في وداع المربي، الأستاذ السيد إبراهيم الموسوي رحمه الله

قصي الموسوي

بعض الناس يمرّون بيننا كأنهم عطر اصيل، لا تعبث به الريح، ولا يغيب عن الذاكرة.

هادئون، نقيّون، لا يُشبهون ضجيج هذا العالم، ولا يتكلفون حضورًا، ولا يطلبون شيئًا من الدنيا سوى أن يكونوا نفعًا خالصًا، وخيرًا يسير على الأرض.

كان من أولئك الذين يعيشون بيننا بلا صخب وبلا تعقيد، لا في العلاقات، ولا في الحسابات، هذا السيد الجليل، كان متواضعاً ساعياً لقضاء حوائج الناس بصمت، وفي تعب لا يعلنه، كان يمشي خفيفًا على الأرض، ثقيلًا في ميزان الخير، مثقلاً بهمومه وشؤونه، لم يعرف الكلل والملل، ولم تكن خدمته للناس يومًا مَنًّا أو استعراضاً، انما كانت هذهِ طبيعته، وكان ذلك جوهره، تميز باخلاصه في العمل الإسلامي وهو من العاملين الاوائل في صفوف الحركة الإسلامية، وتحمل أقسى أنواع الظلم في عهد الدكتاتورية الصدامية البغيضة، ومن ثم معاناة الهجرة.

جرأته بلا استعلاء،

وأخلاقه بلا ضعف،

ومزحه بلا سخرية،

وشدته بلا عصبية،

رحل كما عاش في صمتٍ وبلا تعقيدات، فجأةً اختفى ذاك الوجه الذي اعتدنا أن نراه طمأنينة، رحل الأستاذ المربي السيد إبراهيم الموسوي، الرجل الطيب والشخصية الإنسانية.

غاب الجسد وبقي الأثر، وبقيت تلك القلوب التي أحبته، وتلك الأرواح التي تعلّمت منه المعنى قبل المعلومة، والموقف قبل النصيحة.

جمعتني بالسيد الجليل سنوات الهجرة والوظيفة، وكان خير معين وسند، وقبل ذلك هو صديق حميم للوالد ورفيق دربه في العمل والجهاد ضد الدكتاتورية الصدامية، وكان أستاذاً ومربياً كريماً، له فضل على شريحة الاطباء وطلاب الطب والعلوم الطبية، من المهاجرين العراقيين في المهجر، من خلال دعمهم ومساعدتهم وتوجيههم، كونه سبقهم بالهجرة، وكذلك في الوظيفة في العمل الطبي والخبرة والتجربة، رحمك الله، استاذنا الداعية السيد ابا احسان، وجعلك عبرةَ خيرٍ لنا، ورفع درجتك، كما رفعت فينا الوعي والإنسانية والمروءة.

نم قرير العين … فقد كنت ممن يصنعون الفرق دون أن يطلبوا تصفيقاً، وداعية مخلص لقضيتك ووطنك.

احر التعازي برحيله لاسرته ومتعلقيه وإخوته ورفاق دربه ومحبيه وعارفيه، ونجليه السيدين العزيزين الصديقين، الاستاذ إحسان الموسوي وسماحة الخطيب السيد محمد الموسوي حفظهما الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *