسية المختلطة ام انه تشابه القاب كما مر عليكم في الحلقات السابقة , وبغض النظر عن هذه الاختلافات ؛ فأن القوم من اولهم الى اخرهم ؛ لهم في كل قدر مغرفة .
وكان الاخوة كلهم يسكنون في محلة خضر الياس ؛ وقد ضمت هذه المحلة مجموعة من الشخصيات السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية ولاسيما ذات الجذور الاجنبية والعثمانية والعجمية والغريبة , ومنهم العالم الهندي الحاج نجم الدين بن الواعظ الهندي غلام والمدفون في مقبرة الشيخ معروف الكرخي والذي تكلمنا عنه في مقالات الحلقة الخامسة ؛ ومجهول الاصل والجذور الغريب رئيس الوزراء نوري السعيد , وال الخوجة و منهم رشيد الخوجة امين العاصمة , وعبد الحميد الخوجة مدير ادارة وزارة الدفاع … ؛ وقد شيد ابناء الشيخ يوسف بيوت فخمة وكبيرة بل تعتبر من التحف المعمارية وقتذاك , وقد بناها امهر ( اسطوات بغداد ) مثل ( اسطة ) ابراهيم العبطة , و حمودي , والماز ؛ وقد كلف بناء هذه القصور اموال طائلة ؛ بل ان بعضها لا زال قائما الى يومنا هذا .
علي ثابت السويدي
ولد ببغداد في سنة : (1295هـ) ، ونشأ فيها نشأة دينية في عائلة لها صدارة الزعامة الروحية لأهل السنة في العراق … ؛ سلفي العقيدة كآبائه وأجداده ، وكان ذا هيبة ووقار، تلوح على محياه سمات النبل والكبريـاء، ويتمتع بموهبة قياديـة وإدارية متميزة ؛ كما ادعى البعض … ؛ وهذه الاطراءات والمدح المبالغ فيه ؛ سمة من سمات القوم .
و أخذ العلم عن : أبيه وعن مشيخة أهل بيته الطائفيين وسلك طريقهم في خدمة الدولة العثمانية والعمل والجهاد من أجلها ، واختار لنفسه المشاركة في العمل السياسي ، ولمكانته وقرابته من العثمانيين ؛ ولما يتمتع به من اخلاص للدولة العثمانية ؛ فقد عين (متصرفاً) لعدة ولايات في ذلك العهد … ؛ اذ يعد من موظفي الدولة العثمانية ومرتزقتها كسائر اهله ؛ وقيل: انه كاتب معية (أي حاشية) الولاية … ؛ و شغل منصب قائمقام قضاء البشيرية في ولاية ديار بكر، والمعروفة في التَّاريخ باسم آمد … .
وتوفي عام 1914 وقيل : 1915 في مذبحة الارمن كما قيل ؛ الا ان البعض ادعى انه لم يقتل اثناء العمليات العسكرية ضدهم بل قتل من اجلهم ؛ وقد ادعى البعض انه تم اغتياله على يد الأتراك غدراً , في منطقة ديار بكر ؛ واعتمد البعض في هذه القصة على ما نقله الطائفي العثماني سليمان فيضي ؛ حيث ادعى سليمان فيضي انه ألتقى به وهو عائد إلى العِراق عبر حلب كشاهد على تلك الإبادة ، يوم كان يشغل منصب قائمقام قضاء البشيرية في ولاية ديار بكر ، والمعروفة في التَّاريخ باسم آمد … ؛ وادعى ان ثابت السُّويدي قال : «كنت اشغل قائمقامية قضاء البشيرية في ولاية ديار بكر، وجاءت أوامر الحكومة إلى الوالي رشيد بك الجركسي بذبح الأرمن القاطنين تلك الدِّيار. فأرسل هذا عصابة مِن الجراكسة تولوا ذبح الأرمن والمسيحيين على اختلاف مللهم، بصورة وحشية لا يمكن وصفها، لم ينج مِن أيديهم طفل ولا شيخ ولا امرأة» … ؛ وأردف قائلاً في ما فعلته حكومة الاتحاد والترقي بعد عزل السُّلطان عبد الحميد الثَّاني (ت 1918): «كان مِن الطَّبيعي أن اعترض على قتل المسيحيين العرب، الذين يشهد الجميع بأنهم لم يعصوا أمر الحكومة، ولم يكن لهم أدنى علاقة بالأرمن. وكتبت إلى الوالي أصف له المذابح البربرية، التي أرتكبها رجاله… , فغضب مني وشكاني إلى اسطنبول، واتهمني بحماية الأرمن، فأمرت الحكومة بنقلي إلى قضاء روم قلعة مِن أعمال حلب، وها أنا ذا إلى القضاء المذكور» (مذكرات سليمان فيضي) … ؛ ويكمل الفيضي شهادته اليتيمة قائلا : انه عندما وصل بغداد , وجاءه الاصدقاء , افتقد الشيخ يوسف السويدي , فأسرع فيضي إلى داره، ووجده منكسراً كئيباً، وما ان أبلغه بلقائه بولده ثابت حتى أجهش في البكاء قائلاً: لقد قُتل ثابت! فقد دُبر قتله بمعرفة والي ديار بكر. فحسب رسالة وصلت لصاحب المذكرات فيضي أن الوالي المذكور خشي مِن ثابت أن يتصل ويخبر عن تلك المجزرة، ففتكوا به بعد ست ساعات مِن لقاء فيضي به بديار بكر، وافترق بهما الطَّريق … ؛ هذا ما سطره يراع الكاتب رشيد الخيون في مقالته : ( ثابت السُّويدي صاحب مأثرة! ) ؛ وهو بصدد التمجيد بالمدعو ثابت السويدي والاشادة بشهادته في سبيل الحق ونصرة المظلومين من الارمن والنصارى الاخرين … ؛ والعجيب ان الكاتب الخيون استهل مقالته بالقول : (( لا أحد يعرف ما فعله ثابت يوسف السُّويدي (قُتل 1914)، وما هي مأثرة ذلك الشَّاب الموظف الجديد في الدَّولة العثمانية، ومؤكداً كم مثله قام بفعل شجاع وإنساني ضد واحدة مِن أفظع الجرائم، في القرن العشرين، وهي إبادة الأرمن والمسيحيين آنذاك (1914-1915)، وقد سبق أن كتبنا مقالاً ناقلين فيه مأثرة الأيزيديين في تلك الآونة. )) فها هو الخيون لا يعرف حقيقة الامر , ولم يطلع على ما فعله الرجل على ارض الواقع , وما هو سبب قتله الحقيقي , ومع ذلك سطر الكلمات في مدح الرجل ؛ اعتمادا على ما نقله العثماني المنكوس سليمان فيضي .
ولي على ما ادعاه سليمان فيضي ورشيد الخيون وامثاله ؛ عدة ملاحظات ؛ وهي :
- من الواضح جدا ان عائلة السويدي وغيرها من العوائل العثمانية الدينية ؛ تؤيد كل جرائم وافعال ومجازر الدولة العثمانية جملة وتفصيلا , وهذا التأييد يعتبر من صميم ديانتهم وجوهر عقيدتهم , فالأتراك هم خلفاء المسلمين وهم ولاة الامر , والخارج عليهم كالخارج على رسول الله , والذي يعصي اوامرهم كأنما يعصي الله …؛ والمدعو ثابت السويدي نشأ في هذه الاجواء السلبية وترعرع في خدمة الدولة العثمانية … ؛ ليت شعري هؤلاء المرتزقة لم يعترضوا على ابادة الشيعة المسلمين او حتى على قتل المسلمين السنة وايقاع اشد العذاب بهم كالخازوق وغيره من وسائل التعذيب الرهيبة ؛ فهل من المعقول ان يعترضوا على نحر وذبح الكفار من الارمن ومن لف لفهم … ؛ كيف ذلك وهم يعدون هذا الامر من الفرائض الشرعية ؟؟!!
- 2- من المعلوم ان ابناء الفئة الهجينة وابناء الطائفة السنية الكريمة هم مجندون في الجيش العثماني , وعليهم تقع مسؤولية تنفيذ الاوامر العسكرية وخوض الحروب والمعارك , فهل من المعقول ان يعصي زيد او عمرو اوامر الدولة العثمانية بحجة الانسانية او حماية الارمن ؛ وهو قد ارتكب قبلها مجازر اشد فظاعة , ونفذ الاوامر القاسية بحق الكثير من المظلومين العرب والمسلمين وغيرهم …؟؟!!
- هنالك تهافت وتعارض في نقل سليمان فيضي ؛ فتارة يدعي انه ذاهب من بغداد الى حلب ؛ وقد رجع منها الى بغداد ؛ ومع ذلك ادعى انه رأى ثابت في منطقة ديار بكر التركية ؛ علما ان طريق بغداد حلب لا يمر بالديار التركية ..؟! .
- 4- لو انه عصى اوامر الاتراك فعلا ؛ وان كنت استبعد ذلك , بل اضحك في قرارة نفسي من هذه الدعوى ؛ ومن هو كي يجرؤ على عصيان اوامر اسياده واربابه الاتراك العثمانيين … ؛ لما تأخر الاتراك ساعة واحدة في انزال القصاص به وامام الناس ؛ كعادتهم في عقاب الخونة ؛ بينما يذكر هؤلاء ان الاتراك ارسلوه لتسلم منصب حكومي اخر في حلب ؛ لثقتهم به ؛ واما قصة اغتيال الاتراك له مفبركة ؛ فالأتراك لا يخشون منه , كي يغتالوه غدرا .
- وادعى ان والي ديار بكر اغتاله ؛ لأنه خاف منه , ومن يكون ثابت السويدي كي يخاف منه والي ديار بكر , والتبرير اسخف من القصة نفسها ؛ فقد ادعى هؤلاء ان الوالي قتله مخافة ان يخبر الاخرين عن المجزرة … ؛ ولماذا لم يخاف الوالي من مرتزقة الاتراك العثمانيين وهم بالآلاف من الاخبار عن تلك المجزرة الا من ثابت السويدي فقط , ولمن ينقل ثابت السويدي احداث تلك المجزرة ؛ للاتراك وهم من امروا بها , ام للجنود والمرتزقة الذين نفوذها , ام للعالم , والكل سمع بذلك , القاصي والداني عرف بفواجع تلك المجازر , علما ان قبل هذه المجزرة عدة مجازر …؟؟!! .
- ولو كان بإمكان الوالي قتله مباشرة ؛ فلماذا شكاه الى اسطنبول , وبعد ان شكاه الى اسطنبول كما يدعون , كيف اقدم على اغتياله , وهو يعلم ان اصابع الاتهام سوف تتوجه له , ولا اعتقد ان الوالي العثماني بهذا الغباء ؛ اذ كان الاولى به عدم رفع الشكوى واغتياله سرا , او الاكتفاء بالإجراء الحكومي من خلال نقله الى حلب ؛ وما قيمته كي يشكل خطرا على الاتراك ؛ هذه اوهام وادعاءات القوم السمجة ؛ نحن لا زلنا احياء وشهود وهم يدعون ان صدام ملاك الرحمة وعز العراق والعرب وامير المؤمنين ( ومن هل الخرط والكلاوات ) ؛ فما بالك بتوثيقات وشهادات رجال الفئة الهجينة ومرتزقة العثمنة ورعايا الانكليز بعضهم لبعض …؟؟!! .
واليكم حديثا موجزا عن تاريخ مجازر الارمن كي تتضح الصورة لديكم : جرت على الارمن عدة مذابح مروعة على يد الاتراك ومرتزقتهم من شذاذ البلدان وشراذم الاكراد , ومما لاشك فيه ان خدم ومرتزقة وسبايا وغلمان الاتراك اللقطاء والغرباء والدخلاء في العراق قد شاركوا في اغلب ان لم نقل كل العمليات الاجرامية والمعارك العسكرية العثمانية بما فيها هجماتهم المتكررة ضد العراقيين الاصلاء والقبائل والعشائر العربية العراقية … ؛ و راح ضحية تلك المجازر أكثر من مليون – وقيل : مليون ونصف – مواطن اعزل بريء على يد العثمانيين ؛ وتعتبر هذه المذابح من اسوأ الجرائم ضد الانسانية .
وقد أسس السلطان عبد الحميد الثاني ما عرف بالفرق الحميدية ، وهي فرق أو ميليشيات مسلحة مكونة من الأكراد المعروف عنهم تعصبهم ؛ وبدأ السلطان في تغذية أفكارهم بأن الأرمن “كفار”، ويشكلون خطراً على الدولة الإسلامية والجامعة الإسلامية … , ومر عليكم في الحلقات السابقة العلاقة الحميمة والوطيدة التي تربط السلطان عبد الحميد بالشيخ المفتي يوسف السويدي … ؛ وهنا بدأت المذبحة الأولى، ووقعت بين تلك الفرق والأرمن في الفترة ما بين عام 1894 وحتى عام 1896، وراح ضحيتها ما بين 100 ألف إلى 150 ألفا … ؛ و هذه المذبحة سميت بالمذبحة الحميدية نسبة للسلطان عبد الحميد، وبسببها أطلق عليه في وسائل الإعلام الغربية السلطان الأحمر نسبة للدم … ؛ و أرغم السلطان عبد الحميد على إعلان الدستور عام 1908 بعد ضغوط من حزب الأحرار العثمانيين بقيادة صباح الدين محمود باشا، أعقبه خلع السلطان… , وحدثت صراعات بين أنصاره ممن أطلق عليهم الرجعيون الراديكاليون، وأعضاء الأحرار الدستوريون … ؛ وفي خضم تلك الصراعات، وقعت مذبحة الأرمن الثانية عام 1909وراح ضحيتها 30 ألف مسيحي، غالبيتهم من الأرمن … ؛ و عقب تلك الأحداث ، ظهرت في تركيا فكرة جديدة لجمع ما تبقى من الدولة واعادة صياغتها ؛ فتم اقتراح العمل على نشوء دولة تركية نقية الدماء ؛ وذلك من خلال التخلص من كافة الملل الأخرى وتهجيرها… ؛ وعقب اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، بدأ العثمانيون تنفيذ الفكرة مستغلين انشغال العالم كله بالحرب … ؛ وبدأت حملات تهجير الأرمن قسراً، وأطلقت السلطات كافة المسجونين ممن أطلق عليهم (المتوحشون )، وشكلت منهم ميليشيات ارهابية مسلحة لمرافقة الأرمن المهجرين إلى حلب في سوريا وغيرها … ؛ وخلال تلك الرحلة ارتكبت أفظع الجرائم الإنسانية وابشع الافعال الارهابية ؛ وبسبب عمليات التغيير الديموغرافي تلك ؛ هاجر العديد من مسيح تركيا الى العراق وغيره ولعل منهم عائلة الدكتور بهنام ابو الصوف كما اعترف هو في احدى اللقاءات في قناة الشرقية ؛ بالإضافة الى تهجير مسيح شمال العراق القدامى واحلال الاكراد محلهم ؛ ومنذ ذاك اليوم اختلط الحابل بالنابل ؛ فليس كل من اعتنق الديانة المسيحية هو عراقي اصيل او من جذور عراقية قديمة كما ادعى البعض انهم من سريان ونصارى بلاد الرافدين القدامى ؛ وكذلك الامر بالنسبة للأكراد فأغلبهم من رعايا الدولة العثمانية ولا علاقة لهم مطلقا ببلاد الرافدين … .
وسار الآلاف من الأرمن العزل على أقدامهم في ظروف قاسية ، دون طعام أو شراب إلى حلب … ؛ وتسابق المتوحشون من الميليشيات العثمانية إلى بقر بطون الحوامل من النساء والرهان على نوع الأجنة في بطونهم، وقتل من يتوقف منهم عن السير طلباً للراحة … ؛ واغتصاب الصبايا واللواط بالغلمان ؛ إلى غير ذلك من الجرائم والانتهاكات الخطيرة والفظائع ، وقد وثق تلك الجرائم محامٍ سوري يدعى فايز الغصين – كان في تلك الأثناء منفياً – ؛ وفي طريقه للمنفى شاهد بعينيه تلك الفظائع وجمعها في كتاب له أطلق عليه : “المذابح في أرمينيا”، صدر عام 1917 ونشرت مقتطفات منه صحيفة “المقطم” المصري … , ومما جاء فيها : وقد غادرت كتيبة حلب يوم 3 فبراير ووصلت رأس العين في اثنتي عشرة ساعة… ؛ وابقت حوالي 12,000 من الأرمن تحت وصاية بعض مئات من الاكراد… : وقام الأكراد باستدعاء قوات الدرك ، وهؤلاء كانوا عبارة عن جلادين جزارين سفاحين لا تعرف الرحمة طريقا الى قلوبهم القاسية … ؛ وأُمرت مجموعات منهم علناً بأن يأخذوا الأرمن من كلا الجنسين إلى وجهات مختلفة ، ولكن لديهم تعليمات سرية بذبح الذكور والأطفال والنساء المسنات…؛ وقد اعترف أحد رجال الدرك بقتل 100 رجل أرمني بيده … ؛ وأمتلئت أيضاً الصهاريج والكهوف الصحراوية الفارغة بالجثث النساء والاطفال والشيوخ … .
وفي حقيقة المجازر الارمنية ودوافعها ؛ دراسات واقوال مختلفة جدا ؛ وتبقى ابواب التاريخ مفتوحة امام الاحتمالات المتعددة والمحتملة … ؛ ويبقى الجزم من سمات الجهلة وانصاف المحققين والمتعصبين .
…………………………………………………………………….
- مقالة أنساب وتراجم الأشراف العباسيين / باسل بن أحمد حبيب العطاسي .
- ناجي السويدي وأسرته و حزب التقدم / د . حميد حسون العكيلي .
- رسالة (المصاهـرات الاجتماعية وصلات القربى وأثرهما السياسي في العراق الملكي) .
- 4- كتاب لب الألباب / الجزء الثاني / صفحة 204.
- الدليل العراقي الرسمي / ص 898 .
- ثابت السُّويدي صاحب مأثرة! / رشيد الخيون .
- الأسرة العباسية في بغداد الرشيد / احدى مواقع التواصل الاجتماعي .
- جريدة المؤتمر 20 تموز 2007 – حميد المطبعي.
- جريدة المشرق 20 أيار 2012 – محمد كريم الموسوي .
- مصادر ودراسات اخرى .