اسم الكاتب : حسين الصدر
– 1 –
يقول الشاعر :
ذوقي ( أميمةُ) ما أذوقُ
وَبَعْدَها ما شئتٍ قُولي
الكثير من شبابنا ولا سيما الذين هم في العشرينيات من أعمارهم لم يعيشوا مظالم الدكتاتورية البائدة ولم يشهدوا جرائمها الكبرى .
لانّ سقوط الصنم كان في 9 /4 /2003 وهم لم يصلوا بعد الى سن التمييز ، فكيف تتاح لهم المعرفة بحقيقة النظام الظالمٍ ومنهجه في اذلال الشعب وتسخيره لتنفيذ مخططاته الهمجية العدوانية ، بحق الشعب العراقي وكيف جعل شبابه وقودا للحروب الطائشة والمغامرات المحمومة وكيف واصل اعتداءه على الأشقاء والجيران وكبّد العراق أكبر الخسائر
والديون .
يبدأ الحرب فيسمعُ وزيرُ الدفاع أخبارها من نشرة الأخبار ..!!
ولا يسمح للقادة العسكريين الكبار بأنْ يعترضوا بكلمة واحدة على ما يرسمه هو من خطط للحرب ..!!
انّ حروبه كانت محارق لاجساد العراقيين ، ومنشأ لدخول النوائح الى كل بيت من بيوتهم، وسببا في معاناتهم المرّة التي نغصّت عليهم حياتهم…
– 2 –
كان الدكتاتور البائد يحكم باسم حزب معين شعاراته : الوحدة – الحرية – الاشتراكية
فالوحدويون من كبار كوادره تَمَّ اعدامُهم بحجة التآمر .
والحرية كانت تعني وجوب التغني بأمجاد (القائد الضرورة) وعبقرياته وبطولاته والخضوع الكامل لكل ما يأمر به ، وهذا ما رفضه الأحرار والحرائر، فامتصتهم حملات الملاحقة والابادة والتعذيب والقتل بابشع الطرق والوسائل…
والاشتراكية تعني اصدار قرار من مجلس قيادة الثورة باعفاء ساجدة خير الله طلفاح من ضريبة مقدارها مليون دينار مَنْ من مخمني الضريبة كان يجرؤ على التقدير الصحيح فالمبلغ اللازم دفعه أكبر من ذلك كثيراً ؟!!
– 3 –
ومن هذه الوسائل الرهيبة لازهاق الأرواح
(أحواض التيزاب) التي تُذيب الأجساد، ولك أنْ تقدّر حجم العذاب والعناء الذي يلقاه مَنْ يُلقى فيها ليذوق الموت الزؤام بكل أهواله آناً بعد آن، حتى تنطفئ عنده شعلة الحياة.
ان وصف العملية تنخلع له القلوب فكيف بمن ينغمس في أحواضها ؟
لقد قرأت شهادة أحدهم وقد كان حاضراً يوم جيء بمجموعة من الشباب لالقائهم في أحواض التيزاب ، يرويها وهو يبكي بدموع غزار ويتذكر ما كان يسمعه من الصراخ والعويل والاستغاثات التي تُفَتِتْ
الاكباد. الراوي هنا مهندس كان يعمل في التصنيع العسكري، وكان يبقى في العمل أحيانا ليلاً مع طبيب مناوب .
وقد سيق لحضور احدى عمليات الابادة لمجموعة من الشباب في أحواض التيزاب .
قال 🙁 لا أنسى منظرا لشاب سمين جداً حين أدخلوه في فتحة خزّان التيزاب فعلقت كتفاه في فتحة الخزّان وَقَدَماهُ أصبحتا في التيزاب .
وبدأ يصرخ صراخاً يقطع الأنفاس والوجدان ويدمي القلوب ،
وبدأ رجال الأمن بركله بالبساطيل وضربه بالأسلحة على رأسه حتى اسقطوه عنوة في خزان التيزاب ..!!
وهناك اليوم مجموعتان تواصلان التغني بأمجاد « القائد الضرورة « وتسميته ( بالشهيد ) وتقيم له مجالس التأبين احتفاءً وحبا وهما :
1 – الجلاوزة والمرتزقة وأضرابهم ممن أغدق عليهم السحت الحرام وجندهم لذبح المواطنين وأخماد أنفاسهم .
وهؤلاء ملعونون على لسان الله وانبيائه وملائكته والناس أجمعين .
2 – المجاميع غير العراقية التي اشترى الطاغوت ذممهم بالأموال فهم حتى الآن يندبونه ويبكون عليه ويحنون
اليه ..
وهذه المجموعة ملعونة كأختها السابقة على لسان الله وأنبيائه وملائكته والناس أجمعين. ولهاتين الشريحتين نقول :
حشركم الله مع الوحش الغادر الذي فاق الطغاة السابقين بأسرهم حتى قال فيه الشاعر :
بالنار يحكم والحديدْ
جلاّدُ بغدادَ العنيدْ
فاقَ الطغاةَ فلا يُقاس
بِهِ قديمٌ او جديدْ
ولا ينبغي اهمال الحديث عن تلك الفظائع وتاريخ تلك الحقبة السوداء
لكي يطلع الناشئون على شيء من تلك الحقائق الدامية ويدركوا ما ذاقه العراق على يدي الطاغية الأكبر من مصائب وويلات مازلنا حتى الآن ندفع أثمانها .
ليس من الصحيح ان تقاس المرحلة الراهنة بكل تضاريسها بتلك المرحلة البائدة …
فالبون بينهما شاسع بعيد، ومن الظلم الصريح والوقاحة المتناهية تفضيل تلك الايام على غيرها من
الايام .