الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
جاء في الألوكة الشرعية عن الفرق بين الأسماء والصفات للشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي: ويقول ابن القيم رحمه الله: “أسماء الربِّ تَعالى هي أسماءٌ ونعوت، فإنَّها دالةٌ على صِفات كماله، فلا تنافي فيها بين العلميَّة والوصفية، فالرحمن اسمُه تعالى ووصفُه لا تُنافي اسميتُه وصْفيتَه، فمن حيثُ هو صفةٌ جرى تابعًا على اسمِ الله، ومن حيث هو اسمٌ ورَدَ في القرآن غير تابع، بل ورودَ الاسم العَلَم”. ويقول رحمه الله أيضًا: “الاسم إذا أطلق عليه جاز أن يُشتق منه المصدر والفعل، فيُخبر به عنه فعلًا ومصدرًا، نحو: “السميع”، “البصير”، “القدير” يطلق عليه منه: السمع والبصر والقدرة، ويُخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو: “قَدْ سَمِعَ اللَّه” (المجادلة 1)، ” فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ” (المرسلات 23)، هذا إن كان الفعل متعديًّا، فإن كان لازمًا: لم يُخبر عنه به نحو “الحي”، بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل، فلا يقال: حيِيَ”. والخلاصة: أنـ “أسماء الله: كلُّ ما دلَّ على ذات الله مع صِفات الكمال القائِمة به؛ مثل: القادر، العليم، الحكيم، السَّميع، البصير، فإنَّ هذه الأسماءَ دلَّتْ على ذات الله، وعلى ما قام بها مِن العلم والحِكمة والسَّمْع والبَصَر. أمَّا الصِّفات فهي نعوتُ الكمال القائمة بالذات؛ كالعِلم، والحِكمة، والسمع، والبَصَر، فالاسم دلَّ على أمرين، والصِّفة دلَّتْ على أمرٍ واحد. ويُقال: الاسم مُتضمن للصفة، والصِّفة مستلزِمة للاسم، ويجب الإيمانُ بكلِّ ما ثبت منهما عن الله تعالى أو عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم – على الوجه اللائق بالله – سبحانه – مع الإيمان بأنَّه – سبحانه – لا يُشبِه خَلْقه في شيء من صفاته، كما أنه سبحانه لا يُشبههم في ذاته؛ لقوله تعالى: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ” (الإخلاص 1-4)، وقوله سبحانه: “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الشورى 11).
قال الله عز وجل عن الاسم والصفة في سورة النساء “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” ﴿النساء 1﴾ رجالا اسم، كثيرا صفة، نفس اسم، واحدة صفة، “يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا” ﴿النساء 28﴾ انسان اسم، ضعيفا اسم. “فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَة ” ﴿النساء 92﴾ عدو صفة. “فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا” ﴿النساء 103﴾ موقوتا صفة. “إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” ﴿النساء 34﴾ عليا اسم، كبيرا صفة. “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا” ﴿النساء 36﴾ جار اسم، جنب صفة، مختالا اسم، فخورا صفة.
عن مركز الأبحاث العقائدية الفرق بين الاسم والصفة: أنّ الاسم هو: اللفظ المأخوذ للذات بما هي هي، أو للذات من خلال وصف من الأوصاف، أو حيثية من الحيثيات، فلفظ (العالم) اسم من أسماء الله تعالى، يعني: ذات مأخوذة بوصف العلم؛ فالنظر هنا منصبّ أوّلاً على الذات. أمّا الصفة، فهي: النظر إلى ذات الصفة من حيث هي صفة مع قطع النظر عن اتّصاف الذات بها؛ فالنظر هنا منصبّ أوّلاً على المبدأ مجرّداً عن الذات. وربّما يتبيّن الفرق جيداً بمثال نأخذه على الإنسان: فهو يسمّى (إنسان)؛ من حيث هو هو حيواناً ناطقاً، وإذا نظرنا إليه من حيث صفة الطبابة أو النجارة، فلا يسمّى: إنساناً، بل: طبيباً ونجاراً. وأمّا إذا أخذنا الصفة من دون النسبة إلى الذات، فنقول: الطبابة والنجارة. كما أنّ الفرق بين الصفة والاسم عبارة عن: أنّ الأوّل (الصفة) لا يُحمل على الموضوع، فلا يقال: زيد علمٌ، بخلاف الثاني (الاسم) فيُحمل عليه، ويقال: زيد عالم. وعلى ذلك جرى الاصطلاح في أسمائه وصفاته سبحانه؛ فالعلم والقدرة والحياة صفات، والعالم والقادر والحيّ أسماؤه تعالى.
قال الله عز وجل عن الاسم والصفة في سورة النساء “وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا” ﴿النساء 35﴾ شقاق اسم، عليما اسم، خبيرا صفة. “وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا” ﴿النساء 154﴾ سجدا اسم، ميثاقا اسم، غليظا صفة. “وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ” ﴿النساء 12﴾ وصية اسم، الله اسم علم، عليم اسم، حليم صفة. “وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ” ﴿النساء 14﴾ نارا اسم، خالدا اسم، عذاب اسم، مهين صفة. “وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا” ﴿النساء 2﴾ خبيث اسم، طيب اسم، حوبا اسم، كبيرا صفة.
جاء في كتاب مجاز القرآن خصائصه الفنيّة وبلاغته العربيّة للدكتور محمد حسين علي الصغير عن مجاز اللزوم: – وصف الزمان بصفة ما يشتمل عليه ويقع فيه كقوله تعالى: “فذلك يومئذ يوم عسير” (المدثر 9). وهذا من الجاز اللغوي / المرسل، وهو من باب إسناد الفاعلية، أو الصفة الثبوتية للزمان لمشابهته الفاعل الحقيقي، فقد أسند العسرة الى اليوم ووصفه بها، واليوم دال على زمن من الأزمان، ولا تستند اليه صفة الفاعلية إلا مجازا، وكأنه يريد فذلك يومئذ يوم ذو عسرة، تعبيرا عما يجري فيه من المكاره والشدائد، والله سبحانه هو العالم. ـ وصف المكان بصفة ما يشتمل عليه ويقع فيها، كقوله تعالى: “رب أجعل هذا البلد ءامنا” (ابراهيم 35). وهذا هو المجاز العقلي فيما يظهر لي، فالأمن لا يلحق بالبلد وإنما بأهل البلد، وما قيل في قوله تعالى: “وسئل القرية ” (يوسف 82)، يقال هنا. ـ (وصف الأعراض بصفة من قامت به، كقوله تعالى: “فإذا عزم الأمر” (محمد 21)، والعزم صفة لذوي الأمر. وقوله تعالى: “فما ربحت تجارتهم” (البقرة 16) وصف التجارة، وهو صفة للتاجر). وقال تعالى في مورة الفرقان: “وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونا” (الفرقان 63) يقول الزمخشري: (هونا حال أو صفة للمشي، إلا ان وضع المصدر موضع الصفة مبالغة).
قال الله عز وجل عن الاسم والصفة في سورة النساء “وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا” ﴿النساء 4﴾ نحلة اسم، هنيئا صفة، مريئا صفة. “وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا” ﴿النساء 5﴾ قياما اسم، قولا اسم، معروفا صفة. “وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا” ﴿النساء 6﴾ الله اسم علم، حسيبا اسم. “إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَـٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا” ﴿النساء 17﴾ جهالة اسم، عليما اسم، حكيما صفة. “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا” ﴿النساء 19﴾ كرها اسم، مبينة صفة، خيرا اسم، كثيرا صفة. “إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا” ﴿النساء 149﴾ خيرا اسم، عفوا اسم، قديرا صفة.