القانون، في دولة اللاقانون. !

محمد ابو النواعير

(( أن دور القانون ليس فحسب، تحقيق السلم الأهلي وتمكين الناس من السعي وراء خيرهم الخاص ، من دون اصطدام بعضهم ببعض، مثلما تزعم الليبرالية وإنما أيضا الإسهام في التهذيب الأخلاقي للمجتمع.

 أن دور الشارع Legislator هو حمل المواطنين على تحقيق الفضائل وتوجيههم نحو الأعمال التي تُبلغهم الحياة المثلى، وأن الحكومة الصالحة يكون فيها المشرعون حازمين في تصيير الناس فضلاء .))

هذا النص الذي اقتبسته من احد البحوث التي اقرأها يوميا، والذي يمثل فحواه رأي لارسطو وهوبز، ذكرني بمحاضرة القيتها على عدد من المحامين في مؤسسة دار الحكمة في النجف، بينت فيها بان من اهم عوامل انفاذ القانون، وتحقيق مستوى عالي من طاعة القانون في المجتمع، هو بتقعيد المادة القانونية، على قواعد ذات اسس اخلاقية ودينية.

واذا رجعنا الى النص اعلاه، واسقطناه على الممارسة القانونية في مجتمعنا العراقي، سنجد ان احدى اهم عوامل الضعف والنقص في منظومتنا القانونية، وضعف نفاذها في المجتمع، هو ان المشتغلين بالقانون (قضاة، مشرعين، مدعين عامين، محامين، فقهاء دستوريين)، لا يراعون كثيرا قضية تحقيق التهذيب الاخلاقي في المجتمع، فهم بمجملهم، يتعاملون في اختصاصهم هذا، من خلال منظومة قوانين وتشريعات، الكثير منها مقتبس من تشريعات وقوانين وضعت لمجتمعات تختلف مبادئها الاخلاقية والعرفية والدينية عن مجتمعاتنا.

لذا، نجد هذا الخلل المستمر، واضح وجلي، في وجود قطيعة التزام، وقطيعة واجب، وقطيعة مسؤولية، بين هذه الاقطاب الثلاثة : القانون، مشرع القانون، المواطن او المجتمع الذي يجب عليه ان يؤمن بالقانون اولا، ثم يسعى لتطبيقه.

ولكي نقرب صورة او معنى طرحنا اعلاه، اذا انتقلنا الى العرف والسانية العشائرية في المجتمع العشائري، سنجد ان درجة الالتزام بها، والانضباط باخلاقيتها، تكون على درجة اكبر من القانون، وذلك لان القانون العشائري نابع من ارضية عرفية امتزجت فيها القناعة الاخلاقية للمجتمع وافراده، مع مبدأ الالتزام الواضح.

د. محمد ابو النواعير.