وزارة الاتصالات تخسر المال في معركة خاسرة

كل طرق الحظر فاشلة بوجود برامج الـ VPN

ضياء ابو معارج الدراجي

في زمنٍ أصبحت فيه التكنولوجيا تتجاوز الحكومات والحدود، تبدو محاولات وزارة الاتصالات لحظر المواقع والتطبيقات كمن يحاول أن يوقف المدّ براحتيه. ملايين الدنانير تُنفق على أنظمة الحجب، والجدران النارية، وتحديثات بروتوكولات المنع، لكن الحقيقة المرّة التي لا مفر منها أن كل هذه الوسائل تُهزم يومياً، وبكل سهولة… على يد أبسط برنامج VPN مجاني.

تتصور وزارة الاتصالات أنها بمقدورها فرض سيطرة رقمية على ما يصل إليه المواطن، فتحجب موقعاً هنا، وتقطع تطبيقاً هناك، متوهمةً أنها تحمي “الأمن الرقمي” أو “المصلحة العامة”. لكن الواقع أن الإنترنت لا يُدار بالعصي والسياسات، بل بالأكواد والبرمجيات. وفي هذا العالم، كل بروتوكول حجب هو مجرد عقبة صغيرة أمام أدوات الـVPN، التي تُعيد توجيه الاتصال عبر خوادم في بلدان أخرى، لتجعل الإنترنت كما لو أنه لم يُمسّ.

لا نبالغ حين نقول إن أبسط تطبيق VPN—موجود على أي متجر تطبيقات وبحجم لا يتجاوز بضع ميغابايتات—يُسقط بسهولة كل بروتوكولات الحجب التي تعتمدها الوزارة. لا يهم إن كان الحظر عبر DPI (تفتيش الحزم العميق) أو عبر جدران نارية مزودة بأنظمة ذكية… فالـVPN، خاصة تلك المعتمدة على بروتوكولات قوية مثل WireGuard وOpenVPN، تمر كما تمر الإبرة في ثقب منسي.

الوزارة تصرف ميزانيات ضخمة على عقود مع شركات أجنبية لتوريد أجهزة الحظر، تدفع لموظفين، وتشغّل فرقاً كاملة لرصد الاستخدام والبحث عن بدائل تقوية المنع، بينما المواطن يتجاوز كل ذلك بضغطة زر. فمن هو الرابح هنا؟ لا أحد. لأن المال العام يُهدر على معركة لا يمكن كسبها، بينما السوق السوداء للإنترنت تزدهر، وحركة المستخدمين لا تتوقف.

المستخدم العادي لا يسعى إلى كسر القانون، بل يسعى إلى حريته في الوصول إلى المعلومة والتواصل. فهل من المنطقي مثلا أن يُمنع من الوصول إلى تطبيق مثل Telegram أو WhatsApp أو موقع إخباري فقط لأنه “مصدر إزعاج” للحكومة؟ هذا الحجب لم يعد مقنعاً لأحد، ولم يعد فعالاً، بل أصبح مثاراً للسخرية في أوساط الشباب والتقنيين.

رسالة إلى وزارة الاتصالات: وفّروا أموال الشعب، وركزوا على تحسين جودة الإنترنت، وتوسيع البنية التحتية، بدل الانشغال بسياسات منع لم تعد تردع أحداً. لأن الحرب على الإنترنت المفتوح خاسرة، ومعركة الحجب انتهت قبل أن تبدأ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *