الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
بسبب التوترات التي حصلت بين الامويين في آخر حكمهم في عهد مروان بن محمد المعروف بمروان الحمار، وبداية حكم العباسيين على يد محمد بن علي بن عبد الله وأخوه أبو العبَّاس السفاح ثم حكم المنصور الدواقيني، جعلت الامام جعفر بن محمد الصادق يتنفس الصعداء واخذ ينشر علوم اجداده واصبح مدرسا لآلاف طلبة العلم وائمة زمانه من المذاهب الاسلامية امثال مالك وابي حنيفة النعمان. ولكن لم يستمر الامر حيث بعد استقرار الحكم للمنصور الدوانيقي اخذ يضيق على الامام عليه السلام وحاول قتله مرات عديدة. جاء في موقع براثا عن الإمام الصادق عليه السلام يعيد الأمة الى الطريق القويم للكاتب خضير العواد: فقد ثبت الإمام الصادق عليه السلام قواعد مذهب أهل البيت عليهم السلام من خلال محاضراته في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومناظراته وقد توافد عليه طلاب العلم من كل أرجاء المعمورة وفي مقدمتهم ابو حنيفة ومالك بن أنس.فقد تخرج من هذه الجامعة العريقة اربعة الاف عالم في مجالات شتى من العلوم كلهم يقول حدثني جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام واحصى طلابه ما يقرب من اربعمائة مؤلف اضف الى دوره البارز وفضله على علماء المذاهب الاربعة حتى قال ابي حنيفة لولا السنتان لهلك النعمان وهذا يثبت مقولة عباس محمود العقاد كل مالدينا من علوم من علي بن ابي طالب عليه السلام مباشرةً او احد تلامذته.من هنا نعرف ان الامة متى ما اقبلت على هذا النبع الصافي لتنهل منه فانه سيفيض عليها بعلوم شتى قال الامام على عليه السلام علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الف باب من العلم فتح لي من كل باب الف باب. قال امامنا الصادق ع ليت السياط على رؤوس اصحابي ليتفقهو بالدين حثا منه على اهمية العلم والتفقه بالدين كما قال ايضا بادرو اولادكم بالحديث قبل ان يسبقهم اليكم المرجئة من هنا نستشعر اهمية غرس العقيدة الصحيحة في عقول ابناءنا وشبابنا قبل ان يسبقهم الاخر ومن ثم ندخل في متاهات تصحيح المسار التى ربما تاتي متاخرة وتوصلنا الى نتاجات غير محمودة.
تلقى ابو حنيفة النعمان الدرس لمدة سنتين عند الإمام جعفر الصادق عليه السلام وقال في مدحه (لولا السنتان لهلك النعمان). قال الإمام أبو حنيفة النعمان: ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمد، لمّا أقدمه المنصور الحيرة، بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة إنّ الناس قد فتنوا بجعفر بن محمّد فهيّئ له من مسائلك تلك الصعاب، قال فهيّأتُ له أربعين مسألة ثم بعث إليّ أبو جعفر فأتيته بالحيرة فدخلتُ عليه، وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرتُ بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمتُ وأذِن لي، فجلستُ ثم التفت إلى جعفر، فقال يا أبا عبد الله تعرف هذا، قال نعم، هذا أبو حنيفة ثم أتبعها قد أتانا. قال شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في تذكرة الحفّاظ: وعن أبي حنيفة قال: (ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد). ونقل الحديث عن الامام الصادق عليه السلام كبار العلماء منهم يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وشعبة، وأيوب السجستاني وغيرهم. كان الصادق عليه السلام له باع كبير في علم الكلام والرأي مما جذب اليه طلاب هذه العلوم للاستفادة منه. من اصحاب الامام الصادق عليه السلام هشام بن الحكم كان مهتما بعلم الاصول ومن فروعه الالفاظ التي تهتم بقواعد الحديث التي علمها اياه الامام عليه السلام خاصة نقده مسألة القياس والاستحسان او ما يسمى بمدرسة الرأي. قال أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان في كتابه وفيات الأعيان: (أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين، أحد الأئمة ألاثني عشر على مذهب الأمامية، وكان من سادات أهل البيت، ولُقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وفضله أشهر من أن يُذكر. وله كلام في صناعة الكيمياء والزجر والفأل وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيان الصوفي الطرسوسي قد ألّف كتاباً يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائل جعفر الصادق وهي خمسمائة رسالة).
يوجد اختلاف في فتاوي ائمة المذاهب الاسلامية الاربعة. قال الشاعر أبو العلاء المعري: أجاز الشافعي فعال شيئ * وقال أبو حنيفة لايجوز فضاع الشيب والشبان منا * وما أهتدت الفتاة ولا العجوز. ان لائمة اهل البيت عليهم السلام خصوصية كما ان للأنبياء عليهم السلام خصوصية لبعض الافعال قال الله تبارك وتعالى “قَالَ الَّذِى عِنْدَهُ عِلْمٌ مِّنَ الكِتَابِ انَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرتَدَّ اليكَ طَرْفُكَ فَلَمّا رَآهُ مُستَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذا مِنْ فَضْلِ رَبّى لِيَبْلُوَنِى أَأَشْكُرُأَمْ اكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبّى غَنِىٌّ كَرِيمٌ” (النمل 40)، “فَاوْحَيْنَا الَى مُوسَى انِ اضْرِبْ بِّعَصَاكَ البَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّودِ العَظِيم” (الشعراء 63). جاء في القرآن الكريم عن إبراهيم عليه السلام قوله تعالى “وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ” (العنكبوت 27) فلا يقل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بان يجعل ذريته الذين يخلفونه ائمة اهل البيت عليهم السلام ومنهم الامام الصادق عليه السلام. جاء في القرآن الكريم عن إبراهيم عليه السلام قوله تعالى “وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ” (العنكبوت 27) فلا يقل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بان يجعل ذريته الذين يخلفونه ائمة اهل البيت عليهم السلام ومنهم الامام الصادق عليه السلام. ورد أن الامام جعفر بن محمد الصادق أمام الفقهاء. قال مالك بن أنس (ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق عليه السلام فضلاً وعلماً وورعاً وعبادة). من الطلاب المعروفين الذين كان استاذهم جعفر بن محمد الصادق عليه السلام المفضل بن عمرو، وهشام بن الحكم، ومحمد بن مسلم، وجابر بن حيان، وعبد الله بن سنان، ومالك بن أنس، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وأبو حنيفة.
جاء في الصفحة الاسلامية في موقع وكالة انباء براثا عن ذكرى ولادة الامام جعفر الصادق عليه السلام للكاتب مجاهد منعثر منشد: و أن الامام الصادق عليه السلام هو استاذ العلماء وامام الفقهاء وهو امام عصره كما هو امام العصور واستاذ الاجيال، و قد انصرف هو وابوه الباقر عليه السلام لأنشاء مدرسة أهل البيت العلمية في مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم في المدينة المنورة، ثم استمر في تنمية هذه الجامعة العلمية ومواصلة حماية الشريعة، وحرية الرأي والبحث ما تميزت به مدرسة الإمام جعفر الصادق عليه السلام على المذاهب الأخرى…أن المذهب الكاثوليكي بقي طوال ألف سنة في حالة من الركود والافتقار إلى النشاط الفكري، و المذهب الأرثوذكسي لا يختلف اليوم عما كان عليه في القرن الثاني الميلادي في أنطاكية.وقبل نهاية القرن الثاني الهجري أرسى الثقافة والمعارف الشيعية الإمام جعفر الصادق عليه السلام، فاصبحت هذه الثقافة نموذجاً لحرية الرأي والبحث، فاقتدت الفرق الإسلامية الأخرى بالشيعة في المباحث الكلامية والعلمية، وحرية البحث في أمور الدين، فقد بدأت في الإسلام بعصر الإمام جعفر الصادق عليه السلام وبعد انتشار المذهب الجعفري. وقد تولى الإمام الصادق عليه السلام بنفسه تدريس هذه العلوم، ولم يستبعد منها الفلسفة أو الحكمة أو العرفان، لأن هذه العلوم كانت تمثل المبادئ والمجادلات التي يستعان بها في إثبات حقيقة الله والكون، وهي علوم كانت قد وصلت فعلاً إلى المدينة.وقد ابتدأ الإمام جعفر الصادق عليه السلام بتدريس مبادئ الفلسفة أو أسلوب الاستدلال والجدل المنطقي، وكانت مباحث الفلسفة في مدرسته تتناول في بادئ الأمر آراء سقراط وأفلاطون وأرسطو ونظريتهم.وأن مجلس الإمام الصادق عليه السلام ومدرسته كانا يمثلأن منبراً حراً لتلامذته ومريديه، لهم أن يسألوا، ولهم أن يعترضوا، ولهم أن يعبروا عن آرائهم وإحساساتهم بحرية تامة، كما أن من حقهم أن ينتقدوا آراء أساتذتهم، ولم يكن الإمام يفرض على تلامذته رأياً معيناً، ولا كان يطلب منهم الإذعان لرأيه، ومع ذلك، فقد كان الأمر ينتهي دائماً بإذعانهم، بالنظر إلى الأسلوب العلمي الذي كان الإمام يتوسل به للتدليل على رأيه بالحجة الناصعة والمنطق السليم والبيان الرائق.وكان الإمام الصادق عليه السلام يؤمن بما يقول، ويأخذ بالواقع لا بالمثاليات، ولهذا لم يتوسل أبداً في دروسه بأسلوب (البوتوبيا)، الذي سيطر على تفكير المجتمع الأوروبي منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي، ومن هنا انتفت من دروس الإمام الصادق عليه السلام أي دعوة إلى قيام حكومة مثالية لا تتفق مع واقع الحياة في المجتمع البشري.وقد اغتذت الثقافة الشيعية من هذه الحرية التي هيأت لهذه الثقافة أسباب الذيوع والأنتشار الواسعين، وأقبل عليها الراغبون في حرية البحث والاستدلال، كما أقبل عليها الموالون للشيعة مدفوعين إلى ذلك برغبة باطنية، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقاة على اختلافهم في الآراء والمقالات، وكانوا أربعة آلاف رجل.