اسم الكاتب : هادي حسن عليوي
صحيح إن الكل كان مقتنعاً بمن فيهم صدام حسين نفسه ومريديه.. إن لا أمل في نجاة نظام حكمه.. من هجوم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لإسقاط نظامه.. وها هو تمثال صدام في صبيحة يوم 9 نيسان 2003 يسحب بدبابة أمريكية ويسقط على الأرض.. لم تعد هناك مقاومة.. بل اختفى جيش العراق.. وتوقفت الحياة.. والكل مندهش.. بل الكل غير مصدق بما حدث
– ضرب العراقيون ومؤسساتهم وكهربائهم بالقنابل المحرمة دوليا.. وقتل من العراقيين اكثر من 100 الف بيوم واحد.. وكان القصف موجها على المواطنين.. مثلما موجه على مؤسساته الاقتصادية والاجتماعية والكهرباء
ـ بالمقابل كانت هناك حركة سريعة للقوات الأمريكية.. لمحاولة الانتشار ببغداد.. أما مسؤولي النظام فقد اختفوا.. هل حقاً سقطت بغداد ؟؟ هل حقاً أصبحنا بلداً محتلاً؟؟
ـ فيما تصلنا الإنباء إن صدام كان في ضحى ذلك اليوم يحي جماهير في منطقة الأعظمية.. وبعد ساعات مرً من هنا “في منطقتنا” ترافقه خمس سيارات مرسيدس.. وبعض المارة ينظرون إليه بترقب!! ماذا يعني قائد.. بلا قوات؟.. ولا قيادة.. ولا جيش!!.. وأعداد قليلة من الأفراد تريد أن تتأكد ما الذي حدث؟
ـ كان يوماً.. ليس ككل الأيام.. بكل الحسابات.. لا تصدقوا اليوم أقاويل وحكايات من جاء مع الدبابة الأمريكية.. ولا تصدقوا من يغرد الآن.. ولا تصدقوا بعض الأفاقين وهم يقولون إننا أسقطنا صدام!! ولا تصدقوا بطولاتهم الفارغة
ـ يوم التاسع من نيسان ليس كبقية الأيام.. الكل ممن كان يلبس الزيتوني تخلص من سلاحه.. وترك مكانه.. وهرولً مسرعاً لبيته أو لبيت أقربائه.. أو حتى ترك بغداد.. وقوافل السيارات باتجاه طريق الأردن بالمئات هَرباً بها غالبية كوادر النظام وعوائلهم
ـ وجاء الليل بسكونه غير المعهود.. وخلت الشوارع من الناس.. وخلت بشكل خاص من البعثيين.. ومن مسؤولي النظام منذ الصباح.. ومن العاملين في الأجهزة الأمنية.. كذلك من عناصر القوات المسلحة والشرطة هل ابتلعتهم الأرض ؟؟.. أحقاً قاوموا.. أم إنهم أصلاً منهارين نفسياً منذ ساعة الإنذار الأمريكي؟؟
ـ سرتُ أنا مشياً على الأقدام بعد العاشرة مساء من ذلك اليوم.. من بيتنا قبالة بناية الجامعة المستنصرية الى الباب المعظم.. لم أجد غير نفسي تمشي في الشارع.. ورجل فقير بملابس رثة يجلس في زاوية.. يبدو إنها كانت مكان منامه.. وليس في باب المعظم شيء يذكر.. ولا حتى قطة أو كلب يسير أو حتى مختفي
ـ عدتُ أدراجي.. وإذا بدبابة أمريكية نظرتُ إليها لم أشاهد غير سيرها في الشارع.. وهي تصعد الرصيف.. تأملتُ.. وقلتُ ونفسي: هل تستطيع هذه الدبابة أن تتجاسر وتصعد رصيف من أرصفة نيويورك؟.. أو تسير على رصيف في واشنطن أو حتى في مناطق السود الأمريكان الفقيرة؟.. حتى لو قامت الحرب عندهم.. فدباباتهم تحافظ على شوارعهم
ـ هززت رأسي.. وقلتُ ونفسي إن كان صدام لم يستطع تدمير العراق بكل حروبه الداخلية والخارجية.. ومقابره الجماعية.. وصواريخه.. ونابالمه.. وكيمياويه.. فقادتنا الجدد سيدمرون العراق بظرف سنتين
الفرهود
ـ لتبدأ أكبر عملية فرهدة للمال العام.. والبنوك.. والمصارف.. ومؤسسات الدولة.. وقصور الرئاسة.. وبيوت الوزراء.. ومراكز الشرطة.. ومعسكرات الجيش ومخازن سلاحه.. ومقرات حزب البعث
ـ حتى المؤسسات العلمية التعليمية والرياضية والصحية.. ومراكز إيواء كبار السن والمجانين لم تسلم من أيدي السراق.. ومن ثم تدمير الكثير من المؤسسات.. وحرق بعضها أكثر من مرة.. أنه التدمير الكامل لدولة العراق التي شارك فيها بناءها العراقيون منذ 1920 حتى هذا اليوم الأسود هذا
ـ المخزي إن أبطال هذه الجريمة الكبرى المنظمة هم
ـ أحزاب المعارضة التي جاءت مع المحتل
ـ العديد من البعثيين الذين يعرفون كل شيء عن هذه المؤسسات
ـ السراق والمجرمون الذين أطلق سراحهم صدام قبل مدة قصيرة من سقوطه
ـ أصحاب النفوس الضعيفة من المدنيين والعسكريين وقوى الأمن الداخلي.. ولصوص الدول المجاورة
الذين دخلوا العراق مع المحتل
ـ قوات التحالف الدولي.. سواء لتي دخلت بغداد أو المدن العراقية الأخرى
التحرير الزائف
ـ المعارضة التي جاءت مع الدبابة الأمريكية.. أو الذين دخلوا من الحدود بسيارات.. والأمريكان يقولون: انه: تحرير العراق
ـ وفي كل التاريخ العالمي يوصف دخول قوات أجنبية.. حتى ولو بطلب من الحكومة القائمة (غزواً).. واحتلالاً.. ودماراً.. وقتلاً.. وسبياً.. واغتصابا
ـ فقط في بلدي وفي هذا الغزو فقط.. يسمى الاحتلال (تحريراً).. فقط رئيس جمهوريتنا الجديد من بين كل الملوك ورؤساء العالم قديماً وحديثاً يسمي الاحتلال: تحريرا
ـ فقط أصحاب الجنسيات المزدوجة يسمون تدمير العراق واحتلاله ب(التحرير).. ويحتفلون به كل سنة
احتلال.. بموجب القانون الدولي
ـ المضحك.. إن بريطانيا بطلب من حلفائهم الأمريكان يدعون مجلس الأمن الدولي لعقد اجتماع عاجل لإصدار قرار باحتلال العراق.. وليس بما يدعون انه: (تحرير العراق).. كي يمنحوا أنفسهم الشرعية الدولية بحكم العراق المحتل من قبلهم.. وصدر القرار الدولي.. وجيء ببريمر حاكماً مدنياً للاحتلال
ـ المخزي إن عراقيي الخارج ما زالوا يؤكدون إن العراق تحرر.. وكان كبارهم يقفون يرتجفون أمام بول بريمر.. وأمام كونداليزا رايس وزير خارجية أمريكا المحتلة
ـ أما سيد هؤلاء المنافقين فيهدي سيف ذو الفقار الى وزير الحرب الأمريكي المجرم رامسفيلد.. الذي ضرب العراق بالنابالم والقنابل الفسفورية.. وقتل العراقيين.. هؤلاء هم الذين يطلق عليهم مقولة: إنهم انكليز أكثر من الإنكليز أنفسهم
ـ ورئيس وزراء العراق في الحكومة المنتخبة والدائمية.. يحمي مجرم الحرب من ضربة الحذاء
يوم ليس ككل الايام
ـ لم يكن 9 نيسان 2003 كبقية الأيام.. فقد فتحت الحدود العراقية على مصراعيها.. ودخل كل من هبً ودبً.. من المجرمين وتجار المخدرات
ـ مثلما دخل الإرهابيون والقتلة.. كما أدخلت الدول جواسيسها وعملائها الى العراق لتجد لها قدماً في نظام الفوضى.. أو كما أسماها الأمريكان: الفوضى الخلاقة
ـ راح بريمر بعد سنة من النهب والدمار.. حاملاً معه 19 مليار دولار سرقها من أموال العراق.. بـتأكيد مكتب المحاسبة الأمريكي.. ليتسلم من لا يفقه بالسياسة.. ولا بالاقتصاد.. ولا بالإدارة.. ولا بأمن الدولة.. ولا يعرف معنى قيادة الحكم في عراق (التحرير) كما يسمونه
19 سنة انقضت على ما يسمى ب (العملية السياسية).. وتأكد للقاصي والداني انه ليس هناك تحرير.. ولا ديمقراطية.. ولا مدنية.. ولا دولة دينية.. ولا تطبيق للقانون.. وتبين إنها أكبر كذبة في العالم
ـ فهي عمليات خطف.. وقتل.. بسبب أو بلا سبب.. ومساحة الفقر توسعت بشكل رهيب.. وازدادت البطالة 5 أضعاف عن عهد الحصار الاقتصادي.. وعدد النازحين وصل أكثر من ثلاثة ملايين.. والمهاجرون 3 ملايين.. والمهجرون 3 ملايين.. والمطلقات 3 ملايين.. والأرامل والعوانس 3 ملايين.. والشهداء والمعوقين والمفقودين 3 ملايين.. والأيتام حدث بلا حرج
ـ حتى الحصة التموينية أكلها الذئب.. وانخفضت من 12 مادة الى4 مواد فقط .. ومن 12 حصة سنوية الى أربع حصص في السنة.. وبقية الحصص تسرق مبالغها من قبل معالي السيد الوزير وحفنة الضالين
ـ وما يطعموننا مما تبقى من الحصة التموينية مواد منتهية الصلاحية.. أو عفنة.. أو مغشوشة.. أو تحوي حشرات.. ويقولون لنا إنها حشرات نافعة!!.. ويمنحوننا أربعة مرات لأربعة أشهر في السنة
ـ ونحن هذه الأيام نعيش شهر شعبان.. أفضل شهر في الإسلام.. نتذكر كيف كنا نعيش قبل 9 نيسان.. ونقارن بألم شديد.. الظلم.. والدكتاتورية.. وعنجهية صدام.. واجرامه.. وبين ديمقراطية الاحتلال.. ومع ذلك نردد
ـ كان هناك صدام واحد.. وألف حبربشيه…. اليوم عندنا 1000 صدام.. ونصف مليون حبربشية
ـ كان هناك حزب واحد….. واليوم عندنا أكثر من 350 حزبا
ـ كان هناك جيش واحد…… واليوم لا ندري كم جيش عندنا ؟؟
ـ وبعد.. كان هناك: عدي واحد.. وقصي واحد.. ولؤي خير الله واحد.. وحسين كامل واحد.. وعلي كيمياوي واحد
ـ اليوم عندنا 10 آلاف عدي….. و10 آلاف قصي….. و10 آلاف لؤي….. و10 آلاف حسين كامل….. و10 آلاف علي كيماوي.. وعشرات الالاف من فضلات القاذورات التي لفضها الاحتلال علينا.. وأنتم احكموا ماذا جرى لنا.. وماذا يجري بنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ أكنُ التقدير والاحترام للمسؤولين الشرفاء النزيهين.. الذين لا يزيد عددهم ضعف عدد اصابع اليدين.. الذين تحملوا المسؤولية بشرف.. وكان مصيرهم: اما الطرد.. أو الاتهامات الجوفاء.. او سجنهم.. أو من استطاع مغادرة العراق.. ليعيش حد الكفاف
ـ بغداد.. بغــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداد.. أبكيكِ ١٧ سنة بلا توقف.. وأبكيكِ فأنت اليوم.. لأنك لم تعودي بلد السلام.. ولم تعودي قلعةً الأسودِ.. ولا كعبة المجدِ والخلودِ.. ولا جبهة الشمسِ للوجود
ـ بغـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداد: ولا ذهـباً للزمان.. وضوعه العطر
ـ بغـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداد.. أنت اليوم لستِ مدينة المنصور.. ولا بلد السلام.. ولا قلعة الأسود.. بشاهدة حكامنا انفسهم
ـ بغــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداد: أنت مدينة السراق.. والمزورين.. ومهربي النفط.. وتجار المخدرات
ـ فمتى تعودي بلد السلام.. وقلعة الأسود ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟