أدهم-الشبيب

ادهم شبيب

الفن في الحقيقة كلمة معناها اسمى مما يفعله الكثيرون ممن ينسبون أنفسهم لوسطه وهم عليه عيال ، أما قضية تسخير الإسم نفسه ليضم الانحرافات التي يروجونها في المجتمع فقد بدات مع السينما المصرية واللبنانية اواسط القرن الماضي ، حينذاك لم يكن الامر ممنهجا ولا ممولا من أيدي خفية ولا من ستراتيجيات عدوانية انما كان فقط تقليد للأجانب وطريقتهم في أسلوب العيش فساعد ذلك بشكل يسير على إفساد المجتمع المحافظ وانفتاحه ولكن لم تتفكك الأسر بعدُ ولم ينهدم الدين لأن وسائل النشر كانت محدودة وادوات التلقي نادرة ولا يصل ما يخربون الى كل بيت ، 

تنبّهت بعد ذلك المنظمات التدميرية المعادية للمجتمع والدين مثل الماسونية والصهيونية والثورية الماركسية والعلمانية ان المجتمع القوي المقاوم للانحلال هذا انما يثبّته الدين الإسلامي وتدعمه اخلاق العرب في الأنفة من الدناءة والغيرة على الأعراض من النساء والبنات والالتزام التربوي للأولاد ، فعمدت الى الوسيلة التي وجدتها متاحة من غناء وموسيقى وتمثيل سينمائي ورقص -ولم يسلم الا الرسم والفن التشكيلي بمقدار- فحاولت بثّ السموم من خلالها فتطوّر الامر من حفلات غنائية محدودة لرجال وجمهورها رجال والنساء في المخادع الى حفلات تغني فيها المرأة وجمهورها مختلط وشجعوا من طرف خفي كل من كان بريئا او موهوبا فعليا من الموسيقيين وشعراء الأغنية الأصلاء حينذاك فظهر الابداع الذي نفتقده اليوم ولكن خلطوه لاحقا وعمدا بالرقص والفجور حتى صار حضور حفلات النساء ومشاركتهن دلالة على “الرّقيّ” الذي يتحسر عليه بعض الناس “المحافظين” الى اليوم !، 

بدأت السينما بعد ذلك تضرب القيم الدينية بتمييع الاحتشام والحجاب والسخرية منه وتسهيل الالتزام بالصيام على الشواطيء مع “المايوه” والصلاة مع الرقص كما روجت السينما العربية بشخوص ابطالها ونجماتها ! 

ومع انتشار العولمة اليوم والنت ومنذ عقدين تقريبا تنبّه المعنيون ان للمسلمين شهرا ينزوي فيه حتى العاصين عن عصيانهم وتعتكف فيه حتى الراقصات الزانيات عن المنكر والمجاهرة بالفواحش ، فاخترعت برامج رمضان وفوازيره ومسلسلاته ومقالبه فضمّنت كل ما يمكن تضمينه من عري ورقص وانحلال فيها ، وكل هذا اصبح شرعيا مقبولا بل وصار سوقا تنافسيا تحت مسمى “برامج رمضان” فنجحوا ودون ان نعترض في تحويل شهر رمضان من اقدس شهر تختفي فيه مظاهر العصيان الى أكثر شهر في العام يكثر فيه الفجور وتتباهى فيه النساء بالعري والتبرج ويتنافس فيه الرجال على المعصية وتتابع العوائل ذلك بقبول ، كل هذا ليس مصادفة وانما بالتمويل والتخطيط ومشاركة الحكومات الخادمة للصهيونية والماسونية وتواطؤ مؤسسات دينية مثل هيئات الفتاوى والازهر وكبار العلماء والروابط والمرجعيات على امتداد مساحة البلاد العربية “المسلمة”، 

والحق ان هذا النجاح الذي حققته المنظمات الغربية العدوة للاسلام وللمجتمع العربي يساوي ان لم يكن يزيد اهمية عن النجاح الذي تحقق في ميادبن المعارك والحروب ، أما ما تدعمه الحكومات العربية على وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الاخيرة من فجور وتخريب للقيم والدين فقد ساهم بأكثر مما ساهمت الف سنة من الحروب الصليبية واليهودية والعلمانية والمخططات المعادية للاسلام ، 

في المقابل سكوت شبه تام من جانب المؤسسات الدينية والمساجد ودوائر الاوقاف طوال رمضان وقبل قدومه ، واغلب الظن ان هذا الاستسلام ياتي من اختراق البيوت والعوائل التي يقيم عليها هؤلاء القائمون على تلك المؤسسات والتي كان يرجى تدخلها بصرامة بالخطابة والتوجيه ومحاربة هذه الاشكال “المشرعنة” من الفجور والفاحشة باسم الفن والمسلسلات والبرامج الترفيهية ، فعندما يكون الخطيب والشيخ والمدرس والفقيه والداعية قد اشتركت عائلته في هذا التيار وانخرطت فيه عملا او مشاهدة باسم “الترفيه” فبالتاكيد لا يمكن ان يتكلم رجل بالضد من شيء يعايشه في بيته “مركوبا” او في مجتمع تسيطر عليه رغبات النساء وانفلات المراهقين ، ولذلك لا نسمع اعتراضا ولا نرى حملات تدافع عن حرمة رمضان او تحميه من الفجور العلني المبرمج او تصدّ عنه من يتاجر بذلك- باسم الفن والترفيه- من العابثين .

ادهم الشبيب – 6 اذار 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *