اسم الكاتب : رياض سعد
كانت ولا زالت الاغلبية الاصيلة في العراق تتعرض لشتى انواع المؤامرات الخارجية والداخلية , وتواجه مختلف التحديات , وتخوض الحروب والمواجهات والانتفاضات , ولعل الخطر الكامن في كيانها اشد ضررا واعظم فتكا من الاخطار الخارجية ؛ فهو اشبه بالسرطان الذي ينهش الجسد من الداخل , و ببطء شديد ومن دون اية اعراض خارجية تدل عليه ؛ الى ان يقضي على الشخص المصاب فجأة … , اذ طالما تصدت الشخصيات الفاشلة والضعيفة , والزعامات ذات الاصول غير العراقية , المشهد الديني والسياسي والاجتماعي والاعلامي في العراق ؛ مما اربك الاوضاع وزاد الطين بلة , وفاقم المشاكل والازمات , واعطى فرصة ذهبية للأعداء للفتك بالأغلبية العراقية الأصيلة والضحك عليها والتآمر ضدها , مما ولد ضعفا وتشرذما وضياعا وتخطبا وتيها بين اوساط العراقيين الاصلاء , فاضحت الاغلبية بين مطرقة القيادة المنكوسة والسطحية وسندان ابناءها الذين يستمون بالجهل والضعف وانعدام الوعي وفقدان الهوية فضلا عن التعصب لها .
نعم من الطبيعي ان تلقى الاغلبية الاصيلة حربا من اعدائها المنكوسين وبغضا من خصومها الطائفيين , لكن من الشاذ والمقرف ان تلقى عقوقا من ابنائها , فقد يفرح العدو بقتل عدوه ؛ الا انه من المؤلم والمفجع والغريب ان يفرح الاخ بقتل اخاه والابن بذبح اباه والقريب بموت قريبه والصديق بخسارة وانكسار صديقه … .
والا بماذا تفسر دونية البعض , وحقارة سقط المتاع من المحسوبين على الاغلبية الكريمة , من الذين يترحمون على المجرم صدام وازلامه الجلادين وزبانيته السفاحين ؛ وهم من ابناء المحنة وسنوات الجوع والحرمان والحديد والنار , واحفاد وابناء الشهداء والضحايا الذين سقطوا وحدانا وزرافات في سجون ومعتقلات النظام الطائفي البعثي الصدامي الرهيب وحروبه الخاسرة …؟!
او ان يستعين بعض الساسة الفاسدين والمسؤولين الفاشلين والحمقى والتافهين بالبعثية والصدامية وبأبنائهم وذويهم واقاربهم ؛ بحجة الاستفادة من تجاربهم الحكومية وافكارهم في ادارة الدولة او بذريعة ضمان سكوتهم عن المسؤول الفاسد باعتبار ان البعثي والصدامي افسد منه – فالبعثي فاسد من البيضة كما يقول العراقيون – او لا اقل لا يكترث لمصلحة العراق والعراقيين ؛ فالصداميون كانوا ولا زالوا يقدمون الغرباء والدخلاء والاجانب على العراقيين في كل شيء , بل ويوزعون اموال العراق على كل من هب ودب باستثناء العراقيين الاصلاء … ؟!
من العار ان يطلب الدوني المشورة من الخائن , والعون من العدو , فكل العالم يعرف ان البعثيين والصداميين خبرتهم محصورة في التعذيب والترهيب والتخريب والدجل والتدليس , ولا يمتلكون أدى خبرة في الديمقراطية او الحياة المدنية او حقوق الانسان او التنمية او التصنيع او تطوير البلاد ؛ والدليل واضح على ما قلت ؛ فقد وصل العراق في عهدهم الى الحضيض وفي كل المجالات , وتصريح كبيرهم ابن صبحة يكشف عن حقيقة الامور ؛ اذ قال : (( سوف اسلم العراق تراب )) وقد سلمه – فعلا – وهو عبارة عن خرائب وسجون ومعتقلات ومعسكرات بائسة وبنى تحتية متهالكة , وازمات مستدامة ومشاكل عويصة تحتاج الى عقود لمعالجتها وحلحلتها ؛ فضلا عن ملايين الضحايا والمرضى والمحرومين والفقراء والجوعى والمعذبين ومئات الالاف من المعاقين والارامل والايتام والاميين … الخ .
الدوني يلتمس النجاة من البعثي الغدار والصدامي الحاقد , والذي عمل ولا زال يعمل على افشال التجربة الديمقراطية والاطاحة بالعملية السياسية , والفتك بالأغلبية العراقية , فكل ما رأيناه ونراه من سلبيات وسلوكيات هابطة في دوائر الدولة وقرارات الحكومة ؛ كانت بسبب المخططات البعثية وضغوط الصداميين والطائفيين والارهابيين والفاسدين … .
هل رأيتم خروفا اتبع الذئب و وثق به ؟ , فكيف يتبع الدوني من ابناء الاغلبية البعثية والصدامية ؟! ؛ مما لاشك فيه ان الحيوان افهم من الدوني , فالدونية اضل سبيلا من الخرفان بكثير … ؛ لذا ترى السياسي الدوني يتنكر لأبناء الشهداء و المقابر الجماعية ويستبعد السجناء واصحاب الحس الوطني والوعي السياسي والغيرة العراقية ؛ ويقرب الاعداء…؟!
والشيء بالشيء يذكر ؛ قيل ان الخليفة العباسي المنصور , سأل امويا عن اسباب زوال دولتهم , فكان مما قال : (( أمور كبيرة أوليناها للصغار , وأمور صغيرة أوليناها للكبار , وأبعدنا الصديق ثقة بصداقته , وقربنا العدو اتقاء لعداوته , فلم يتحول العدو صديقا , وتحول الصديق عدوا )) .
كيف تكون الخسة والنذالة والسقوط والحقارة والانحطاط وجلد الذات والشعور بالدونية والتفاهة ؛ اكثر من ذلك ؛ فمنتهى العار ان تمتدح الزمن القبيح والوقت الرديء والسنوات العجاف وعقود البؤس والعوز ؛ وتمجد بالحكومات الطائفية والبعثية المجرمة ؛ وان تبرر جرائم البعثي الذي يقدم الصومالي والمصري والافريقي والاعرابي والتركي على العراقي الاصيل ويعتبره مواطن من الدرجة العاشرة بل ويطعن بأنساب العراقيين الاصلاء ويشكك في اصولهم الرافدينية العريقة فتارة ينسبهم للعجم واخرى للهنود وثالثة للترك , وليت الطاعن البعثي عراقي اصيل , فما عشت اراك الدهر عجبا , فقد كان الدخيل يعير الاصيل … ؛ ومن الخزي ان تتغافل عن مجازر الصدامي الذي اوغل بدماءك والذي يتهمك حتى في صيرورتك الوجودية وهويتك الوطنية ؛ فأنت في نظره مجرد كافر لا تنتمي لطائفته الناجية , و مواطن بائس جرفتك سيول العوز والفاقة ورمتك على أرض يرى نفسه أنه الاحق بها منك , لذا تراه ينهب خيراتها ويرمي لك بالفتات الذي لا يسمن ولا يغني من جوع .
والادهى والامر ان حمقى الاغلبية ودونية وسفلة الشيعة , بقدر ما يترحمون على هلكى البعثية والصدامية ويتعاطفون مع صرعى الطائفية والارهاب او يغضون الطرف عنهم ؛ بقدر ما يضحكون على شهداء وقتلى وضحايا الاغلبية من ابناء جلدتهم , او يفرحون بمصرع ابطالهم ورجالهم وشخصياتهم , فتارة يصنفون الميت الشيعي والضحية الاصيل على انه سيستاني او صدري , واخرى بدري او دعوة , وثالثة عميل او تشريني او حشدي او ذيل … الخ .
ألا تباً لعقول خاوية عشش فيها الجهل والغباء وانعدام الوعي , وسحقا لنفوس مريضة مليئة بمشاعر الحسد والحقد والازدواج والانفصام والدونية والحقارة والطمع والخوف والجبن و الخور .
اذ صار العراقي الاصيل يضحك على نفسه ؛ بدفع من اعداءه , ويستهزئ بدينه وثقافته وعاداته وتقاليده وقيمه , ويطعن برجاله وشهداءه ؛ بإغراء من خصومه , و بفعل الاعلام الاصفر وماكنة التدليس البعثية والصدامية والطائفية ؛ تجرأ الشيعي على السخرية من المقدسات والاساءة اليها , والاستهانة بالطاقات البشرية وامكانيات الاغلبية الواعدة , والتشكيك بالقدرات الوطنية والانجازات والمشاريع الحكومية , فهم يتناقلون الاخبار السيئة والنكات والتحشيش الذي يستهدف ابناء الاغلبية فحسب ويشككون بكل شيء ولا يثقون بأنفسهم فضلا عن ابناء وطنهم الاصلاء واخوتهم النجباء … ؛ وفي نفس الوقت يغضون الطرف عن شذاذ العالمين والفاسدين والمجرمين الانفصاليين والطائفيين والارهابيين , ويصبون جام غضبهم على ابناء جلدتهم فقط , وهم اشبه بنار الحسد والحقد التي تأكل الاقرب فالأقرب , اذ اصبحت الاغلبية هدفا سهلا لسهامهم , ومكانا لتفريغ فضلاتهم وقيئهم القذر , ورمزا لرمي حجراتهم الشيطانية .
فتحول الشيعي الثوري الذي كان يردد اناء الليل واطراف النهار : ( انا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم ) والذي كان يكره من تحوم حوله شبهات الظلم والطغيان فضلا عن الطغاة والظالمين والنواصب المجرمين والقتلة الطائفيين ؛ الى شخص يترحم على المجرمين الطائفيين والنواصب الارهابيين من الذين قصفوا مراقد الائمة المقدسة واعدموا الناس الابرياء فيها , وذبحوا الاطفال وهتكوا اعراض النساء , وقتلوا الشيعة تحت كل حجر ومدر , وليت هذا التقهقرى والانسلاخ والهزيمة الفكرية والعقائدية وقفت عند هذا الحد ؛ بل صار يتبرئ من المجاهدين والمناضلين من العراقيين الاصلاء والذين بذلوا الغالي والنفيس من اجل الاطاحة بالنظام البعثي المجرم ؛ ولكي يتمتع ابناء الاغلبية والامة العراقية بالحرية والديمقراطية والرخاء … ؛ ولا يترحم على قوافل الشهداء الجنوبية العلوية والفراتية الحسينية وصرعى الحرية والنضال الانساني والوطني ؛ و يتنكر لتاريخه وقيمه بحجة الوطنية كما كان يتنكر للوطنية بحجة القومية سابقا ؛ ولا يعلم هذا الدوني ان الوطنية الحقة والامة العراقية الاصيلة تعني الاغلبية ؛ فكما انه لا يوجد اسلام من دون مسلمين , كذلك لا يوجد عراق ولا توجد وطنية من غير الاغلبية .
الا تستحون من اهلكم وبني جلدتكم , الا تخجلون من انفسكم ونظرائكم ؛ فأنتم الوحيدون – ( النواقيص والمخانيث والمخصيين ) – من الذين ينتقصون من تاريخهم وقيمهم ورموزهم ورجالهم , ويعملون على اسقاط تجربتهم وكيانهم …؟!
كفى بكم عارا انكم تذمون رجالكم الاخيار وشهداءكم الابرار ؛ بينما الاخرون يفتخرون بمجرمي طائفتهم وجلادي قوميتهم و ساسة حكوماتهم , بالرغم من مثالبهم وجرائمهم وفسادهم ؛ بغضا بكم ايها الدونية .
لماذا لا تمارسون التعميم الا مع الاغلبية ؟! ؛ فأن ذكرنا اليهود او السنة او المسيح او الكرد او الترك … الخ ؛ قلتم : يوجد في كل بلد وفي كل ملة : صالح وطالح , وصادق وكاذب , وجيد وسيء … الخ ؛ وعندما يصل الامر الى الاغلبية العراقية تنقلب الموازين وتتغير الآراء والقناعات ؛ اذ تتحول الاغلبية الاصيلة وبقدرة قادر , وكلها وعن بكرة ابيها , وبلا استثناء , الى صفوية , شرجية , ذيول تبعية , لا يصلحون للحكم , عتاكة , سراق , قتلة … الخ ؛ ومن ( هل الخرط والكلاوات والخزعبلات ) الكثير الكثير .
واغلب هذه التصرفات المنحطة والسلوكيات الهابطة ؛ ناشئة عن امراض نفسية وعقد اجتماعية زرعها الاعداء في نفوس البعض , فالبعض يجلد ذاته وينسلخ عن هويته ويتنكر لأهله وقومه ودينه ؛ بسبب الخوف والجبن – كالجبناء والمخانيث – , او الطمع والجشع – كالمرتزقة والعملاء – , والاخر بسبب الحسد والحقد والغرور والعجب , والثالث بسبب الجهل والغباء والسذاجة وانعدام الوعي , والرابع بسبب الانانية والنرجسية وعدم الاهتمام بالوطن والمواطن وانعدام الغيرة والحمية على اهله وعرضه وناسه … الخ .