يوم القدس امتداد لثورة الإمام الحسين عليه السلام وصرخة المظلومين في وجه الطغاة

ضياء ابو معارج الدراجي

ليست فلسطين مجرد أرض مغتصبة، وليست القدس مجرد مدينة محتلة، بل هي كربلاء العصر، هي الجرح النازف في قلب الأمة، هي الامتحان الذي يكشف صدق المدعين، ويعري المنافقين، ويجلي حقيقة الطغاة الذين تآمروا على دماء الشهداء، كما تآمر أسلافهم على الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.

حين وقف الإمام الحسين عليه السلام وحيدًا في أرض الطف، بين عدو يتربص به وصديق خذله، لم يكن يبحث عن نصر عابر، بل كان يجسد أعظم ملحمة عرفها التاريخ. صرخته في وجه يزيد لم تكن مجرد احتجاج، بل كانت ثورة ممتدة عبر الزمن، صرخة لا تزال تهز عروش الظالمين، وتنير درب الأحرار الذين ساروا على نهجه.

وهذا ما وعاه روح الله الإمام الخميني رضوان الله عليه، حين أعلن يوم القدس صرخة بوجه الطغيان. أدرك أن فلسطين ليست قضية شعب محاصر، بل قضية أمة مغيبة، وأن الصمت عليها خيانة للحسين عليه السلام، الذي بذل دمه لأجل الحق. الإمام الخميني رضوان الله عليه لم يكن يرى القدس مدينة مغتصبة فقط، بل كان يراها ميدانًا لمواجهة الاستكبار العالمي، وحصنًا لاختبار صدق الولاء لنهج الحسين عليه السلام.

وكذلك المرجع المفدى السيد السيستاني حفظه الله، الذي وقف سدًا منيعًا في وجه المخططات التي أرادت طمس هوية الأمة وبيع قضاياها العادلة. لم ينخدع بشعارات السلام المزيفة، ولم يساوم على حقوق المظلومين، بل كان صوته امتدادًا لصرخة الحسين عليه السلام، مدافعًا عن المستضعفين في كل بقعة تنتهك فيها كرامة الإنسان.

قد يرى البعض أن فلسطين قضية خاسرة، وأن الاحتلال قوة لا تُهزم، كما ظن بنو أمية أنهم سحقوا الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، لكن الدم لا يموت، وكما بقي الحسين عليه السلام خالدًا رغم مرور القرون، ستبقى القدس شاهدة على أن الطغيان مهما تجبر، فإن نهايته قادمة لا محالة.

فلا تكن من الذين يشمتون أو يتخاذلون أو يساومون على الحق، لا تكن ممن أغرتهم مظاهر القوة الزائفة، وتناسوا أن النصر الحقيقي ليس آنياً، بل هو وعد الله للمظلومين الذين صبروا وثبتوا، كما ثبت الإمام الحسين عليه السلام في أرض الطف، وكما ثبتت زينب عليها السلام في وجه الطغاة، وكما ثبت الإمام الخميني رضوان الله عليه في وجه الاستكبار، وكما ثبت السيد السيستاني حفظه الله في زمن الفتن وكما ثبت ال الصدر وال الحكيم وغيرهم على طغات زمانهم واستشهدوا ضحية لمواقفهم.

يوم القدس ليس مجرد ذكرى، وليس شعارًا يُرفع ثم يُنسى، بل هو امتداد لكربلاء، هو كربلاء التي تتجدد في وجه الطغاة، وكما انتصر الدم على السيف يوم الطف، سينتصر الحق في القدس، ولو بعد حين.

ضياء ابو معارج الدراجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *