تكرار الكلمة اله في آية (الها واحدا لا اله الا هو)

د. فاضل حسن شريف

جاء في بصائر المعرفة القرآنية عن قاعدة تكرار النكرة والمعرفة وآيتا سورة الشرح للدكتور عبد السلام المجيدي: مناقشة بعض المحققين لهذه القاعدة: ذهب بعض المحققين إلى أن هذه القاعدة ليست مطردة ولا مطلقة، بل خطَّأ عددٌ من المحققين القول بإطلاق هذه القاعدة، ومنهم أبو علي الجرجاني في كتابه (نظم القرآن) وليس هو عبد القاهر، وابن هشام في (مغني اللبيب) حيث قال في الباب السادس: “فِي التحذير من أُمُور اشتهرت بَين المعربين وَالصَّوَاب خلَافهَا، وَهِي كَثِيرَة وَالَّذِي يحضرني الْآن مِنْهَا عشرُون موضعا” ثم ذكر هذه القاعدة في الموضع الرابع عشرة فقال: “أوْلهم إِن النكرَة إِذا أعيدت نكرَة كَانَت غير الأولى وَإِذا أُعِيدَت معرفَة أَو أُعِيدَت الْمعرفَة معرفَة أَو نكرَة كَانَ الثَّانِي عين الأول” ثم استشكلها رحمه الله وذكر بعض ما يرد على هذه القاعدة، ومن أبرز ما يعترض الاطراد المطلق في هذه القاعدة ورود مواضع قرآنية لا يمكن تطبيقها عليها، ومنها: 1) قَوْله تَعَالَى “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً” (الروم 54) فتكرر النكرة (ضعف-قوة) لا يعني أن لهما المدلول ذاته كما هو واضح. 2) قوله تعالى “وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ” (الزخرف 84) فلو أعملت القاعدة لكانت النكرة الثانية غير الأولى، ويكون هناك إلهان-تعالى الله- فالله سبحانه إِلَه وَاحِد، والضمير في أول (وهو) يغني عن التكلف الذي ذكره بعضهم حول توجيه الآية عند الإصرار على إعمال القاعدة المذكورة، فالمبتدأ (وهو) هو المسند إليه، وما بعده خبر عنه فهو المسند بما يحويه من الاسم الموصول وجملة صلته وكلها تعبر عن إله واحد سبحانه أشير إليه بقوله (وهو)، والمعنى ألوهيته سبحانه ثابتة في السماء كما هي ثابتة في الأرض. وما ذكر في توجيه هذه الآية يكفي لعدم إيراد إشكال بناء على تقعيد القاعدة المذكورة، ثم البحث عن سبيل حلِّه. 3) قَوْله تَعَالَى: “فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ” (النساء 128) فالمعرفة غير النكرة فَالصُّلْح الأول خَاص وَهُوَ الصُّلْح بَين الزَّوْجَيْنِ وَالثَّانِي عَام وَلِهَذَا يسْتَدلّ بهَا على اسْتِحْبَاب كل صلح. 4) قوله تعالى: “زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ” (النحل 88) وهنا المعرفة غير النكرة فالعذاب الأصلي (وهو المعرف) نوع، والعذاب الزائد يحتمل أن يكون مغايراً له أو هو ذاته أعيد ولا دليل على تعيين أحد الأمرين. 5) قَوْله تَعَالَى: “قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ” (آل عمران 26) فَإِن الْملك الأول عَام وَالثَّانِي خَاص.

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ” (التوبة 31) وقوله: “وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو” (التوبة 31) جملة حالية أي اتخذوا لهم أربابا والحال هذه. و في الكلام دلالة أولا: على أن الاتخاذ بالربوبية بواسطة الطاعة كالاتخاذ بها بواسطة العبادة فالطاعة إذا كانت بالاستقلال كانت عبادة، ولازم ذلك أن الرب الذي هو المطاع من غير قيد وشرط وعلى نحو الاستقلال إله، فإن الإله هو المعبود الذي من حقه أن يعبد، يدل على ذلك كله قوله تعالى: “وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا” حيث بدل الرب بالإله، وكان مقتضى الظاهر أن يقال وما أمروا إلا ليتخذوا ربا واحدا فالاتخاذ للربوبية بواسطة الطاعة المطلقة عبادة، واتخاذ الرب معبودا اتخاذ له إلها فافهم ذلك. وثانيا: على أن الدعوة إلى عبادة الله وحده فيما وقع من كلامه تعالى كقوله تعالى: “لا إله إلا أنا فاعبدون” (الأنبياء 25) وقوله “فلا تدع مع الله إلها آخر” (الشعراء 213) وأمثال ذلك كما أريد بها قصر العبادة بمعناها المتعارف فيه تعالى كذلك أريد قصر الطاعة فيه تعالى، وذلك أنه تعالى لم يؤاخذهم في طاعتهم لأحبارهم ورهبانهم إلا بقوله عز من قائل: “وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو”. وعلى هذا المعنى يدل قوله تعالى: “ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم” (يس 61)، وهذا باب ينفتح منه ألف باب. وفي قوله: “لا إله إلا هو” تتميم لكلمة التوحيد التي يتضمنها قوله: “وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا” فإن كثيرا من عبدة الأصنام كانوا يعتقدون بوجود آلهة كثيرة، وهم مع ذلك لا يخصون بالعبادة إلا واحدا منها فعبادة إله واحد لا يتم به التوحيد إلا مع القول بأنه لا إله إلا هو. وقد جمع تعالى بين العبادتين مع الإشارة إلى مغايرة ما بينهما وأن قصر العبادة بكلا معنييها عليه تعالى هو معنى الإسلام له سبحانه الذي لا مفر منه للإنسان فيما أمر به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من دعوة أهل الكتاب بقوله: “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون” (آل عمران 64). وقوله تعالى في ذيل الآية: “سبحانه عما يشركون” تنزيه له تعالى عما يتضمنه قولهم بربوبية الأحبار والرهبان، وقولهم بربوبية المسيح عليه السلام من الشرك. والآية بمنزلة البيان التعليلي لقوله تعالى في أول الآيات: “الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر” فإن اتخاذ إله أو آلهة دون الله سبحانه لا يجامع الإيمان بالله، ولا الإيمان بيوم لا ملك فيه إلا لله.

جاء في موقع الاسلام سؤال وجواب عن التكرار في القرآن الكريم أنواعه وفوائده: هذه بعض المباحث اليسيرة في”التكرار في القرآن”، وهي تتناسب مع طبيعة الموقع، ويمكنك التوسع في الموضوع فيما نحيل عليه من مراجع، ومن كتب علوم القرآن عموماً. أولاً: تعريف التكرار لغة واصطلاحاً. قال ابن منظور: الكَرُّ: الرجوع، يقال: كَرَّه وكَرَّ بنفسه، يتعدّى ولا يتعدّى، والكَرُّ مصدر كَرَّ عليه يَكُرُّ كرًّا والكَرُّ: الرجوع على الشيء، ومنه التَّكْرارُ (قال) الجوهري: كَرَّرْتُ الشيء تَكْرِيراً وتَكْراراً. “لسان العرب” (5 / 135). التكرار في الاصطلاح: تكرار كلمة أو جملة أكثر من مرة لمعاني متعددة كالتوكيد، والتهويل، والتعظيم، وغيرها. ثانياً: التكرار من الفصاحة. اعترض بعض من لا يفقه لغة العرب فراح يطعن بالتكرار الوارد في القرآن، وظن هؤلاء أن هذا ليس من أساليب الفصاحة، وهذا من جهلهم، فالتكرار الوارد في القرآن ليس من التكرار المذموم الذي لا قيمة له والذي يرد في كلام من لا يحسن اللغة أو لا يحسن التعبير. قال السيوطي رحمه الله: التكرير وهو أبلغ من التأكيد، وهو من محاسن الفصاحة خلافاً لبعض من غلط. “الإتقان في علوم القرآن” (3 / 280) طبعة مؤسسة النداء.

وعن تفسير الميسر: قوله تعالى “اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ” (التوبة 31) الها اسم، اله اسم. لِيَعْبُدُوا إلهاً واحِداً: له التحليل و التحريم. اتخذ اليهودُ والنصارى العلماءَ والعُبَّادَ أربابًا يُشَرِّعون لهم الأحكام، فيلتزمون بها ويتركون شرائع الله، واتخذوا المسيح عيسى ابن مريم إلهًا فعبدوه، وقد أمرهم الله بعبادته وحده دون غيره، فهو الإله الحق لا إله إلا هو. تنزَّه وتقدَّس عما يفتريه أهل الشرك والضلال. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى “اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ” (التوبة 31) “اتَّخذوا أحبارهم” علماء اليهود “ورهبانهم” عبَّاد النصارى “أربابا من دون الله” حيث اتبعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل “والمسيح بن مريم وما أمروا” في التوراة والإنجيل “إلا ليعبدوا” أي بأن يعبدوا “إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه” تنزيها له “عما يشركون”.

وردت كلمة اله ومشتقاتها في القرآن الكريم: اللهِ لِلَّهِ بِاللهِ وَاللهُ فَاللهُ وَلِلَّهِ إِلَٰهَكَ وَإِلَه إِلَٰهًا وَإِلَهُكُمْ إِلَٰهٌ اللهُمَّ إِلَٰهَيْنِ آلِهَةً فَلِلَّهِ وَآلِهَتَكَ أَبِاللهِ آللهُ آلِهَتِنَا آلِهَتُهُمُ تَاللهِ إِلَٰهُكُمْ آلِهَتِي آلِهَتَكُمْ وَتَاللهِ بِآلِهَتِنَا فَإِلَٰهُكُمْ إِلَهَهُ أَإِلَهٌ وَإِلَهُنَا الْآلِهَةَ أَأَلِهَتُنَا. جاء في معاني القرآن الكريم: اتخذ اليهودُ والنصارى العلماءَ والعُبَّادَ أربابًا يُشَرِّعون لهم الأحكام، فيلتزمون بها ويتركون شرائع الله، واتخذوا المسيح عيسى ابن مريم إلهًا فعبدوه، وقد أمرهم الله بعبادته وحده دون غيره، فهو الإله الحق لا إله إلا هو. تنزَّه وتقدَّس عما يفتريه أهل الشرك والضلال.