أبريل 23, 2025
IMG_2195-700x394

الكاتب : حسين زامل
—————————————

الصباح الباكر وقبل طلوع الشمس بالتحديد اجمل اوقات اليوم في ناحية شيخ،
اول المارين في شارعنا ام كريم (زوجة المرحوم مزيعل) حاملة على راسها طشت الگيمر، خلفها المرحوم جنديل غلام يدفع عربانة فيها بعض الخضروات والفواكه التالفة وهو “يدردم” (وماعرف ليش يجيب الفواكه التالفة بالليل ويرجعها الصبح)!!، ومن جهة مركز الشرطة ياتي بادع الخياط وهو يدندن وخلفه “ابو سبأ المحاسب” يلغي مع نفسه.. عكسهم بكل شيء سيد عبدالرزاق الهماشي بخطواته البطيئة وسكون كل شيء في وجهه، وبعدهم هليل عبدجوي (ابوجبار) ورفيقة يده (عصى غليظة) قادما من مشروع المجاري، وفي الاثناء يخرج جارنا المرحوم “سيد مهدي المحنا” بزيه العربي الانيق ولونه الذي لا يغيره (ابيض ثلجي او بيجي)، ثم ياتي مسرعا من ركن “بيت حجي كاظم” المرحوم رسن غازي وكانه تأخر عن موعد مهم، ورائه المرحومين اجهيد و ابهيش بمسير سلحفاة، كل هؤلاء وجهتهم سوق المدينة.
سوق شيخ سعد يستقبلك فيه عبدالباسط والبقرة، او الفلوجي ويٓس من كل المقاهي والمطاعم والمحال التي تُفتح باكراً الا “بادع الخياط” يدندن مع فيروز، و”حبيب الخياط” يطرب لحضيري، اما مطاعم المصريين فرفيقتهم ام كلثوم او المنشاوي، وعلى العكس المرحوم “هاشم بنيان” تجده يغسل مقدمة بيته ومحله وصوت “مونت كارلو” يحيي المارة.
المرحوم “اعليوي ارحيمة” اول شخص تلتقيه قبل السوق گاعد على كرسي اما بيته بوجهه المتجهم ودخان “السبيل” يحيط راسه الا انك لا تنشغل به؛ فعطر وطيب حلويات وطبخ ام حسين الخارج من منزله يصيبك بداء “السلاويچ والرهاويل” ..
المرحوم مهنا “ابو وادي” البناء بكهكهته المعتادة وعكسه حجي مجيد غائم الوجه تجدهم وقد اجتمع حولهم عمال البناء اسفل قصر “حجي عواد” ينتظرون رزقهم، فيما يجلس سيد مطر على باب المقهى المقابل للكراج وهلا بالصباح تفضلوا يقولها لكل المارين، كذلك دخان الكباب من مطاعم عدة يدعوك ويحيك بلا صوت.. كل اصحاب المحال منشغلين برش وغسل مقدمة محالهم، الا جنديل فهو ما زال يدردم (وعلى شنو ما تعرف)..
الذين يسيرون في السوق قليلون..المعتاد المرحوم طاهر هليل يشبك يديه خلف ظهره صاكا على اسنانه وراسه يرتعش ياخذ السوق ذهاب واياب استعدادا لقفشة او مقلب مع المرحوم “سعيد ساعي” او رفيق دربه المرحوم ميرة، فيما يستمر المرحومين اچخير وستار حلو بمشاكسة المرحومين علو حمد او جميل عبدعويد وفيصل ايديم.
ومن بداية السوق تتلاقف العيون المرحوم سيد ناجي (ابو خيون) وكالمعتاد حاملا رغيف خبز وراس بصل او فجل و وجهته المعتادة مجيد الكببچي.
وكالمعتاد يشق السوق طارش الشرطي مع مجموعة “صخول” وهو يدردم !!.
في السوق “المسگف” ترى المرحوم حجي محامي يجلس خلف حلوياته بلا صوت او حركة، حتى رموش عينيه لا تتحرك، يقابله المرحوم “حجي علاوي” وهو يتكلم ويتحرك بسرعة ويضحك بصوت عالي على ابسط الامور خالقا جو من البهجة في محله والسوق، يجاوره المرحوم جبار هليل المنشغل دائما بغسل تتن المعسل لتعمير نارگيلته، وفي وسط السوق المرحوم “عبدالرضا بيري” يصفي التتن ويصنفه، وجاره “حجي صاحب” الله يحفظه كما هو يرتب باغراض محله بهدوء وسكينة، وفي نهاية السوق المرحوم كريم حجي صادق (ابونايف) اعتاد تنظيف محله المقتصر على صينية زهدي، وعكسهم “اموري رشيد شكر” فهو يرتب باغراضه ويدردم دون سبب يذكر .
اما هادي عبدالكاظم الخياط فلولا صوت ماكنة الخياطة تحسبه دمية للعرض.
يقابل السوگ المسگوف المرحومين “سلام حمد” و “علو حمد” وهم منشغلين بترتيب محلاتهم بالفواكه والخضر وكل حين يصيح احدهم استفزازا للاخر (ريانه يا طماطة)او (ذهب يا زرعنه)، بجوارهم المرحوم “شاكر هيري” البقال ايضا لكنه يرتب خضاره عن سكوت و يتكفل ابنه محمود بسيارته “البيكم داتسن” والحاج “جعفر جمعة” بمشاكسة جاريهم علو وسلام.
اما عواد وجواد كاظم سالم فهما معتادون على الصياح في كلامهم او يتعاركون على ابسط الاشياء وذات مرة على كارتونة موز.. فاعتراض جواد على عواد بالقول (شنو الناحية قرود وجايبلهم موز).!!
عبدالباسط مازال في البقرة من مقهى كريم حجي صاحب ومطاعم المصريين تفوح منها رائحة المخلمة والفلافل و “اهلا يباشا”.
اولاد عليوي رحيمة هم الاخرين يدردمون اثناء غسل محلهم صباحا (حسام وعصام وقيس وهشام) قبل ان ياتيهم هيثم ويصيح ابي يقول انسحبوا.!!
في الاثناء تجد المرحوم “عبدالحسين حلو” يرتب اغراضه وكل حين تسقط نظارته فيرد عليها “اكسرچ و احرگ ربچ” اما جاره ابو لواء فهو يدردم ما تعرف ليش!؟. وبجواره وامامه محلات المرحومين ابراهيم تاشي ومهدي نصرالله وابوه وجبار الكاتب يجلسون بصمت كأنهم مشهد من المتحف البغدادي وانظارهم تتسمر الى جارهم المرحوم كريم الحلاق الذي يتولى رش الشارع امام محالهم ويشاكس ستار وجبار حلو.
على الطرف الاخر تشوف المرحوم علوان صالح يحضر اكياس الديرم والمسج والبهارات ويدردم على المجتمعين حول “ام طالب للحصول على الگيمر” بقوله (ماشايفين گيمر) او (وين امولين من الصبح)، اما البقال المرحوم “علي داود” فتجده بحزامه العريض الذي يحوط خصره معلقا به احدى طرفي دشداشته يقف امام محله وهو يصيح على اولاده “يالله خلصونه الناس راح تتغدة” رغم ان الشمس لم تشرق بعد !!.
وجنديل مازال “يدردم”
قبل ان تصل جنديل يلفت انتباهك محلات المرحومين المتقابلة السيد عبد القماش وجاسم الناهي بائع الاجهزة الكهربائية وهم منشغلان بالتسبيح ورؤسهم متسمرة وسط اجسادهم دون حركة او التفات يمينا او شمالا.
وعند مجيد الكببجي تجمهر كبير كانه موكب لتوزيع الثواب.
ومن ركن السوق ياتيك صوت (اعيوني او حنيني) تحية المرحوم حجي (غني عبدسلمان) للمارة.
المتناقض في السوق انك تجد مثلا كل اربع محلات اصحابها يعملون بهدوء وسكون يقابلهم شخص “يدردم” وعلى شنو ما تعرف.
وايضا المرحوم جنديل مازال يدردم.!!
الذين يدردمون هم على وضعهم حتى اغلاق محالهم، اما الهادئون الساكنون بلا كلام فهؤلاء صناع قفشات نتاجها البسمة المجانية…. ساتناولهم في حلقة قادمة عن السوق وقت الذروة التي تبدأ مع وصول عربانة داوي عناد عند السادسة صباحا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *