فبراير 11, 2025
775ث

اسم الكاتب : دلشاد حسين

لا تعوّل قوى التغيير الديمقراطي المنبثقة عن حراك تشرين والأحزاب المدنية المتحالفة معها كثيرا على جمهور التيار الصدري في خوض انتخابات المجالس المحلية في العراق، فيما إذا استمر التيار بمقاطعته للعملية السياسية، لكنها تسعى لتكون بديلا للأحزاب التقليدية في الانتخابات المقبلة.

وحددت الحكومة العراقية 18 ديسمبر المقبل موعدا لتنظيم انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم، وهي اولى انتخابات مجالس محافظات تشهدها البلاد منذ عقد.

وتوصل أكثر من 11 حزبا إلى اتفاق لم يعلن عنه بشكل رسمي بعد لخوض انتخابات المجالس المحلية تحتى مسمى تحالف “قوى التغيير الديمقراطي”، الذي يسعى إلى تغيير خريطة العملية السياسية ونظام المحاصصة المتبع في البلاد منذ عام 2003.

تحالف سياسي عراقي يسعى إلى إيقاف الدعم الدولي للحكومة

تعمل قوى سياسية عراقية معارضة من أجل الضغط على المجتمع الدولي لقطع دعمها للحكومة العراقية، إثر اعتمادها لنظام المحاصصة في إدارة البلاد وانتهاكها الدستور وعدم محاسبتها الأطراف المتورطة بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.

ويشمل التحالف “حركة نازل آخذ حقي الديمقراطية”، و”تيار الوعد العراقي” و”التيار الاجتماعي”، وحزب “البيت الوطني”، والنائب سجاد سالم، والحركة المدنية الوطنية، والحزب الشيوعي العراقي، وتحالف “وطن” النيابي، والتيار الديمقراطي، وحركة “تشرين الديمقراطية”، وعدد من المستقلين.

جمهور انتخابي “آخر”

يقول الأمين العام لحركة “نازل آخذ حقي الديمقراطية”، مشرق الفريجي، لـ”ارفع صوتك”: “العمل لإنشاء هذا التحالف متواصل منذ نحو عام، ووصل الآن إلى مراحل جيدة نتلقى خلالها طلبات كثيرة للمشاركة فيه من قبل شخصيات كبيرة وطنية مهمة في الشأن العراقي”.

“لذلك فإن هذا التحالف، بداية لبديل سياسي حقيقي وإشارة كبيرة لتوحد جهود هذه الأحزاب والشخصيات المستقلة البعيدة عن قوى السلطة والرافضة لمنهاج هذه السلطة”، يضيف الفريجي.

ولم يعلن التيار الصدري، الذي كان حليفا لعدد من قوى التغيير الديمقراطي خلال السنوات الماضية سواء في الاحتجاجات أو في خوض العملية السياسية، حتى الآن، إذا كان سيشارك في الانتخابات المقبلة أم سيتمسك بقرار الانسحاب من العملية السياسية، الذي أصدره زعيمه مقتدى الصدر في 15 يونيو 2022.

فهل تمنح هذه المقاطعة فرصة أكبر للتحالف للاستحوذ على أصوات مناصري التيار؟ يستبعد الفريجي ذلك، لأن التأثير عليهم “عملية صعبة، فجمهور التيار الصدري يتحرك بمحركات داخلية داخل التيار وبإشارات من زعيمه”.

في المقابل، يعوّل التحالف على “مساحات أخرى في العراق الذي بلغت نسبة مقاطعة الانتخابات فيه نحو 82%، والناخبين في الانتخابات النيابية السابقة، حيث بلغ عدد الأصوات التي حظي بها المستقلون والقوى المدنية مليونين و500 ألف صوت”، بحسب الفريجي.

ويؤكد “بالتالي نستطيع أن نستثمر جيدا في هذه المساحات التي نمتلكها وسنكون منافسين حقيقيين في الانتخابات”.

وتزداد شدة التنافس بين الأطراف السياسية العراقية على السيطرة على هذه المجالس لأهميتها والصلاحيات الواسعة التي منحها الدستور لها.

محلل سياسي: إعادة مجالس المحافظات العراقية “تصحيح لخطأ 2019”

يقول الخبير القانوني وائل البياتي لـ”ارفع صوتك”، إن “اعتبار أكثرية المواطنين مجالس المحافظات حلقة زائدة غير مفيدة، واللامركزية الإدارية في العراق فشلت في نطاق التطبيق، لذلك نجد أن البعض يدعو الى العمل بالمركزية الإدارية وهذا الكلام يواجه إشكالية أساسية”.

“تأثير محدود”

من جهته، يرى الكاتب والباحث السياسي، شاهو قرداغي، أن “تجربة الأحزاب التي انبثقت من تشرين خلال الانتخابات الماضية، أظهرت أن تأثيرها كان محدودا داخل العملية السياسية، لأسباب وعوامل كثيرة منها قدرة الأطراف التقليدية على تحجيم تأثير هذه الحركات الناشئة”.

ولا يعوّل كثيرا على هذا التحالف في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة، مبيناً لـ”ارفع صوتك”: “سواء تحالفت هذه القوى مع التيار الصدري أو لم تتحالف معه بصورة مباشرة، لن تُحدث أي تغيير، فالتجربة السابقة للأحزاب الناشئة شكلت مصدر يأس للجمهور العراقي” الذي تأمل فيها لإحداث تغييرات ملحوظة في المشهد السياسي.

ويشكل التعديل الثالث لقانون مجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018، المعروف بقانون “سانت ليغو”، الذي أعاد البرلمان العراقي إقراره مجددا كقانون انتخابات للبلاد في مارس الماضي، تحديا كبيرا أمام الكيانات السياسية الصغيرة والجديدة والمستقلين، فهذا القانون الذي يعتمد على القاسم الانتخابي 1.7 يعيد المشهد الانتخابي في البلاد إلى ما قبل انتخابات البرلمان عام 2021، ويقوي هيمنة الأحزاب التقليدية ويوسع تحكمها بالقوائم الانتخابية، حيث يعتمد على توزيع الأصوات داخل القائمة وليس على الفائز بأعلى الأصوات.

تحولت تظاهرة شارك بها العشرات وسط بغداد، السبت، الى اعتصام مفتوح في محيط المنطقة الخضراء حيث مقر البرلمان العراقي، رفضا لتعديل قانون الانتخابات واعتماد نظام “سانت ليغو” الانتخابي المعدل.

في هذا السياق، يقول الناشط السياسي، حسين العبيدي، إن سقف طموح قوى التغيير الديمقراطي رغم تجمعها واتحادها لخوض انتخابات مجالس المحافظات “لن يتجاوز المقعد الواحد في البصرة ومقعدين في الناصرية والكوت” كما يتوقع “استمرار انسحاب التيار الصدري وعدم عودته للمشاركة في الانتخابات”.

ويضيف لـ”ارفع صوتك”، أن “بقاء التيار خارج العملية الانتخابية يصبّ في مصلحة القوى التقليدية والأحزاب السياسية الكبيرة ومنها القوى المنضوية في الإطار التنسيقي”.

أجريت آخر انتخابات لمجالس المحافظات عام 2013، لتستمر المنتخبة منذ ذلك الحين في العمل، حتى عام 2019- تعبيرية

“3 معيقات”.. هل تؤجل انتخابات مجالس المحافظات مرة أخرى؟

عوائق عديدة تواجه إجراء انتخابات مجالس المحافظات في العراق، المقررة نهاية العام الحالي، بعضها قانوني وآخر سياسي. وأجريت آخر انتخابات لمجالس المحافظات عام 2013، لتستمر المنتخبة منذ ذلك الحين في العمل، حتى اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، حيث صوّت مجلس النواب العراق على حلّها.

“التشاور” مع الصدريين

يختلف الناشط المدني علي حسين مع العبيدي، في كونه يرى أن بإمكان هذه القوى المدنية والمستقلة الفوز في الانتخابية المقبلة.

ويوضح حسين لـ”ارفع صوتك”: “كي تفوز هذه القوى عليها الاستمرار بالعمل السياسي والدخول في الانتخابات بشكل متواصل وعدم التشتت، وهي بحاجة إلى خوض دورتين انتخابيتين في مجالس المحافظات وكذلك مجلس النواب كي تحقق أهدافها”.

ويؤكد على “ضرورة تشاور هذه القوى مع قيادات التيار الصدري من أجل كسب الصدريين انتخابيا، مع إعطائهم ضمانات لحقوقهم ومصالحهم”.

ويشير حسين إلى أن “القوى السياسية التقليدية تتواصل حالياً مع قيادات في التيار الصدري للانضمام لها وتمكينها، بالتالي ينبغي أن تستبق قوى التغيير القوى التقليدية في هذه الخطوة وتكسب أصوات التيار لها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *