فاضل حسن شريف
جاء في کتاب معجم الفروق اللغوية بترتيب وزياده للمؤلف أبو هلال العسكري: الفرق بين الايتاء والاعطاء: قال الفاضل النيسابوري: في الاعطاء دليل التملك دون الايتاء. قلت: ويؤيده قوله تعالى: “إنا أعطيناك الكوثر” (الكوثر 1) فإنه كان له منع من شاء (9 / أ) منه كالمالك للملك. وأما القرآن فحيث أن امته مشاركون له في فوائده، ولم يكن له منعهم منه، قال: “ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم” (الحجر 87). الفرق بين الاياب والرجوع: أن الاياب هو الرجوع إلى منتهى المقصد، والرجوع يكون لذلك ولغيره، ألا ترى انه يقال رجع إلى بعض الطريق ولا يقال آب إلى بعض الطريق ولكن يقال أن حصل في المنزل، ولهذا قال أهل اللغة التأويب أن يمضي الرجل في حاجته ثم يعود فيثبت في منزله، وقال أبو حاتم رحمه الله: التأويب أن يسير النهار أجمع ليكون عند الليل في منزله وأنشد: البايتون قريبا من بيوتهم * ولو يشاؤون آبو الحي أو طرقوا وهذا يدل على أن الاياب الرجوع إلى منتهى القصد ولهذا قال تعالى “إن إلينا إيابهم” (الغاشية 25) كأن القيامة منتهى قصدهم لانها لا منزلة بعدها.
انتهى.
وعن الفرق بين الايثار والاختيار يقول العسكري في كتابه: أن الايثار على ما قيل هو الاختيار المقدم والشاهد قوله تعالى “قالوا تالله لقد آثرك الله علينا” (يوسف 91) أي قدم اختيارك علينا وذلك أنهم كلهم كانوا مختارين عند الله تعالى لانهم كانوا أنبياء: واتسع في الاختيار فقيل لافعال الجوارح اختيارية تفرقة بين حركة البطش وحركة المجس وحركة المرتعش وتقول اخترت المروي على الكتان أي اخترت لبس هذا على لبس هذا وقال تعالى “ولقد اخترناهم على علم على العالمين” (الدخان 32) أي اخترنا إرسالهم، وتقول في الفاعل مختار لكذا وفي المفعول مختار من كذا، وعندنا أن قوله تعالى ” آثرك الله علينا ” معناه أنه فضلك الله علينا، وأنت من أهل الاثرة عندي أي ممن افضله على غيره بتأثير الخير والنفع عنده، واخترتك أخذتك للخير الذي فيك في نفسك ولهذا يقال آثرتك بهذا الثوب وهذا الدينار ولا يقال اخترتك به وإنما يقال اخترتك لهذا الامر، فالفرق بين الايثار والاختيار بين من هذا الوجه.
وعن الفرق بين البأس والخوف يقول أبو هلال العسكري: أن البأس يجري على العدة من السلاح وغيرها ونحوه قوله تعالى “وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد” (الحديد 25) ويستعمل في موضع الخوف مجازا فيقال لا بأس عليك ولا بأس في هذا الفعل أي لا كراهة فيه. الفرق بين البأساء والضراء: أن البأساء ضراء معها خوف وأصلها البأس وهو الخوف يقال لا بأس عليك أي لا خوف عليك، وسميت الحرب بأسا لما فيها من الخوف والبأس الرجل إذا لحقه بأس وإذا لحقه بؤس أيضا وقال تعالى “فلا تبتئس بما كانوا يفعلون” (هود 36) أي لا يلحقك بؤس، ويجوز أن يكون من البأس أي لا يلحقك خوف بما فعلوا، وجاء البأس بمعنى الاثم في قولهم لا بأس بكذا أي لا إثم فيه ويقال أيضا لا بأس فيه أي هو جائز شائع.
وعن الفرق بين الباقي والقديم والمتقدم يقول العسكري في كتابه: أن الباقي هو الموجود لا عن حدوث في حال وصفه بذلك، والقديم ما لم يزل كائنا موجودا على ما ذكرنا وأنت تقول سابقي هذا المتاع لنفسي ولا تقول ساقدمه واستبقيت الشئ ولا تقول استقدمته، وقال قوم: القديم في اللغة مبالغة في الوصف بالتقدم في الوجود وكلما تقدم وجوده حتى سمي قديما فذلك حقيقة فيه، وقال من يرد ذلك لو كان القدم يستفاد لجاز أن تقول لما علمته سيبقى طويلا أنه سيقدم كما تقول أنه سيبقى، وفي بطلان ذلك دلالة على أنه في المحدث توسع والمتقدم خلاف المتأخر، والتقدم حصول الشئ قدام الشئ ومنه القدوم لتقدمها في العمل وقيل لمضيها في العمل لا تنثني فتوبع لها في الصفة كالتقدم في الامر، ومنه القدم لانك تتقدم بها في المكان في المشي، والسابقة في الخير والشر قدم وفي القرآن “قدم صدق عند ربهم” (يونس 25) وقوادم الريش العشر المتقدمات، ويقال قدم العهد وقدم البلى أي طال وكل ما يقدم فهو قديم وقدم، وفي الحديث ” حتى يضع الجبار فيها قدمه ” أي في النار يريد من سلف في علمه أنه عاص، ويجوز أن يكون من سلف بعصيانه، والقديم على الحقيقة هو الذي لا أول لحدوثه. قيل فلان يبحث عن الامور تشبيها بمن يبحث التراب لاستخراج الشئ.