اسم الكاتب : رياض سعد
الدعم الحكومي والسياسي للحملة الامنية
بعد المناشدات الاعلامية والضغوط الشعبية وشكاوى المواطنين ؛ بادرت احدى القوى السياسية الاسلامية ومنذ اشهر عدة على مفاتحة الحكومة والطلب منها ؛ بشأن منطقة البتاويين والجرائم التي ترتكب فيها وتنطلق منها ؛ و لقربي من احد الشخصيات الاسلامية تناهى الى سمعي ان هذه الجهة الاسلامية ؛ ارادت تنفيذ هذه العملية الامنية الكبرى في شهر رمضان الفائت , الا ان العملية تأجلت بسبب بعض المسؤولين في وزارة السياحة ؛ لانهم تأخروا في الادلاء بمعلوماتهم الخاصة عن الفنادق وغيرها ؛ وقد استجاب رئيس الوزراء لطلب الجهة التي نقلت له هموم المواطنين وسكان المنطقة المسالمين ؛ وتلبية لمناشدات المواطنين والاعلاميين وبعض السياسيين الوطنيين ؛ اوعز رئيس الوزراء لوزير الداخلية باتخاذ الاجراءات اللازمة لإنجاح العملية الامنية الواسعة , علما ان هذه الجهة السياسية الاسلامية هي من ساندت ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء , الا ان البعض اتهمها كما اتهم بقية الفصائل بالوقوف خلف هذه الظواهر السلبية …!!
وفي فجر الخميس الموافق 25-4-2024 ؛ انطلقت عملية امنية كبرى في منطقة البتاويين ؛ واعتبرها البعض : أكبر عملية أمنية بعد عام 2003 , وانها تختلف عن باقي العمليات الامنية السابقة التي استهدفت البتاويين , فقد ملأ عناصر الأمن شوارعها ليعلنوا انطلاق أكبر حملة أمنية منذ سنوات ؛ وانتشرت الدوريات والاليات في كل مكان ؛ وبدأت شبكات الدعارة بالتفكك , وتساقط الاجانب والغرباء كما يتساقط ورق الاشجار في الخريف , و وقع المجرمون والمطلوبون في قبضة العدالة … الخ .
وقال إعلام الوزارة في بيان رسمي لبعض وسائل الاعلام ؛ إنه : “بإشراف وزير الداخلية عبد الأمير الشمري انطلقت عملية أمنية واسعة هي الأكبر منذ سنوات في منطقة البتاوين ضمن العاصمة بغداد فجر اليوم الخميس”... ؛ وأضاف بيان الداخلية، إن “العملية شارك فيها المئات من ضباطها ومنتسبيها ، لإلقاء القبض على المطلوبين المخالفين، يرافقها جهد خدمي لتقديم الخدمات للمواطنين ورفع التجاوزات”... ؛ عقب ذلك بساعات، أوجز الناطق باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني العميد مقداد ميري، تفاصيل عملية البتاوين، فيما أعلن عن ضبط شركات وهمية وشبكات للدعارة... ؛ وقال ميري في مؤتمر صحفي : إن “العملية التي بدأت فجر اليوم الخميس، أسفرت عن إلقاء القبض على عدة شبكات دعارة و مخدرات و تجارة بشر ومخالفين لشروط الإقامة ؛ إضافة الى ضبط شركات حوالة وهمية”، مبينا ان : “العملية ستستمر لأيام حيث شاركت فيها شرطة الأحداث وقيادة شرطة الرصافة واستخبارات الرصافة وشرطة الكرادة”... ؛ وعن حصيلة الحملة الأولى، قال ميري : إنه “تم إلقاء القبض على 207 مخالفين وضبط أسلحة مختلفة إضافة الى مخدرات”، مشددا على أن “العملية مستمرة”... ؛ وتابع : إن “العملية شاركت فيها أمانة بغداد بـ 500 عامل نظافة و 88 آلية تنظيف”، لافتا الى أن “أمين بغداد وجه بتنظيف المنطقة”… ؛ وأكد، خلال المؤتمر الصحفي : إن “أبرز الجنسيات التي تم إلقاء القبض عليها من غير العراقيين هي البنغلادشية والنيجيرية والاسترالية”... ؛ , فقد اعتقلت القوات الأمنية أشخاصاً من جنسيات استرالية وسورية وسودانية وعربية اخرى لمخالفتهم قانون الإقامة ؛ ويؤكد الناطق باسم وزارة الداخلية : إن “المنطقة مؤمنة لكن الاستراتيجية الجديدة لوزارة الداخلية بعد الانتهاء من العمليات الإرهابية هي التوجه لمتابعة الجريمة الجنائية بكل أشكالها وضرب أي جيوب تمثل ملاذا جديدا للجماعات المنحرفة”... ؛ وأشار إلى أن : “واجب وزارة الداخلية هو الحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين في كل مناطق العراق ولن نسمح بوقوع أي جريمة”، مستدركا بالقول إنه “بحال وقوعها سنذهب لاكتشافها وهذه استراتيجية وتخطيط جديد في ملاحقة الجريمة للحد منها”.
وبدوره، قال قائد شرطة الرصافة اللواء شعلان علي : إن العملية هي أمنية خدمية والواجب مستمر والحصيلة تتصاعد حيث وصلت إلى القبض على ٣٠٧ مخالفين و٢٠٧ متهمين وفنادق ومذاخر غير مجازة… ؛ وقال الحسناوي: إن “أهداف العملية التي انطلقت في منطقة البتاويين ليست أمنية بحتة بل تشمل أهدافاً متعددة”، مبينا : أن “العملية المشتركة تهدف إلى تشجيع المستثمرين وإعادة الحياة إلى المنطقة ذات الطابع التجاري والقضاء على حالات التجاوز الحاصلة على الطرق العامة واستغلال المواطنين من خلال جباية إجبارية لأماكن اصطفاف العجلات”... , وأضاف : أن ” العملية المشتركة سيرافقها- إلى جانب ملاحقة المطلوبين والحالات الشاذة- دخول الجهد الخدمي لتقديم الخدمات وتأهيل الطرق وتوسيعها من خلال رفع التجاوزات وكذلك إنارة الشوارع”... ؛ وأشار، إلى أن : “وزير الداخلية عبد الأمير الشمري وجه وكالة الاستخبارات بتعزيز منطقة البتاويين بكاميرات حرارية حديثة؛ لرصد أي محاولة من شأنها التأثير على حالة الاستقرار التي يعيشها المواطن”.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية وخلية الاعلام الامني العميد مقداد ميري : ان “استراتيجية وزارة الداخلية الجديدة هي منع وقوع الجريمة ومهاجمة بؤر تواجدها وليس انتظار وقوعها”... ؛ واضاف : ان “العملية الامنية المنفذة في منطقة البتاويين ببغداد ستكون بداية لسلسلة عمليات أخرى في مناطق أخرى”.
ولأول مرة تشارك امانة بغداد مع الحملات الامنية التي تستهدف البتاويين وبهذا الجهد الخدمي الكبير ؛ إذ قال رئيس الجهد البلدي إن ٨ بلديات ساندة الى بلدية الرصافة اشتركت بالعملية لخدمة هذه المنطقة باشتراك أكثر من ٥٠٠ عامل نظافة وأكثر من ٨٠ آلية لرفع النفايات … ؛ وأضاف، “سنوجه بالقريب العاجل بتأهيل كامل لمحلة البتاوين وتطويرها”.
اهداف الحملة الامنية
لقد أشرف وزير الداخلية عبد الأمير الشمري بشكل ميداني على العملية الأمنية في منطقة البتاوين ببغداد ، فيما شدد على تنفيذ خطتها بشكل دقيق … ؛ ونقل إعلام الوزارة عن الوزير إشادته بحسب بيان للداخلية، “بالجهود الكبيرة التي بذلتها الوكالات الأمنية وقيادة عمليات بغداد الرصافة وقيادة شرطة الرصافة والدوائر التخصصية الأخرى التي شاركت في عملية أمنية واسعة في منطقة البتاوين ببغداد التي تستمر عدة أيام”... ؛ وعن هدف الحملة، شدد الشمري على “ضرورة العمل وفق الخطط التي وُضِعت لإنجاح هذه العملية التي تهدف إلى إلقاء على القبض على المطلوبين والمخالفين، فضلاً عن تنفيذ عمليات دهم وتفتيش للأهداف المطلوبة وكذلك الأماكن المشبوهة بشكل دقيق”… ؛ واستمع الشمري، الى “شرح موجز من القادة والضباط المتواجدين في هذه العملية وأهم الإنجازات المتحققة خلال الساعات الأولى من تنفيذها”.
وسنوجز اهداف الحملة الامنية الكبرى بما يلي :
- إلقاء القبض على المطلوبين المخالفين للقانون ؛ وتفكيك شبكات الجريمة والدعارة , وارسال رسالة قوية إلى المخالفين للقانون بأنّهم لن يفلتوا من العقاب ؛ كما انها تُساهم في تعزيز ثقة المواطنين بالأجهزة الأمنية.
- تقديم الخدمات للمواطنين في المنطقة ؛ و رفع التجاوزات , وازالة المخالفات , وتشجيع المواطنين على السكن والاستثمار والعمل فيها ؛ وربطها ببقية مناطق العاصمة .
ردود فعل مؤيدة للحملة الامنية
فقد أثنى الباحث في الشأن المجتمعي مهند الزيدي على العملية، مشدّداً على “أهمية تطهير مناطق بغداد والمحافظات من الشبكات المشبوهة”… ؛ وأوضح لـ”العربي الجديد” : أنّ “ثمّة مناطق، من بينها منطقة البتاوين تُعَدّ خطرة، إذ تنتشر من خلالها الجريمة المنظمة ويُستدرَج الشبّان والشابات إلى شبكات الجرائم باختلافها”… ؛ وتحدّث الزيدي عن “ضرورة تطهير هذه المنطقة بالكامل، ثمّ الانتقال إلى أخرى”، مشيراً إلى أنّ “مثل هذه المناطق هي بؤر للتفسّخ الأخلاقي ونشر الجرائم المنظمة في العاصمة بغداد”… ؛ ورأى أنّ “من المستغرب أن تكون الجهات الأمنية قد غضّت النظر عنها طوال السنوات الماضية”.
و قال الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، إن : “الحملة أسفرت عن القبض على أكثر من ٣١٠ مشتبهين بهم، وتفكيك شبكات دعارة وبؤر فساد ومتعاطين للمخدرات وفنادق غير مجازة وأفعال اخرى مشينة، البتاويين الخطوة الأولى نحو عملياتٍ ستمتد لمناطق أخرى قد تكون ساحة او ممر لنشاطاتٍ غير قانونية”.
وفي سياق متصل، أشاد مدوّنون وناشطون، في تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي، بأهمية عملية البتاوين التي نُفّذت فجر يوم الخميس الموافق 25 / 4/ 2024 وكتب احدهم في تدوينة على موقع إكس : أنّ ما يجري في “عالم البتاوين السفلي” تخطّى الخيال لجهة “فظاعته وخطورته”… ؛ و أضاف : أنّ المنطقة تحوّلت إلى مخبأ لأشخاص مطلوبين من مختلف مناطق العراق ، وأنّ “عصابات ومافيات اتجار بالمخدرات وحيتان كبيرة تستلم الشحن وتوزّعها على البائعين وتدمّر المجتمع العراقي”… ؛ وتابع في تدوينته نفسها : أنّ العصابات فاعلة كذلك في الاتجار بالأعضاء البشرية وبتهريب البشر وجرائم شنيعة أخرى… ؛ في حين قال أحد المدونين : “منطقة البتاويين، لم أسمع يوماً اسم هذه المنطقة إلا وكان مقترناً بكل ما هو قبيح حتى صارت مضرباً للمثل في كل قباحة ورذيلة في السنوات الاخيرة ولأسباب عديدة تضاعفت القبائح والرذائل في تلك المنطقة فتحولت الى تهديدا كبير ليس لبغداد فقط وانما لكل محافظات العراق، اجتمع فيها كل أصحاب الرذائل وفاقدي الاخلاق والإنسانية من تجار المخدرات والممنوعات وتجار الاعضاء البشرية والبشر انفسهم وتجار العملات المزيفة والاسلحة وانواع المجرمين وعصابات الجريمة المنظمة وغيرهم كثير”... ؛ وتابع : “حان الآن في زمن حكومة (( الشروكية )) الخدمية وبمتابعة ميدانية من وزير الداخلية تطهير هذه البؤرة وتنظيفها من كل القذارة التي استفحلت وتنامت فيها”.
وكالعادة شكك احد الاعلاميين بهذه الحملة الامنية , وربطها بزيارة السوداني لامريكا , اذ كتب قائلا : (( … لماذا البتاويين الان ؟ نحن من حقنا نسأل ونشكك في ظل الفساد والكونشمات والاتفاقات التي تجري ويتحدث عنها القاصي والداني ... ؛ ومن حقنا الوجل والتطير بسبب الضبابية في كثير من الأمور ... ؛ من هنا تورد هذه الأسئلة : لماذا البتاويين الان ؟ ولماذا لم تأتي منذ سنوات مع ديمومة وأدامة الوقاية الأمنية والرقابية لها ؟ و لماذا تركت كل هذا الزمان ؟ ولماذا بعد زيارة الرئيس إلى امريكا ؟ وما هي الغاية ؟
هل لأن هذه المنطقة استحقت أن تتحول إلى الاستثمار وهي تصلح بل تليق لذلك ؟ وهذا شيء جيد أن لم تشوبه الضبابية والفساد والكونشنات … ؛ أم أن هنالك قضية اخطر وأكبر خصوصا اذا ما عرفنا أن الكثير من عقارات هذه المنطقة كانت تعود ملكيتها لليهود وبعض المسيحيين ومنها من نقلت ملكيته إلى عراقيين ومنها مازالت محفوظة الملكية ؟؟ هنالك شكوك كبيرة وكثيرة … ؛ نتمنى كل هذه الشكوك لا تتحقق ويكون الخير للبلاد ))
من حق الكتاب والاعلاميين التساؤل والتشكيك في بعض الامور للصالح العام ؛ الا ان الامر المؤسف والذي نعيشه الان ؛ ان التشكيك وانعدام الثقة والتخوين والنقد الهدام اصبح ظاهرة مستشرية في المجتمع ؛ مما خلط الحابل بالنابل ( وخله الاخضر بسعر اليابس) وهذه الظاهرة ان استمرت فهي تؤدي الى تمادي الفاسد بفساده , وتقاعس الشرفاء عن العمل والانجاز ؛ لانهم وضعوا في خانة الفاشلين والفاسدين ؛ وعليه يجب علينا التريث في اصدار الاحكام وتقييم الامور والاحداث , ومدح وتشجيع المحسن , ونقد وتوبيخ المسيء , كي تتقلص دائرة الجرائم المساوئ والمفاسد والموبقات , وتتسع دائرة الانجازات والمشاريع الوطنية ومكارم الاخلاق والانسانية .
وللإجابة عن اشكالات الاخ الكاتب ؛ اقول :
- لا علاقة لزيارة السوداني لأمريكا بالأمر بتاتا ؛ لان الاعداد للعملية والحديث عنها ؛ سبق زيارة السوداني لأمريكا ؛ بأشهر وقد بينا ذلك في بداية المقالة .
- الاستثمار لو حصل في المنطقة , فهو يسير بمعزل عن الحكومة ؛ لان اغلب الاملاك ان لم نقل كلها مسجلة بأسماء مواطنين اي انها املاك شخصية وليست حكومية , والاراضي والدوائر الحكومية فيها لخدمة المنطقة .
- انتشار الفساد والفاسدين لا يعني التشكيك بكافة الجهود الخيرة او عدم تشجعيها وتسليط الاضواء عليها ؛ فأننا عندما نشجع الشرفاء ؛ نوجه صفعة للخونة والفاسدين والعملاء في الوقت نفسه .
- في السنوات السابقة جرت عدة عمليات امنية , وكلنا يتذكرها الا انها باءت بالفشل لأسباب عدة , و( على كولت اهلنه صلى الله على الحاضر ) فلا يجوز ان لا نشجع الجهود المثمرة بحجة انها لم تفعل في السابق .
- اما بخصوص الملكية فهي محفوظة ومعروفة , وان حصلت عمليات تزوير فأنها ستكتشف عاجلا ام اجلا , والاملاك اليهودية والمسيحية محفوظة , وتلك التي لا يعرف مالكها تعود رعايتها لأمانة بغداد , اذ تخضع مباني الحي لرقابة أمانة بغداد التي لا تسمح بالبناء أو بالترميم أو بالبيع كونه منطقة تراثية، إذ تتميز أغلب شوارعه بالشناشيل … ؛ و لاتزال بعض البيوت مسجله باسم يهود العراق ؛ وقد نقل لي احدهم : ان اقاربه قد سكنوا باحدى بيوت المنطقة القديمة ؛ وبين فترة واُخرى تأتيهم ورقه كهرباء بأسم صاحب المنزل اليهودي واسمه : أداور يعقوب .