اسم الكاتب : هادي حسن عليوي
ـ من البعثيين القدماء.. ساهم بشكل بربري في قتل الضباط الشيوعيين والقاسمين خلال فترة انقلاب 8 شباط 1963.. بل كان يعدم جماعات.. جماعات بلا محاكمات ولا أدلة.. ثم يقدم قائمة لمجلس قيادة الانقلاب للمصادقة على إعدامهم.
ـ له ارتباطات قديمة بالسفارة البريطانية منذ العام 1955.. واستمر هذا الارتباط الى نهاية حياته.. شوهد أكثر من مرةَّ كل من حردان التكريتي وأحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وأكرم الياسين يزورون السفارة البريطانية ليلاً.. للتنسيق للقيام بانقلابهم ضد الرئيس عبد الرحمن محمد عارف.
السيرة والتكوين:
ـ ولد صالح مهدي عماش النداوي في بغداد العام 1925.. من أسرة متواضعة.. وعاش صباه وشبابه في حي الأعظمية.. أكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها.. دخل الكلية العسكرية ودرس فيها للفترة 1945 – 1948.. ليعين في مديرية الاستخبارات العسكرية.
ـ تخرج في كلية الأركان ببغداد 1954.
ـ عين العام 1954معاونا للملحق العسكري في السفارة العراقية في واشنطن.
ـ اختاره نوري السعيد رئيس الوزراء العام 1956لاستلام السلاح من ايطاليا والمرسل لأغراض التآمر على سورية ونفذ المهمة بنجاح.
ـ عند قيام ثورة 14 تموز 1958 كان عماش في واشنطن معاوناً للملحق العسكري في السفارة العراقية.. استدعيً لبغداد للشهادة في محاكمة اللواء الركن غازي الداغستاني.. وخلال شهادته.. تم اعتقله من قبل المحكمة العسكرية العليا الخاصة (محكمة الشعب).. العام 1959 بتهمة الإسهام في المؤامرة على سورية.. وأحيل على التقاعد.
نشاطه الحزبي:
ـ العام 1953 أصدر نوري السعيد رئيس الوزراء عن طريق البرلمان قانوناً يقضي بتدريب طلاب الكليات خلال العطلة الصيفية تدريباً عسكرياً.. ليتخلص من إزعاجاتهم وتأمين ولاءهم للنظام.. ظناً منه أن الجيش يكن الولاء للتاج الملكي.
ـ في صيف العام 1954 التحق طلبة الكليات إلى معسكر سكرين في شمال العراق.. وكان بين الملتحقين طلاب شيوعيين وبعثيين.. وأقام الطلاب البعثيون صلات ببعض الضباط.. من بينهم صالح مهدي عماش فكسبوه لحزبهم.. وتدرج في البعث حتى وصل إلى عضو القيادتين القطرية والقومية.
دوره في انقلاب 8 شباط 1963:
ـ بدأ البعث العمل لإسقاط نظام عبد الكريم قاسم منذ العام 1959.. وكانت خطته من وضع مكتبه العسكري المؤلف من: علي صالح السعدي “أمين عام البعث” والقياديين: حازم جواد وطالب شبيب.. والعقيد احمد حسن البكر.. والمقدم الركن المتقاعد صالح مهدي عماش.. والمقدم الركن المتقاعد عبد الستار عبد اللطيف.
ـ توالت الاجتماعات لاستكمال الخطة وتنفيذها.. وفي اجتماع في منزل طالب شبيب مساء الخامس من شباط 1963.. وقبل أن يكتمل الحضور كبست الأجهزة الأمنية المنزل وألقت القبض على صالح مهدي عماش وعماد شبيب وبهاء شبيب وكريم شنتاف وعلي صالح السعدي.. أجريً التحقيق معهم.. وفي ضوء التحقيق أعدت وزارة الدفاع قائمة تتضمن أسماء (80) ضابطاً لإحالتهم على التقاعد.. وهكذا استعجل البعثيون بتنفيذ خطتهم قبل أن يفقدوا قواهم العسكرية.. فأعلن الانقلاب في 8 شباط 1963.. (أي بعد ثلاثة أيام على اعتقالهم).
ـ عين صالح مهدي عماش نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية في حكومة الانقلاب في 8 شباط 1963.
ـ عندما أعاد البكر تشكيل وزارته في 12 أيار / مايو / 1963.. أصبح عماش وزيرا للدفاع فيها.
الإعدام لمئات الشيوعيين:
ـ كان عماش حاقداً على الشيوعيين والديمقراطيين والقاسمين.. وصفى مئات من الضباط منهم.. وعلى الرغم من صدور قرار بمنع تنفيذ عقوبة الإعدام من دون موافقة مسبقة من قيادة البعث.. كما يقول طالب شبيب القيادي ألبعثي ووزير خارجية الانقلاب.. فان عماش استمر في مجازره وإعداماته مستغلاً سفر بعض القياديين.. وعند عقد اجتماع للقيادة يحرجنا عماش.. كما يقول شبيب.. بتقديم قوائم لمعتقلين أعدمهم مسبقاً ويطلب التصديق على إعدامهم.
ـ فقد نفذ بأمر منه مجزرة معسكر الرشيد في 10 شباط 1963.. وكرر الحالة ثانية بإعدام العديد من الضباط والمراتب الشيوعيين بعد فشل محاولتهم الانقلابية التي قادها نائب الضابط حسن السريع في (3) تموز 1963.
ـ خلال لقاء الوفد الرسمي العراقي الرئيس جمال عبد الناصر في القاهرة للتهنئة بعيد الوحدة بين مصر وسورية في 20 شباط 1963 .. قال عماش متباهياً للرئيس عبد الناصر إنهم: (اعتقلوا أكثر من 800 ضابط موالي لقاسم في أول يوم للانقلاب.. منهم (150 طياراً) لدرجة إن أسراب الطائرات بقيت بدون طيارين”.. وأضاف عماش قائلاً: “ودمرنا سرب طائرات ميك 19 في معسكر الرشيد ببغداد.. خوفاً من سيطرة الشيوعيين عليه.. وقتلنا عددا كبيراً منهم في أول يوم الانقلاب”.. وحصدنا أربعة آلاف شيوعي.
وزير الداخلية.. وشرطة الآداب:
ـ بعد انقلاب 17 تموز 1968 عين نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية:
ـ حال تسلمه وزارة الداخلية شكل صالح مهدي عماش على الفور شكل عماش جهازاً خاصاً باسم شرطة الآداب.. وكلفه بملاحقة المتبرجات من طالبات الجامعات والموظفات.. يذكر إن عماش كان هاوياً للشعر فدخلً مع الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في سجال شعري حول هذا القرار.. وفي نهاية الأمر تراجعت الوزارة عن قرارها بعدما سببت هلعاً وضيقاً في الأوساط العامة وضيقت من هامش الحرية.
إبعاد عماش:
ـ بعد أن تخلص البكر وصدام من أخطر منافسين لهما.. وهما عبد الرزاق النايف وإبراهيم الداوود أخذا يتحركان للتخلص من حردان التكريتي وصالح مهدي عماش.
ـ وفي تشرين الأول 1970 استطاعا إعفاء حردان من جميع مناصبه.. ومن ثم اغتياله في 30 آذار 1971.. ليلتفتا إلى عماش فهو آخر المنافسين وهو ضابط ركن.. ومتمرس في شؤون الاستخبارات العسكرية.. وهو ألبعثي القديم وعضو القيادتين القطرية والقومية.. ومسؤول المكتب العسكري للبعث.. وعضو مجلس قيادة الثورة.. ونائب رئيس الجمهورية.. ولا يتردد في التعامل مع أي شخص أو جهة للتآمر.
ـ وسبق أن رشح لرئاسة وزارة الانقلاب.. لكن إبراهيم الداوود كان يراه لا يصلح لهذا المنصب لأنه “يقرأ الشعر ويلعب كرة القدم”.. فاختير النايف لرئاسة وزارة الانقلاب.. كما كان عماش مرشحا لمنصب نائب أمين سر قيادة البعث.
ابعاد عماش من منصب (النائب):
ـ أفلح البكر وصدام في استبعاد عماش.. واختيار صدام بدلا عنه.. حيث يتحدث القيادي ألبعثي صلاح عمر العلي في برنامج (شاهد على العصر) في قناة الجزيرة قائلاً: “في أحد الأيام طرح البكر في اجتماع قيادة الحزب فكرة ذهاب أحد المسئولين يحمل رسالة من رئيس الجمهورية إلى القادة في دول المغرب العربي لشرح وضع العراق ويلتقي بوسائل الإعلام فاستحسنوا الفكرة فرشح البكر عماش لهذه المهمة.. وبعد سفر عماش بيومين دعا البكر إلى اجتماع استثنائي للقيادة وإذا بالبكر يفاجئنا بجو من التمثيل المتقن بأن لديه معلومات قاطعة غير قابلة للنقاش أو الشك بأن عماش يتآمر على الحزب والثورة.. وأنا اطلب من هذا الاجتماع اتخاذ القرار المناسب”!!.. سرعان ما انقسم المجتمعون إلى قسمين: الأول: يتمثل بطه ياسين رمضان وعزة الدوري وبقدر أقل صدام الذي كان يناور في الموضوع.. والبكر معهم يطالبون بإعدام عماش: القسم الثاني: اتخذنا موقفاً مضاداً وطال النقاش.
ـ تم تأجيل مناقشة الموضوع حتى عودة عماش.. وتبين كل ذلك كان لتهيئة المناخ لاختيار صدام نائباً له بعد استبعاد عماش.. وفي الجلسة التالية وقبل عودة عماش من سفره طرح الموضوع واختير صدام نائبا له.
ـ أخيراً استطاع (البكرـ صدام) من توجيه الضربة القاضية في أيلول 1971.. باستبعاد صالح مهدي عماش بمؤامرة.. وجرد من جميع مناصبهِ السابقة وعين سفيراً في مركز وزارة الخارجية العام 1971.. ونقل من باريس إلى فنلندا كسفير في أواخر شهر آب 1975.
ـ الواقع انه تم تعينه سفيراً بعد أن تعهد لهما بالتزام الصمت.. وكان الاتفاق كما ذكره طارق حمد العبد الله (رئيس ديوان رئاسة الجمهورية) بأن عماش تم تخييره بين الإعدام أو القبول بمنصب سفير مدى الحياة.. ويبتعد عن أمور السلطة في العراق وعدم التحدث عما يعرفه من أسرار.. فكان أن اختار الأمر الثاني ليحل سفيراً صامتاً منشغلاً بمعالجة نفسه والاستجمام في شواطئ فنلندا.
ارتباطاته المشبوهة:
ـ بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 تشكلت المحكمة العسكرية الخاصة “محكمة الشعب” لمحاكمة أقطاب النظام الملكي.. وخلال محاكمة غازي الداغستاني (معاون رئيس أركان الجيش) بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم في سورية أُستدعيَ الرئيس “النقيب” صالح مهدي عماش للشهادة.. وبعد مناقشته من قبل رئيس المحكمة أُتهم بضلوعه بدور واضح في الاتصال ببعض الشخصيات الأجنبية في السفارة البريطانية في بغداد.. وأُدخلً قفص الاتهام وحوكم وأحيل على التقاعد.
ـ تشير الوثائق التي كشفتها تلك المحاكمة إلى إن نوري السعيد رشح عماش بالذات بكتاب سري للغاية أرسله إلى وزارة الدفاع للسفر إلى العاصمة الايطالية روما.. لاستلام السلاح الأمريكي والبريطاني المرسل إلى العراق لمهاجمة سورية وإسقاط نظامها التحرري في مؤامرة تكشّفت بعدئذ أطرافها وهي أمريكا وبريطانيا والحكومة العراقية بالتعاون مع أديب الشيشكلي.. أوصلّ عماش السلاح إلى الجهة المعنية.. لكن وصولها ترافق مع اندلاع العدوان الثلاثي على مصر أواخر تشرين الثاني 1956 فأجل تنفيذ العملية ضد النظام السوري لتصاعد الحس الشعبي والوطني لدى الجماهير العربية ضد العدوان وتأييد مصر وسوريا.
ـ في شهادة القيادي ألبعثي حسن وداي المنشورة في كتاب علي كريم سعيد (عراق 8 شباط.. ص 229) يقول: “كانت وزارة الدفاع العراقية قد أرسلت ضمن بعثتها العسكرية الرئيس الأول الركن محمد المهداوي إلى أمريكا.. وكان عماش المسؤول الحزبي عن محمد المهداوي.. وبالنظر للمعلومات التي وردت إلى دائرة الاستخبارات العسكرية حول شكوك تفيد بارتباط محمد المهداوي مع المخابرات الأجنبية واتجاه النية إلى استقدامه إلى العراق لمحاكمته.. فقد طلب عماش من ليكلاند أن يبلغ المهداوي بعدم العودة للعراق.. وليكلاند كان ضابط الارتباط بالشبكات العاملة والمتعاونة مع المخابرات الأمريكية في العراق والشرق الأوسط”.
ـ حادثة ثالثة: كان بيل ليكلاند يتحين الفرصة للحصول على طائرة سوفيتية من نوع الميك أو دبابة سوفيتية من الأنواع التي وصلت للعراق في عهد عبد الكريم قاسم.. وجاءت الفرصة بعد انقلاب شباط 1963 وعماش وزير الدفاع وحضر بيل ليكلاند اجتماعا مع ممثل وزارة الدفاع العراقية كان في حينها المقدم صبري جميل ألبياتي مدير الأمن العام.. الذي كلف بالاستمرار بالاتصال ببيل ليكلاند والتعاون معه في رسم الخطط والمعلومات الاستخبارية فيما يخص المواجهة المسلحة مع الأكراد.. وبناءً على طلب عماش شخصيا.
ـ كما يذكر ألبياتي.. “طلبت وزارة الدفاع من الولايات المتحدة الأمريكية تزويدها بأربعين بطارية كبيرة الحجم خاصة بالدبابات.. فطلب المسؤول الأمريكي الحصول على دبابة سوفيتية نوع (تي 62 )مقابل هذه البطاريات”.. كانت تلك الدبابة من احدث الأسلحة السوفيتية.. وكانت الولايات المتحدة بحاجة ماسة لمعرفة أسرارها وقدراتها القتالية ونقاطها السرية العسكرية.. ولم يكن أي بلد آخر حصل عليها خارج دول حلف وارشو.
ـ وقد أبلغ عماش شخصياً ورسمياً الموافقة على الطلب مشترطا السرعة في التنفيذ.. وبعد أيام تسلم الجانب العراقي البطاريات.. واستطاع عماش أن يوصل خارطة الدبابة إلى المخابرات الأمريكية.. لكنهم ألحوا بالحصول على جسم وهيكل الدبابة.. فقام عماش وصبري بعرض الأمر على مجلس قيادة الثورة الذي تخوف من انكشاف السر أمام المخابرات السوفيتية.. فيضيع السوق السوفيتي ويتنصل السوق الأمريكي.. وبالتالي يفقدون كل الأطراف.
ـ فقام طالب شبيب وزير الخارجية آنذاك بالاتصال بالسفير الأمريكي لتسوية الأمر والتخلص من هذا الإحراج والورطة.. بزعم إن المخابرات السوفيتية اكتشفت الأمر فسويَ الموضوع عند هذا الحد.
السعدي: يحاول اعتقال او قتل عماش:
ـ يذكر القيادي البعثي حازم جواد في مذكراته المنشورة: “إن علي صالح السعدي أمين سر قيادة حزب البعث.. حضر بعد انقلاب شباط 1963 بشهر تقريباً الى مقر مجلس قيادة الثورة شاهراً مسدسه ويبحث عن صالح مهدي عماش لاعتقاله أو قتله.. وقال السعدي عنه أين هذا الجاسوس الجبان؟”.
ـ يذكر القيادي البعثي طالب شبيب انه “في نهاية عهد عبد الكريم قاسم اجتمع المكتب السياسي لحزب البعث لتعين التشكيلات الحاكمة بعد نجاح الانقلاب.. واقترح صالح مهدي عماش اسم ناصر الحاني وزيرا للخارجية ووافق المكتب على اقتراحه.. لكن قيادة الحزب استبعدت اسم الحاني من التشكيلة لعلاقاته مع جهات أجنبية.
ـ فعدل عماش اقتراحه في اجتماع للمكتب العسكري للحزب.. وطالب بتعينه وكيلا لوزارة الخارجية للانقلاب وكان له ذلك”.
ـ يضيف شبيب “ليس من شك إن بعض المداخلات المشبوهة كانت تحصل بالقرب منا وحولنا.. واذكر على سبيل المثال العلاقة الودية التي كانت تجمع علي عبد السلام رجل المخابرات والأعمال الأمريكية من جهة وكل من صالح مهدي عماش ورشيد مصلح التكريتي.. كذلك تردده على احمد حسن البكر وعبد السلام عارف.. وقد أعطى علي عبد السلام لنفسه رتبة عسكرية لبسها ثم جرد منها.. ودارت حوله قصص كثيرة من أعمال تهريب وصفقات مشبوهة”.
ـ يذكر حميد جوير: (عضو المكتب السياسي لحركة الثوريين العرب).. التي كان يتزعمها عبد الرزاق النايف) في حديث له مع الباحث الدكتور هيثم الناهي العام 2000 المنشور في كتابه خيانة النص): “إن عبد الرزاق النايف فاجأ المكتب السياسي لحركة الثوريين العرب بتأجيل حركتهم المقرر تنفيذها يوم 16 نيسان 1968”.. وعقد اجتماعا للمكتب السياسي للثوريين العرب في منزل عضو الحركة الصحفي تحسين السوز في 9 نيسان.. وتحدث النايف في الاجتماع عن سبب تأجيل الحركة قائلاً: إننا سوف نعمل مع جهات وطنية أخرى.. ولما سأله المجتمعون: من هذه الجهات ؟ أجاب: (حزب البعث) ضحكنا سوية.. فقال النايف “أقسم بالله لقد اتصل بي السفير البريطاني في بغداد.. وقال ليً: “إن حركتكم لا تتم حسبما تريدون.. وسوف نجهضها ونجهض عارف ما لم تشركوا من نريد!!.. وأعطاني موعدا فالتقيته وبصحبته احمد حسن البكر وقال: هذا ومن معه سوف تتعاونون على الثورة).. وهكذا قام انقلاب 17 تموز 1968.. وكان مجلس قيادة الثورة الذي تكون من “احمد حسن البكر.. حردان التكريتي.. صالح مهدي عماش.. عبد الرزاق النايف.. وإبراهيم الداوود”.
السفارة البريطانية.. على الخط:
ـ يذكر الرئيس عبد الرحمن عارف لنفس الباحث انه تسلم تقريراً من مديرية الأمن العامة في 17 أيار 1968.. (اي قبل شهر من انقلاب تموز 1968.. عن اتصالات للقيام بانقلاب وترتئي هذه المديرية عدم اتخاذ إجراءات حتى نحصل على معلومات وافية.
ـ ووصلني تقرير ثاني منها في الثاني من حزيران مفاده: إن السفارة البريطانية تلتقي بصورة مستمرة ببعض الضباط.. وقد شوهد أكثر من مرةَّ كل من: حردان التكريتي.. وأحمد حسن البكر.. وصالح مهدي عماش.. وأكرم الياسين يزورون السفارة البريطانية ليلاً.
ـ أخيراً كشف صدام حسين عن وجود أشخاص لهم ارتباطات مشبوهة علانية.. حيث تحدث عن عماش وحردان التكريتي.. وفيما يخص عماش قال صدام: “كيف بنا لو نرجع إلى أعوام 1968 و69 و70 و71، حيث كان وراء كل واحد من المتآمرين والمغامرين داخل الحزب والثورة جنوده من الرجعيين واليمينيين والمشبوهين.. وهم في الحسابات التقليدية أقوى من الحزب.. فصالح عماش كان قوة لا يستهان بها في الحسابات التقليدية.. لأنه كان فريق أول ركن.. ونائباً لرئيس الوزراء.. ووزير الداخلية.. وعضوا في القيادة القومية.. إلا إن الشجاعة كانت تنقصه”.
اتفاق عزله.. بشروط:
ـ تم الاتفاق بين البكر وصدام على تحجيم دور صالح مهدي عماش.. فتم عزله عن وزارة الدفاع التي تم تسليمها ابتداءً الى احمد حسن البكر.. واناطة وزارة الداخلية بصالح مهدي عماش.. ورصد الأخطاء والاخفاقات التي حصلت في عهده ليتم عزله كسفير ضمن السفارات البعيدة عن العراق بعد أن تعهد لهما بلزوم الصمت.
ـ كان الاتفاق الذي ذكره طارق حمد العبد الله (رئيس ديوان رئاسة الجمهورية).. أن صالح مهدي عماش تم تخييره بين التصفية أو القبول بمنصب السفير مدى الحياة.. وأن يبتعد عن امور السلطة في العراق.. وعدم التحدث عما يعرفه من اسرار.. فكان أن اختار الأمر الثاني ليحل سفيراً صامتا لبلاده منشغلاً بمعالجة نفسه.. والاستجمام على شواطئ فنلندا.
نهاية المطاف:
وفاته:
ـ توفي صالح مهدي عماش في فنلندا بمستشفى مي لاهتي في هلسنكي بعد ثلاثة أيام من دخولهِ المستشفى في 30 كانون الثاني / يناير العام 1985.. وحينما أراد الأطباء تشريح الجثة لتبيان حقيقة الأمر رفضت البعثة الدبلوماسية العراقية ذلك بشكل قاطع.. وتمت مخاطبة الخارجية الفنلندية التي ضغطت على إدارة المستشفى من أجل إرسال الجثة إلى العراق دون تشريح.. وهذا ما حصل حيث نقل جثمانه إلى بغداد وشيع رسمياً.
روايات وفاته:
ـ الرواية الحكومية: ان سبب الوفاة المعلن من قبل الجهات الصحية في فنلندا يشير إلى وفاته لأسباب طبيعية.
الرواية الثانية:
ـ صدر قرار إعفائه من كل مناصبه.. وهي: وزير الدفاع ونائب القائد العام.. وصدر أمر تصفيته.. ويقال إن احمد حسن البكر توسل الى صدام ليبقيه حياً.. فأرسل الى فنلندا سفيراً ولفترة طويلة الى أن زاره عدد من ضباط المخابرات العام 1975.. وهناك أقام لهم وليمة.. وفيها تم دس السم له وتوفيً.
الرواية الثالثة:
ـ الحقيقة يبدو انه كانت هناك عملية قتل بحادثة تصادم سيارة صالح مهدي عماش.. فقد اصطدمت حمل مع سيارته المرسيدس.. في أحدى ضواحي العاصمة الفنلندية.. وخرج منها سالماً.. رغم تحطم.. وأصيب سائقه بجروح بالغة.
الرواية الرابعة:
ـ أُستدعيَ عماش إلى بغداد للمشاركة فيما يسمى المعايشة (أي إرسال المدراء العامين والسفراء إلى جبهات القتال خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية).. على الرغم من إن الرجل عسكري قديم وشارك في معارك عديدة.. ولا حاجة البتة الالتحاق بجبهة قتال لأغراض المعايشة.
ـ المهم قضى الرجل شهرين في الجبهة.. وعند عودته إلى فنلندا بدأ يعاني من مشكلات صحية.. لم تمهله طويلاً.. فقد توفيً في فنلندا بمستشفى مي لاهتي في هلسنكي بعد ثلاثة أيام من دخولهِ المستشفى في 30 كانون الثاني 1985.. وحينما أراد الأطباء تشريح الجثة لتبيان حقيقة الأمر رفضت البعثة الدبلوماسية العراقية ذلك بشكل قاطع.. وتمت مخاطبة الخارجية الفنلندية التي ضغطت على إدارة المستشفى من أجل إرسال الجثة إلى العراق دون تشريح.. وهذا ما حصل حيث نقل جثمانه إلى بغداد وشيع رسمياً.. جاء في التقرير الطبي الر واتصلت فورا بالسلطات الفنلندية. لكن طاقم المخابرات في السفارة منعوا نقله من السفارة.. وشحن نعشه خلال 24 ساعة الى بغداد على طائرة عراقية خاصة.
الرواية الخامسة:
ـ في ذلك الصباح دخلت السكرتيرة الفنلندية العاملة في السفارة الى مكتبه ووجدته ميتاً.. ورأسه منكبًا على طاولة مكتبه.. واتصلت بالسلطات الفنلندية.. لكن طاقم مخابرات السفارة منعوا نقله من السفارة وشحن نعشه خلال 24 ساعة إلى بغداد على طائرة عراقية خاصة.
ـ واشارة المعلومات .. التي نشرتها الصحف الفنلندية من خلال التحقيقات بهذا الحادث بان السكرتيرة وجدت عماش ميتا في مكتبه.. ويعتقدوا السم تم وضعه مع أكل أو شراب فطور ذلك الصباح.
ـ فيما يذكر المقربون جداً منه إن تشريح جثته أكد انه قضى مسموماً.. وكعادته أمر صدام بإقامة مجالس العزاء لإظهار الأسى والحزن الكاذب على الفقيد.. ورعاية عائلته فقد عين صدام نجل عماش “مهدي” مستشاراً في السفارة العراقية في باريس.. فيما قرب ابنته هدى لتصبح وزيرة.. وأول وآخر امرأة تصبح عضوه في القيادة القطرية لحزب البعث.